مع الاقتحام الثاني للمنطقة الخضراء خلال 72 ساعة، يهدف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، للتحكم بمرحلة انتقالية تنهي المعادلة السياسية القائمة، لكنها قد تعجل بالمواجهة الميدانية نتيجة الممانعة المتوقعة من «الإطار التنسيقي».
واقتحم المئات من أنصار الصدر، اليوم السبت، المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، بعدما أزالوا الحواجز الخرسانية، فيما رافقتهم قيادات ميدانية وسياسية من التيار الصدري، وقد يطول بقاؤهم هناك، حسب مقربين من مكتب الصدر.
https://twitter.com/RaulPintilie/status/1553354761562374144?s=20&t=rajTYu1K0RrEs_yZ-6V87A
وحسب تحركات المحتجين، فإن قسماً منهم توجه إلى مقر مجلس القضاء العراقي لمحاصرته، وهو أحد الأهداف التي يريد الصدر التخلص منها للتحكم بالمرحلة الانتقالية. وبات من الواضح أن الصدر يحمل رئيس السلطة القضائية مسؤولية عرقلة مشروع حكومة الأغلبية بتفعيل الثلث المعطل، وإطلاق سلسلة من الفتاوى القانونية لتحجيم صلاحيات حكومة الكاظمي.
يقول مقربون من الصدر، إن «حل مجلس القضاء مطلب أساسي»، وهذا التصعيد يفتح الباب لمراجعة الحراك الاحتجاجي على أنه «انقلاب» على معادلة القوى، للاستحواذ على النظام، وفرض تغييرات جذرية عليه.
وليس من المتوقع أن يتوقف حراك الصدريين دون أن يحقق زعيم التيار أهدافه الأساسية، «وقف العمل بالدستور العراقي، وتشكيل حكومة تستثني من يسميهم الصدر بالفاسدين، إلى جانب الإطاحة برئيس مجلس القضاء، فائق زيدان»؛ على مدى يومين كان الصدريون أكثر وضوحاً في إعلان نياتهم.
في العموم، فإن المسار الذي يعمل الصدر على تثبيته سيبدو جريئاً ومغامراً، نظراً لطبيعة نظام القوى في العراق، القائم على شبكة مركبة من المصالح المتقاطعة، والنجاح في تجاوزها سيكون بمثابة انقلاب، من خلال إعادة رسم خريطة شيعية جديدة يحتكرها الصدر بمفرده.
وفي هذا التوقيت بالذات، فإن مسار الصدر سيحظى بتأييد فعاليات سياسية وشعبية لا تجد حلاً للأزمة السياسية منذ انتخابات تشرين الثاني الماضي سوى باختراق على طريقة الصدر، لكن نجاح هذا المسار يعتمد على طبيعة رد فعل «الإطار» والفصائل المسلحة الموالية لإيران.
سياسياً، يبدو أن الإطار التنسيقي عاجز تماماً على تشكيل حكومة يمكنها الصمود أمام الصدر، كما أن المناورة بمرشحين مقبولين لم يعد ممكناً الآن بعد أن أظهر الصدر قدرة على الإمساك بالشارع، وبعد أن بات واضحاً أن الصدر يريد حكومة لا يشكلها «الإطار».
وقد يدفع هذا العجز الإطار التنسيقي إلى ترك الأمور بيد قادة الفصائل لخوض مواجهة صريحة مع الصدر، وهذا السيناريو إن حدث سيكتب فصلاً طويلاً من النزاع الشيعي إلى أمد غير معلوم.
ويتبنى جزء من الإطار التنسيقي التصعيد ضد الصدر حتى لو اضطر الأمر إلى حمل السلاح ضده، ذلك أن قادة فصائل يرون أن خطواته تستهدف مشروعهم في تعظيم نفوذهم المالي والعسكري في العراق، غير أن قراراً مثل هذا لن يتخذه أحد من حلفاء إيران دون موافقتها.
وتلعب إيران، في هذه اللحظة المفصلية، دوراً أساسياً، فيما إذا أرادت فعلاً دعم حلفائها بإعلان المواجهة مع الصدر، وفتح جبهة مفتوحة وسط العراق وجنوبه، لكن من الواضح أن الدخول السلس لأنصار الصدر المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان يعكس حذراً شديداً من إشعال المواجهة.
https://twitter.com/IpIndependent/status/1553336871509540864?s=20&t=GX5Fs8HxOdJ3dxfjmMTHuw
الخلاصة، أن الصدر يحاول استغلال حالة الإنهاك التي يمر بها الإطار التنسيقي ليفرض عليه واقعاً جديداً، وفي حال استمر إمساكه بالشارع وخنقه للمؤسسات التشريعية والقضائية، فإن هذا الانقلاب سينفذ بإجراء تغييرات قاسية داخل النظام.