النظام يباغت السوريين برفع سعر البنزين المدعوم

صورة أرشيفية التقطت في 10 مايو 2020 لمشاة يسيرون على طول صف من السيارات في شارع مزدحم بالعاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية التقطت في 10 مايو 2020 لمشاة يسيرون على طول صف من السيارات في شارع مزدحم بالعاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
TT

النظام يباغت السوريين برفع سعر البنزين المدعوم

صورة أرشيفية التقطت في 10 مايو 2020 لمشاة يسيرون على طول صف من السيارات في شارع مزدحم بالعاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية التقطت في 10 مايو 2020 لمشاة يسيرون على طول صف من السيارات في شارع مزدحم بالعاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)

بعد المفاجأة برفع أسعار البنزين المدعوم بنسبة 130 في المائة، فوجئ السوريون بتقليص مخصصات البنزين المدعوم من 25 لترا إلى 20 لترا للتعبئة الواحدة، مع بدء تنفيذ قرار رفع الأسعار يوم الأحد، لتخيم حالة من الذهول والصدمة على الشارع، إذ بات سعر البنزين في سوريا أعلى من السعر العالمي، والتكلفة الشهرية لبنزين السيارة المدعوم أعلى من الراتب الشهري لأعلى موظف حكومي.
وحددت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في قرارين صدرا مساء السبت، أسعارا جديدة للبنزين أوكتان 90 وأوكتان 95. وحسب نص القرار الأول سعر لتر البنزين أوكتان 90 المدعوم الذي يسلم على البطاقة الإلكترونية بـ2500 ليرة (بعدما كان سعره 1100 ليرة)، بزيادة 129 في المائة، وسعر لتر أوكتان 90 بسعر التكلفة بـ4 آلاف ليرة بعدما كان سعره 3500 ليرة. كما حدد القرار الثاني سعر لتر أوكتان 95 بـ4500 ليرة، بعدما كان سعره 4 آلاف ليرة.
وبررت مصادر حكومية قرار رفع الأسعار بتقليل الخسائر الهائلة في موازنة النفط، «ولضمان عدم انقطاع المادة أو قلة توافرها»، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، والتي تعيق وصول النفط من إيران.
كما دأبت التقارير الاقتصادية الرسمية، على تأكيد عجز الحكومة عن تمويل الاستيراد، إلى الحد الذي لم يعد بإمكانها الاستمرار بسياسة دعم المحروقات التي باتت تشكل عبئا كبيرا على الميزانية العامة. وهو الأمر الذي بدأت الحكومة بالتمهيد له عبر قرارات متتابعة للوصول إلى رفع كامل عن الدعم، في ظل ظروف اقتصادية معيشية قاسية تزداد تدهورا خلال فصلي الشتاء والصيف اللذين يزداد فيهما استهلاك مواد الطاقة.
وجاء قرار رفع سعر البنزين الأخير ليوجه ضربة قاسية لحركة الأسواق التي أصيبت يوم الأحد، بشبه شلل تام، وكادت أهم الأسواق الشعبية في العاصمة تخلو من المارة، إذ جاء ذلك في الوقت الذي زاد فيه الطلب على البنزين بسبب انقطاع الكهرباء لفترات تتجاوز في غالبية المناطق 20 ساعة من أصل 24 ساعة، بينما ترتفع درجات حرارة الطقس إلى أكثر من 44 درجة مئوية في معظم المناطق، ما يجعل الهروب من المدن نحو الريف الجبلي والساحل حاجة ملحة لا يقدر عليها إلا من لديه وفرة من المال والبنزين. حيث يتراوح سعر لتر البنزين في السوق السوداء بين 6 - 8 آلاف ليرة. (الدولار الأميركي يعادل 4200 ليرة سورية).
ويعد هذا الرفع في سعر البنزين هو الثاني خلال أقل من عام، فقد سبق ورفعت الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي، أسعار البنزيـن والمازوت غير المدعومين، في حين بقيت أسعار البنزين والمازوت المدعومين على حالها.
وجاء رفع الأسعار الأخير بعد نحو عشرة أيام من إغلاق محطات بيع البنزين الحر (أوكتان 95)، في دمشق، بسبب توقف تزويدها بالتوريدات لعدم توفر الإضافات الكيميائية التي تدخل الإنتاج وهي مواد مستوردة. وفق ما قالت مصادر حكومية.
مصادر اقتصادية في دمشق قالت إن سعر لتر البنزين في سوريا، أصبح أغلى من سعر لتر البنزين في أغلب دول المنطقة وروسيا والعديد من دول العالم، ومساويا لسعر لتر البنزين في الإمارات وقريبا من سعر لتر البنزين في الولايات المتحدة الأميركية 1.18 دولار للتر.
مع الإشارة إلى أن الحكومة بدمشق خصصت 2.2 مليار دولار بما يعادل 41 في المائة من الموازنة العامة، للدعم الاجتماعي للعام الجاري، وتساءلت مصادر متابعة، إلى أين ستذهب مخصصات الدعم خلال الأشهر المتبقية من العام بعد رفع الدعم. وقالت إن الحكومة مطالبة بتوضيح هذا الأمر مع الشك بنيتها رفع الرواتب والأجور لترميم جزء من الفجوة الهائلة الحاصلة بين الدخل والإنفاق. فالأسرة من أربعة أفراد تحتاج بالحد الأدنى إلى مليون ونصف المليون ليرة سورية، أي ما يعادل 350 دولارا أميركيا في حين لا يتجاوز أعلى راتب في القطاع العام الـ80 دولارا.
ولفتت المصادر إلى أن الراتب الشهري للموظف بات أدنى من تكلفة أجور نقله إلى مكان عمله، وحذرت المصادر من تداعيات قرار رفع سعر البنزين الأخير على أسعار السلع، لا سيما الأساسية كالسكر والخضار والفواكه، والحبوب، وذلك لارتباط الأسعار بتكاليف الإنتاج التي دخل إليها استخدام مولدات الكهرباء، وكذلك النقل الذي باتت تكاليفه باهظة وتحمّل على السعر النهائي للسلع. مع الإشارة إلى أن موجات ارتفاع الأسعار لم تتوقف عن التصاعد.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».