العجائبي في عصور ومدن دانيال

مدينة كابوسية تحت سطحها مدينة أخرى أكثر كابوسية

العجائبي في عصور ومدن دانيال
TT

العجائبي في عصور ومدن دانيال

العجائبي في عصور ومدن دانيال

لا يغادر الروائي أحمد عبد اللطيف عالمه العجائبي إلا ليعود إليه، عملاً بعد آخر، متلمساً وجوه المدينة الملعونة؛ المدينة المعاقبة، حيث لا تغيب صورة تغيب صورة القهر، الذي يتجلى حتى في الأسماء التي نحملها أو حتى عندما نرتكب الشر، كما في روايته «إلياس» مثلاً.
في روايته الجديدة «عصور دانيال في مدينة الخيوط» الصادرة حديثاً عن دار العين يبني عبد اللطيف مدينة فنتازية كابوسية لا يلبث القارئ أن يكتشف تحت سطحها الأرشيف، وهو مدينة أكثر كابوسية من الأولى، كلتاهما تؤشران إلى مدينة واقعية ثاوية تحتهما؛ مدينة مفرطة في واقعيتها، معاقبة بعنف يضع الرواية ضمن ما بات يُعرف بـ«أدب الصدمة».
وقد صار أحمد عبد اللطيف يجيد هذا الربط بين «الخيالي» و«الواقعي». تجلى ذلك في رواياته السابقة مثل «صانع المفاتيح» و«سيقان تعرف وحدها مواعيد الخروج»، كما تجلى في مجموعته القصصية السابقة على الرواية الجديدة «مملكة مارك زوكربيرغ وطيوره الخرافية - منشورات المتوسط 2021» التي تضافرت فيها الكبائر والعقوبات التوراتية بعقوبات وتعاليم مارك زوكربيرغ مالك «فيسبوك» المتحكم في مصائر أصحاب الحسابات.
عنوان الرواية، عقبة لا يمكن تفاديها، إذ لا بد لكل رواية من عنوان يميزها في قول أمبرتو إيكو، وفي قوله أيضاً إن الروايات التي تحمل اسم بطلها في عنوانها، مثل «ديفيد كوبر فيلد» لتشارلز ديكينز أو «الأب غوريو» لبلزاك، يمكن أن يشكل عقبة تأويلية وتدخلاً صارخاً ومفرطاً من الكاتب بفرضه شخصية البطل، بينما كان بوسع القارئ أن يتعلق بشخصيات أخرى في العمل*. لكن عبد اللطيف اختار أن يقسم العنوان مناصفة بين دانيال والمدينة. وليست هذه القسمة ما يجعل العنوان مقبولاً من وجهة نظر إيكو، ولكن لأن هذا العنوان يلبي فكرة إيكو عن العنوان النموذجي الذي يشتت الأفكار ولا يعبئها باتجاه تأويل واحد.
يعكس اسم «دانيال» دلالة دينية، لكن القارئ سيكتشف في مكان متقدم من السرد أن الاسم من اختيار عرافة نصحت به أبويه بعد تكرار موت مواليدهما الذين لم يبق منهم غير صور ثلاث على الجدار، ومع الحَمل الرابع تشاءم الأبوان من تصوير الوليد وامتثلا للاسم الذي اختارته العرَّافة، فعاش بلا صورة من طفولته.
في العتبة الثانية بعد العنوان ينصب الكاتب فخاً جديداً باقتباس من سفر دانيال: «فدخل دانيال وطلب من الملك أن يعطيه وقتاً فيبين للملك التعبير. حينئذ لدانيال كُشِف السر في رؤيا الليل» لكن «دانيال» الرواية، ليس كدانيال النبي. لم يقذف الله بالمعرفة في قلبه، لكي يخبر الملك بتفسير النبوءة، لكنه قرأ الماضي في الأرشيف، واحترف القتل المتسلسل للانتقام مما تعرض له وما عرفه، فأخذ يتخير ضحاياه من ملفاتهم.
يتجلى مفهوم «الصدمة» منذ الجملة الأولى؛ فقد اختار الكاتب استراتيجية المباغتة بالعجيب في الجملة الأولى: «في صباح الثالث والعشرين من يناير (كانون الثاني) فتحت الدُمى بيد خشبية نوافذ غرفها وأبواب شرفاتها لتشاهد بعيون زجاجية لم ينقصها الصعقة والرعب عشرات الجثث الملقاة حول نافورة الميدان الرئيسي بدم يطفو على ماء المطر وعيونٍ مفتوحة على العدم»، بهذا التأسيس وضع القارئ داخل نسق المدينة العجائبية، لكنه وضع في يده خيطاً يقوده للمدينة الواقعية المضمرة داخل النص، من خلال الإشارة إلى يوم محدد للواقعة، وقوة الحياة داخل الدمى ممثلة على الأقل في قدرتها على الاندهاش والخوف. وهذا الخيط الرابط بين المدينتين هو ما يباعد بين مدينة الدمى ومدن «ألف ليلة وليلة» الممسوخة بقوة إلهية، فهذه المدينة ممسوخة ببطش بشري، وليست سوى صدى أو شبح لمدينة واقعية ينبغي على القارئ أن يجدها بنفسه، فقد تكون مدينته.
التفاصيل التالية حول هيئة الدمى المقتولة بقطع عرضي في الرقبة، وبقايا الرعب الذي استشعرته الدمى لحظة القتل لم تزل واضحة على وجوههم الساكنة، ولا بد أن يداً بشرية هي التي صفَّت الجثث مثل وردة حول نافورة الميدان، وبعيداً بخطوات من وردة المذبحة ثمة أشياء مبعثرة: نظارات طبية ومحافظ وأحذية وجوارب وتليفونات محمولة.
