عقبات «لوجيستية» على طريق إعادة تسمية «جدري القردة»

مريض مصاب بآفات جلدية بسبب «جدري القردة» (رويترز)
مريض مصاب بآفات جلدية بسبب «جدري القردة» (رويترز)
TT

عقبات «لوجيستية» على طريق إعادة تسمية «جدري القردة»

مريض مصاب بآفات جلدية بسبب «جدري القردة» (رويترز)
مريض مصاب بآفات جلدية بسبب «جدري القردة» (رويترز)

منذ الأيام الأولى لتفشي مرض «جدري القردة» العالمي الحالي، دعا العلماء وسلطات الصحة العامة في دول مختلفة، إلى إعادة تسمية المرض، بحجة أنه ينطوي على «إيحاءات عنصرية ويحمل وصمة عار» ستعيق الجهود المبذولة لوقف انتشاره.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في منتصف يونيو (حزيران)، إن وكالته وافقت، وستعمل مع شركاء، على إعادة تسمية الفيروس، والمرض الذي يسببه، غير أنه لم يحدث أي جديد حتى الآن، ومن المحتمل جداً أن تتعقد تلك العملية.
وعملية إعادة تسمية الفيروسات والأمراض التي تسببها ليس بالأمر السهل، وقد يكون من الصعب العثور على اسم بديل لا يسيء، والشيء الذي يعمل في لغة أو ثقافة ما قد لا يعمل في لغة أو ثقافة أخرى.
ونشر موقع «ذا ستيت» المعني بالصحة، تقريراً في أول أغسطس (آب) الجاري، يرصد العقبات «اللوجستية» التي قد تعيق التخلص من كلمة «جدري القردة».
وفيما يتعلق بالفيروس المسبب للمرض، والذي يحمل الاسم نفسه: «فيروس جدري القردة»، قال التقرير إن الفيروس سيحصل على اسم جديد بحلول يونيو من العام المقبل؛ لكن هذا الاسم الجديد سيظل بالتأكيد يحتوي على كلمة «جدري القردة».
وتقع مسؤولية تسمية أنواع الفيروسات على عاتق اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات، ومن قبيل الصدفة، فإن اللجنة في طور القيام بإصلاح شامل لجعل أسماء الفيروسات متوافقة مع الطريقة التي يتم بها تسمية أشكال الحياة الأخرى.
ومعظم الأنواع الأخرى من البكتيريا مثلاً تحمل أسماء ذات شقين، فمثلاً هناك بكتيريا الأشريكية القولونية، المعروفة باسم «الإي كولاي»، و«جدري القردة» سيظل هو «جدري القردة»، ولكن مع إضافة اسم آخر.
وتعمل حالياً لجنة فرعية داخل اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات، مسؤولة عن أسماء مختلف أنواع فيروسات الجدري، على مراجعة أسماء مختلف الأنواع، وهي بصدد الانتهاء من اقتراح أسماء ذات شقين لجميع فيروسات الجدري.
وفي غضون الشهر أو الشهرين المقبلين، سيتم توزيع الأسماء المقترحة على مجتمع أبحاث فيروس الجدري، للحصول على تعليقات قبل الانتهاء بحلول شهر يونيو المقبل من هذا العمل.
وعند اكتمال هذه العملية، من المحتمل جداً أن يتحول «جدري القردة» إلى «أورثوبوكس جدري القردة»، نسبة إلى عائلة فيروسات «أورثوبوكس» التي تضم فيروسات الجدري.
ويقول كولين ماكينز، وهو نائب مدير معهد «موريدون» للأبحاث في اسكوتلندا، والذي يدرس الفيروسات التي تصيب حيوانات المزارع، ورئيس اللجنة الفرعية لـ«فيروس الجدري» في مقابلة خاصة مع موقع «ذا ستيت»: «هذا بالتأكيد اقتراح الأغلبية في هذه المرحلة».
