مع دخول الحرب الأوكرانية شهرها السادس، وإعلان القوات الأوكرانية بدء هجومها المضاد لاستعادة الأراضي التي احتلتها روسيا في بداية «عمليتها» العسكرية، بدا أن المعطيات العسكرية والسياسية، الأميركية والغربية، تؤكد أن روسيا تواجه صعوبات جدية لمواصلة حربها. وفي حين يرجع مسؤولون دفاعيون هذه التطورات، إلى النتائج التي حققتها الأسلحة الغربية التي تلقتها أوكرانيا أخيراً، وخصوصاً منظومات صواريخ «هيمارس»، قالت جوليان سميث، سفيرة الولايات المتحدة لدى حلف «الناتو»، في تصريحات لإذاعة أوروبا الحرة «إن القادة العسكريين الأوكرانيين يمكنهم تحديد الخطوات التالية في الهجوم المضاد بأنفسهم، وبأن (الناتو) يريد معرفة الأنظمة التي ستكون مفيدة للغاية». وأضافت سميث قائلة «سنواصل بذل كل ما في وسعنا لدعم الجيش الأوكراني على الأرض، والتأكد من أن لديهم ما يحتاجون إليه حتى يتمكنوا من الانتصار في هذا الصراع ووقف العدوان الروسي». من ناحيته، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، الجمعة، إن روسيا تخفق في «جوانب عديدة» في حربها، وإن الرئيس فلاديمير بوتين قد يسعى لتغيير الاستراتيجية المتبعة مرة أخرى. وأضاف والاس في تصريحات لتلفزيون «سكاي نيوز»، نقلتها وكالة «رويترز»: «الروس يخفقون حالياً على الأرض في جوانب عديدة... خطط بوتين (أ، ب، ج) فشلت وقد يتحول إلى الخطة (د)».
وكان الهجوم الروسي قد تباطأ في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من الأوامر التي أصدرها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، لتجديد العمليات العسكرية، بعد انتهاء «فترة الراحة وإعادة التجهيز» للقوات الروسية. ومنذ سقوط مدينة ليسيتشانسك في بداية يوليو (تموز)، شرق أوكرانيا، لم تحقق روسيا أي مكاسب كبيرة، حيث يؤكد قادة البنتاغون بأن المساعدات العسكرية الأميركية، وخصوصاً منظومات صواريخ «هيمارس»، وغيرها من المنظومات الغربية، مكّنت أوكرانيا من قلب مسار الحرب في إقليم دونباس، وبدء هجومها المضاد لاستعادة مدينة خيرسون، الجارية الآن.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير لها، عن أحد المحللين العسكريين، قوله، إن «النهاية الرسمية للتوقف، التي أعلنها الوزير الروسي، في 16 يوليو، لم تسفر عن زيادة ملحوظة في حدة الاعتداءات الروسية». ويشكك العديد من المسؤولين والمحللين الغربيين في قدرة روسيا على تحقيق المزيد من المكاسب الإقليمية في مواجهة «القوات الأوكرانية المجهزة بأسلحة حديثة». وبعدما أجبرت القوات الأوكرانية القوات الروسية على التخلي عن الاستيلاء على العاصمة كييف، قد تواجه روسيا المعادلة نفسها في منطقة دونباس، التي تحولت إلى الهدف الوحيد المعلن ومحور الطموحات الهجومية للغزو الروسي. ويعتقد الخبراء، أن روسيا قد لا تتمكن سوى من السيطرة على بعض البلدات القريبة من خطوط القتال، حيث تحشد قواتها في مواجهة بلدات سيفرسك وباخموت. وبحسب تقرير لمعهد دراسات الحرب في واشنطن، فإن الجيش الروسي يعاني من الإنهاك؛ ما يجعله غير قادر على شنّ أكثر من هجومين إضافيين على هاتين البلدتين. ويضيف التقرير، أن القوات الروسية خصصت موارد كافية لشنّ هجمات برية شبه يومية، والاستيلاء على الأراضي على هذين المحورين، لكنها لم تتمكن من تحقيق مكاسب إقليمية مماثلة في أماكن أخرى في أوكرانيا. ويعكس هذا التقرير، التقديرات الاستخبارية التي كشفها عنها مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي لأعضاء مجلس النواب، أشارت إلى أن القوات الروسية التي خسرت نحو 75 ألف جندي بين قتيل وجريح، أي ما يعادل نصف القوات التي زجتها في الهجوم منذ فبراير (شباط) الماضي، تعاني «استنزافاً كبيراً وإنهاكاً في قدراتها ومواردها».
وفي السياق، قالت وزارة الدفاع البريطانية في تغريدة على «تويتر»، الجمعة، إنه من المحتمل أن تكون مجموعة «فاغنر» الروسية المرتزقة، قد تم تكليفها المسؤولية عن قطاعات محددة من جبهة القتال في شرق أوكرانيا. وأرجعت وزارة الدفاع البريطانية ذلك إلى «النقص الكبير الذي تواجهه روسيا في قوات المشاة القتالية». وقالت «هذا تغيير كبير عن التكليف السابق للجماعة منذ عام 2015، عندما كانت تضطلع عادة بمهام مختلفة عن الأنشطة العسكرية الروسية المنتظمة العلنية والواسعة النطاق». وأضافت «من غير المرجح أن تكون قوات (فاغنر) كافية لإحداث فرق كبير في مسار الغزو الروسي لأوكرانيا». لكن مسؤولاً غربياً تحدث لـ«واشنطن بوست» شريطة عدم الكشف عن هويته، يقول، إن روسيا عدّلت أهدافها وتكتيكاتها بعد تعثرها حول كييف، وقد تتكيف معها مرة أخرى. وهذا ما كان قد أكده وزير الدفاع البريطاني، حين تحدث عن احتمال قيام الرئيس الروسي بتنفيذ الخطة «د»، بعد فشل خططه السابقة. وأشار المسؤول الغربي إلى أن روسيا لديها قدرات لم تستخدمها بعد، ويمكن أن تأخذ الحرب في اتجاه مختلف ومثير للقلق.
تغيير مسار الحرب واستنزاف القوات قد تقود روسيا إلى خطط «مقلقة»
تغيير مسار الحرب واستنزاف القوات قد تقود روسيا إلى خطط «مقلقة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة