طرابلس تتهيأ لمعارك جديدة في ظل احتشاد مسلح

تحركات عسكرية لقوات حكومتي الدبيبة وباشاغا

صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه مع آمر الحرس الرئاسي في طرابلس
صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه مع آمر الحرس الرئاسي في طرابلس
TT

طرابلس تتهيأ لمعارك جديدة في ظل احتشاد مسلح

صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه مع آمر الحرس الرئاسي في طرابلس
صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه مع آمر الحرس الرئاسي في طرابلس

تستعد العاصمة الليبية طرابلس على ما يبدو لمعارك جديدة بين الميلشيات المسلحة المولية للحكومتين المتنازعتين على السلطة في البلاد، على الرغم من انضمام إيطاليا إلى مساعي الوساطة الأميركية بين رئيسيهما.
وبعد يوم واحد فقط من إعلان السفير الأميركي عن جهود وساطة للتهدئة، دخلت إيطاليا على الخط، بإعلان نيكولا أورلاندو المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا، اتفاقه في اتصال هاتفي مساء أول من أمس، مع فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المدعومة من مجلس النواب، على أنه يجب تجنب جميع الإجراءات التي من الممكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وإلى العنف، لافتاً إلى أنه شدد على أولوية الانتخابات والحاجة الملحة إلى وجود سلطة تنفيذية موحدة وشمولية للوصول إلى ذلك، ودعا جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين لوضع ليبيا قبل مصالحهم الخاصة.
https://twitter.com/nicolaorlando/status/1551834227204841473
وتابع: «أعدتُ التأكيد من جديد على أنه يجب الحفاظ على حياد المؤسسة الوطنية للنفط والمناصب السيادية، وعلى استخدام الموارد الوطنية بطريقة شفافة وعادلة».
وكان السفير الإيطالي قد حذر في لقائه مساء أول من أمس مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» من أن «الوضع الراهن لا يمكن أن يدوم ويبقى، وقد يعيد البلاد إلى المواجهات الخطيرة».
https://twitter.com/ItalyinLibya/status/1551564267241017348
وشدد في بيان عبر «تويتر» وزّعته السفارة الإيطالية على أهمية الانتخابات، ضمن الإطار الدستوري المناسب، للاستجابة لمطالب الاستقرار والازدهار التي يناشد بها الشعب الليبي، لافتاً إلى أن ليبيا بحاجة عاجلة إلى هيئة تنفيذية موحدة وشمولية للحفاظ على حياد المؤسسة الوطنية للنفط والمناصب السيادية، وكذلك ضمان الاستخدام الشفاف والمنصف للموارد الوطنية تُعد من العناصر الرئيسية لهذه العملية.
وأظهرت لقطات فيديو بثّتها وسائل إعلام محلية مساء أول من أمس، إطلاق نار لمسلحين تابعين لحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على طائرة مسيّرة من دون طيار «درون» في ضواحي العاصمة، تزامناً مع مغادرة الميليشيات المسلحة مطار طرابلس للانتشار بمناطق جنوب العاصمة لصد أي تحرك لقوات أسامة الجويلي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق المحسوب على باشاغا.
وشوهدت تحشيدات لكتائب طرابلس في محيط المطار بعد انتهاء اجتماع لقادتها، مقابل انتشار عناصر الجويلي على طريق الكريمية.
https://twitter.com/AACNEWSLY/status/1551629051881824258
وقال العميد محسن الزويك، آمر «قوة دعم الدستور والانتخابات» في تصريحات، نقلتها وسائل إعلام محلية، إن بياناً مرتقباً للقوات المجتمعة سيتضمن تحذيراً واضحاً لكل من يريد المساس بأمن العاصمة وسلامة المواطنين، لافتاً إلى استعدادات تُجريها القوات العسكرية التابعة لحكومة الوحدة لإحياء الذكرى الـ82 لتأسيس الجيش الليبي باستعراض عسكري في العاصمة طرابلس وبدء توافد الوحدات العسكرية على مطار طرابلس الدولي.
