الجهود المصرية في غزة... محاولات «للتهدئة» وسط تصعيد متكرر

وساطة جديدة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية

إطلاق صواريخ من غزة (أ.ف.ب)
إطلاق صواريخ من غزة (أ.ف.ب)
TT

الجهود المصرية في غزة... محاولات «للتهدئة» وسط تصعيد متكرر

إطلاق صواريخ من غزة (أ.ف.ب)
إطلاق صواريخ من غزة (أ.ف.ب)

مرة ثانية تدخل مصر على خط المواجهات بين الفصائل الفلسطينية، وإسرائيل في محاولة لتحقيق التهدئة، في ظل التصعيد الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة، حيث أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «الوفد الأمني المصري يجري مشاورات مكثفة مع كافة الأطراف أملاً في تهدئة الأوضاع».
على المستوى الرسمي أعلنت وزارة الخارجية المصرية مساء الجمعة، أنها «تُجري اتصالات مكثفة على مدار الساعة بُغية احتواء الوضع في غزة والعمل على التهدئة والحفاظ على الأرواح والممتلكات»، بدوره أوضح المصدر المصري القريب من المفاوضات أن «الاتصالات تتم عبر الوفد الأمني المصري الذي يجري مشاوراته مع كافة الفصائل الفلسطينية من جانب، ومع إسرائيل من جانب آخر، للتأكيد على ضرورة ضبط النفس ووقف العمليات العسكرية بالقطاع».
وتصاعدت الأوضاع بعد قيام إسرائيل بغارة على قطاع غزة، الجمعة، استهدفت «حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية وقتلت أحد قادتها وهو (تيسير الجعبري)، وتواصلت العمليات العسكرية، السبت، حيث قصفت طائرات إسرائيلية غزة، فيما أطلق نشطاء فلسطينيون صواريخ على مدن إسرائيلية، لتدخل القاهرة على خط الوساطة للتهدئة.
الدور المصري لتهدئة الأوضاع لم يبدأ مع التصعيد الأخير، بل إن «مصر دخلت على الخط قبل الأزمة» بحسب الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، والمتخصص في الشأن الفلسطيني، الذي أوضح في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة، تواصلت مع حركة الجهاد الإسلامي، ومع إسرائيل قبل بدء العمليات العسكرية، في محاولة لوقف التصعيد، وتحركت بسرعة بعد بدء العمليات»، مشيراً إلى أن «الوفد الأمني المصري، والذي يضم شخصيات على أعلى مستوى من الفهم، تربطها علاقات قوية مع كافة الأطراف، يواصل مساعيه لتحقيق التهدئة».
وأضاف فهمي أن «القاهرة فتحت قنوات اتصال في الجانبين، والساعات الـ48 المقبلة ستكون حاسمة في التعامل مع المشهد»، مشيراً إلى أن «مصر تسعى لوقف المواجهات، وأرسلت رسائل بهذا المضمون للجانبين من أعلى المستويات».
وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها مصر كوسيط لتحقيق التهدئة في غزة، ففي مايو (أيار) 2021 نجحت مصر في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق نار متبادل ومتزامن في قطاع غزة، بعد عمليات عسكرية استمرت 11 يوماً، وبحسب بيان الخارجية المصرية، في ذلك الوقت، فإن «القاهرة أرسلت وفدين أمنيين لتل أبيب، والمناطق الفلسطينية، لمتابعة إجراءات التنفيذ والاتفاق على الإجراءات اللاحقة التي من شأنها الحفاظ على استقرار الأوضاع بصورة دائمة»، وهو الاتفاق الذي أشادت به الولايات المتحدة الأميركية، عبر اتصال هاتفي بين الرئيسين الأميركي جو بايدن، والمصري عبد الفتاح السيسي، وإن كانت إسرائيل قد خرقته بتصعيدها الأخير. ويقول فهمي إن «علاقات مصر القوية مع كافة أطراف الصراع تمنحها الأفضلية للوساطة في الصراعات المختلفة»، مشيراً إلى أن «الوفد الأمني المصري الآن يتحدث مع كافة الفصائل بما فيها حركة حماس التي لم تدخل حتى الآن في الصراع الأخير، كما أن مصر تربطها علاقات قوية مع حركة الجهاد الإسلامي، وهو ما يرجح نجاح القاهرة في الوصول إلى اتفاق»، لافتاً على أن «وضع حد للصراع الأخير لن يتم بين يوم وليلة، لكن بالتأكيد ستتجاوب الفصائل الفلسطينية مع المساعي المصرية، وإن ظلت المشكلة الأكبر مع إسرائيل التي تعاني فوضى داخلية».
الوساطة المصرية ترتبط تاريخياً بجهود أسسها «الوفد الأمني المصري» الذي كان متواجداً في غزة حتى عام 2008 عندما سيطرت حركة «حماس» على قطاع غزة، ويقول المصدر المصري إن «الوفد الأمني في تلك الفترة وضع أسساً للتعاون والتواصل مع كافة الفصائل الفلسطينية، ووضع خططاً لتبادل الأسرى، وكانت تربطه علاقات شخصية بكافة الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية، وهو ما سهل عمله»، لافتاً إلى أن «الأمور الآن تعتمد أكثر على البعثات الأمنية التي تذهب إلى تل أبي وغزة ورام الله، للتفاوض والوصول إلى اتفاق، وهو ما يحدث حالياً».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)
عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)
TT

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)
عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)

نجحت السلطات المصرية، الثلاثاء، في العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا غرق المركب السياحي «سي ستوري»، في الحادث الذي وقع قبالة سواحل البحر الأحمر، الاثنين، فيما أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية أوامرها للقوات البحرية بتكثيف جهودها لمواصلة عمليات البحث عن باقي المفقودين.

