مصر تحقق في وقائع «غش عائلي» بامتحانات «الثانوية»

ارتفاع درجات طلاب من أسر مُحددة أثار الشكوك

جانب من امتحانات الثانوية العامة في مصر (وزارة التربية والتعليم المصرية)
جانب من امتحانات الثانوية العامة في مصر (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

مصر تحقق في وقائع «غش عائلي» بامتحانات «الثانوية»

جانب من امتحانات الثانوية العامة في مصر (وزارة التربية والتعليم المصرية)
جانب من امتحانات الثانوية العامة في مصر (وزارة التربية والتعليم المصرية)

بدأت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني المصرية تحقيقاً، فيما أثير على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن احتمال حدوث وقائع «غش عائلي» في بعض لجان امتحانات الثانوية العامة، في عدد من مدن الصعيد (جنوب مصر)، وذلك عقب تداول قوائم تتضمن نتيجة طلبة ينتمون إلى عائلات معروفة بالصعيد، حصلوا على درجات مرتفعة تجاوزت الـ90 في المائة.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي مساء الأحد: إنها «رصدت منشورات متنوعة على مواقع التواصل الاجتماعي لمدارس في محافظات الصعيد، بأسماء عائلات معروفة، وأبنائها في الثانوية العامة ونتائجهم»، معلنة «العمل على التحقق من دقة المعلومات المتداولة، وخلفياتها».
ولهذا الغرض شكلت وزارة التربية والتعليم المصرية لجنة قانونية للتحقيق فيما وصفته بـ«الادعاءات» المتداولة، والتأكد من سير نظام الامتحانات في تلك اللجان، مشيرة إلى أنها «ستتخذ الإجراءات القانونية الرادعة، حال ثبوت مخالفات للقانون من أي عنصر في المنظومة التعليمية، أو من مروجي معلومات مغرضة».
وعلى مدار الساعات القليلة الماضية، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من القوائم، التي تضم نتائج عشرات الطلبة بالثانوية العامة، ينتمون لعائلات معروفة بمحافظة سوهاج (صعيد مصر)، حصلوا جميعاً على درجات تخطت الـ90 في المائة، وهو ما أثار الشكوك والتساؤلات بشأن احتمال حدوث «غش جماعي» في لجان الامتحانات التي ضمت هؤلاء الطلبة، مسترجعين صوراً ومشاهد لحالات غش شهدتها بعض اللجان في السنوات الماضية، من بينها مشاهد لأهالٍ يقفون على أبواب المدارس حاملين ميكروفونات، يحاولون من خلالها تلقين الطلبة إجابات الأسئلة المختلفة.
ويعتبر المصريون شهادة الثانوية العامة، بمثابة «المفتاح للمستقبل»، ويهتمون بالحصول على درجات مرتفعة تؤهلهم لدخول ما يسمى بـ«كليات القمة» التي تتضمن الطب والهندسة، ويقول الدكتور مصطفى النشار، العميد الأسبق لكليتي التربية ورياض الأطفال بجامعة القاهرة، إن «انتشار ظاهرة الغش الجماعي في مصر ناتج عن انتشار مبدأ الغاية تبرر الوسيلة داخل المجتمع»، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المهم هو النجاح أياً كانت الوسيلة»، مشدداً على «أهمية إدراك أن الغاية الحقيقية من التعليم هو التعلم، وليس النتيجة».