https://twitter.com/fawaselmedia/status/1551587712985174018
وقالت تقارير محلية إن بعض قادة قوة «دعم الدستور» اتفقوا خلال اجتماعهم بمطار طرابلس على نشر قواتهم في مناطق جنوب طرابلس تحسباً لأي تحرك من قوات الجويلي ومواجهتها بالقوة في حال تحركها تجاه وسط العاصمة، أو الاستمرار في استفزازهم بالاستعراضات المسلحة، مشيرةً إلى أنه تم إغلاق عدة طرق فرعية في طريق المطار ومحيطه وطريق السواني بسواتر ترابية وسيارات مسلحة.
وكان أعضاء في مجلس النواب قد توقعوا دخول باشاغا طرابلس قريباً، وأبلغوا وسائل إعلام محلية أنه بصدد وضع الترتيبات الأخيرة لذلك، بعد أيام فقط من الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المدينة.
كما ترددت معلومات عن اتفاق عدد من قيادات مصراتة الداعمين لحكومة باشاغا على تشكيل لواء عسكري جديد برئاسة سالم جحا، لتمكينها من ممارسة أعمالها بطرابلس.
في المقابل، قدم محمد الحداد رئيس الأركان العامة لقوات حكومة «الوحدة»، لدى اجتماعه مساء أول من أمس، مع محمد المنفى رئيس المجلس الرئاسي ونائبيه بوصفهم نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي، إحاطة كاملة حول الإجراءات التي اتخذها بعد قرار تكليفه بالمتابعة والإشراف على وقف إطلاق النار في طرابلس، عقب الأحداث التي شهدتها العاصمة فجر الجمعة الماضية، مع تأكيد عدم تعريض حياة المدنيين والممتلكات العامة والخاصة للخطر.
بدوره، استغل الدبيبة اجتماعه مساء أول من أمس، مع عمداء بلديات المناطق الغربية والجنوبية والوسطى، لتجديد تأكيده أن الإجراءات التي اتخذتها حكومته بشأن تسمية مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط؛ تمت من أجل تصحيح الأوضاع القانونية للمؤسسة والعمل على فتح النفط والغاز، مشيراً إلى أن «التغيير لم يكن صفقة سياسية أو بالتنسيق مع دولة معينة، كما يحاول الترويج له من أطراف سياسية هدفها إرباك المشهد الليبي الذي استقر خلال المدة الماضية».
وقالت حكومة الدبيبة إن الاجتماع ناقش عدداً من الملفات الخدمية والخطوات المتخَذة من وزارة الحكم المحلي بشأن نقل الاختصاصات وتفعيل الإدارة المحلية، ونقل عن عمداء البلديات أن الانتخابات تعد هدفاً للشعب الليبي، ورفضهم أي مراحل انتقالية وإنشاء حكومات موازية بهدف إرباك المشهد.
من جهته، جدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في اجتماعه مع علي القطراني نائب باشاغا، دعمه الكامل لحكومة الأخير، وثقته التامة بقدرتها على تحقيق آمال الليبيين وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وشفافة في أقرب الآجال.
وقال صالح في بيان وزّعه مكتبه، إن اللقاء الذي عُقد في مدينة القبة، تناول عدداً من الملفات الخدمية التي تصبّ في مصلحة الوطن والمواطن، على رأسها قانون الميزانية، بالإضافة إلى التشديد على ضرورة توفير لغذاء والدواء والكهرباء.
إلى ذلك، نقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن محمد عون وزير النفط، وفرحات بن قدارة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، أن الإنتاج النفطي في ليبيا تجاوز مليون برميل ليبلغ 1.025 مليون برميل يومياً، مقارنةً مع متوسط 870 ألفاً قبل نحو أسبوع، وتوقع ارتفاعه إلى 1.2 مليون برميل خلال 10 أيام.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».