وقال محافظ البحر الأحمر، عمرو حنفي، في آخر بيان تحديثي نشرته المحافظة على صفحتها بموقع «فيسبوك»، مساء الثلاثاء: «إن الجهود التي تجريها الجهات المعنية، وعلى رأسها رجال القوات البحرية، نجحت في العثور على 9 أشخاص منهم 5 أحياء (2 يحملون الجنسية البلجيكية، وسويسري، وفنلندي، ومصري)، بينما جرى انتشال 4 جثث ما زال أصحابها مجهولي الهوية، موجهاً بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للناجين.

وأشار المحافظ إلى أن إجمالي من جرى إنقاذهم بلغ 32 شخصاً، ووصل عدد من جرى إخراجهم من المياه 36 شخصاً، ولا تزال عمليات البحث مستمرة للعثور على 8 آخرين مفقودين.

ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح الاثنين، بشحوط المركب خلال رحلة غوص وسفاري، حيث كان يقل 31 سائحاً من جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى طاقمه المكون من 13 فرداً من بحارة وغطاسين.

وقال محافظ البحر الأحمر إنه وفقاً لروايات الناجين، فإن «موجة بحر عالية صدمت المركب مما أدى لانقلابه».

تتواصل عمليات الإنقاذ على أمل العثور على آخر 8 مفقودين (المتحدث العسكري المصري)

من جانبه، أفاد حسن الطيب، الخبير البحري ومؤسس جمعية الإنقاذ البحري وحماية البيئة بالبحر الأحمر، لـ«الشرق الأوسط»، بأن العثور على الأشخاص الأحياء في عرض البحر بدأ برصدهم أولاً من جانب الطيران الحربي الذي قام سريعاً بإرسال إشارة للقوات البحرية التي حضرت في المكان ذاته، لافتاً إلى أن عمليات الرصد الجوي والإنقاذ البحري تعمل بكفاءة ليل نهار من دون توقف.

وأعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة، في بيان، أن القيادة العامة للقوات المسلحة كلفت قيادة القوات البحرية بالدفع بعدد من القطع البحرية وطائرات مركز البحث والإنقاذ فور تلقي بلاغ استغاثة من المركب، كما تم تقديم الرعاية الطبية والإدارية اللازمة للناجين، ونقل الحالات التي تستدعي رعاية طبية عاجلة إلى المستشفيات القريبة من موقع الحادث، كما أصدرت القيادة العامة أوامرها للقوات البحرية بتكثيف جهودها لمواصلة عمليات البحث عن باقي المفقودين والناجين.

وقال مصدر مطلع في محافظة البحر الأحمر، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم العثور على الأحياء جنوب مدينة مرسى علم، موضحاً أن ارتداء سترات النجاة كان عاملاً في إنقاذهم، وذلك لقدرتها على الطفو.

ونقلت وسائل إعلام محلية شهادات لناجين من الحادث، وقالت إحدى الناجيات، وهي سائحة بريطانية: «كان الظلام حالكاً، حاولت السباحة لأعلى لكن التيار كان قوياً جداً، وكنت أشعر بالاختناق. ما أنقذني كان سترتي العائمة التي أبقتني على السطح حتى جاءت فرق الإنقاذ».

فيما وصف أحد أفراد الطاقم (مصري) اللحظات الأولى، قائلاً: «كانت الموجة ضخمة بشكل غير طبيعي، ضربت المركب فجأة، وتسببت في اهتزازه بشكل عنيف قبل أن ينقلب. حاولنا تنبيه الركاب، لكن الوقت كان ضيقاً للغاية».

تقديم الرعاية الطبية للناجين (محافظة البحر الأحمر)

وبيّن محافظ البحر الأحمر أن الحادث وقع على بعد 46 ميلاً بحرياً من شاطئ مرسى علم، والمركب يملكه مصري الجنسية، وطوله 34 متراً وعرضه 9.5 متر، وأنه جرت مراجعة الموقف الفني للمركب، وتبين أن آخر تفتيش كان في شهر مارس (آذار) 2024، وحصل على شهادة صلاحية لمدة عام، ولا توجد أي ملاحظات أو عيوب فنية.

من جانبها، وصفت غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية في مصر حادث المركب بـ«الأليم»، موجهة الشكر للقوات المسلحة والجهات المعنية التي ساهمت بكل ما أتيح لها من قدرة في العثور على المفقودين وإنقاذهم.

وشغل الحادث اهتمامات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغا «#مرسى_علم»، و«غرق_مركب»، قائمة الأعلى تداولاً خلال الساعات الماضية. وتمثلت أبرز التفاعلات في متابعة جهود الإنقاذ أولاً بأول، إلى جانب تناقل أحدث البيانات حول الحادث.

في غضون ذلك، بدأت نيابة البحر الأحمر، تحت إشراف المحامي العام الأول، تحقيقاتها في الحادث، وطلبت الأوراق والمستندات والتصاريح الخاصة بالرحلة، بالإضافة إلى بيانات الركاب المصريين والأجانب وأفراد الطاقم. كما استمعت لأقوال الناجين الذين تم إنقاذهم حول أسباب وملابسات الحادث، وانتقلت إلى مستشفى مرسى علم للاستماع إلى أقوال الناجين من الأجانب وأفراد الطاقم.