أنقرة: الإعداد للعملية العسكرية شمال سوريا في مرحلته الأخيرة

الحكومة التركية تعهدت إعادة جميع السوريين إلى بلادهم بعد 2023

مقاتل من الفصائل المدعومة من تركيا في موقع بإحدى بلدات محافظة حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من الفصائل المدعومة من تركيا في موقع بإحدى بلدات محافظة حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة: الإعداد للعملية العسكرية شمال سوريا في مرحلته الأخيرة

مقاتل من الفصائل المدعومة من تركيا في موقع بإحدى بلدات محافظة حلب أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من الفصائل المدعومة من تركيا في موقع بإحدى بلدات محافظة حلب أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا أن الإعداد لشن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا دخل مرحلته الأخيرة. بينما لمحت إلى إرسال جميع السوريين لديها إلى بلادهم خلال عام بحيث لا يتبقى منهم أحد بعد عام 2023.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في كلمة أمس الثلاثاء أمام المؤتمر الـ13 لسفراء تركيا بالخارج المنعقد في العاصمة، أنقرة، إن الإعداد للعملية العسكرية ضد «الإرهابيين» في شمال سوريا، التي أعلن عنها الرئيس رجب طيب إردوغان في مايو (أيار) الماضي، بات في المرحلة الأخيرة، مشدداً على أن بلاده ليست لديها أطماع في أراضي أي دولة أخرى.
وأضاف وزير الدفاع: «نحن نعتني بـ9 ملايين سوري ونسهّل حياتهم، البعض منهم في تركيا والبعض الآخر في سوريا، ونعمل الآن على جعل المناطق الآمنة مناسبة لعودتهم».
وأعاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين، التأكيد على عزم بلاده على «الربط بين المناطق الآمنة في شمال سوريا قريباً»، قائلاً «قريباً سنوحد حلقات الحزام الأمني بتطهير المناطق الأخيرة التي يوجد فيها التنظيم الإرهابي (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تعد المكوّن الأساسي لقسد) في سوريا».
وأضاف إردوغان، الذي سبق أن تعهد، منذ ما يقرب من 3 أشهر، بشن عملية عسكرية في منبج وتل رفعت «بين ليلة وضحاها»، أن بلاده ستواصل مكافحة الإرهاب، وأن قرارها بشأن تأسيس منطقة آمنة على عمق 30 كيلومتراً عند حدود تركيا الجنوبية، ما زال قائماً.
ولم تجد تركيا دعماً لعمليتها العسكرية المحتملة. وحذرت الولايات المتحدة، التي تعتبر الوحدات الكردية حليفاً أساسياً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، من أي تحرك عسكري تركي، قائلة إنه سيشكل خطراً على القوات المشاركة في الحرب على «داعش». كما رفضت الدول الأوروبية أي عمل عسكري تركي جديد في شمال سوريا. بالإضافة إلى رفض روسيا، التي طالبت أنقرة بالحوار والتعاون مع نظام بشار الأسد بدلاً من اللجوء للحل العسكري، وإيران التي أعلنت أن أي عملية تركية ستكون في صالح الإرهابيين فقط، وستهز استقرار المنطقة.
كما تواجه العملية العسكرية اعتراضات من أحزاب المعارضة التركية، التي تضغط على إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، بملف اللاجئين السوريين وتطالب بإعادتهم إلى بلادهم بالتنسيق مع النظام، وذلك في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) 2023.
في غضون ذلك، قصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، مناطق في محيط قريتي أم القرى وأم حوش ضمن مناطق انتشار «قسد» بريف حلب الشمالي، رداً على القصف المدفعي الكثيف الذي تعرضت له الاثنين القاعدة التركية في كلجبرين بريف حلب، من مناطق انتشار «قسد» والنظام.
كما استهدفت فصائل «الجيش الوطني» بالقذائف المدفعية، أطراف قرية أم الحوش بريف حلب الشمالي وأبين بناحية شيراوا بريف عفرين.
وقتل مدني جراء قصف بري مكثف نفذته القوات التركية على مناطق في ريف بلدة تل تمر، شمال غربي الحسكة، فجر الثلاثاء، حيث سقطت قذيفة على منزله في قرية السلماسة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في الوقت ذاته، قصفت القوات التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا، بقذائف المدفعية، نقطة عسكرية للنظام السوري في قرية الخرزة الحدودية الواقعة على الطريق الواصل بين بلدتي الدرباسية وعامودا شمال الحسكة، ما أدى إلى توقف الطريق الواصل بينهما. وحذرت قوات «الأسايش» التابعة لـ«قسد» الأهالي من استخدام الطريق.
وأصيب مواطن نتيجة قصف مماثل على قرية تل زيوان بريف القامشلي الشرقي.
إلى ذلك، وعدت وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية التركية، داريا يانيك، بإنهاء وجود السوريين في تركيا بعد عام 2023. وقالت خلال جولة في مدينة أضنة جنوب تركيا أمس الثلاثاء رداً على أسلئلة المواطنين والتجار حول موعد «انتهاء مشكلة السوريين» في تركيا، إن الحكومة تدرك مدى الأعباء المادية والاجتماعية التي تسبب فيها وجود السوريين، لكنها لا يمكنها أن تجبرهم على العودة أو تعيدهم بأعداد كبيرة.
ولفتت إلى أن تركيا تنظر إلى مشكلة السوريين من الناحية الإنسانية والأمنية في الوقت ذاته، معربة عن أملها في أن يرغبوا في العودة إلى بلادهم بعد إرساء الأمن. وقالت «إن المشكلة لا تكمن فقط في حماية السوريين بل في ما وراء حدود تركيا، لا يوجد مكان يمكننا إرسالهم إليه الآن».
واتهمت يانيك المعارضة التركية بالتغاضي عن محاولات إقامة «دولة إرهابية» على حدود تركيا الجنوبية. وأكدت دعمها للعملية العسكرية التركية المحتملة في شمال سوريا، قائلة: «إذا أردنا منع قيام دولة إرهابية بعمليات عبر الحدود، فسوف نتحمل هذا الثمن قليلاً... الولايات المتحدة ترسل الأسلحة إلى وحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا، وأرسلت إليهم أكثر من 2000 شاحنة محملة بالأسلحة». وأضافت: «سوف نكثف جهودنا ونعمل بكل طاقتنا حتى لا يتبقى سوريون على أرضنا بعد عام 2023».
وتواجه الحكومة التركية، برئاسة إردوغان، ضغوطاً شديدة من جانب المعارضة التي تستخدم ورقة السوريين كملف للضغط قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري منتصف العام المقبل، في ظل تردي الوضع الاقتصادي بالبلاد وموجة الغلاء وارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق منذ ربع قرن. وتطالب المعارضة بفتح قنوات الاتصال مع نظام بشار الأسد وتحسين العلاقات معه من أجل تأمين عودة السوريين إلى بلادهم بدلا من العمليات العسكرية التي لن تؤدي إلى نتيجة.
واعتبر مراقبون أن تصريحات الوزيرة التركية هي محاولة لتهدئة الغضب الشعبي ضد الحكومة بسبب السوريين ونزع الورقة من يد المعارضة التي تعهدت بإعادتهم خلال عامين حال فوزها بالانتخابات عبر التفاوض مع نظام الأسد وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.