قبيلة صهر القذافي: لا ندري إن كان السنوسي حياً أو ميتاً

شيخ بـ«المقارحة» قال لـ«الشرق الأوسط» إنهم يحمّلون الأمم المتحدة مسؤولية سلامته

السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (أرشيفية رويترز)
السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (أرشيفية رويترز)
TT

قبيلة صهر القذافي: لا ندري إن كان السنوسي حياً أو ميتاً

السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (أرشيفية رويترز)
السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (أرشيفية رويترز)

حملت قبيلة المقارحة في ليبيا، الأمم المتحدة، المسؤولية الكاملة عن حياة عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في النظام السابق، وقالت إنها «لن تصمت إن أصابه مكروه، في ظل ما يعانيه من مرض السرطان، وحرمانه من الأطباء والدواء».
ويعد السنوسي (72 عاماً) المنتمي إلى قبيلة المقارحة، وصهر الرئيس الراحل معمر القذافي، واحداً من أقوى رجال النظام السابق، وحكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011، وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة بطرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، لكن المحكمة العليا بالبلاد نقضت الحكم قبل نحو عام وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.
وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن «الحالة الصحية لعبد الله السنوسي، المسجون في سجن معيتيقة بطرابلس، سيئة للغاية، ويعاني من أمراض القلب وسرطان الكبد».
وفيما حمل جهات عدة في السلطة الليبية المسؤولية عن سجن السنوسي، بالنظر إلى ما أفرج عنهم من قيادات عديد بالنظام السابق، قال الشيخ هارون، «منذ رمضان الماضي لم نلتقه، ولم يسمحوا لنجله ذي الخمسة عشر عاماً، أو ابنتيه العنود وسارة، بزيارته، ولا نعلم على وجه اليقين إن كان السنوسي حياً أو ميتاً»، علماً بأن «سجانيه يمنعون عنه الأطباء ويحرمونه من الدواء والزيارة تماماً».
وتابع: «ولدنا مسجون في معيتيقة لدى (قوة الردع) عند كاره»، في إشارة إلى عبد الرؤوف كاره رئيس ميليشيا «قوة الردع الخاصة» بالعاصمة، مستدركاً: «وعلمنا أنهم أجروا له عملية تركيب دعامة في القلب قبل شهرين، لكن لم نشاهده أو نتأكد من حالته الصحية».
والعقيد السنوسي، هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للرئيس الراحل معمر القذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طيلة فترة حكمه التي جاوزت 42 عاماً، وهو لا يزال ملاحقاً من المحكمة الجنائية الدولية.
ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً»، في وقت يرى نشطاء محسوبون على «ثورة 17 فبراير (شباط)» أن الأول له دور في «قمع الثوار».
ومع ما تُعلنه العنود ابنه السنوسي، عن تردي حالته الصحية، يقول الشيخ هارون، وهو رئيس المجلس الأعلى في إقليم فزان، «أحمل المسؤولية للأمم المتحدة، وحكومة (الوحدة الوطنية) برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والمجلس الرئاسي، عن أي مكروه يصيب ولدنا».

الشيخ هارون أرحومة أحد أعيان قبيلة المقارحة متحدثاً في أحد الفعاليات (الشرق الأوسط)

وتحدث عن جهود سابقة بذلها سعياً للإفراج عن السنوسي، وقال: «التقينا الدبيبة مرتين، وأيضاً رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والنائب العام المستشار الصديق الصور، ولم يفعلوا شيئاً».
وأضاف: «قابلت الدبيبة قبل ذلك برفقة الشيخ عثمان لغويزي كبير قبيلة المقارحة، وأعطانا وعوداً بالإفراج عن عبد الله، ولم يفعلوا»، ورأى أن البعثة الأممية للدعم في ليبيا «لم تقدم شيئاً في هذا الإطار، أو تبحث قضية السنوسي... طالبناها عشرات المرات بالتحرك ولم تستجب».
غير أن البعثة الأممية تدعو دائماً للإفراج عن جميع المحتجزين «تعسفياً» في ليبيا، لكنها تقول إنها «ترفض إقحام نفسها في شؤون القضاء الليبي، وما يصدر عنه من أحكام».
وأرجع الشيخ أرحومة سبب الإبقاء على السنوسي، رهن السجن، «لكونه محبوباً في جميع مناطق ليبيا»، وقال: «هم يتعنتون في الإفراج عن ولدنا، لأنهم يعرفون قدره؛ فالجميع يحبونه بعيداً عن الحسابات الجهوية، وغالبية الشعب يريد الإفراج عنه».
وتوقع الشيخ أرحومة، أن تكون جهات دولية لا تبغي الإفراج عنه، وقال: «ربما تكون بريطانيا وأميركا حكمتا على (جماعة الردع) بعدم الإفراج عن السنوسي».
ومضى متحدثاً عن قوة السنوسي في ليبيا، سابقاً وراهناً، وقال: «لولا عبد الله، كان النظام السابق طاح من زمان، ولو خرج من محبسه سيتمكن من تفعيل المصالحة الوطنية نظراً لعلاقته الجيدة؛ حتى مع القوات المسلحة، والأخ خليفة حفتر (القائد العام للجيش الوطني)».
واستدرك: «مع الأسف؛ الدبيبة كان يعمل مع عبد الله، في منطقة الفلاح أيام النظام السابق، وكانا في مبنى واحد، لكن الدبيبة يده فارغة، و(الإخوان) ضاغطين عليه»، في إشارة إلى قِلة حيلته.
ورأى أنه في حال خروج السنوسي من السجن «سيضطر تنظيم (الإخوان) إلى مغادرة ليبيا، فهم لا يطيقون خروجه ولا يريدون تحقيق ذلك».
وتطرق الشيخ أرحومة، إلى قبيلة المقارحة، وتحركها على الأرض، حيال الإفراج عن السنوسي، وقال إن «عدد أفرادنا يقدر بأكثر من 500 ألف فرد متفرقون في جميع أنحاء البلاد»، لافتاً إلى أنهم لن يمارسوا ضغطاً على السلطات من خلال قطع مسارات النهر الصناعي، أو قطع الطرق والكهرباء، للإفراج عن السنوسي: «نحن نمنع شبابنا من أي إجراءات تصاعدية؛ ونتحكم في غضبهم»، «ولو قدر الله وحصل شيء لعبد الله ولدنا، ساعتها لن نضمن وقوع أشياء كثيرة... فالسنوسي هو رجل المقارحة، وركيزتهم».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.