انقطاع تام لشبكة الكهرباء جنوب العراق يفاقم معاناة السكان

TT

انقطاع تام لشبكة الكهرباء جنوب العراق يفاقم معاناة السكان

عاشت ثلاث محافظات جنوب العراق هي البصرة وذي قار وميسان، ليل الجمعة، ظروفاً غاية في الصعوبة بعد تعرض شبكة الكهرباء إلى الانكفاء التام نتيجة أعطال فنية، حسب المسؤولين هناك. وأتى الانقطاع في ظل أوضاع مناخية معقدة ارتفعت فيها درجات الحرارة ارتفاعاً كبيراً بلغ نصف درجة الغليان، أكثر من 50 درجة مئوية. وأعلنت حكومة البصرة المحلية بعد ظهر أمس، عن تحسن واقع تجهيز الكهرباء بعد الانطفاء التام الذي حصل ليلاً. وذكر النائب الأول للمحافظ محمد طاهر التميمي لراديو «المربد» المحلي، إن «المشكلة كانت بسبب انفجار قاطع دورة ومحولة في خط (أبو فلوس – خور)، وأدى إلى خروج المحطات الأتوماتيكية وزيادة الأحمال على خط الناصرية، ونتيجة للحمل الكبير خرجت باقي المحطات تباعاً».
وغالباً ما يؤدي نظام الربط الشبكي في العراق إلى انقطاع الكهرباء في أكثر من محافظة في حال تعرضت محطة كهربائية في إحدى المحافظات إلى خلل فني. وتشهد أكثر من 10 محافظات عراقية، خلال الأيام الأخيرة، ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة تجاوزت الخمسين درجة ما تسبب في زيادة الطلب على استهلاك الكهرباء، في مقابل عدم قدرة السلطات ووزارة الكهرباء الاستجابة للطلب في الظروف المناخية الطبيعية. وفي محافظة ذي قار المحاذية للبصرة، التي تعرضت هي الأخرى إلى الإطفاء التام في الشبكة الكهربائية، تظاهر المئات احتجاجاً على سوء تجهيز الكهرباء والانقطاعات المستمرة.
وذكرت وسائل إعلامية محلية في الناصرية مركز المحافظة، أن «العشرات من أهالي سيد دخيل شرق مدينة الناصرية تظاهروا أمام دائرة توزيع الكهرباء في القضاء، رفضاً لاستمرار انقطاع الكهرباء». وبعد ظهر السبت «تمكنت محطة كهرباء الناصرية من تشغيل المحطة المركبة بالكامل، إضافة إلى المحطة الغازية بعد توقف دام أكثر من 9 ساعات»، طبقاً لمصادر من المحطة. وفي محافظة ميسان التي تعرضت لانطفاء عام هي الأخرى، أعلنت وزارة الكهرباء، أمس السبت، إعادة العمل في جميع الوحدات التوليدية التي توقفت في محطة ميسان.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن «المنظومة الكهربائية ستعود للعمل بشكل طبيعي في الساعات المقبلة بعد أن قامت كوادر الوزارة بالمباشرة في وقت متأخر بعزل مكان الحادث الذي حصل في محطة ميسان، وهو عبارة عن عارض فني بسبب انفجار في أحد خانات قواطع الدورة ومحول التيار»، لافتاً إلى أن «العاملين في المحطة تمكنوا من إعادة جميع الخطوط والوحدات التوليدية التي انفصلت، وبدأت بإعادة المنظومة تدريجياً في محافظات البصرة وميسان وأجزاء من محافظة ذي قار المحاذية».
كان فرع توزيع كهرباء ميسان، أعلن عن إطفاء تام للطاقة الكهربائية في عموم المحافظة في تمام الساعة الحادية عشرة وخمس عشرة دقيقة مساء الجمعة. وأعلنت وزارة الكهرباء، يوم السبت، عن أن «المنظومة الكهربائية ستعود للعمل بشكل طبيعي في الساعات المقبلة بعد أن قامت كوادر الوزارة بالمباشرة في وقت متأخر بعزل مكان الحادث الذي حصل في محطات البصرة وميسان وذي قار، وهو عبارة عن عارض فني بسبب انفجار في أحد خانات قواطع الدورة ومحول التيار».
الانهيار الكهربائي الذي حدث في محافظات الجنوب، أتى بعد حديث وزارة الكهرباء عن «الاستقرار الكبير الذي تشهده المنظومة الكهربائية، وعن حجم الزيادة في الإنتاج مقارنة بالعام الماضي تصل إلى 22 في المائة». ورغم الحديث المتفائل الذي تعلنه وزارة الكهرباء، وبعيداً عن انهيار المنظومة الكهربائية في محافظات الجنوب، تعاني معظم المحافظات، خصوصاً العاصمة بغداد، التي يسكنها أكثر من 8 ملايين نسمة، من شحة كبيرة في تجهيز المنازل، حيث تنخفض أوقات التجهيز في بعض المناطق إلى أقل من 10 ساعات في اليوم، ما يضطر السكان إلى الاعتماد على التجهيز بالطاقة من المولدات الأهلية.
وتواجه السلطات العراقية منذ عقدين من الزمن معضلة النقص المتواصل في إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية، ولم تنجح في التغلب عليها، رغم إنفاقها لأكثر من 70 مليار دولار خلال هذه المدة، وفي إطار سعيها لحل هذه المشكلة، وقعت الحكومة العراقية مع المملكة العربية السعودية اتفاقية الربط الخليجي والتزويد الكهربائي، على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، التي انعقدت هناك منتصف يوليو (تموز) الماضي. ويهدف التوقيع إلى تحقيق الاستقرار في الطاقة الكهربائية وتقليل الاعتماد على إيران في مجال تزويد الطاقة والغاز إلى العراق.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.