طهران تصر على إبقاء المحادثات النووية... وواشنطن مستعدة لجميع السيناريوهات

محللون إيرانيون يتخوفون من إعادة الملف إلى مجلس الأمن

صورة نشرتها الخارجية الإيرانية من لقاء عبداللهيان ومحسن نذيري أصل مبعوث طهران الجديد إلى المنظمات الدولية في فيينا اليوم
صورة نشرتها الخارجية الإيرانية من لقاء عبداللهيان ومحسن نذيري أصل مبعوث طهران الجديد إلى المنظمات الدولية في فيينا اليوم
TT

طهران تصر على إبقاء المحادثات النووية... وواشنطن مستعدة لجميع السيناريوهات

صورة نشرتها الخارجية الإيرانية من لقاء عبداللهيان ومحسن نذيري أصل مبعوث طهران الجديد إلى المنظمات الدولية في فيينا اليوم
صورة نشرتها الخارجية الإيرانية من لقاء عبداللهيان ومحسن نذيري أصل مبعوث طهران الجديد إلى المنظمات الدولية في فيينا اليوم

واصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، اليوم (الجمعة)، توجيه الرسائل اليومية بشأن إبقاء محادثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، فيما أصر الطرف الآخر في الولايات المتحدة على التشكيك بإرادة طهران مسودة الاتفاق المطروحة حالياً على طاولة المفاوضات، بعد تعديلات حديثة من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي يسيّر العملية الدبلوماسية منذ أبريل (نيسان) الماضي.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن عبداللهيان قوله في ملتقى مسؤولي البعثات الثقافية الإيرانية في الخارج إن الجهاز الدبلوماسي الإيراني «سيتابع المفاوضات من أجل رفع العقوبات، لكننا نريد الوصول إلى اتفاق جيد وقوي ومستدام».
واستمراراً للموقف الإيراني الغامض، لم يتطرق عبداللهيان إلى موقف طهران من المسودة الأوروبية الجديدة، رغم أنه اتصل ببوريل (الأربعاء) واكتفى بإعلان ترحيبه بمواصلة الدبلوماسية والمفاوضات. خصوصاً بعدما فُسرت تغريدة كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني بعد ساعات من إعلان بوريل، بأنها تحفّظ من طهران. وقال باقري: «لدينا أيضاُ أفكارنا الخاصة، من حيث الجوهر والشكل، لإكمال المفاوضات، وسنقدمها».
وكان بوريل قد كشف (الثلاثاء) أنه قدم مسودة تسوية، داعياً طهران وواشنطن إلى قبولها لتجنب «أزمة خطيرة». وكتب في مقال بصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «وضعت الآن على الطاولة نصاً يتناول بالتفصيل الدقيق رفع العقوبات بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة العمل بخطة العمل الشاملة المشتركة».
وأضاف: «بعد 15 شهراً من المفاوضات المكثفة والبناءة في فيينا والتفاعلات التي لا تُحصى مع المشاركين في المحادثات، خلصت إلى أن المجال أمام تقديم تنازلات إضافية مهمة قد استُنفد».
وقالت الرئاسة الفرنسية (الخميس)، إنه لا يزال هناك متسع من الوقت لإنقاذ الاتفاق النووي، لكن الكرة لا تزال في ملعب طهران.
في السياق نفسه، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، في مؤتمره الصحافي، إن طهران لم تُظهر الإرادة السياسية خلال الشهور الماضية لتخطي مأزق المحادثات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، مشدداً على أن الإدارة الأميركية تستعد لمختلف السيناريوهات في العملية التفاوضية وأنها تعكف على درس المسودة المقترحة من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وأنها على تواصل مباشر مع شركائها الأوروبيين.
وصرح برايس: «لم تكن لدينا أوهام بأن العودة إلى الاتفاق النووي ستكون وشيكة»، منوهاً بأن «مقترح بوريل يستند إلى الصفقة التي كانت مطروحة على الطاولة منذ مارس (آذار)، والتي تم التفاوض عليها بشق الأنفس بين مجموعة (5+1)، في إشارة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا. وخلص إلى أن «الصفقة كنا مستعدين لقبولها منذ مارس (آذار)»، وأضاف: «هناك دولة واحدة منعت إعادة التماثل المتبادل بخطة العمل المشترك (الاتفاق النووي) هي إيران». وأضاف: «لم نشهد من إيران سواء في مارس أو الأشهر التالية، مؤشراً على استعدادهم لاتخاذ القرار السياسي، الضروري للعودة إلى الاتفاق النووي». وتابع أن «التعنت الإيراني وعدم المشاركة الإيرانية البناء قد أكدا لنا عدم اليقين في هذا الطرح (إحياء الاتفاق النووي)».
ونوه برايس إلى أن واشنطن تنظر بشكل متساوٍ في مختلف السيناريوهات في حال فشل التوصل إلى اتفاق لإعادة إحياء الاتفاق المبرم في 2015.
من جانب آخر، علّق برايس على إطلاق سراح خبير البيئة الأميركي - البريطاني من أصل إيراني مراد طاهباز، لمدة شهر في طهران بعد وساطة عمانية. وقال إن الإدارة الأميركية حرصت على عدم ربط مصير المحتجزين «ظلماً» في إيران بالعودة المتبادلة المحتملة إلى الاتفاق النووي.
ورحب بإطلاق طاهباز من السجن، مقابل كفالة مالية لمدة شهر. وقال: «نحن ممتنون لعمان وللمملكة المتحدة لاستمرارها في الضغط على إيران للوفاء بهذا الالتزام».
وشدد برايس على أن تأمين الإفراج عن الأميركيين المحتجزين لدى إيران وعودتهم إلى ديارهم «ستظل إحدى أولوياتنا القصوى». وأشار إلى تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي طالب إيران بإطلاق سراح المحتجزين، إضافةً إلى تحديد مصير عميل الـ«إف بي آي» روبرت ليفينسون.
في إيران، أعرب محللون عن مخاوفهم من تبعات تأخر الحكومة الإيرانية برئاسة المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، في إحياء الاتفاق النووي. ونقلت مواقع إصلاحية عن مستشار في هيئة الرئاسة الإيرانية السابقة، دياكو حسيني، أن «إيران ستكون الخاسر الأكبر في الساحة مع تأخير الاتفاق النووي». وحذر الباحث من «بقاء العقوبات» وكذلك من «سيف آلية سناب بك (لإعادة العقوبات الأممية) مصلتاً على رأس إيران حتى تتنازل عن برامجها النووية التي تتخطى القيود (الدولية)». وقال: «ستبقى أميركا تنظر ببرودة دم إلى معاناة إيران من العقوبات... لن نستفيد من الاقتصاد ولا آليات الضغط».
ونقلت مواقع إصلاحية عن المحلل أحمد زيدآبادي، قوله إن «المتشددين يحاولون تدمير جسور العودة إلى الاتفاق النووي». ورأى أن بعض القوى المتنفذة في النظام السياسي الإيراني «ترى إحياء الاتفاق النووي يتعارض مع مصالحها». وأضاف: «من أجل تدمير كل جسور العودة إلى الاتفاق يتحدثون صراحةً عن ضرورة دعم الجمهورية الإسلامية من حرب العدوان الروسي ضد أوكرانيا».
من جهتها، نقلت وكالة «إيلنا» الإصلاحية عن محلل الشؤون الدولية مهدي مطهرنيا، أن أياً من الطرفين الإيراني والأميركي «مستعد لقبول وصمة عار إعلان وفاة خطة العمل المشترك». وقال إن «الغرب يجهّز الرأي العام لقبول إعادة ملف إيران إلى مجلس الأمن».
واستند المحلل في فرضيته إلى الانتقادات الجديدة لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، بشأن عدم معرفة الوكالة بما يجري في المنشآت الإيرانية، وكذلك تحذير بوريل في مقاله الأخير، و«تغيير استراتيجية بايدن إزاء الشرق الأوسط»، إضافةً إلى التغييرات في الحكومة الإسرائيلية.
وبدوره، قلل المحلل السياسي حشمت الله فلاحت بيشه، من أهمية ما قاله بوريل بشأن «آخر مقترح». وقال: «حتى لو لم نتوصل إلى اتفاق، لن تضيع الدبلوماسية»، محذراً من أن «عدم إدارة الأزمة ستدفع الأميركيين إلى فرض عقوبات جديدة، وفي المقابل تتخذ إيران خطوات جديدة (من الانتهاكات النووية)».
وكان فلاحت بيشه، الذي ترأس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان السابق، يعلّق على سؤال لموقع «فردا» الإخباري حول قتامة الوضع الخاص بمستقبل الاتفاق النووي، بعد تغريدة باقري كني بشأن مقال بوريل.
وتوقع فلاحت بيشه أن تحدّ الانتخابات النصفية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، من قدرة بايدن في الاتفاق النووي. وقال: «ستزداد التهديدات والشكوك كلما اقتربنا من انتخابات الكونغرس». ولاحظ أن المقترح الأوروبي «لا يمكن أن ينجح إلا بشرط واحد، وهو أن يتخلى الطرفان عن قاعدة كل شيء أو لا شيء لكي تُطرح قضية النفط والإشراف في هذا الاتفاق». وقال: «في إطار هذا الاتفاق، فإن إمدادات النفط الإيرانية ستقلل من قلق الأوروبيين في فصل الشتاء، وفي المقابل ستقبل إيران بمراقبة الوكالة الدولية بدلاً من التراجع عن برامجها النووية أو تصدير اليورانيوم المخصب إلى دول أخرى».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الخميس)، أن الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها في المستقبل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال نتنياهو، في كلمة موجهة إلى الشعب الإيراني، إن «الأحداث التاريخية التي نشهدها اليوم هي ردود فعل متسلسلة».