وأوضح أن اللجنة الفرعية على علم بالاستياء المتزايد من اسم «جدري القردة»، وهو يتعاطف مع المخاوف بشأن وصمة العار، ولا يتأثر بالشكوى القائلة بأن «جدري القردة» تسمية خاطئة، فالقردة ليست المضيف الطبيعي (الخزان) للفيروس، إنها فقط أول حيوان شوهد أنه يعاني من المرض.
لكن الخزان الحقيقي غير معروف، وهناك عدد من أنواع الفيروسات التي تمت تسميتها بطريقة اسم فيروس «جدري القردة» نفسها؛ حيث سميت باسم أول حيوان لوحظ انتشار الفيروس فيه.
علاوة على ذلك، تشعر اللجنة بالقلق من أن إسقاط اسم «جدري القردة» يمكن أن يفصل الأوراق العلمية المستقبلية حول الفيروس والمرض عن أكثر من 50 عاماً من العلوم الموجودة بالفعل في الأدبيات العلمية.
ويقول ماكينز: «لم نتوصل بأي حال من الأحوال إلى قرار نهائي حتى الآن، ولكن بالتأكيد أود أن أقول إن غالبية أعضاء اللجنة كانوا يؤيدون الاحتفاظ باسم (جدري القردة)، من حيث خطر فقدان جميع الأبحاث العلمية والوبائية المبكرة فقط، ومن الواضح أن هذا كثير جداً».
ولا يختلف الوضع كثيراً فيما يتعلق بالمرض الذي يسببه الفيروس، والذي يحمل أيضاً اسم «مرض جدري القردة». وتقع مسؤولية تسمية الأمراض بشكل مباشر ضمن اختصاص منظمة الصحة العالمية، وقطع مدير المنظمة وعداً على نفسه بالعمل على تغيير الاسم.
ولدى منظمة الصحة العالمية بروتوكول لتسمية الأمراض الجديدة، تم اعتماده في عام 2015، وتحتوي الإرشادات على قائمة كبيرة من الممنوعات، مثل عدم تسمية مرض جديد باسم شخص أو مكان أو حيوان.
وتتعلق هذه الإرشادات بتسمية الأمراض الجديدة، واتضح أن إعادة تسمية الأمراض القديمة -مثل «جدري القردة»- هي عملية أكثر صعوبة.
وتقول روزاموند لويس، المسؤولة التقنية لمنظمة الصحة العالمية عن «جدري القردة»، في مقابلة صحافية أجريت معها مؤخراً: «تغيير الاسم بين عشية وضحاها لا يحدث».
وأشارت لويس إلى وجود اعتراضات على اسم «ميرس»، ابن عم «كوفيد»، منذ أن تم التعرف عليه لأول مرة في عام 2012، و«ميرس» هو فيروس الإبل الذي يصيب الناس في شبه الجزيرة العربية، والاسم هو اختصار لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وينتهك الاتفاقية المنصوص عليها الآن في إرشادات منظمة الصحة العالمية، والتي تنص على أن تسمية المرض باسم مكان أمر محظور.
وتضيف لويس: «لا يزال فيروس (كورونا) المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسي، اسمه (ميرس) على الرغم من أنه يشير إلى الشرق الأوسط، والناس لا تفضل هذا الاسم، ونوع (جدري القردة) يقع في الفئة نفسها».
وبحسب تصريحات لسمية سواميناثان، كبيرة العلماء بالمنظمة الأسبوع الماضي، فإنه لا يوجد لـ«جدري القردة» اسم بديل قيد الاستخدام، كما أن المنظمة لم تتلقَّ حتى الآن أي مقترحات لأسماء جديدة.
والمقترحات التي تنتظرها المنظمة هي أسماء يمكن نطقها، ولا تسبب أي إساءة عند ترجمتها إلى لغات أخرى، وقالت سواميناثان إنه كان هناك بعض النقاش حول اسم «مونو بوكس»؛ لكن كلمة «مونو» في الإسبانية تعني «القرد»، وباختصار، ستستغرق العملية وقتاً».


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.