بلديات لبنان لا تبالي بمرسوم صرف مستحقاتها المالية

بعدما فقدت المبالغ المرصودة قيمتها بفعل الانهيار

بلديات لبنان لا تبالي بمرسوم صرف مستحقاتها المالية
TT

بلديات لبنان لا تبالي بمرسوم صرف مستحقاتها المالية

بلديات لبنان لا تبالي بمرسوم صرف مستحقاتها المالية

يسلك مرسوم دفع المستحقات المالية للصندوق البلدي المستقلّ في لبنان طريقه للإقرار، بعد توقيعه من وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، على أن يستكمل مساره القانوني ويقترن بتواقيع وزير الداخلية والبلديات، القاضي بسّام مولوي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ورئيس الجمهورية، ميشال عون، ليصبح نافذاً.
ورغم إقرار الدولة بحقوق البلديات، فإن الرهان على تقديمات هذا الصندوق تراجع إلى حدّ كبير؛ خصوصاً أن الأموال المرصودة بالليرة اللبنانية باتت بلا قيمة، جرّاء انهيار العملة الوطنية (السعر الرسمي للدولار 1500 ليرة وفي السوق السوداء نحو 30 ألفاً) وارتفاع كلفة الخدمات. إلا أن مصدراً في وزارة المال اعتبر أن «المرسوم يمهّد لصرف مستحقات البلديات كحقّ مكتسب وواجب على الدولة، وليس منّة منها». واعترف لـ«الشرق الأوسط»، بـ«أهمية الدور الذي تضطلع به البلديات للتخفيف من معاناة الناس، لا سيما أن معظم البلديات تقوم بأدوار تتعدّى صلاحياتها، وهي من مسؤولية السلطة والوزارات الخدماتية، مثل الطاقة والأشغال العامة والصحّة». وقال: «لا ننسى الدور الرائد للبلديات خلال جائحة (كورونا)، والمبادرة إلى إنشاء مستوصفات ومراكز طبية وأقسام للإنعاش، للحدّ من استفحال المرض عند المصابين، من دون إغفال الدور الأمني الذي تؤديه الشرطة البلدية في مكافحة السرقات، ومنع التعدي على الأملاك العامة والخاصة وغيرها». وشدد المصدر على «أهمية استعادة هذا الدور الذي تراجع إلى أقصى الحدود مع انفجار الأزمة الاجتماعية في أواخر عام 2019، وأن تعود الصناديق البلدية وعملية جباية الرسوم، كجزء من الواردات التي تغذي مالية الدولة».
وإذا كان خبر صرف المستحقات البلدية «بشرى خير» في السنوات الماضية، فإنه لم يعد كذلك حالياً؛ لأن الأموال المرصودة «لا تقدّم ولا تؤخر». ويشير عبد الإله زكريا، رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع في عكّار (شمال لبنان)، إلى أن أموال الصندوق البلدي «فقدت قيمتها؛ خصوصاً أن مستحقات البلديات والمجالس البلدية تُقسّط على دفعات». وأعطى زكريا مثالاً على عدم جدوى صرف أموال البلديات في هذا الظرف، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2019 وما قبله، كانت حصّة بلدية فنيدق (عكّار) ملياري ليرة لبنانية، أي ما يوازي مليوناً و350 ألف دولار. أما اليوم فهذا المبلغ لا يساوي 66 ألف دولار أميركي، ولا يكفي لجمع النفايات والتخلص منها»، لافتاً إلى أن «العمل الإنمائي متوقف تماماً، وكلّ بلديات عكار مشلولة تماماً، وهذا ما يسري على واقع معظم البلديات في لبنان باستثناء المدن الكبرى».
وترفض بلديات كثيرة الاستسلام للانهيار أو التخلّي عن مسؤولياتها، وتذهب إلى اجتراح حلول ولو مؤقتة.
وأفاد عبد الإله زكريا بأن اتحاد بلديات القيطع الذي يرأسه «واظب على البحث عن رعاية شركات تجارية وشخصيات ممولة لبعض المشاريع التي ينفذها المجلس في منطقته».
وأضاف: «أصبحنا نستجدي المساعدات من التجار والممولين والمغتربين لسدّ بعض المصاريف، أو إنجاز بعض الخدمات الضرورية». وشدد على أن «المعضلة الأكبر لدى بلديات الجرد تكمن في التصدّي لموجة الحرائق التي تضرب الغابات في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، أو عمليات فتح الطرق الجبلية التي تقفل خلال فصل الشتاء بسبب تراكم الثلوج».
وعبر زكريا عن أسفه؛ لأن «السلطة لا تأخذ في الاعتبار أن الديون المتراكمة على البلديات هي بالدولار الأميركي؛ لأن كل المعدات وقطع الغيار والخدمات باتت تسعّر بالدولار الأميركي». وتعدّ البلديات في لبنان سلطة محلية، توكل إليها مهام توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، سواء البنى وشق الطرق وصيانتها وجمع النفايات والسهر على المصلحة العامة، وإنشاء الاتحادات البلدية التي تمنحها مزيداً من القدرة على توفير الخدمات، كما تتمتع البلديات باستقلالية إدارية ومعنوية.
واعتبر عضو لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، النائب قاسم هاشم، أن توقيع مرسوم صرف مستحقات البلديات «جاء متأخراً؛ خصوصاً أن الوضع الاقتصادي صعب، ومعاناة البلديات وصلت إلى حدّ إقفال عديد منها، لعدم تمكنها من توفير أبسط مقومات الخدمات بالحدّ الأدنى لأبناء بلداتهم». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المرسوم المنتظر هو حصة البلديات عن عام 2020، والتي أصبحت بلا قيمة جراء انهيار العملة الوطنية، وارتفاع كلفة الخدمات، وعدم القدرة على تأمين رواتب الموظفين، داعياً إلى «إعادة النظر بشكل سريع في قيمة أموال الصندوق البلدي المستقل، وكيفية توزيعها بعدالة لتستطيع البلديات أن تقدم خدماتها، وليس إيصالها بأسرع وقت، وهذا حقّ للبلديات».
صحيح أن أزمة البلديات في لبنان لا يمكن فصلها عن حالة الانهيار الشاملة التي تشهدها البلاد؛ لكن إخفاق الحكومة والبرلمان في إقرار الموازنات سنوياً يعمّق هذه الأزمة، وشدد النائب هاشم على ضرورة أن تستوفي البلديات حقوقها من أموال عائدات «الهاتف الخليوي»، ومن شركة «أوجيرو» (الهاتف الثابت)، والمحددة بقيمة 10 في المائة من قيمة واردات الشركات، معتبراً أن الحلّ الموضوعي لمستحقات البلديات لا يكون إلا عبر إعادة النظر فيها من خلال الموازنة العامة. ولفت إلى أن «موازنة عام 2022 يجب أن تضع الأسس للتعاطي مع المرحلة المقبلة، ووضع بنية جديدة للمالية العامة؛ خصوصاً أن الموازنة ستحاكي توجهات صندوق النقد الدولي بما فيها الإصلاحات».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)
«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)
TT

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)
«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

وأضاف حمدان لتلفزيون «الميادين» اللبناني: «نحن معنيون بوقف العدوان على شعبنا، والحديث عن هدنة لـ5 أيام ثم العودة إلى القتال لا يحقق مطلبه»، مشيرا إلى أن آخر عرض أميركي كمقترح لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة تم تقديمه قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية الماضية.

وتابع قائلا: «الإسرائيلي يريد أن يسترجع الأسرى لدى المقاومة وأن ترفع الأخيرة راية الاستسلام ثم يقرر إذا ما أراد وقف الحرب أم لا».

وحول وضع الأسرى في ظل المعارك الدائرة في القطاع، قال حمدان: «لا أحد يستطيع أن يجزم بأي أمر بشأن وضعية الأسرى وحالتهم».

وأضاف: «في غزة معركة تدور، إذا انقطعت أخبار الآسرين من المقاومة تنقطع أخبار الأسرى الإسرائيليين. إذا استشهد المقاوم الذي يهتم بأسرى إسرائيليين فإن حياتهم تصبح في خطر عندما يخسرون من يهتم بهم».

وانهارت العديد من جولات المفاوضات للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» برعاية مصرية وقطرية وأميركية، باستثناء هدنة واحدة جرى التوصل إليها لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أبلغت قطر «حماس» وإسرائيل بأنها ستوقف جهودها في الوساطة حتى يظهرا «الاستعداد والجدية» لاستئناف المحادثات.

وقال خليل الحية القائم بأعمال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة في وقت سابق هذا الشهر إن المقترح الأميركي الأخير لوقف إطلاق النار «لم يتحدث عن وقف الحرب ولا عودة النازحين، بل عن إعادة بعض الأسرى الإسرائيليين فقط»، وأضاف: «نريد أن يتوقف هذا العدوان، ويجب أن يتوقف أولاً لكي يتم أي تبادل للأسرى».