رغم وقوف الإعلام الإسرائيلي وراء قيادته السياسية وجيشه، كما في كل عملية حربية، فإنه، في هذه المرة، خرج عدد غير قليل من الشخصيات الإسرائيلية العسكرية والسياسية والخبراء، بملاحظات، وحتى انتقادات لأداء الحكومة في حربها على غزة، منذ الجمعة، محذرين من «مظاهر نشوة النصر السابقة لأوانها»، وتصريحات «مدح الذات» لدى السياسيين والجنرالات. وتساءلت تلك الشخصيات عن الحكمة من وراء العملية الأخيرة برمتها، مؤكدين أنه من دون تسوية جوهرية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لن تكون هناك جدوى للعملية. وبرز بين هؤلاء، وزير الصحة، نتسان هوروفتش، الذي طلب إعادة النظر في الممارسات الحربية، والتفتيش عن وسيلة تضع حداً للصراع مع الفلسطينيين، والتوصل لحل يضمن لإسرائيل الهدوء والسلام الآمن. وكان هوروفتش يتكلم في اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، مساء أول من أمس (السبت)، عندما قال: «آن الأوان لأن نفتش عن حلول جوهرية تمنعنا من الخروج إلى جولات قتالية كل اثنين وخميس».
وفي مقال افتتاحي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، تساءل الكاتب شيمعون شيفر: «إلى أين تقودوننا يا رؤساء الأحزاب الإسرائيلية؟ ما الحل الذي تطرحونه أمامنا للصراع الذي يفرز عمليات حربية كهذه من آن لآخر؟». وكتب بن درور يميني، أحد كتاب الافتتاحية في الصحيفة نفسها: «(حماس) و(الجهاد) يتحملان وحدهما المسؤولية الأساسية عن الوضع البائس الذي وصلنا إليه. لكن وضعية الاستمرار في جولات حربية كهذه يجب أن تتوقف، وأن تتوصل قيادتنا إلى حول جذرية».
وكتب المحرر العسكري لصحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، أن «العملية حققت معظم أهدافها، وفي (الجهاد الإسلامي) يعرفون ذلك جيداً، فقد ذاقوا قدرات إسرائيل الاستخبارية، وكم هي معلوماتنا دقيقة، وهم أيضاً معنيون بوقف العملية، ولكنهم فقدوا مجموعة من أبرز قادتهم الميدانيين، ولم تعد لديهم قيادة قوية تتخذ قراراً شجاعاً بوقف النار. وفي هذه الحالة ينبغي أن تقدم إسرائيل على ابتداع حل خلاق لا يوقف الحرب فحسب، بل يأتي بتهدئة طويلة الأمد».
في صحيفة «هآرتس»، دعا محرر الشؤون العسكرية، عاموس هرئيل، إلى وقف العملية فوراً، «بعد أن تمكنت (القبة الحديدية) من اعتراض قرابة 95 في المائة من القذائف الصاروخية التي أطلقتها (الجهاد)». وأضاف: «ثمة شك فيما إذا كان بالإمكان الوصول إلى إنجاز عسكري أفضل، حيث تمتنع حركة (حماس) عن الانخراط مباشرة في المعركة. والأفضل التوقف». وأضاف أن حجم الضرر الذي بمقدور «الجهاد» إلحاقه بإسرائيل ضئيل بشكل كبير. ولذلك، فإن السؤال الذي سيحسم مدة المواجهة الحالية وقوتها، سيكون قرار «حماس» بالانضمام، وأن الانطباع في المؤسسة الأمنية، هو أن قيادة «حماس» ليست متحمسة لمحاولة «الجهاد» جرّها إلى داخل النيران في توقيت غير مريح بالنسبة لها. وقرار «حماس» متعلق أيضاً بعدد القتلى المدنيين، ما قد يجرها إلى المعركة «ولهذا يحرص قادة الجيش الإسرائيلي على تقليص استهداف المدنيين في القطاع».
غير أنه حتى الخطوة التي تباهت الحكومة بإحرازها هي دق إسفين بين حركتي «حماس» و«الجهاد»، مع التذكير بأن الفصل بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحركة «حماس» في قطاع غزة «يخدم إسرائيل على المدى القريب، إلا أنه يلحق ضرراً على المدى البعيد». وكتب الرئيس الأسبق للدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، اللواء عاموس غلعاد، مقالاً في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، انتقد فيه هذا الفصل واعتبره خطأ استراتيجياً. وقال غلعاد الذي يعمل اليوم رئيساً لجامعة رايخمان في تل أبيب، إنه يجب النظر بشكل نقدي إلى الفصل الذي تمارسه إسرائيل بين «الجهاد» و«حماس» التي تحكم غزة، والمسؤولة عن الحفاظ على النظام في إطار تهدئة «وتقف الآن على الحياد بدل فرض سيادتها على (الجهاد)»، وإن هذا يعفي «حماس» من المسؤولية، ويدعم روايتها بشأن «صعوبة العمل ضد متمردين»، ويسهم فعلياً بالعودة إلى واقع الجولات (القتالية) التي سادت قبل عقد، وتقلصت منذ عملية «الجرف الصامد»، عام 2014.
وأثبتت «حماس» في الماضي أن فرض سيادتها على الفصائل في غزة، هي مسألة إرادة وليست قدرة.
وفي موقع «واللا» الإلكتروني، كشف عن أن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، رونين بار، أوصى، خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر، مساء أول من أمس (السبت)، بالسعي لوقف العملية الحربية، وأن أقوال بار «تمثل الأجواء العامة خلال اجتماع (الكابينت) بين الوزراء، وكذلك بين كبار المسؤولين في جهاز الأمن».
وأضاف الموقع أن رئيس «الشاباك» أشار إلى أن العملية «حققت غايتها الاستراتيجية بالفصل بين حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، ولكي تحافظ على هذا الفصل يجب وقف العملية».
شخصيات إسرائيلية تدعو إلى حل جذري للصراع مع الفلسطينيين
الجنرال غلعاد: لا تفرحوا كثيراً لدق إسفين بين «حماس» و«الجهاد»
شخصيات إسرائيلية تدعو إلى حل جذري للصراع مع الفلسطينيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة