رجل أعمال عربي من إسرائيل يتبنى طالبة متفوقة في غزة

الطالبة المتفوقة مروة عيسى مع والدها تتلقى ورود التهنئة
الطالبة المتفوقة مروة عيسى مع والدها تتلقى ورود التهنئة
TT

رجل أعمال عربي من إسرائيل يتبنى طالبة متفوقة في غزة

الطالبة المتفوقة مروة عيسى مع والدها تتلقى ورود التهنئة
الطالبة المتفوقة مروة عيسى مع والدها تتلقى ورود التهنئة

أعلن رجل الأعمال العربي الإسرائيلي ابن مدينة كفر قاسم، وهبي عمر عيسى القسماوي، أنه قرر تقديم هدية مميزة لابنة غزة التي حصلت على علامة التفوق الأولى على فلسطين في الفرع العلمي، بأن يتكفل بنفقات تعليمها في الجامعة. وقد أثارت خطوته اهتماماً بالغاً ليس في فلسطين فحسب بل أيضاً في إسرائيل، ونشر الخبر في وسائل الإعلام العبرية تحت عنوان: «رجل أعمال إسرائيلي يتبنى طالبة من غزة».
وقال عيسى: «سعدت جداً عندما قرأت خبر تفوق الطالبة مروة عيسى، وعليه قررت أن أدعم مسيرتها التعليمية حتى تحقق كل طموحاتها التي وضعتها نصب عينيها. كان لي حديث مع والدها ومعها، وقد باركت لهما، ولمست كم أن لدى الطالبة طاقات وقدرات كبيرة، رغم الظروف القاسية التي يعيشها سكان غزة». وأضاف: «شعوري لا يوصف بأن أكون داعماً لتعليم طالبة متفوقة ليس باستطاعتها إتمام تعليمها نتيجة واقع اجتماعي واقتصادي مؤلم في غزة».
وكانت الفتاة الغزية قد حصلت على المركز الأول مكرر في الفرع العلمي على مستوى فلسطين بمعدل 99.7 في المائة. وقالت تعقيباً على العرض: «كل الشكر لرجل الأعمال الفلسطيني الداعم لمسيرتي. لا تتصوروا مدى فرحتي. سأبذل كل جهدي لتحقيق الكثير من الطموحات التي وضعتها نصب عيني وللآمال التي يبنيها علي شعبي».
كما أصدرت عائلتها بياناً قالت فيه: «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. افتخاراً واعتزازاً بالطالبة الأولى على فلسطين مروة عيسى من قطاع غزة، تم تقديم مكرمة من الأستاذ القدير وهبي عمر عيسى من كفر قاسم، فقد هاتف الطالبة وأبدى استعداده لما يلزم تعليمها الجامعي، فخراً وشرفاً واعتزازاً بما حصلت عليه من معدل».


مقالات ذات صلة

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

اتهمت بلدية أم الفحم في إسرائيل الأجهزة المكلفة تطبيق القانون، التي يقف على رأسها وزير الأمن إيتمار بن غفير، بالتقصير في محاربة جرائم القتل، وموجة العنف التي تعصف بالمجتمع العربي، واعتبرت أن هذا التقصير هو السبب الرئيسي في استمرار وتفاقم الجريمة. وجاء بيان البلدية بعد مقتل الشاب مهدي حريري البالغ من العمر 19 عاما من سكان أم الفحم، بإطلاق النار عليه على طريق بالقرب من (الطبية)، وهو الحادث الذي أصيب فيه كذلك شاب عشريني من سكان برطعة بجروح بين طفيفة ومتوسطة، وفي ضوء تحريض علني من صحيفة «الصوت اليهودي» التابعة لحزب «القوة اليهودية» الذي يتزعمه بن غفير، على أبناء أم الفحم في قضية الجريمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

اجتمع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في جدة اليوم، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وجرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والتأكيد على مواصلة الجهود المبذولة بما يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، إن حركته ليست جزءاً من أي محور سياسي أو عسكري في المنطقة، بغض النظر عن الاسم والعنوان، في تصريح يناقض فيه تصريحات رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار التي قال فيها إن حركته جزء مهم من المحور الذي تقوده إيران في سوريا ولبنان واليمن. وجاء في تغريدة لأبو مرزوق على حسابه على «تويتر»: «نحن حركة مقاومة إسلامية، ونسعى لعلاقات مع كل القوى الحية في المنطقة والعالم، وليس لنا عداء مع أي مكون، سوى العدو الصهيوني». وأضاف مسؤول مكتب العلاقات الدولية في المكتب السياسي لحركة «حماس»: «نشكر كل من يقف معنا مساعداً ومعيناً، وليس هناك من علاقة مع أي طرف على حساب طرف

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الأمم المتحدة ستحيي الذكرى 75 لنكبة الشعب الفلسطيني لأول مرة، في 15 مايو (أيار) المقبل. كلام عباس جاء خلال إفطار رمضاني أقامه في مقر الرئاسة بمدينة رام الله (وسط)، مساء السبت، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا». وشارك في الإفطار قادة ومسؤولون فلسطينيون، ورجال دين مسلمون ومسيحيون، وعدد من السفراء والقناصل، وعائلات شهداء وأسرى وجرحى. وبحسب «وفا»، طالب عباس «الفلسطينيين في كل مكان بإحياء الذكرى 75 للنكبة، لأنه لأول مرة، لا يتنكرون (الأمم المتحدة) فيها لنكبتنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إزالة الحواجز العسكرية لا تخفض الأسعار في دمشق

شاحنة محملة بالفلفل الأحمر الحار في سوق الجملة بالزبلطاني (الشرق الأوسط)
شاحنة محملة بالفلفل الأحمر الحار في سوق الجملة بالزبلطاني (الشرق الأوسط)
TT

إزالة الحواجز العسكرية لا تخفض الأسعار في دمشق

شاحنة محملة بالفلفل الأحمر الحار في سوق الجملة بالزبلطاني (الشرق الأوسط)
شاحنة محملة بالفلفل الأحمر الحار في سوق الجملة بالزبلطاني (الشرق الأوسط)

بخلاف توقعات مصادر مطلعة في سوريا أن يؤدي قرار إزالة الحواجز العسكرية من الطرقات الرئيسية إلى انخفاض في عموم الأسعار بنسب كبيرة، إلا أن الأسعار استمر ارتفاعها في دمشق بشكل كبير، ما تسبب في تعميق المعاناة المعيشية لأغلبية المواطنين.

سائقو شاحنات يعملون في نقل الخضار والفاكهة اعتبروا أن السبب الأبرز في تواصل هذا الارتفاع هو الرفع الحكومي المستمر لأسعار المحروقات، بالإضافة إلى «الإتاوات» وعمليات ما تسمى «الترفيق» التي تفرضها حواجز الجيش والأمن على السائقين.

وفاجأت الحكومة السورية في 30 أغسطس (آب) المواطنين بتسريب قرار يتضمن «إزالة كل الحواجز على الطرق الرئيسية في مختلف أرجاء سوريا». ونقل موقع «صوت العاصمة» المعارض في اليوم التالي عن «مصادر خاصة» أنّ القرار يتضمن «إزالة جميع الحواجز العسكرية وغير الأمنية من الطرق الرئيسية بين المحافظات والمدن السورية».

اللافت في القرار، أنّه يُلزم «الفرقة الرابعة بإزالة جميع حواجزها القديمة الواقعة على الطرق الرئيسية»، وفق المصادر.

وتنشر الفرقة الرابعة التابعة للجيش الرسمي ويقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، حواجز على كافة الطرقات الواصلة بين المحافظات في المناطق الخاضعة للحكومة السورية، وتحوّلت خلال سنوات الحرب إلى سلطة تتحكم بالحركة التجارية وتؤمن مواردها الخاصة عبر فرض مبالغ كبيرة على سائقي شاحنات نقل البضائع والخضار والفاكهة، لقاء ما تسميه عملية «الترفيق» التي يقوم بها عناصرها لتلك الشاحنات بحجة حمايتها، عدا عن الإتاوات التي تفرضها على السيارات التي تمر على حواجزها.

عتال ينقل صناديق من سوق الجملة إلى سوق نصف الجملة (الشرق الأوسط)

ومع تفاؤل عم الشارع الدمشقي بإمكانية خفض الأسعار بعد إزالة الحواجز، اعتبر الخبير الاقتصادي عامر شهدا، أن القرار بمثابة سد للذرائع التي يسوقها التجار لتبرير رفع الأسعار. وقال في منشور له عبر صفحته على «فيسبوك»، إن القرار سيخفض الأسعار بنسبة 50 في المائة.

شاحنتان في سوق الجملة تعرضان البصل (الشرق الأوسط)

وتم فعليا البدء بتنفيذ القرار، وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أنه أزيل قبل أيام حاجز الفرقة الرابعة من طريق بلدة جديدة عرطوز بريف العاصمة الجنوبي الغربي، المؤدي إلى مدينة دمشق. كما أزال النظام حاجز الأمن السياسي عند مدخل «مساكن برزة» شمال العاصمة، والحاجز المقابل لـ«مصرف سوريا المركزي» في الطريق القادم من شارع بغداد.

وعاينت «الشرق الأوسط» بالفعل إزالة حواجز الفرقة الرابعة من أرياف طرطوس (غرب) وريف حمص الغربي والمناطق الحدودية مع لبنان ومنطقة تلكلخ، بينما تمت إزالة عدد كبير من الحواجز من مناطق حيوية في وسط ومحيط دمشق، مع الإبقاء على حواجز مداخل العاصمة.

وبعكس توقعات خبراء اقتصاديين تواصل ارتفاع الأسعار رغم البدء بإزالة الحواجز، وجاء هذه المرة في ظل سياسة الحكومة الاقتصادية العاجزة عن كبح ارتفاع الأسعار واتساع الفجوة بين الدخل والإنفاق، على شكل أشبه بـ«تسونامي» عنيف، أدى إلى تفاقم الانهيار في الوضع المعيشي لفئات واسعة من السوريين الذين يعيش نحو 90 في المائة منهم تحت خط الفقر.

جولة ميدانية

للوقوف على أسباب استمرار ارتفاع الأسعار، قامت «الشرق الأوسط» بجولة في «سوق الجملة» المخصص لبيع الخضار والفاكهة والمواد الغذائية في منطقة الزبلطاني شمال شرقي دمشق، ورصدت توفر كميات كبيرة من الخضار والفاكهة وكذلك من المواد الغذائية، وحالة ازدحام تشهدها السوق بباعة المفرق لشراء حاجياتهم.

شاحنة محملة بالبندورة وعمليات البيع جارية منها في دمشق (الشرق الأوسط)

وقد بدا الإقبال كثيفا في السوق التي تقسم إلى ثلاثة أقسام، أحدها مخصص لمحال بيع الخضار والفواكه بـ«الجملة»، وآخر لبيع كميات قليلة (صندوق أو صندوقين وحتى 10 من الخضار والفواكه) ويسمى سوق «نصف الجملة»، وثالث لبيع المواد الغذائية الرئيسية، علاوة على شراء الخضار والفاكهة من قبل باعة المفرق.

يقر صاحب محل ضخم مخصص لبيع الخضار والفاكهة بـ«الجملة»، بأن الأسعار «مرتفعة جدا وهي غير منطقية»، لكنه نفى أن يكون السبب في ذلك هو عملية التصدير. ويقول: «تدخل كميات كبيرة بشكل يومي إلى السوق وتباع لمحال (نصف الجملة)، ولباعة المفرق، ولأصحاب مشاغل التصدير، وهي تكفي للجميع وتفوق حاجتهم».

شاحنة محملة بالبطاطا في سوق الجملة (الشرق الأوسط)

ويوضح التاجر أن «الفلاحين يتمسكون بالسعر الذي يطلبونه بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة بشكل كبير، وهم على حق».

وارتفعت أسعار معظم الخضار والفاكهة في أسواق المفرق منذ منتصف أغسطس الماضي، بنسبة تجاوزت 150 في المائة وبعضها 200 في المائة، إذ يصل حاليا سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا ذات الصنف الممتاز (سبونتا) عند باعة المفرق إلى 6 آلاف ليرة بعدما كان بنحو ألفين، ومثلها البندورة، بينما حلق العنب إلى 12 ألفا صعودا من 5 آلاف.

في أسواق المفرق بجنوب وغرب دمشق، بدت حالة الانفلات السعري والفوضى وغياب رقابة الحكومة واضحة، إذ تكشفت أسعار البضائع في «سوق الجملة» لدى باعة المفرق عن فروقات كبيرة بين الجانبين، إذ يبلغ السقف الأعلى لسعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا الممتازة، في الأولى 3600 ليرة، والبندورة 2500، والعنب 8 آلاف.

ارتفاع الوقود

بالنسبة لسائق شاحنة محملة بالباذنجان قادم من محافظة درعا جنوبي سوريا، فإن السبب الرئيسي وراء استمرار ارتفاع الأسعار هو القرارات الحكومية المتواصلة برفع أسعار المحروقات، ويلفت في حديثه لنا أنه أصبح يتقاضى أجرة نقل «الحمل» إلى دمشق مليونا و200 ألف ليرة سورية وهو مبلغ «ضخم»، ويقول: «رفع سعر المازوت والبنزين أهلك الناس لأنه يؤدي إلى رفع أجور النقل، والمواصلات، والري. وأسعار، الخضار، والفاكهة، والحليب، واللبن، والبيض، وبالتالي رفع الأسعار».

شاحنة محملة بالفلفل الأحمر الحار في سوق الجملة بالزبلطاني (الشرق الأوسط)

سائق شاحنة آخر محملة بالفلفل الأحمر الحار قادم من بلدة دير حافر بريف حلب شمال سوريا يوضح لنا أن «الترفيق يرفع الأسعار، لكن غلاء المازوت والبنزين يرفعها بنسب أكبر بكثير» ويضيف «قبل شهرين كان إيجار الحمل مليون ليرة. اليوم 3 ملايين والبعض يطلب 4 والسبب في ذلك هو غلاء المحروقات»، ويوضح أن «الترفيق وإتاوات الحواجز ما بتكلف 200 – 300 ألف. المشكلة بارتفاع أجور النقل».

في القسم المخصص من السوق لبيع المواد الغذائية الرئيسية، بدا المشهد على عكس ما هو عليه في القسم المخصص لبيع الخضار والفاكهة بـ«الجملة»، إذ كانت السوق والمحال خالية إلا من أصحابها والعمال.

«ركود غير طبيعي»، عبارة أجاب بها صاحب محل لبيع البيض على سؤالنا حول مدى إقبال باعة المفرق على الشراء، ويضيف: «الغلاء هو السبب. قبل شهرين كنا نبيع صحن البيض بـ18 ألفا أما اليوم بـ52 ألفا، وكلما ارتفعت الأسعار يتراجع البيع إلى أن وصلنا إلى هذا الحال، لأن معظم الناس مادياتها لا تسمح لها بشراء البيضة بـ2000 ليرة (من البقالية)».

بدوره يصف لنا صاحب محل لبيع السكر والأرز والسمنة والزيوت، الوضع بـ«المبكي» بسبب الركود الحاصل، ويؤكد أن مربحه في كيس السكر (وزن 50 كيلوغراما) لا يتعدى 3 آلاف ليرة، ويقول: «الفواتير موجودة. نشتريه من الشركة بـ642 ألفا ونبيعه لباعة المفرق بـ645 ألفا، أي الكيلو يعود على باعة المفرق بـ12900 ليرة»، ويضيف: «هناك فلتان حاصل في الأسواق. باعة المفرق منهم من يبيع الكيلو بـ14 ألفا وبعضهم 15 وآخرون 16، وقد يصل إلى 17 و18 عند البعض».

بيع البيض في سوق الجملة ويبدو خاليا إلا من العامل (الشرق الأوسط)

ويشير صاحب المحل إلى ارتفاع شبه يومي يحصل في الأسعار والسبب هو التدهور المستمر في سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي (سجل يوم الثلاثاء 13400 في السوق الموازية) والذي يواكبه دائما رفع لأسعار المواد من قبل كبار التجار الذي يحتكرون استيراد هذه المواد وبالتالي يتحكمون بالأسعار.

زيادة رواتب ورفع أسعار

وفي منتصف أغسطس الماضي، صدر مرسوم رئاسي بزيادة الرواتب للعاملين في الدولة بنسبة 100في المائة، لكن الحكومة أتبعته بقرار رفع أسعار المشتقات النفطية بنسبة تصل إلى 300 في المائة، بشكل التهم الزيادة وكامل الراتب، في زيادة متسارعة بنسبة التضخم قدرتها مصادر اقتصادية بـ3000 في المائة في يوليو (تموز) الماضي.

وبات متوسط إنفاق عائلة بالحد الأدنى شهرياً يصل إلى 500 دولار أمريكي، (نحو 7 ملايين ليرة سورية)، في حين أن راتب موظف الدرجة الأولى لدى الحكومة لا يتجاوز 15دولار.

وتلا ذلك رفع جديد لأسعار المحروقات أواخر الشهر نفسه، إذ أصبح سعر ليتر البنزين «أوكتان 95» 14700 ليرة سورية بدلاً من 13500، وليتر المازوت «الحر» 12800 بدلاً من 11550، لتعود الحكومة وتخفض الأسعار بداية سبتمبر (أيلول) الحالي، ليصبح المازوت «الحر» بـ12360 ليرة، والبنزين (أوكتان 95) 14460، لكنها تراجعت عن الخفض الأخير في الـ18 من ذات الشهر ورفعت المازوت «الحر» إلى 13 ألفا والبنزين (أوكتان 95) إلى 14660.


الجيش اللبناني يتبادل إطلاق القنابل الدخانية مع القوات الإسرائيلية

علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)
علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)
TT

الجيش اللبناني يتبادل إطلاق القنابل الدخانية مع القوات الإسرائيلية

علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)
علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)

أعلن الجيش اللبناني اليوم الأربعاء أنه تبادل إطلاق القنابل الدخانية مع القوات الإسرائيلية على الحدود في ثاني حادث من نوعه خلال أسبوع.

وقال الجيش اللبناني في بيان إن القوات الإسرائيلية أطلقت قنابل دخانية على دورية تابعة له «أثناء مواكبة جرافة تعمل على إزالة تعديات أقامها العدو الإسرائيلي شمال خط الانسحاب (الخط الأزرق المتحفظ عليه) في منطقة بسطرة-الجنوب».

وزادت التوترات على الحدود هذا الصيف وشملت إطلاق صواريخ على إسرائيل خلال مواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى جانب احتكاكات بين عناصر من جماعة «حزب الله» اللبنانية أو أنصارها وبين القوات الإسرائيلية.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي ولا قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان على طلبات من «رويترز» للتعليق.

ويعرف الخط الفاصل بين البلدين حاليا باسم الخط الأزرق، وهي حدود رسمتها الأمم المتحدة وتمثل الخط الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000.

وجاء في البيان أن قوات الجيش اللبناني ردت «بإطلاق قنابل دخانية نحو عناصر العدو».

وهذا هو الحادث الثاني من نوعه خلال أسبوع بعد أن تبادلت القوات إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الدخانية بسبب نزاع مماثل على الخط الأزرق.


الرئيس العراقي يؤكد ضرورة فتح تحقيق لمعرفة ملابسات حريق الحمدانية

أشخاص يتجمعون في موقع الحريق بقضاء الحمدانية (أ.ب)
أشخاص يتجمعون في موقع الحريق بقضاء الحمدانية (أ.ب)
TT

الرئيس العراقي يؤكد ضرورة فتح تحقيق لمعرفة ملابسات حريق الحمدانية

أشخاص يتجمعون في موقع الحريق بقضاء الحمدانية (أ.ب)
أشخاص يتجمعون في موقع الحريق بقضاء الحمدانية (أ.ب)

أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، اليوم (الأربعاء)، ضرورة فتح تحقيق لمعرفة ملابسات الحريق الذي اندلع خلال حفل زفاف في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى أمس، وراح فيه عدد كبير من القتلى والجرحى، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وقال على حسابه الرسمي على منصة «إكس»: «ما حصل لأبنائنا في قضاء الحمدانية فاجعة مؤلمة وحادث اعتصر قلوبنا وقلوب كل العراقيين حزناً»، معرباً عن عميق مواساته وتعازيه لذوي الضحايا وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين.