على مدار السرد هناك ذلك الغنى في التفاصيل الدقيقة التي تقوم بمهمة تثبيت عقد التواطؤ بين الكاتب والقارئ على اعتبار مدينة الدمى بكل حركتها وعنفها وغربة سكانها قناعاً لمدينة أخرى.
لم تكن المدينة المعاقبة بمطر توراتي استمر أياماً تنقصها هذه المذبحة الغامضة، فقد كانت غارقة تحت أمطار لم تتوقف لأيام متتابعة، بما استتبع التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن يتسبب فيها الطوفان، من موت العشرات صعقاً وغرقاً، وضياع الكثير من الأطفال الدمى وبحث العائلات الدمى عن أطفالها وسط شائعات عن حالات خطف ترتكبها عصابات تقوم بتهريب هؤلاء الأطفال إلى إحدى الدول الآسيوية، واضطرت الدمى إلى وضع سقالات لعبور الشوارع الغارقة، وانقطاع الكهرباء وبقاء المدينة تحت الظلام في ليالي الشتاء الباردة، دون مياه للشرب، إلى آخر ما يمكن أن يقع لمدينة مغضوب عليها.
في زمن سابق على مشهد القيامة ذاك، كان دانيال يجلس على الكنبة في شقته يتطلع في البناية المقابلة إلى دانيال آخر، يكتب على أضواء الشموع، وفي الخلفية طيف امرأة يروح ويجيء.
ليس هناك من تطابق بين دانيال ودانيال، لكننا نبقى دون يقين إن كانا شخصين أو هي هلاوس شخص ينظر إلى داخله. في 23 يناير كانت المذبحة، وفي يناير سابق (وهنا يحدد عام 2002) قرر دانيال الراوي الهجرة من المدينة، ليلتقي في مصلحة الجوازات بقريب له، وبدلاً من أن يساعده ذلك الرجل على الهروب يقنعه بوظيفة بدلاً من السفر.
بهذه الواقعة التي تبدو مصادفة يجد دانيال نفسه في الأرشيف، أو المدينة الحقيقية التي يحكمها واحد وأربعون رجلاً وتتمتع بحماية أمنية عالية، وتُمسك بخيوط ومصائر سكان مدينة الدمى. وسرعان ما نعرف أن اختياره للالتحاق بالأرشيف ليس مصادفة تماماً: «وأنا كدانيال انتقلت في غمضة عين من سكّان المدينة العلوية إلى المدينة السفلية لأنهم اختاروني ولأنهم حين نظروا إلى جسدي لم يجدوا قلباً ولا كبداً ولا طحالاً ولا رئة تتنفس فعرفوا أن مكاني ليس بين الوحوش الظاهرة وإنما بين الوحوش المختبئة التي تلدغ دون أن يراها أحد».
عدم اليقين الذي يكتنف هذا العالم لا يقف عند حد تضاعيف صور الشخصيات في مرايا مياه المطر المهتزة وعتمة ظلام فرضته الأمطار على المدينة، بل نجده في موجات الزمن غير المنتظمة، لكن هذه الفوضى ينظمها خط زمني دائري، كأنه حزام الطرق السريعة حول المدن المكتظة، يبدأ السرد من جثث الأربعين حول النافورة في الميدان، وينتهي بالمشهد ذاته، وهي جثث موظفي الأرشيف الذين يحملون أرقاماً، باستثناء رئيسهم الذي يحمل الرقم صفر، والذي سيستعيض عن موظفيه بأربعين جدداً، ويبقى هو خالداً هو والأرشيف.
لا نجد أثر الكتاب المقدس في تصدير أول الرواية فحسب، إذ تطالعنا بعض العبارات مثل: «وفي ليلة الحادثة فيما كنت أتأمل دانيال في الطابق الخامس كنت أقول لنفسي إن دانيال ابن النور وأنا ابن الظلام بشمعة واحدة أعيش ومائة شمعة لا تكفيه»، كما نجد ذلك النفس الديني والأسطوري في استخدام الرقم أربعين. في عدد العاملين في الأرشيف وفي المدة التي دام فيها ظلام المدينة قبل أن تتحرك الدمى للدفاع عن حياتها.
تتسع اللغة المشهدية للرواية للعب المجازي والصور الفنية: للجثث شكل الوردة، وللشمعة التي تكافح الظلام أثر رومانسي وسط الرعب، وفي شتاء يناير «تكاد الشمس لا تظهر من وراء السحب وكان القمر مخنوقاً بيد قاتل ماهر». ويواصل عبد اللطيف في هذه الرواية الاستغناء من علامات الترقيم، مانحاً السرد إيقاعاً أسرع، معفياً القارئ من التوجيه والحمل العاطفي الذي تضيفه علامات الترقيم إلى الجملة.
لا يمضي الأثر الذي تتركه «عصور دانيال في مدينة الخيوط» في اتجاه واحد؛ بسبب لعبة المرايا التي عكست صوراً لدانيال الضحية، دانيال المجرم، دانيال الكاتب، ودانيال المتلصص، مثلما لا يمكن الوقوف على سبب واحد للعقوبة القاسية الموقعة على دمى مدينة الخيوط من الأرض والسماء، لكن المدينة التي يغتصب فيها معلم دين الأطفال فيفضي بهم للانتحار، لا يمكن أن تكون بريئة وليس كل قتلاها أبرياء.

* الإشارة إلى أمبرتو إيكو، من كتابه «حاشية على اسم الوردة» ترجمة أحمد الويزي.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.