وأعلنت مصر بداية الأسبوع الجاري، نتيجة الثانوية العامة، بنسبة نجاح وصلت إلى 75.04 في المائة، ووصلت أعلى نتائج الثانوية العامة لهذا العام إلى 407 درجات، وحققها طالب في شعبة العلوم الرياضية، بينما حصل الأول على الشعبة العلمية على 402 درجة، أما أعلى نتيجة في الشعبة الأدبية فجاءت بـ387 درجة.
ورغم تأكيد الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري، في المؤتمر الصحافي الخاص بإعلان النتيجة، أن «حالات الغش هذا العام أقل من الأعوام السابقة»، فإنه أشار إلى «معاقبة وحرمان كل الطلاب الذين تم ضبطهم في أعمال غش، وتحويل حالات الغش إلى الشؤون القانونية، مع حجب نتيجة عدد من المدارس بسبب شبهة الغش الجماعي»، ووفقاً للبيانات الرسمية المعلنة الشهر الماضي، فقد «تم ضبط أقل من 90 حالة غش خلال 7 ملايين امتحان أي ما يعادل 1 من كل 100 ألف.
والغش «ظاهرة مرتبطة بالامتحانات منذ نشأتها» ـ بحسب كمال مغيث، الخبير التربوي، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة تراقب ذلك عبر تشديد الرقابة داخل اللجان، وألا تكون الامتحانات بسيطة ما يسهل الغش»، لافتاً إلى أنه «قبل نحو 30 عاماً مضت كانت محاولات الغش فردية تماماً، لكن الأمر تغير الآن حيث أصبحت هناك جماعات قوى محمية ذات نفوذ وسلطان ترعى عملية الغش، في نفس الوقت الذي أصبح ضبط الامتحانات عبئاً على الدولة»، مشيراً إلى وقائع غش جماعي في عدد من المحافظات المصرية.
وفي بداية العام الجاري أثارت قضية الغش جدلاً في الشارع المصري، في أعقاب تداول مقطع يظهر مجموعة من الأهالي المتجمهرين حول مدرسة بمحافظة الدقهلية، مهددين بضرب معلمة منعت أبناءهم من الغش، وهو ما دفع الشرطة للتدخل لحماية المعلمة، من الأهالي.
وعلى مدار السنوات الماضية بدأت مصر تطبيق سياسة تعليمية جديدة تهدف إلى التركيز على التعلم بدلاً من المجموع، ووضعت سياسات لمحاربة الغش، من بينها مراقبة اللجان بالكاميرات، ويقول النشار إن «النظام التعليم المصري لا يزال مبنياً على التلقين»، مشيراً إلى أن «المصريين ينظرون للتعليم باعتباره وسيلة للترقي الاجتماعي، في حين أنه وسيلة للمعرفة في مجتمعات أخرى»، مشدداً على «ضرورة الإصلاح الثقافي باعتباره الحل لمواجهة كثير مما يعانيه المجتمع».
وقبيل فتح التحقيق اتخذت وزارة التربية والتعليم المصرية، قراراً بعدم قبول أي تحويلات من مدارس رسمية أو خاصة إلى إدارات محددة بمحافظات كفر الشيخ وأسيوط وسوهاج وأسوان وقنا، في إطار ما وصفته بـ«ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص» بين الطلاب المتقدمين لأداء امتحان شهادة إتمام دراسة الثانوية العامة، موضحة أن القرار يأتي في أعقاب «ملاحظة كثرة طلبات تحويل طلاب الثانوية العامة من جميع أنحاء الجمهورية لأداء الامتحانات داخل لجان السير التابعة لبعض الإدارات التعليمية»، وقالت إن «القرار يهدف للقضاء على الاعتقاد السائد بوجود تساهل في الرقابة على أعمال الامتحانات بلجان سير امتحان الثانوية العامة ببعض الإدارات التعليمية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
TT