وأضاف: «نؤكد ضرورة فتح تحقيق ومعرفة ملابسات الحادث واتخاذ جميع إجراءات السلامة لمنع تكراره».

ونقلت وكالة الأنباء العراقية، اليوم، عن وزارة الداخلية القول إن التقرير الأوّلي للحريق الذي اندلع أمس، في قضاء الحمدانية يشير إلى أن الحادث ليس جنائياً وإنما سببه «فقدان إجراءات السلامة والأمان».

وقالت الوكالة إن المحافظ نجم الجبوري أعلن الحداد لمدة أسبوع.

مسؤولون يسيرون وسط الحطام في موقع الحريق بمحافظة نينوى (رويترز)

وأعلن الهلال الأحمر العراقي ارتفاع حصيلة قتلى ومصابي حريق نينوى إلى أكثر من 450 شخصاً من بينهم 114 قتيلاً على الأقل.

وكانت وسائل إعلام عراقية قد ذكرت في وقت سابق أن ما لا يقل عن 100 شخص لقوا حتفهم وأُصيب أكثر من 150 في حريق بحفل زفاف في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى، فيما توقعت مصادر محلية ارتفاع عدد الوفيات.

من جهتها، أكدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في تغريدة أنها تشعر بالصدمة والألم بسبب الخسائر الفادحة في الأرواح والإصابات الناجمة عن الحادث الذي وصفته بأنه «مأساة هائلة».

ردود فعل

وأعربت وزارة الخارجية السعودية، اليوم، عن تعازي المملكة ومواساتها لذوي ضحايا حادث الحريق. كما عبّرت الوزارة عن تضامن المملكة مع العراق وشعبه، وعن خالص تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين.

من ناحية أخرى، قالت ألينا رومانوفسكي، سفيرة الولايات المتحدة لدى العراق: «نقف جنباً إلى جنب مع جميع العراقيين في حزنهم على الضحايا والمصابين في مأساة حفل زفاف الحمدانية».

كما أعربت مصر عن تعازيها وتضامنها مع العراق. وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن مصر تُعرب عن خالص تعازيها «وتضامنها مع جمهورية العراق الشقيقة، حكومةً وشعباً، إثر حادث الحريق المروع الذي اندلع بمحافظة نينوى، الذي أسفر عن سقوط مئات الضحايا والمصابين». كما تقدم بالتعازي والمواساة لأسر الضحايا متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.


علاوي لـ «الشرق الأوسط»: اعتقد البكر أن صدام حليفه... فانقلب عليه

الرئيس العراقي في صورة تعود إلى عام 1981 (غيتي)
الرئيس العراقي في صورة تعود إلى عام 1981 (غيتي)
TT

علاوي لـ «الشرق الأوسط»: اعتقد البكر أن صدام حليفه... فانقلب عليه

الرئيس العراقي في صورة تعود إلى عام 1981 (غيتي)
الرئيس العراقي في صورة تعود إلى عام 1981 (غيتي)

تناول رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي، في الحلقة الأخيرة من سلسلة المقابلات التي أجرتها «الشرق الأوسط» معه، قضية صعود صدام حسين إلى سدة السلطة بالعراق وكيف قمع معارضيه داخل حزب «البعث»، وكيف حوّلت السلطة «الشاب المناضل» حاكماً مستبداً بلا شريك أو رقيب.

وقال علاوي إن هناك «سببين رئيسيين» جعلا صدام يتقدم في الحزب ويستولي عليه: «السبب الأول جرأته الفائقة، والثاني وقوف (الرئيس آنذاك) أحمد حسن البكر معه. اعتقد البكر أن صدام حليفه في الجانب المدني من الحزب. لاحقاً شعر صدام بالسيطرة على الحزب فانقلب على البكر».

في 1978 أدمت فأس صدام، علاوي، بعدما دفعته إلى شفير الموت خلال محاولة اغتيال قرب لندن. لكن العداوة لم تمنع علاوي من الاعتراف لخصمه بصفات ومميزات. قال: «حين التقينا للمرة الأولى لم يكن صاحب دور مهم في الحزب. لكنه كان رجلاً يتسم بالشهامة والإرادة القوية ويُعدُّ من مناضلي الحزب والملتزمين بفكره».

روى علاوي قصة عايشها مع وزير الخارجية السابق عبد الكريم الشيخلي عندما أبلغتهما امرأة إنجليزية أن الشرطة السرية ضربت زوجها العراقي في البيت وأخذته معها إلى مكان مجهول، رغم أنه لا يعمل في السياسة. قال إنه سأل صدام عن حادثة خطفه، فرد عليه بالقول: «دكتور، كيف نُرهب الأعداء إذن؟». وعندما قال له علاوي: «أخي أبو عدي، هذا الشخص ليس بعدو، وأنتم أرعبتم شخصاً بريئاً وكذلك أطفاله وزملاءه في العمل وزوجته الأجنبية التي حتماً عندما تذهب لزيارة أهلها في بريطانيا ستحدثهم عما جرى لزوجها، وهذا ليس بالأمر الجيد لسمعة العراق»، نظر صدام نظرة طويلة إلى علاوي وقال: «أخي دكتور إياد... بهكذا قلب رقيق ما تمشي الثورة».


114 قتيلاً وأكثر من 300 مصاب بحريق خلال حفل زفاف في العراق

جنود ومُسعفون يتجمعون لمحاولة إنقاذ ضحايا الحريق بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)
جنود ومُسعفون يتجمعون لمحاولة إنقاذ ضحايا الحريق بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)
TT

114 قتيلاً وأكثر من 300 مصاب بحريق خلال حفل زفاف في العراق

جنود ومُسعفون يتجمعون لمحاولة إنقاذ ضحايا الحريق بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)
جنود ومُسعفون يتجمعون لمحاولة إنقاذ ضحايا الحريق بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)

أعلن «الهلال الأحمر العراقي» ارتفاع حصيلة قتلى ومصابي حريق نينوى إلى أكثر من 450 شخصاً، من بينهم 114 قتيلاً على الأقل.

وكانت وسائل إعلام عراقية قد ذكرت، في وقت سابق، أن ما لا يقل عن 100 شخص لقوا حتفهم، وأُصيب أكثر من 150 في حريق بحفل زفاف في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى، في حين توقعت مصادر محلية ارتفاع عدد الوفيات.

مواطنون يتفقدون الأضرار بعد الحريق الذي شبّ خلال حفل زفاف في قضاء الحمدانية (أ.ف.ب)

وفي مستشفى الحمدانية العام، شاهد مصوّرُ «وكالة الصحافة الفرنسية»، بعد منتصف الليل، سيارات إسعاف تهرع ذهاباً وإياباً لنقل المصابين، في حين تجمَّع أمام المستشفى عشرات الأشخاص، منهم أقرباء للضحايا، وآخرون سكّان جاؤوا للتبرّع بالدم.

ووقف آخرون كذلك أمام شاحنة برّاد تكدّست فيها أكياس سوداء وُضعت فيها جثث القتلى، وفق المصوِّر.

«ألعاب نارية»

تقول السلطات إن «الألعاب النارية» ومواد بناء «شديدة الاشتعال» تقف خلف هذا الحريق الذي التهم قاعة للأعراس حيث تجمّع مئات المدعوين للمشاركة بحفل زفاف في بلدة قرقوش المسيحية الواقعة شرق مدينة الموصل، وتعرف كذلك باسم الحمدانية.

وقال المتحدّث باسم الدفاع المدني العراقي العميد جودت عبد الرحمن إن من بين الضحايا «رجالا ونساء وأطفالا».

وأوضح الدفاع المدني أن «معلومات أولية» تشير إلى أن سبب الحريق هو «استخدام الألعاب النارية أثناء حفل الزفاف»، ما أدّى إلى «إشعال النيران داخل القاعة بادئ الأمر»، ثمّ انتشر «الحريق بسرعة كبيرة».

وأضاف، في بيان، أن القاعة «مغلّفة بألواح الإيكوبوند»؛ وهي مادّة للبناء مكوّنة من الألمنيوم والبلاستيك و«سريعة الاشتعال»، موضحاً أن استخدام هذه الألواح في البناء «مخالف لتعليمات السلامة» المنصوص عليها قانوناً.

ووفق «الدفاع المدني»، فإن «الحريق أدّى إلى انهيار أجزاء من القاعة، نتيجة استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال واطئة الكلفة تتداعى خلال دقائق عند اندلاع النيران».

وتابع «الدفاع المدني» بأن ما فاقم الأمر هو «الانبعاثات الغازية السامّة المصاحبة لاحتراق ألواح الإيكوبوند البلاستيكية السريعة الاشتعال».

وصباح اليوم، كان عناصر شرطة ودفاع مدني يتفقدون صالة الأعراس المحترقة تماماً، والتي تحوّلت إلى هيكل من الحديد المحترق، كما شاهد مصوّر من «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويروي مارتن إدريس البالغ من العمر 19 عاماً الذي يعمل في مطبخ القاعة ونجا من الحادثة: «اعتقدت أن انفجارا حصل في القاعة»، مضيفاً أن «النيران التهمت القاعة».

وتابع الشاب: «حينما دخلت إلى القاعة من جديد رأيت جثث ثلاثة أطفال محترقين»، عاداً أن إجراءات السلامة في المكان «لم تكن كافية».

وبحسب المتحدث باسم الدفاع المدني، فإن ما تسبب بهذا العدد الكبير من الضحايا هو أن «مخارج الطوارئ كانت مغلقة، والمتبقي باب واحد هو الباب الرئيسي لدخول وخروج الضيوف». وأضاف أن «معدات السلامة غير ملائمة وغير كافية للمبنى»، ما فاقم أيضاً من حدة الأعداد.

ومن بين الجرحى رانيا وعد (17 عاماً) التي أصيبت بحرق في يدها، ونُقلت إلى مستشفى الحمدانية مع شقيقتها المصابة أيضاً؛ لتلقّي العلاج.

وقالت الشابة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن العروسين «كانا يرقصان... حين طارت الألعاب النارية إلى السقف واشتعلت القاعة كلها».

وأضافت: «بعد ذلك لم نعد نرى شيئاً، اختنقنا فقط، ولم نعد نعرف كيف نخرج»، مؤكّدة أن عدد المدعوّين إلى حفل الزفاف «كان كبيراً جداً».

وشاهد مصوّرُ «وكالة الصحافة الفرنسية» عناصر الدفاع المدني والشرطة وهم يفتّشون بمساعدة أضواء هواتفهم الجوالة ومصابيح يدوية، أنقاض القاعة المحترقة، وسط ركام الكراسي المعدنية، في حين لم يبق من سقف القاعة إلا هيكلها الحديدي.

«جهود إغاثة»

وعلى أثر المأساة، قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في بيان، إنّه طلب من «وزيري الداخلية والصحة استنفار كلّ الجهود، لإغاثة المتضرّرين جرّاء الحادث المؤسف».

وأعلنت وزارة الصحة بدورها «استنفار دوائر الوزارة في محافظة نينوى، والدوائر المجاورة لها، لإسعاف وعلاج المصابين»، و«إرسال شحنات تعزيزات طبية من بغداد والمحافظات الأخرى».

وأكد مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في وزارة الداخلية سعد معن أنه تمّ «توقيف تسعة أشخاص من العاملين في القاعة كإجراء احترازي وإصدار مذكرات قبض بحقّ أربعة هم المالكون لهذه القاعة»، على أثر هذه الحادثة.

شاب عراقي يعاني من حروق يخضع للعلاج بعد الحريق في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى (د.ب.أ)

والحمدانية، التي تُعرَف أيضاً باسميْ قرقوش وبغديدا، هي بلدة مسيحية يتحدّث سكّانها لهجة حديثة من الآرامية، وقد زارها البابا فرنسيس في مارس (آذار) 2021، خلال جولته التاريخية في العراق.

ولحق دمار كبير هذه البلدة على أيدي تنظيم «داعش»، الذي سيطر على مناطق شاسعة من العراق بين عامي 2014 و2017.

وغادر هذه البلدة غالبية أبنائها عندما وقعت في قبضة تنظيم «داعش»، لكنّهم عادوا إليها تدريجياً منذ أعلن العراق انتصاره على الإرهابيين، وأُعيد إعمارها منذ ذلك الحين.

الوضع «مسيطَر عليه»

من جهتها، أكدت وزارة الصحة أن الوضع مسيطَر عليه في دائرة صحة نينوى، لافتة إلى أن هناك متابعة دقيقة من مركز العمليات في الوزارة لإسعاف المصابين جراء الحريق.

وقال المتحدث باسم الوزارة، سيف البدر، في تصريح صوتي تلقّته «وكالة الأنباء العراقية (واع)»، إنه «بتوجيه مباشر من قِبل وزير الصحة، فإن جميع دوائر الصحة مستنفَرة لتقديم الدعم لدائرة صحة نينوى»، مؤكداً أن «الوضع مسيطَر عليه بحدود دائرة صحة نينوى».

وأضاف أن «الدعم وصل من جميع المحافظات المجاورة وإقليم كردستان إلى دائرة صحة نينوى»، لافتاً إلى أن «هناك متابعة للإسعافات الأولية المقدَّمة للمصابين ووفق نوع الإصابة، حيث إن بعض الحالات تكون بسيطة إلى متوسطة، وأخرى تكون صعبة تُحال إلى المراكز التخصصية».

المكان الذي اندلع فيه الحريق بمحافظة نينوى (رويترز)

وغالباً ما لا يجري الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، ولا سيّما في قطاعي البناء والنقل، كما أن البنى التحتية في هذا البلد متداعية نتيجة عقود من النزاعات، ما يؤدّي مراراً إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.

وفي أبريل (نيسان) 2021، قضى أكثر من 80 شخصاً جراء حريق في مستشفى لمرضى «كوفيد» في بغداد نجم عن انفجار أسطوانات أكسجين.

وبعد ذلك ببضعة أشهر، في يوليو (تمّوز) من العام نفسه، لقي 64 شخصاً حتفهم جرّاء حريق في مستشفى بالناصرية في جنوب العراق اندلع في جناح لمرضى «كوفيد».


البكر للجبوري: نحن أسرى صدام على كرسي الرئاسة


صورة تعود إلى عام 1976 للرئيس أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (غيتي)
صورة تعود إلى عام 1976 للرئيس أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (غيتي)
TT

البكر للجبوري: نحن أسرى صدام على كرسي الرئاسة


صورة تعود إلى عام 1976 للرئيس أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (غيتي)
صورة تعود إلى عام 1976 للرئيس أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين (غيتي)

هل صحيح أن الرئيس أحمد حسن البكر، تحوّل أسيراً لدى نائبه صدام حسين؟ طرحت ذات يوم هذا السؤال على حامد الجبوري الذي تولى، إضافة إلى الحقائب الوزارية، إدارة مكتبي الرجلين. ذات يوم عقد صدام اجتماعاً لكوادر الإعلام وغضب من مداخلة جريئة للجبوري وها هو يروي:

‏عدت إلى مكتبي في وزارة الإعلام. استخدمت الهاتف الخاص للاتصال بالقصر. تحدثت إلى العميد شفيق الدراجي أمين سر مجلس قيادة الثورة مدير مكتب الرئيس البكر. قلت له إنني أريد رؤية الرئيس فوراً، فقال: تفضل.

ذهبت إلى القصر وقلت للدراجي أن يدخلني إلى مكتب الرئيس، فقال: آسف لأن السيّد النائب (صدام) في طريقه إلى القصر ويريد رؤية الرئيس في أمر عاجل. إنه يوشك أن يصل ولا أستطيع جعله ينتظر.

بعد قليل وصل صدام مكفهراً وألقى تحيّة جافة ودخل مكتب الرئيس. بعد وقت قصير سمعنا، من مكتب الدراجي الملاصق، أصوات شجار عنيف بين الرجلين. ‫ثم خرج صدام حانقاً وصفق باب مكتب الرئيس وراءه بعنف.

دخلت إلى مكتب البكر الذي كان جالساً إلى مكتبه يدخّن. كان مدخناً شرهاً لسجائر «كنت». حييته وجلست. سألني عن سبب مجيئي فقلت: أتيت لأقدم استقالتي. استفسر عن السبب، فأجبت: لأنني أشعر بأن كرامتي غير محفوظة وأنا وزير عند أحمد حسن البكر. نهض البكر القصير القامة نسبياً ووقف وراء الكرسي الذي كان يجلس عليه وأشار إلى الكرسي وقال: أبول على هذا الكرسي، كرسي رئاسة الجمهورية التي لا تحفظ حتى كرامة الرئيس. وراح يوجّه كلامه إلى نفسه: آخ أبو هيثم، شلون تقبل تصير رئيس جمهورية، شلون تقبل تدخل بحزبهم؟

أقسم بالله العظيم إنني أقول حرفياً ما جرى. عاد البكر إلى كرسيه وظهرت الدموع في عينيه. أنا لم أتمالك نفسي أيضاً. قال: الاستقالة شيلها من ذهنك. ليس باستطاعتي قبول استقالتك، من يقبل استقالتي أنا. نحن أسرى ولا نملك حق الاستقالة.

صعقني المشهد تماماً. رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر جامع الألقاب الرسمية والحزبية والعسكرية يبكي ويقول: نحن أسرى. أي أنه أسير صدام حسين ولا يجرؤ على الاستقالة. اقترح عليّ أن أذهب سفيراً. أجبته بأنني مصر على الخروج من الحكومة. قال: هذا غير ممكن. سألته عن الحل فقال: أعفيك من وزارة الإعلام وتبقى وزير دولة بلا حقيبة. وهذا ما حدث.


علاوي: صدام كان شاباً شهماً حوّلته السلطة مستبداً بلا شريك أو رقيب

TT

علاوي: صدام كان شاباً شهماً حوّلته السلطة مستبداً بلا شريك أو رقيب


الرئيس العراقي في صورة تعود إلى عام 1981 (غيتي)
الرئيس العراقي في صورة تعود إلى عام 1981 (غيتي)

كان ذلك في عام 1964، ربطت إياد علاوي علاقة صداقة بزميل له اسمه عبد الكريم الشيخلي الذي عاد إلى كلية الطب في بغداد بعد انقطاع طويل بسبب مشاركته في محاولة اغتيال الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم في 1959. ذات يوم جاء شاب نحيل إلى الكلية فتولى الشيخلي تعريف علاوي عليه. اسم الشاب صدام حسين. سيكرر صدام تلك الزيارات وسيسأل علاوي أكثر من مرة «أين أخي التوأم؟». وكان علاوي يجيب بأنه في المحاضرة وسيأتي بعد انتهائها، وكان الاثنان يتبادلان الأحاديث حول فنجان قهوة ثم ينضم إليهما الشيخلي. نشأت صداقة بين الثلاثة وستتكرر اللقاءات وسيقيمون في المعتقل نفسه في 1964، لكن المصائر ستفترق حين يتحوّل صدام لاحقاً سيّد الحزب والبلاد بلا منازع.

رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي خلال حواره مع رئيس التحرير غسان شربل (الشرق الأوسط)

في 1978 أدمت فأس صدام، علاوي، بعدما دفعته إلى شفير الموت. لا تمنع العداوة علاوي من الاعتراف لخصمه بصفات ومميزات. سألته كيف كان صدام في النصف الأول من الستينات، فأجاب: «حين التقينا للمرة الأولى لم يكن صاحب دور مهم في الحزب. لكنه كان رجلاً يتسم بالشهامة والإرادة القوية ويُعدُّ من مناضلي الحزب والملتزمين بفكره». لا يجد صعوبة أيضاً في الاعتراف بأن حكومته أجرت بعد سقوط صدام تحقيقات «ولم تعثر على عقار واحد باسمه بما في ذلك طائرة الرئاسة». يحمّل علاوي الشاب الذي تعرّف عليه في كلية الطب مسؤولية الكوارث والمآسي التي لحقت بالعراق، لكنه لا يُنكر مواصفات تمتع بها وساعدته على الارتقاء في الحزب. السلطة حوّلت الشاب المناضل حاكماً مستبداً بلا شريك أو رقيب.

قسوة صدام

سألت علاوي عن قسوة صدام وسأتركه يروي.

لم أشهد قسوة كقساوة صدام. وبوسعي هنا أن أذكر حادثة مهمة. كان من بين البعثيين شخص من الكرادة اسمه حسين هزبر انشق وعمل مع جناح سوريا لحزب البعث في العراق. في أحد الأيام كنّا أنا ومجموعة من البعثيين جالسين نتعشى في حديقة أحد المطاعم. جاء صدام وسعدون شاكر فرحين ويضحكان، فسألتهما عن السبب. قالا إنهما تصديا لحسين هزبر على الجسر المعلّق وأشبعاه ضرباً بأخمص المسدسات، وأنه نُقل إلى مستشفى لا يعرفان عنوانها. شعرنا بالاستياء وشكّلنا وفداً للذهاب إلى المستشفى لتفقد الرجل والسلام عليه وتبرئة الحزب من تلك الفعلة التي تدل على قساوة ونوع من الغدر. لم أكن في عداد الوفد وعرفت أن المجموعة التي هاجمت الرجل كانت من خمسة أشخاص. كان وحيداً يعبر الجسر فطوقوه وأشبعوه ضرباً.

نائب الرئيس العراقي صدام حسين يلقي كلمة أمام حشد من العرب والأكراد عام 1978 خلال احتفال بعيد النوروز قرب مدينة الموصل شمال العراق (غيتي)

أتذكر حادثاً آخر حصل مع صدام في أواخر الشهر العاشر من عام 1969 بعد عودة «البعث» إلى السلطة. اتصل بي وزير الخارجية آنذاك عبد الكريم الشيخلي وسألني عمّا يشغلني في اليوم التالي، وهو يوم جمعة، فقلت أن ليس لديّ أي التزام. طلب مني أن أزوره في بيته لنشرب القهوة ونذهب بعد ذلك إلى الخارجية، حيث لديه بعض الأوراق للتوقيع عليها، ثم نتوجه إلى نادي الصيد للغداء مع صدام الذي اصطاد عدداً من طيور الدراج. في اليوم التالي ذهبت إلى مكان سكن عبد الكريم الشيخلي. شربنا القهوة وتحدثنا في أمور الحزب والأوضاع، فقال لي إنه أصبح في وادٍ والحزب في وادٍ آخر. قلت له: لا تبتعد عن الحزب فنفوذك يكمن فيه وهناك محاولات لمشاغلتك في الخارجية.

وافقني الرجل وخرجنا إلى ممر البيت وصعدنا في سيارته الحكومية، هو يقودها وأنا إلى جانبه. ما إن خرجنا إلى باب المدخل حتى تبعتنا سيارة «حماية» وفيها مجموعة أفراد. بعد ثلاثين متراً فقط أوقفتنا سيدة كانت تبكي وسط الشارع فترجلنا من السيارة وإذ بها سيدة إنجليزية. خاطبت الوزير قائلة إنها متزوجة من مهندس عراقي مسيحي ولهما طفلان واعتقلته الشرطة السرية وأخذته بعدما ضربته في البيت وهي لا تعرف مكانه. أكدت أن زوجها لا يعمل في السياسة وحائز على الدكتوراه من جامعة مانشستر في بريطانيا.

طلب الوزير رقم هاتفها وسجّله أحد المرافقين، ثم توجهنا إلى الوزارة وتحدث مع مدير الأمن العام عن هذا الشخص. قال الوزير: اعتذروا منه وأعطوه كتاباً وأرسلوه إلى بيته بسيارة حكومية، وقبل ذلك يجب أن يكلّم زوجته فوراً. بعد الوزارة توجهنا إلى نادي الصيد وكان صدام في انتظارنا.

الرئيس العراقي في صورة تعود إلى عام 1981 (غيتي)

في بداية اللقاء كان الشيخلي يحمل معه آلة تصوير قال إنها تأخذ صوراً ملوّنة فورية. سأل صدام عن الكاميرا فقال الوزير إنه اشتراها من نيويورك فطلب منه صدام: «خذ لي وللدكتور صورة». قلت لصدام: «هل تتذكر عندما كنا نُعتقل ويبحث أهلنا عنّا لإيصال الطعام والملابس النظيفة؟». قال: «طبعاً، وأتذكر الأكل اللذيذ من بيتكم وكان مع الأكل شراب الزبيب». أجبته: «إذن أبو عدي كان أهلنا يوصلون الأكل لنا (في المعتقل) ومع هذا قمنا بانقلاب، وإن كان أبيض، لأننا لم نكن راضين عن الحكم». فرد صدام بالموافقة. شرحت له قصة السيدة الإنجليزية وتساءلت كيف يحصل ذلك. نظر صدام إليّ وقال: «دكتور، كيف نُرهب الأعداء إذن؟». أجبته: «أخي أبوعدي، هذا الشخص ليس بعدو، وأنتم أرعبتم شخصاً بريئاً وكذلك أطفاله وزملاءه في العمل وزوجته الأجنبية التي حتماً عندما تذهب لزيارة أهلها في بريطانيا ستحدثهم عما جرى لزوجها، وهذا ليس بالأمر الجيد لسمعة العراق». نظر صدام نظرة طويلة وقال لي: «أخي دكتور إياد... بهكذا قلب رقيق ما تمشي الثورة». أجبته قائلاً: «أخي أبو عدي لقد جرّبنا الأسلوب الدموي عام 1963 وبالأسلوب الدموي لم تنجح الثورة».

وليمة المفاجآت

ويروي علاوي، هنا، قصة وزير الخارجية السابق عبد الكريم الشيخلي، وكيف تخلص نظام صدام منه، فيقول:

قصة إعفاء الشيخلي من منصبه في وزارة الخارجية تستحق أن تُذكر. خطب الشيخلي صبية ليتزوجها. دعاه صدام إلى عشاء مع خطيبته، ودعا أيضاً وزير الداخلية نائب رئيس الجمهورية صالح مهدي عماش وزوجته. خلال العشاء بثّت إذاعة بغداد أن الشيخلي وعمّاش أعفيا من مناصبهما. اتصل بي الشيخلي وسألني هل سمعت الخبر؟ استفسرت منه، فقال: «عندما أردت إيصال خطيبتي إلى بيتها سألني سائقي هل سمعت الخبر؟ فأجبته: أي خبر؟ قال: إعفاؤك من كل مناصبك ومواقعك في الحزب والدولة».

شارك الشيخلي مع صدام في محاولة اغتيال قاسم، التي أصيب فيها صدام بشظية. فرّا من البلاد وتوجها إلى مصر وعاشا هناك في أخوّة ووئام. الشيخلي قومي عروبي وله دالة على الحزب وشغل مواقع متقدمة فيه. أُخضع الشيخلي لاحقاً للإقامة الجبرية وتعمدوا قطع الكهرباء عن منزله بحجة عدم دفع الفواتير. وحين توجّه إلى مقر مؤسسة الكهرباء اغتالوه بالرصاص على مرأى من زوجته. كان ذلك في 1980. للأسف لم يقبل نصيحتي بعدم العودة إلى العراق حين كان خارجه.

الرحلة مع «البعث»

سألت علاوي عن بدء رحلته مع حزب البعث، فاستعاد البدايات.

كان أحد أصدقاء أخي الأكبر صباح واسمه وميض عمر نظمي بعثياً وكان يتحدث معي عن «البعث» كلما يأتي إلينا. كان له الدور الأكبر في توجيهي نحو «البعث» بعد انقلاب يوليو (تموز) 1958 بشهرين من دون علم أسرتي. وقد فاتحت بعض الأصدقاء ممن كنت أعتقد أنهم معادون للفكر الشيوعي وكانت لديّ شكوك في أن بعضهم مع حزب البعث. وفعلاً أخبرني وميض أنه عضو في الحزب، وأعطاني كراريس وكتباً عنه. كنت في الثالثة عشرة وأقترب من الرابعة عشرة، ولهذا قررت العمل مع البعثيين لكنني كنت أخشى أهلي. انتميت إلى «البعث» لمناهضة الفكر الأجنبي، بحسب اعتقادي حينذاك. قررت ذلك من دون علم أحد من أفراد أسرتي.

صدام في صورة مؤرخة عام 1960 بمسقط رأسه في تكريت (غيتي)

في مظاهرة للتحدي عندما أعدم عبد الكريم قاسم كوكبة من الشهداء، في مقدمهم ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري ورفاقهما، تعرّفت على رافع طاقة وأخوة آخرين من الذين كانوا مسؤولين عن المظاهرات التي انطلقت من الأعظمية وأنا واحد من المشاركين فيها. تعالت العواطف ورحت أهتف مع المشاركين: «يا بغداد ثوري ثوري وخلّي قاسم يلحق نوري»، في إشارة إلى مصير نوري السعيد الذي سُحل في شوارع بغداد. لاحقاً وخلال توزيع مناشير معادية للحكم، اعتقلني الانضباط العسكري وأفرج عنّي بعد عشرة أيام، فقد كنت صغيراً. قال لي رئيس المحكمة: اذهب إلى أهلك. امتعضت كثيراً حيث أنني كنت أتطلع إلى أن أسجّل بطولات. شاركت بعدها في اعتصامات طلابية واحتجاجات أدت أيضاً إلى اعتقالي.

