محكمة مصرية تلغي حكمًا يعتبر حماس تنظيمًا إرهابيًا.. والحركة ترحب بـ«القرار»

مقيم الدعوى لـ {الشرق الأوسط}: موقف الحكومة «متخبط»

عرض عسكري لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لـ«حماس» في الذكرى الـ11 لاغتيال إسرائيل للشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة في قطاع غزة (أ.ب)
عرض عسكري لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لـ«حماس» في الذكرى الـ11 لاغتيال إسرائيل للشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة في قطاع غزة (أ.ب)
TT

محكمة مصرية تلغي حكمًا يعتبر حماس تنظيمًا إرهابيًا.. والحركة ترحب بـ«القرار»

عرض عسكري لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لـ«حماس» في الذكرى الـ11 لاغتيال إسرائيل للشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة في قطاع غزة (أ.ب)
عرض عسكري لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لـ«حماس» في الذكرى الـ11 لاغتيال إسرائيل للشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة في قطاع غزة (أ.ب)

قَبِلت محكمة مصرية أمس طعن الحكومة على حكم سابق باعتبار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منظمة إرهابية. وبينما عدت الحركة في بيان لها القرار «تأكيدا على تمسك القاهرة بدورها القومي تجاه القضية الفلسطينية»، وصف المحامي سمير صبري، مقيم الدعوى، موقف حكومة بلاده بـ«المتخبط»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنها (الحكومة) تضامنت مع طلباته في المرحلة الأولى من التقاضي وتمسكت بنظر الدعوى أمام القضاء المستعجل.
وقضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، أمس، بقبول طعن الحكومة على حكم اعتبار حركة حماس منظمة «إرهابية»، وإلغاء حكم أول درجة. كما قضت المحكمة بعدم الاختصاص النوعي في نظر الدعوى.
وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قضت في 28 فبراير (شباط) الماضي، باعتبار حماس جماعة «إرهابية»، بعد مرور شهر على صدور حكم من نفس المحكمة باعتبار كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة منظمة «إرهابية».
وتوترت العلاقة بين السلطات المصرية وحركة حماس المرتبطة فكريا وتاريخيا بجماعة الإخوان المسلمين، على خلفية عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي للجماعة صيف العام قبل الماضي.
وكانت محكمة القضاء المستعجل قد أصدرت في أعقاب عزل مرسي حكما يعتبر جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، وقضت بالتحفظ على أموالها ومقارها، كما صدر حكم لاحق بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة.
وقالت محكمة أول درجة في حيثيات حكمها باعتبار حماس تنظيما إرهابيا إنه «ثبت يقينا أن حركة حماس ارتكبت على أرض مصر أعمال تخريب واغتيالات وقتل أبرياء من المدنيين وأفراد من القوات المسلحة والشرطة». وطعنت هيئة قضايا الدولة التي تمثل الحكومة أمام المحاكم على الحكم في مارس (آذار) الماضي.
ووصف المحامي صبري، مقيم الدعوى موقف الحكومة المصرية بـ«المتخبط»، قائلا: «إن الحكومة (هيئة قضايا الدولة) تمسكت بطلباتي وتضامنت في الدعوى في القضية، بل إنها تمسكت أيضا بنظرها أمام القضاء المستعجل باعتبار أن الخطر الذي تمثله الحركة خطر داهم.. هذا ثابت في أوراق القضية».
وأثار تصدي محكمة القضاء المستعجل لهذه النوعية من القضايا جدلا قانونيا في البلاد. وسبق للمحكمة أن أصدرت أحكاما مماثلة بشأن جماعة الإخوان وحركة شباب 6 أبريل وروابط مشجعي أندية كرة القدم المعروفة بـ«الألتراس».
وأوضح صبري لـ«الشرق الأوسط» أن المحكمة استندت للقانون رقم 8 لعام 2015 والذي صدر في أعقاب حكم أول درجة (ويشير صبري إلى قانون الكيانات الإرهابية الذي يخوّل للنائب العام سلطة تحريك هذا النوع من الدعاوى).
وأضاف صبري أنه تنازل هو الآخر عن الدعوى أمام جلسة أمس، معللا موقفه بحرصه على أن تظل القاهرة راعيا للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن تثبيت الحكم كان من شأنه تعقيد هذا الأمر، في ظل وجود قوى أخرى متربصة.
من جانبه، قال سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس إن الحركة ترحب بالقرار القضائي المصري بإلغاء اسمها كمنظمة «إرهابية»، معتبرًا أن القرار تصحيح للخطأ السابق.
وشدد أبو زهري، في بيان أصدره أمس، على أن «القرار يمثل تأكيدا على تمسك القاهرة بدورها القومي تجاه القضية الفلسطينية، وهذا بلا شك سيكون له تداعياته وآثاره الإيجابية على صعيد العلاقة بين حماس والقاهرة».
وكانت الحركة قد عدت الحكم الأول باعتبارها منظمة إرهابية «صادما وخطيرا»، لكنها رحبت بعد ذلك بقرار هيئة قضايا الدولة بالطعن على الحكم.
وفي غضون ذلك، تقدم وفد يمثل أحزابًا مصرية، وعدد من أعضاء لجنة الخمسين، التي وضعت الدستور المصري الحالي، بالتماس إلى مكتب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وهيئة المفوضين بالمحكمة، يطلب الإسراع في الفصل في الطعن المعروض أمام المحكمة بشأن دستورية عدد من مواد قانون التظاهر.
ووقع الالتماس 12 من أعضاء لجنة الخمسين وهم: الدكتور عبد الجليل مصطفى ومحمد سلماوي وخالد يوسف والدكتور محمد أبو الغار والدكتورة هدى الصدة وحسين عبد الرازق ومحمد سامي وسيد حجاب ومسعد أبو فجر ومحمد عبد العزيز وأحمد عيد وعمرو صلاح.
كما وقع الالتماس خمسين من الشخصيات العامة تتضمن رؤساء وقيادات في أحزاب تحالف التيار الديمقراطي؛ (التحالف الشعبي الاشتراكي - التيار الشعبي، الدستور، العدل، الكرامة، مصر الحرية) بالإضافة إلى حزبي المصري الديمقراطي الاجتماعي، والعيش والحرية، إلى جانب عدد من السياسيين والكتاب والصحافيين.
وأثار قانون التظاهر الذي صدر في نهاية عام 2013، جدلا واسعا في البلاد. وصدر القانون خلال تولي المستشار عدلي منصور منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت. ويتولى منصور حاليا منصب رئيس المحكمة الدستورية العليا.
وأدين بموجب القانون المثير للجدل مجموعة من أبرز نشطاء ثورة 25 يناير التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وأصدرت محكمة القضاء الإداري في وقت سابق قرارًا يجيز بإقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مواد في القانون.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.