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)
مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

قبل أيام مَعدودة، وتحديداً مع سلسلة ارتفاعات طفيفة في سِعر صرف الدولار بالبنوك المصرية، قام صاحب شركة رخام في منطقة شق الثعبان بالقاهرة، المتخصصة في تصنيع الرخام والغرانيت، بوضع أسعار جديدة لرخام مُستورد من الهند، رغم إدراكه أنَّ «زيادة الأسعار تُسبب ركوداً حاداً».

ويضرب صاحب الشركة، الذي يدعى (م.أ)، المثل بسِعر متر الرخام المستورد من نوعية «غلاكسي» قبل زيادة الدولار في البنوك، الذي كان بنحو 2600 جنيه، لكن بعدَ أن تَخطي الدولار حاجز الـ49 جنيهاً، تمَّ رفع السعر إلى نحو 3000 جنيه دون إضافة تكاليف نقله وتركيبه.

وبلغ سعر صرف الدولار، الثلاثاء، لدى البنك المركزي المصري نحو 49.02 جنيه للشراء مقابل 49.15 جنيه للبيع. ويَأتي ارتفاع سعر الدولار في البنوك المِصرية وتخطيه حاجز الـ49 جنيهاً، غداة زيارة مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، القاهرة؛ لإجراء المراجعة الرابعة التي تتعلق بالقرض المُقرر منحه إلى مصر.

وتنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار بصورة مُباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات في مصر، في ظل الاعتماد على مواد مستوردة.

يقول الخبير الاقتصادي رشاد عبده، رئيس «المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية»، إنَّ «المواطن هو مَن يَتحمل فارق زيادة سعر الدولار في البنوك، لكون الشركات المستورِدة من القطاع الخاص تُضيف هذه الزيادة على جميع منتجاتها». ويضيف: «ارتفاع سعر الدولار يُعدّ صداعاً مزمناً للمصريين بطبقاتهم كافة، سواء كانت غنية أم متوسطة».

وسمح البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي، بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق (العرض والطلب)، لتنخفض قيمة العملة المحلية إلى ما يقل قليلاً عن 50 جنيهاً للدولار، بعدما كانت مستقرّة لأشهر عند حدود 30.85 جنيه للدولار.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي قبل أيام (الرئاسة المصرية)

وخلال مؤتمر صحافي، عقدته مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأحد الماضي، قالت غورغييفا، إن «مصر تحرَّكت بنجاح لتحقيق نظام مَرِن لسعر الصرف». وأثنت على جهود البنك المركزي.

ولا تزال التوقعات تُحيط بزيادة جديدة لسِعر صرف الدولار أمام الجنيه، وفق ما أكده الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، لـ«الشرق الأوسط».

يقول النحاس: «المواطن هو مَن سيكون ضحية تَحريك سعر الدولار مرة أخرى أمام الجنيه، لأنه سيكون هناك تقييم مرة أخرى لأسعار المحروقات والخدمات مثل الكهرباء والغاز، بالإضافة إلى زيادة فاتورة استيراد القمح، وما إلى ذلك».

ما يُقلق الاقتصادي وائل النحاس، هو أن يكون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة مدة بَرنامج الصندوق، على حساب زيادة أسعار الدولار في البنوك.

وبدأت إجراءات المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع مصر، الثلاثاء.

وهي واحدة من أصل 8 مراجعات في البرنامج، البالغة مدته 46 شهراً، والذي تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار.

وتخوض الحكومة المصرية مشاورات مع الصندوق تسعى في الأساس لمراجعة «عملية المستهدفات»، حسبما صرَّح المستشار محمد الحمصاني المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء.

وستتخذ الحكومة المصرية بعض الإجراءات الإصلاحية ومحاولة مُراجعة التوقيتات وتواريخ اتخاذها، وفقاً لما قاله المتحدث الرسمي باسم الحكومة، في تصريحات تلفزيونية، منذ أيام مضت.

ويطالب ناجي الشهابي رئيس حزب «الجيل» المصري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بدعم الصناعة، وترشيد فاتورة الاستيراد من أجل وضع حدٍّ لارتفاعات الدولار، الذي يرى أن قيمته الحقيقية لا تُساوي هذا الرقم.

وحظيت الارتفاعات الطفيفة في سعر الدولار أمام الجنيه على مدار الأيام الماضية، بتفاعلات رواد السوشيال ميديا عبر منصتَي «فيسبوك» و«إكس»، حيث أبدى البعض تخوفه من «تعويم جديد» وارتفاعات أخرى في الأسعار.

وعبَّر رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، محمود العسقلاني، عن قلقه إزاء زيادة سعر الدولار؛ لأن هذا الارتفاع سيكون له تأثير كبير على السلع، خصوصاً أن الدولة تستورد كمية ليست بالقليلة من احتياجاتها، وأنَّ هذا الارتفاع سيكون له تأثير كبير على السلع وجوانب المعيشة كافة.