على ظهر دبابة

صدام حسين خلال لقاء مع وسائل إعلامية في القصر الرئاسي ببغداد عام 1983 (غيتي)

عندما استولى «البعث» على السلطة في العراق في 8 فبراير (شباط) 1963 بقيادة حازم جواد، كان علاوي نزيل «السجن رقم واحد» الذي كان يضم أيضاً أسماء بارزة، بينها علي صالح السعدي وأحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وحسن النقيب. شعر السجناء بحركة غير عادية في جوار السجن. وصلهم أن تحركاً عسكرياً يجري في بغداد، لكن لم يعرفوا هويته وما إذا كان شيوعياً أو بعثياً. فجأة تبدّل سلوك الحرس وبدأوا التودد إلى السجناء. وفي الثانية عشرة ظهراً اقتحمت ثلاث دبابات السجن وترجّل من إحداها ضابط مسلّح برشاش وأمر بفتح الأبواب واعتقال مدير السجن وإطلاق سراح المعتقلين، وبدا واضحاً أن «البعث» وراء الحركة. «انطلقنا ونحن فرحون وصعدنا على ظهر الدبابات. الدبابة التي صعدت إليها كان يقودها الضابط أنور عبد القادر الحديثي وتحوّل صديقاً لاحقاً. وأعتقد أن عادل عبد المهدي (رئيس الوزراء في مرحلة ما بعد صدام) كان معي على الدبابة نفسها».

في ذلك اليوم سيبرز اسم الطيّار منذر الونداوي الذي شارك في قصف وزراة الدفاع التي تحصّن فيها عبد الكريم قاسم. وفي اليوم التالي سيعدم قاسم في مبنى الإذاعة رافضاً وضع العصابة على عينيه في تحدٍ لمن يستعدون لإعدامه، تماماً كما سيفعل صدام حسين لاحقاً قبيل التفاف الحبل على عنقه. ستشهد بغداد في تلك الأيام صدامات عنيفة. «في ذلك اليوم، كان الحزب الشيوعي يدعو جماهيره للوقوف ضد الثورة، ما حدا بالعسكريين، في مقدمهم عبد الغني الراوي، إلى إذاعة بيان يدعو إلى الوقوف بحزم ضد الشيوعيين. وقد أصدر علي صالح السعدي، وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء، بتأثير من الراوي، البيان رقم 13 الذي يدعو إلى إبادة الشيوعيين الذين يتصدون لثورة 14 رمضان 1963... واستمرت، للأسف، عمليات المواجهة الواسعة غير المبررة مع الشيوعيين وبأسلوب دموي وبشع على مدى تسعة أشهر، وكان وراءها عدد من العسكريين، فضلاً عن ممارسات الحرس القومي بقيادة الونداوي».

ويضيف: «المهم وبصراحة أن (البعث) كفكر وأيديولوجية وسلوك متوازن انتهى عام 1963. كنا قررنا ترك الحزب، لكن ما حصل بعد ذلك العام وما كان السبب في العودة إليه هو الاضطهاد والاعتقال والمطاردة والقمع الذي تعرضنا له في عهد عبد السلام عارف، وقد كنّا شباباً. لذا قررنا العودة إلى العمل الحزبي لكي نهيّئ لانقلاب عسكري يطيح الحكومة».

في السجن مع صدام ورفاقه

في خريف 1964، قرر الحزب القيام بمحاولة انقلابية لاستعادة السلطة التي كان عبد السلام عارف أقصى الحزب عنها. شكّل لهذا الغرض جهازاً سُميّ جهاز «حنين»، وكان صدام حسين وعبد الكريم الشيخلي ومحمد فاضل في قيادته. في مطلع سبتمبر (أيلول) انكشف أمر المحاولة الانقلابية وبدأت اعتقالات وملاحقات استمرت لما بعد شهر أكتوبر (تشرين الأول). شنّت السلطات حملة اعتقالات ومطاردات واسعة وكنت أنا بين من تم اعتقالهم في ذلك الوقت. وكان صدام والشيخلي وصلاح عمر العلي وعماد شبيب وحامد جواد بين الذين اعتقلوا أيضاً.

هرب ص

حسن العامري.. عبد الكريم الشيخلي.. وصدام حسين في السجن العام 1964

دام وعبد الكريم الشيخلي من السجن عبر صيدلية في منطقة السعدون. كانا يعودان عادة من المحكمة إلى المعتقل مخفورين لكنهما في هذا اليوم ادعيا أنهما بحاجة إلى شراء أدوية. دخلا الصيدلية مع بعض الحراس وفرّا عبر مدخل آخر وكانت سيارة في انتظارهما، واختفيا في أوكار حزبية إلى أن أصدر عبد الرحمن البزاز، رئيس وزراء العراق حينذاك، الرجل الشريف، عفواً عنهما وعن غيرهما مما أفاد في تسريع عملية إعادة بناء الحزب وترميمه. وهكذا بدأ التفكير والحديث الأولي عن وسائل وإمكانية تغيير النظام في العراق عن طريق الانقلاب العسكري.

تخرجت من كلية الطب في صيف عام 1970 وغادرت العراق للسكن في لبنان في الشهر العاشر من عام 1971 مصمماً على الاتفاق مع آخرين لتعديل بعض مسارات الحزب من خلال تغيير القيادات وإعادة الحزب إلى وضعه الحقيقي. وكانت أسباب تركي العمل الحزبي كثيرة، أبرزها البدء بإلغاء الحريات داخل الحزب وخارجه، وكذلك التضييق الذي حصل ضدي وضد آخرين بسبب عدم قناعتي بما كان يحصل ورفضي الإجراءات التي اعتمدت للانفراد بالقرار، ما أدى إلى احتقان شديد مع بعض القادة، وفي مقدمهم صدام حسين التكريتي.

حين يغضب السيد النائب

يتابع علاوي: «كان الجفاء واضحاً خلال مكالمة هاتفية مع صدام بعد إعفاء الشيخلي وعماش من مواقعهما وقبول استقالة سمير نجم من قيادة الحزب. كلّمني صدام وأنا في كلية الطب، وكانت مكالمة مشحونة. أراد مني أن أتكلم ضد الشيخلي. وكنت اعترضت على ما جرى من تعليق للنظام الداخلي للحزب على إثر إبعاد الشيخلي وعماش اللذين كانا عضوين في القيادة القومية والقيادة القطرية وفي مجلس قيادة الثورة، وكذلك سمير نجم، وما رافق ذلك من توتر. أدى كل ذلك الشحن السياسي إلى أن يقوم بعض الأخوة في الحزب بنصيحتي بالسفر للتخصص. غادرت إلى لبنان ومنه إلى لندن».

كان بين الذين نصحوا علاوي بالمغادرة صديق له اسمه ناظم كزار، وهو عضو شهير في ما يُعرف بـ«نادي القساة»، خصوصاً حين تولى منصب مدير الأمن العام وحين حاول في 1973 اغتيال أحمد حسن البكر وصدّام حسين معاً في مطار بغداد احتجاجاً على ما عدّوه خروجاً على النهج الأساسي للحزب وسيطرة «فريق تكريت» على الحزب والدولة. تأخرت طائرة البكر في الوصول فتوهّم المتآمرون أن الخطة انكشفت. فرّ كزار مع رهائنه في اتجاه الحدود مع إيران لكن الجيش طارده واعتقله وتمت تصفيته سريعاً.

يقول علاوي: أُعدم كزار سريعاً. أطلقت النار على رأسه من الخلف. لم يستطع أحد أن يواجهه رغم أنه كان معتقلاً. إنه أكثر الرجال الذي التقيتهم جرأة. لا يعرف شيئاً اسمه الخوف. عملنا معاً في مكتب الطلبة في الحزب. جرأة بلا حدود والتزام مطلق بأهداف الحزب. كان عنيفاً مثل صدام. عنيف وقوي ونزيه. لا غبار أبداً على نزاهته. ذات يوم قال لي إن شقيقته تستعد لولادة صعبة ولا يملك المال اللازم لإدخالها إلى المستشفى. كان مديراً للأمن العام وأنا كنت طالباً في كلية الطب. سألته: «أليس لديك المبلغ اللازم؟»، فأجاب: «لا، والله». اتصلت بالأستاذ كمال السامرائي، وهو كان أستاذنا في الكلية ولديه مستشفى خاص اسمه «مستشفى السامرائي» وأبلغته بالأمر، فسألني: «هل يُعقل ألا يكون لديه المال؟». أجبته: «والله ليس لديه، أنا أعرف أنه رجل نزيه ولا يمد يده إلى مال ليس له». أدخلها السامرائي إلى المستشفى وأجرى لها الولادة ولم يأخذ منها مالاً. يمكن القول إن صدام وكزار أعنف رجلين عرفهما العراق لكن لم يكن المال موضع اهتمامهما.

عبد الكريم الشيخلي

سألت علاوي عما نُسج من روايات حول دور كزار في عمليات تعذيب رهيبة شهدها «قصر النهاية»، فأجاب: السمعة التي لطّخ بها ناظم كزار سمعة رهيبة. أنا سألت شيوعيين عن الأنباء عن ضلوع كزار شخصياً في عمليات تعذيب فلم أحصل على جواب مباشر. سألت عزيز محمد وعامر عبد الله وفخري كريم وهم كانوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، فلم يتحدثوا عن معاينتهم دوراً شخصياً له. طبعاً كان ناظم معروفاً بلجوئه إلى العنف، مثل صدام.

مساء 16 يوليو (تموز) 1968، عاد إياد علاوي إلى العراق من لبنان منهكاً وحزيناً بعدما وارى والدته هناك. عرف ليلاً أن نهار الغد سيشهد محاولة انقلابية، فانضم إلى المشاركين فيها. في 17 يوليو، استسلم الرئيس عبد السلام عارف لقدره بعدما تأكد أن قائد الحرس الجمهوري عبد الرحمن الداود ونائب رئيس الاستخبارات العسكرية عبد الرزاق نايف اتفقا مع «البعث» على إطاحته.