وتابع: «ردود فعل متسلسلة على قصف (حركة) حماس والقضاء على (حزب الله) واستهداف (أمينه العام السابق حسن) نصر الله، والضربات التي سدّدناها لمحور الرعب الذي أقامه النظام الإيراني».

واتهم نتنياهو إيران بإنفاق عشرات مليارات الدولارات لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أطاحه هجوم شنّته فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، ودعم حركة «حماس» في قطاع غزة و «حزب الله» في لبنان.

وأكد أن «كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الدفاع عن دولتها، لكننا من خلال ذلك ندافع عن الحضارة بوجه الوحشية».

وقال للإيرانيين: «إنكم تعانون تحت حكم نظام يسخركم ويهددنا. سيأتي يوم يتغير هذا. سيأتي يوم تكون فيه إيران حرة». وتابع: «لا شك لديّ في أننا سنحقق هذا المستقبل معاً أبكر مما يظن البعض. أعرف وأؤمن بأننا سنحول الشرق الأوسط إلى منارة للازدهار والتقدم والسلام».

ومع سقوط الأسد، خسرت إيران في سوريا حلقة رئيسية في «محور المقاومة» الذي تقوده ضد إسرائيل، بعد أن خرج حليفها الآخر «حزب الله» ضعيفاً من الحرب مع إسرائيل.

ولطالما أدّت سوريا، التي تتشارك مع لبنان حدوداً طويلة سهلة الاختراق، دوراً استراتيجياً في إمداد «حزب الله» اللبناني المدعوم عسكرياً ومالياً من إيران، بالأسلحة.