يوميات اليمنيين في مناطق الحوثيين... تطييف وجبايات ومصادرات

تقديرات بوجود 20 ألف سجين في معتقلات الميليشيات

عناصر حوثيون في صنعاء يحتفلون بذكرى مقتل مؤسس الجماعة (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون في صنعاء يحتفلون بذكرى مقتل مؤسس الجماعة (إعلام حوثي)
TT

يوميات اليمنيين في مناطق الحوثيين... تطييف وجبايات ومصادرات

عناصر حوثيون في صنعاء يحتفلون بذكرى مقتل مؤسس الجماعة (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون في صنعاء يحتفلون بذكرى مقتل مؤسس الجماعة (إعلام حوثي)

مع انتهاء نحو ثمانية أعوام من الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية في اليمن، باتت حياة السكان في المناطق التي يسيطرون عليها تتشكل في أربعة مسارات: مساعٍ لتطييف المجتمع وتغيير معتقداته المذهبية، وبيع المساعدات الغذائية، والجبايات المضاعفة ومصادرة الأملاك، مع استمرار قطع مرتبات مئات الآلاف من الموظفين وتفشي الفساد والرشوة بصورة غير مسبوقة، وفق ما أفاد به السكان في تلك المناطق.
ويؤكد «فؤاد»، وهو اسم مستعار لأحد السياسيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن ميليشيات الحوثي حوّلت حياة الناس إلى جحيم، فقد أرهقت الموظفين بالدورات الثقافية الطائفية، وربطت البقاء في وظائفهم بالتحاقهم بتلك الدورات، كما أرهقت السكان بالمواعظ الإجبارية، وإلزامهم بقراءة ما يسمى «عهد الأشتر النخعي» وبرامج التسبيح، بغرض إيهام الناس بأن المشرفين وقادة الميليشيات نماذج للصلاح، وأن الموظفين مسؤولون عن الفساد وإلحاقهم بهذه الدورات كفيل بإصلاحهم.
أما حسن صالح، وهو موظف في القطاع الخاص، فيذكر أن التجار والباعة لا حديث لهم إلا عن الجبايات المتعددة التي تُفرض عليهم تحت اسم ضرائب وجمارك وتحسين مدن وإتاوات أخرى في الاحتفالات الطائفية، بخلاف مبالغ الرشوة التي تدفع لصغار المسؤولين لتجنب أذيتهم. ويؤكد أن القدرة الشرائية للسكان تدنت بشكل غير مسبوق، فقد أصبحت الغالبية العظمى تلهث وراء لقمة العيش، ولا تستطيع الحصول عليها بسهولة.
فيما يذكر عبد الغني، وهو موظف في إحدى المصالح الحكومية، أن الحوثيين عينوا أتباعهم ووزعوهم على المصالح الإيرادية لضمان الحصول على رواتب ومكافآت منتظمة. كما أنهم يقومون بتوزيع عائدات الجمارك والضرائب على أعضاء الحكومة غير المعترف بها ومن تبقى من أعضاء مجلس النواب وما يسمى مجلس الشورى، في حين يتم تخصيص عائدات شركات الاتصالات والوقود لصالح مقاتليهم وزعماء القبائل لشراء ولاءاتهم.
ويؤكد عبد الغني أن العائدات المتحصلة من استغلال مؤسسات الدولة والشركات التي تمت مصادرتها وغيرها من الاستثمارات الكبيرة تذهب مباشرة إلى مكتب عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات، الذي يقوم بإنفاق جزء منها لشراء ولاءات السياسيين، وتمويل أجهزة المخابرات ودفع رواتب شهرية لأسر قتلاهم، فيما يتولى الناطق الرسمي باسم الميليشيات عبد السلام فليتة توزيع الأموال التي يتم إرسالها من الخارج لتمويل محطات فضائية ومجموعة من الصحف المحلية التي تم إصدارها عقب الانقلاب.
ويلخص أحد الأكاديميين يوميات الحياة في صنعاء، ويقول إن البحث العلمي صار رفاهية بعيدة المنال بالنسبة للأكاديميين في اليمن، لأن وظيفتهم الأساسية باتت الوقوف في الطوابير اليومية لتوفير أساسيات الحياة لأسرهم، مثل طابور الغاز المنزلي وطابور الماء، وطابور الخبز، وطابور الولاء لمسؤول الحي (عاقل الحارة) والمشرف على المنطقة.
من جهته، يذكر المحامي نبيل أن فرض محمد علي الحوثي سيطرته على الجهاز القضائي وتوقف رواتب القضاة نتيجة منع الميليشيات تداول الطبعة الجديدة من العملة المحلية أديا إلى انتشار الرشاوى في المحاكم والنيابات، وإضعاف القضاة واستخدام المحاكم لتصفية الحسابات مع المعارضين.
واستدل المحامي بما حدث في جلسة النطق بالحكم في قضية الممثلة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي، حيث اختلف أعضاء الشعبة الاستئنافية بصنعاء داخل القاعة، حين أصر رئيس الشعبة على تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بسجنها خمس سنوات، وعندما شكرته المتهمة هددها بمضاعفة الحكم وتلفظ بألفاظ نابية بحقها في سابقة لم تحدث من قبل.
ويبين المحامي أن قادة الصف الأول في ميليشيات الحوثي فتحوا مجالس للفصل في النزاعات خاصة في قضايا الأراضي، ويجبرون المحاكم على التوقف عن النظر فيها، وأن هؤلاء يقومون باقتطاع مساحة من الأرض من كل طرف كأتعاب للحكم في النزاع، كما قام قادة عسكريون بالبسط على مساحات شاسعة من الأراضي الخاصة بالقوة دون أي وجه حق، تحت اسم لجنة الأراضي العسكرية، أو الأوقاف، أو ممتلكات الدولة.
إلى جانب ذلك، يتحدث صلاح، وهو أحد الناشطين الذين يعيشون في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، قائلاً إن هذه المعاناة تواكبها عملية قمع شديدة ضد النشاط الحقوقي أو الإعلامي، وقدر وجود أكثر من 20 ألف سجين في معتقلات الميليشيات، مضى عليهم سنوات طويلة، حيث تم اختطافهم بسبب تعبيرهم عن عدم رضاهم عن الظلم والفساد، أو لأنهم وقعوا ضحايا وشايات من آخرين بأنهم يؤيدون الحكومة الشرعية والتحالف، أو أنهم يحرضون الناس على مقاومة الانقلاب.
وكان المحامي عبد المجيد صبرة الذي يتولى الدفاع عن المعتقلين لدى الميليشيات، أطلق نداء استغاثة لإنقاذ حياة موكلته المعتقلة حنان المنتصر التي تعاني من تقيح في الدماغ، موضحاً أن المرأة نزحت من الحديدة إلى صنعاء بسبب الحرب وهي العائل الوحيد لأسرتها قبل اعتقالها، التي تضم والدتها وأولادها الخمسة؛ أحدهم معاق، حيث يعاني من ضمور في الدماغ.
وبحسب المحامي صبرة، اعتُقلت حنان المنتصر في منتصف عام 2019 من قبل قوات مكافحة الإرهاب الحوثية بتهمة التخابر مع الحكومة الشرعية، وبعد ما يقارب العامين من الاعتقال تمت إحالتها إلى المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، وتعرضت أثناء اعتقالها للضرب والمعاملة القاسية كما أبلغت بذلك النيابة أثناء التحقيق معها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.