قرأ صدام تجربة انتكاسة «البعث» في 1963، اتخذ قراراً بعدم الاطمئنان إلى العسكريين، وكذلك بعدم السماح بقيام تكتلات داخل الحزب. اختار الإقامة تحت عباءة «الأب القائد» أحمد حسن البكر، بانتظار استكمال إخضاع الحزب والجيش. تخلّص تباعاً من كل معترض أو معارض ومن كل من يزعم أنه شريك. زار ذات يوم منزل علاوي وعرض عليه منصب سفير العراق في بيروت، لكن الأخير اعتذر متذرعاً بالرغبة في استكمال تخصصه في مجال الطب.

غادر علاوي إلى لبنان ومنه إلى بريطانيا. في 1975 قطع علاقته تماماً مع الحزب واختار العمل من أجل تغيير النظام. نجا في 1978 من محاولة لاغتياله ونجا بعد سقوط نظام صدام عام 2003 وعودته إلى بغداد من محاولات لاغتياله، بينها تفجير رتبه تنظيم «القاعدة».

ختام الجلسة

سألت علاوي في ختام الجلسة عن السبب الذي جعل صدام يتقدم في الحزب ويستولي عليه، فأجاب: «سببان رئيسيان: السبب الأول جرأته الفائقة، والثاني وقوف أحمد حسن البكر معه. اعتقد البكر أن صدام حليفه في الجانب المدني من الحزب. لاحقاً شعر صدام بالسيطرة على الحزب فانقلب على البكر. حذّرنا الجميع باكراً، لكن ما حدث قد حدث. انزلاق صدام إلى الاعتماد على العنصر العائلي والتكريتي بدأ بعد شهرين من عودة (البعث) إلى السلطة».

قصة علاوي مهمة وطويلة وشائكة ولا تتسع لها حفنة صفحات. روايته تسلط الضوء على بعض ملامح تلك المرحلة خصوصاً أنه كان على علاقة مباشرة بأبرز اللاعبين في «نادي القساة».


الحكومة الأسترالية تنفي «وجود ترتيب» لإعادة النساء والأطفال من المخيمات السورية

أطفال في مخيم روج (الشرق الأوسط)
أطفال في مخيم روج (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة الأسترالية تنفي «وجود ترتيب» لإعادة النساء والأطفال من المخيمات السورية

أطفال في مخيم روج (الشرق الأوسط)
أطفال في مخيم روج (الشرق الأوسط)

أبلغت الحكومة الأسترالية المحكمة الاتحادية أنه «لا يوجد ترتيب» لإعادة النساء والأطفال الأستراليين (عائلات «داعش») من معسكرات الاحتجاز السورية، رغم المراسلات الرسمية التي أشارت إلى «خطة لإعادة مجموعات أخرى من النساء والأطفال إلى وطنهم»، بحسب تقرير لـ«الغارديان» البريطانية. وقال التقرير إن «منظمة إنقاذ الطفولة» في أستراليا تعمل كوصي على 11 امرأة أسترالية و20 من أطفالهن المحتجزين حالياً في معسكرات شمال شرقي سوريا. وجادلت «منظمة إنقاذ الطفولة» أمام المحكمة، بحسب الصحيفة، بأن أستراليا تسيطر بحكم الأمر الواقع على موضوع احتجاز الأستراليين، مشيرة إلى بعثات الترحيل الناجحة السابقة التي قامت بها لنساء وأطفال من المخيمات السورية، وموافقة السلطات في سوريا على إعادة الأستراليين. والأستراليون المعنيون هم زوجات وأرامل وأطفال القتلى أو المسجونين من مقاتلي «تنظيم داعش»، ومعظمهم محتجزون في معسكر «روج» البائس شمال شرقي سوريا منذ 4 سنوات. ولم توجه أي تهمة إلى أي امرأة، لكن بعض النساء قد يواجهن تهماً عند إعادتهن إلى أستراليا.

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز في مؤتمر صحافي أمس (أ.ب)

وقد وُلد كثير من الأطفال في المخيم، ولا يعرفون أي حياة خارجه. ويقول «الصليب الأحمر» إن ظروف المعيشة «رهيبة»، وإن الأمراض وسوء التغذية سائدان، وإن الحالة الأمنية «شديدة التقلب». ونقل تقرير «الغارديان» عن بيتر موريسي، من منظمة إنقاذ الطفولة، أمام المحكمة، صباح الثلاثاء، إن «أوضاع الأستراليين قاسية ومريعة». وقال إن النساء والأطفال يُحتجزون في «ظروف مروعة ويُرثى لها، وصحتهم وسلامتهم وكرامتهم تتعرض لمخاطر شديدة».

وفي اليوم الأول من جلسة الاستماع أمام القاضي مارك موشينسكي في المحكمة الاتحادية في ملبورن، استمع المسؤولون في وزارة الدفاع وأدميرال بحري إلى دور أستراليا المستمر في سوريا كجزء من تحالف مشترك ضد «تنظيم داعش»، وسيطرة أستراليا أو نفوذها على الاحتجاز المستمر للأستراليين. واستُشهد في الأدلة بمذكرة خطية كتبها مارك إينز براون، السفير الأسترالي، باعتباره «مبعوثاً خاصاً» مُكلفاً الاتصال بالسلطة المسؤولة عن إعادة اللاجئين من شمال شرقي سوريا، وهي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

وفي المذكرة الموجهة إلى كبار المسؤولين الحكوميين، التي أرسلت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، أي بعد أسبوعين من آخر عملية لإعادة الأستراليين من مخيم روج إلى وطنهم، كتب إينز براون قائلاً إنه ناقش مع مسؤولي العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا خطة إعادة مجموعات أخرى من النساء والأطفال. ولم يُستدعَ إينز براون للإدلاء بشهادته في هذه القضية.

الحياة اليومية في مخيم الهول بريف الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

وذكرت تقارير من الكومنولث أن النساء والأطفال الأستراليين المحتجزين في مخيم روج في شمال سوريا «ذهبوا إلى البلاد بمحض إرادتهم»، وأن أستراليا لم تسلم النساء والأطفال إلى «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا». وجادلت الحكومة، بحسب تقرير لـ«الغارديان»، بأنه «لا يوجد ترتيب قائم» لإطلاق سراح الأستراليين وعودتهم إلى أستراليا. ومع ذلك، توافق الحكومة على أنه إذا طلبت من «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، المتمثلة بـ«قوات سوريا الديمقراطية»، إطلاق سراح الأستراليين المحتجزين لديها، «فمن المرجح أن تقول الإدارة الذاتية نعم». وكانت أستراليا قد نظمت بعثتين لإعادة اللاجئين من المخيمات في شمال شرقي سوريا. ففي عام 2019، أعيد 8 أطفال يتامى، من بينهم مراهقة حامل، إلى نيو ساوث ويلز من المخيمات. ثم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعيد 4 نساء و13 طفلاً إلى نيو ساوث ويلز أيضاً.


«قوات سوريا الديمقراطية» تحبط تسللاً لعناصر «الدفاع الوطني» في شرق سوريا

عربات أميركية من طراز «برادلي» وجندي أميركي خلال دورية في مناطق ريف دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عربات أميركية من طراز «برادلي» وجندي أميركي خلال دورية في مناطق ريف دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تحبط تسللاً لعناصر «الدفاع الوطني» في شرق سوريا

عربات أميركية من طراز «برادلي» وجندي أميركي خلال دورية في مناطق ريف دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عربات أميركية من طراز «برادلي» وجندي أميركي خلال دورية في مناطق ريف دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، إحباط عملية تسلل نفذتها ميليشيات «الدفاع الوطني» وعناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للقوات النظامية شرق سوريا، ودارت اشتباكات في بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي ليل الاثنين - الثلاثاء، رافقها قصف مدفعي عنيف، وتغطية نارية للقوات النظامية المتمركزة في مدينة الميادين على الضفة الغربية لنهر الفرات، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل 24 عسكرياً، وجرح 31 من الجانبين، وسقوط مدني ينحدر من ذيبان.

وقال مدير المركز الإعلامي لقوات «قسد» فرهاد شامي، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن القوات «تمكنت من طرد عناصر النظام وميليشياتها خلال ساعات مساء الاثنين، بعد تسللهم إلى بلدة ذيبان تحت غطاء من القصف المدفعي من مدينة الميادين بالضفة الغربية»، منوهاً إلى أن المسلحين «استخدموا منازل المدنيين وجوامع البلدة تحصينات للاشتباك والتخفي».

وحمّل المسؤول العسكري قوات النظام مسؤولية إسناد المتسللين والتمهيد للهجوم بقصف مدفعي وإطلاق قذائف «الهاون» واستخدام الأسلحة الثقيلة. وتابع أنه قد «سقط عدد كبير من القذائف على منازل المدنيين وسوق المدينة، استُشهد خلالها مدني، وأُصيب عدد آخر بجروح، بينما تعرضت المؤسسات الخدمية إلى النهب والسلب من قبل المرتزقة المتسللين».

مقاتلون من قوات (قسد) خلال عملية أمنية في ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - حصرية)

وكشف حصيلة الاشتباكات بين الطرفين، التي أسفرت عن مقتل 20 عنصراً من قوات النظام، وجرح 31 آخرين نُقلوا إلى مستشفيات الميادين ومدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة الحكومة. وأضاف شامي: «استُشهد 4 من مقاتلينا خلال التصدي للهجوم الإرهابي».

في هذه الأثناء، أقدم عناصر من «قسد»، الثلاثاء، على اعتقال سيدتين على أحد الحواجز العسكرية على دوار المدينة الصناعية في أثناء عودتهن من مشفى بلدة الكسرة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». كما جرى اعتقال شخصين آخرين من سكان بلدة العزبة، وذلك بعد تفتيش جوالاتهم، والعثور على صور لأشخاص ينتمون لمجلس دير الزور العسكري. يشار بأن النساء مهجرات من بلدة خشام، ويقطنّ في بلدة العزبة في ريف دير الزور الشمالي.

وفي 24 سبتمبر (أيلول) الحالي، نفذت وحدات أمنية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» حملة مداهمات واعتقالات في بلدة أبو حردوب شرق دير الزور، واعتقلت عدداً من الأشخاص بتهمة المشاركة بأعمال تخريبية، إبان الأحداث بين مسلحين محليين و«قسد». كما شنت حملة اعتقالات أخرى بالحريجية بريف دير الزور الشمالي لليوم الثاني.

يذكر أن هذه المواجهات تأتي بعد 3 أسابيع من اشتباكات مماثلة دارت على مدار 10 أيام في مناطق عدة بريف دير الزور في شرق سوريا، بين قوات «قسد» وهي تحالف بين وحدات كردية وعربية مدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وعناصر انسحبوا من مجلس دير الزور العسكري ومقاتلين ينتمون إلى عشائر عربية.

وأعلنت قوات «قسد» حظراً للتجوال في عدد من مناطق ريف دير الزور الخاضعة لنفوذها بعد تجدد المواجهات، شملت بلدات ذيبان والسوسة والشعفة وهجين والباغوز المحاذية للحدود العراقية السورية.

وأوضح فرهاد شامي مدير المكتب الإعلامي، أن القوات اتخذت سلسلة من الإجراءات الأمنية، حيث نشرت المزيد من النقاط العسكرية وحواجز التفتيش، وتسيير دوريات راجلة، «لفرض الأمن والاستقرار بالمنطقة وحماية انتقال المدنيين النازحين للقرى المجاورة وضمان سلامتهم، ومنع المسلحين من إقحامهم في هجومهم الإرهابي».

عربات أميركية من طراز «برادلي» خلال دورية في ريف دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)

ويشكل نهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، والغنية بحقول النفط والغاز والطاقة؛ نقطة تماسٍ وحدود عسكرية تفصل المناطق الخاضعة لقوات «قسد» الواقعة بجهتيها الشرقية والشمالية، عن تلك المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية في الجهتين الغربية والجنوبية، وتنتشر فيها ميليشيات إيرانية ولبنانية وعراقية تدعم قوات حكومة دمشق.

وشدد شامي في حديثه على أن كل مناطق ريف دير الزور الشرقي «تحت سيطرة قواتنا بالتعاون مع العشائر العربية وأهالي المنطقة»، وأن «قسد» استخدمت الحزم بالقدر اللازم للتصدي لهجمات عناصر النظام وتقويض محاولاتهم في ضرب الأمن والاستقرار.

يذكر أن القائد العام لقوات «قسد» مظلوم عبدي أصدر عفواً عاماً أفرج بموجبه عن مئات المسلحين المحليين، بوساطة شيوخ العشائر الذين شاركوا في المواجهات المسلحة نهاية الشهر الماضي، لكن العفو استثنى المقاتلين المرتبطين بالحكومة السورية والذين انضموا إلى مسلحي العشائر، وألقي القبض عليهم في مناطق سيطرة «قسد».


حواجز الفرقة الرابعة في مرمى نيران المهربين قرب الحدود السورية اللبنانية

الحدود اللبنانية السورية (الوكالة المركزية)
الحدود اللبنانية السورية (الوكالة المركزية)
TT

حواجز الفرقة الرابعة في مرمى نيران المهربين قرب الحدود السورية اللبنانية

الحدود اللبنانية السورية (الوكالة المركزية)
الحدود اللبنانية السورية (الوكالة المركزية)

تصاعد التوتر في منطقة القلمون الغربي قريباً من الحدود السورية اللبنانية، بعد استهداف دورية للأمن العسكري ومقتل 3 عناصر منها في بلدة فليطة، صباح الثلاثاء، وذلك بعد أقل من يوم على هجوم شنه مسلحون على حاجز تابع للفرقة الرابعة في بلدة الجبة في القلمون الغربي، أسفر عن مقتل 4 من عناصر الحاجز، وإصابة آخرين.

وبلدة الجبة، التي لا تزال تشهد استنفاراً أمنياً وتعزيزاً للحواجز على مداخلها، هي من بلدات القلمون الغربي (9 كم عن الحدود اللبنانية)، ويستغل المهربون طرقها الجبلية الوعرة لممارسة نشاطهم من لبنان وإليه، مع الإشارة إلى ميليشيا «حزب الله» اللبناني التي تتشارك مع القوات الحكومية السيطرة على القلمون الغربي منذ عام 2015 بعد معارك عنيفة مكنتها من استعادة السيطرة عليها، وإخلائها من المعارضة المسلحة.

وأفاد ناشطون، الاثنين، بمقتل 4 عناصر وإصابة آخرين في هجوم على حاجز للفرقة الرابعة في بلدة الجبة، فجراً، لتشهد بعدها مناطق القلمون الغربي حالة استنفار أمني نشرت معه دوريات سيارة تتبع الفرقة الرابعة والأمن العسكري، مع تعزيز النقاط العسكرية والحواجز، في قرى عسال الورد والجبة ورأس المعرة والطرق باتجاه الحدود، بالتزامن مع تحليق للطيران المروحي التابع للقوات الحكومية.

بلدة الفليطة (صفحة نبض القلمون)

إلا أن ذلك لم يمنع استهداف مسلحين سيارة دفع رباعي مزودة برشاش متوسط تابعة لفرع الأمن العسكري في جرود بلدة فليطة بريف دمشق، بالقرب من الحدود السورية اللبنانية، الثلاثاء، ما أدى لمقتل 3 عناصر كانوا يستقلونها، وفق ما أفاد به موقع «صوت العاصمة».

ورجحت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون المسلحون المهاجمون من المهربين الناشطين في المنطقة، وهم معروفون لقوات النظام؛ لأنهم يعلمون لصالح شبكات لها صلات بجهات نافذة في الحكومة. وأضافت المصادر أن هذه الحوادث والاشتباكات باتت «اعتيادية»، كلما صدرت أوامر من دمشق لاعتبارات سياسية بالحد من عمليات التهريب بين فترة وأخرى، أو كلما وقع خلاف على مبالغ الإتاوات، وتأجير طرق التهريب.

وتتعرض دمشق لاتهامات دولية وإقليمية بالضلوع بتسهيل عمليات تصنيع وتهريب المخدرات إلى الدول المجاورة. وفرضت الإدارة الأميركية هذا العام تطبيق قانون عقوبات جديد على دمشق، يهدف إلى «تعطيل وتفكيك شبكات إنتاج المخدرات المرتبطة بالرئيس السوري الذي حوّل سوريا إلى مكان مجهز بالكامل لصناعة المخدرات، وترتيبها وتجهيزها للتصدير، ثم إيصالها إلى شبكات التهريب وبيعها خارج البلاد»، وفق نص القانون.

بلدة بلودان أبرز المصايف السورية قرب الحدود اللبنانية (ويكيبيديا)

وتشهد المناطق الحدودية مع لبنان استنفاراً أمنياً منذ أسبوع في منطقة رنكوس شمال ريف دمشق، وفق مصادر محلية أفادت بقيام مجهولين، قبل أسبوع، باغتيال ضابط في الأمن العسكري السوري، وكذلك تعرض حاجز للفرقة الرابعة و«حزب الله» في منطقة سهل مضايا قرب الحدود مع لبنان، الأسبوع الماضي، لإطلاق نار من مجهولين، وأضافت المصادر أن الشهر الماضي شهد أيضاً هجوماً مماثلاً في ريف حمص الغربي، وهجوماً آخر في القلمون الغربي.

مظاهرة لأهالي حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب ضد الحصار المفروض من قِبل الفرقة الرابعة (الشرق الأوسط)

وتجند الفرقة الرابعة أبناء المنطقة والسوريين لنشرهم على الحواجز مقابل راتب شهري يبلغ نحو 20 دولاراً أميركياً مع منحهم صلاحيات تحصيل إتاوات لزيادة الدخل.

وينشط المهربون في المنطقة بمجالات عدة، أبرزها المخدرات التي تأتي موادها عبر لبنان لتصنع في سوريا، ثم تسلك طريقها نحو دول الجوار أو البحر، وينشطون أيضاً بتهريب البشر والمواشي والمنتجات الزراعية من سوريا إلى لبنان، و(الدخان والمواد الغذائية المستوردة والطحين والوقود) من لبنان إلى سوريا.

أمراء الحرب

يعد هذا النشاط الاقتصادي غير الشرعي، مصدر دخل أساسياً لأمراء الحرب في منطقة القلمون، وأيضاً مورد رزق للمنطقة عموماً، في ظل التدهور الاقتصادي والمعيشي العام، وفق مصادر محلية أشارت إلى أن «تضييق الفرقة الرابعة وقوات النظام على المهربين يخنق المنطقة، ويرفع وتيرة الاحتقان الشعبي تجاهها مع الأجهزة الأمنية».

تحذيرات السويداء من المخدرات

ومع تواصل الاحتجاجات في محافظة السويداء لليوم الثامن والثلاثين على التوالي، ازدادت تحذيرات مشيخة العقل من خطر تصنيع وتجارة المخدرات على المجتمع السوري ودول الجوار، وقال الشيخ حكمت الهجري في تصريحات إعلامية وبعد اتصال هاتفي تلقاه من نائبة في البرلمان الأوروبي، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية كاترين لانغزيبن: «هناك خطر كبير يتربص بالمجتمع السوري، وهو انتشار المخدرات التي تصنّعها في مناطقنا ميليشيات أجنبية إرهابية».

صورة نشرها موقع القوات المسلحة الأردنية تظهر ما قال إنها إحدى طائرتين مسيرتين تحملان مخدرات حلقتا فوق الأراضي الأردنية من سوريا في 26 سبتمبر

ووصف الشيخ حكمت هذا الخطر بأنه حقيقي وعابر للحدود، وشدد على أن أهالي الجنوب السوري «أبرياء مما تفعله العصابات التي تقوم بتصنيع وتهريب المخدرات، وتستهدف الأمن والسلم الإقليمي والدولي».

كما أعلن الشيخ حمود الحناوي الذي يدعم مع الشيخ الهجري الحراك الشعبي في السويداء أن «المخدرات لا تبني وطناً... لا بارك الله فيها، ولا من يصنعها أو يتاجر بها أو يتعاطاها».