تخوف من اصطدام «سطوة الميليشيات» بمساعي توحيد الجيش الليبي

سياسيون يتوقعون محاولة بعضها «زرع الفتنة»

اجتماع سابق لقيادات عسكرية رفيعة من شرق وغرب ليبيا بمدينة طليطلة الإسبانية لنزع سلاح الميليشيات (المستشارة الأممية)
اجتماع سابق لقيادات عسكرية رفيعة من شرق وغرب ليبيا بمدينة طليطلة الإسبانية لنزع سلاح الميليشيات (المستشارة الأممية)
TT

تخوف من اصطدام «سطوة الميليشيات» بمساعي توحيد الجيش الليبي

اجتماع سابق لقيادات عسكرية رفيعة من شرق وغرب ليبيا بمدينة طليطلة الإسبانية لنزع سلاح الميليشيات (المستشارة الأممية)
اجتماع سابق لقيادات عسكرية رفيعة من شرق وغرب ليبيا بمدينة طليطلة الإسبانية لنزع سلاح الميليشيات (المستشارة الأممية)

تخوف سياسيون ليبيون من إقدام الميلشيات المسلحة في غرب البلاد على إفشال محاولات توحيد المؤسسة العسكرية، من خلال تغولها في البلاد وفرض سطوتها على الأرض، بعد تجدد الاشتباكات المسلحة بين عناصرها في طرابلس.
ولفت عبد المنعم اليسير، عضو «المؤتمر الوطني العام» السابق، إلى حرص أغلبية قيادات الميلشيات على عدم إظهار حقيقة رفضها المطلق لمحاولة توحيد المؤسسة العسكرية، وقال لـ«الشرق الأوسط» «الميلشيات على اختلاف تصنيفاتها ترفض فكرة توحيد المؤسسة العسكرية، ولكن قيادات المؤدلجة منها ومن ينصبون أنفسهم أوصياء على (ثورة فبراير) سوف يظلون صامتين أو يكتفون بتوجيه الانتقادات عبر الإعلام بالتنسيق مع أبواق سياسية تابعة لهم». كما لفت إلى أن قطع الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها، الذي قامت به ميليشيات من مصراتة، «قد يكون هو أعلى خطوة تصعيدية يلجأون إليها لإظهار اعتراضاتهم». وتوقع أنه «ربما سيلجأون في الخفاء لزرع الفتن، وسيعمدون لترسيخ وإلصاق وصف الميلشيات بـ(الجيش الوطني)، في الذهنية الليبية، وإن تجمعت تلك الميلشيات بالشرق والجنوب تحت قيادة المشير خليفة حفتر القائد العام».
وكان البيان الصادر عن الاجتماع العسكري، الذي ضم الفريق عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان «الجيش الوطني»، والفريق محمد الحداد، رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة»، أكد على ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
من جانبه، قال محمد محمود البرغثي، وزير الدفاع الليبي السابق، في حكومة علي زيدان، إن ما تعهد به العسكريون النظاميون، من رفض العودة للاقتتال، وما حظي به اجتماعهم الأخير بطرابلس من رعاية قيادات سياسية بالشرق والغرب الليبي، «قد طمأن كثيرا من قيادات الميلشيات بأنهم ليسوا في موضع الاستهداف، وبالتالي لم يقدموا على إظهار انزعاجهم من الأمر».
ورأى البرعثي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الميلشيات يمكنها دائما في ظل قوتها التسليحية وسيطرتها على قواعد عسكرية بالعاصمة وضواحيها، الضغط على قيادات الدولة لوقف أي تمويل يخصص للمؤسسة العسكرية الموحدة»، متسائلاً: «كيف نجحت الميلشيات تدريجيا خلال السنوات الماضية في التحول إلى جيش موازٍ والحصول على حصة معتبرة من ميزانية الدولة»؟ وتابع: «هم يدركون جيدا أن تلك القيادات السياسية لن تمضي في أي خطوات تصعيدية بمواجهتهم»، لافتا إلى «اعتماد كل من رئيسي الوزراء المتنازعين على الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا، على ميليشيات لحمايتهما».
ولا يستبعد البرغثي، أن تكون الاشتباكات الأخيرة بطرابلس، «مجرد أحداث مفتعلة لإظهار سطوة أمراء الحرب من قيادات الميلشيات بالساحة الليبية، ومقارنة ذلك، بما أحدثه البيان العسكريين من أثر بهدف التقليل منه».
وطالب البرغثي، بعدم السماح للعسكريين الذين انضموا لتلك التشكيلات بالانضمام للجيش الموحد متى خرج للنور، وأن يرافق تأسيسه خطط لجمع السلاح وإخراج القوات الأجنبية من البلاد».
في السياق ذاته، أشار المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، إلى احتمالية أن تكون تلك الاشتباكات التي دارت رحاها بين جهاز «الردع» وكتيبة «ثوار طرابلس» مؤخراً، «هي البداية الجدية لتأسيس الجيش الموحد عبر تحجيم تشكيلات العاصمة، بتوجيهات صدرت من سفارات خارجية نافذة التأثير بالمشهد الليبي».
ودعا الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «لضرورة التفريق بين تشكيلات تعارض تأسيس جيش موحد لرفضها ترك السلاح وحصره في يد المؤسسة الجديدة»، وبين تشكيلات وقوى لديها تخوفات مشروعة بإمكانية استغلال هذا الجيش الموحد سياسياً، وخاصةً من قبل قيادات الشرق العسكرية بهدف الوصول للسلطة».
ورهن الكبير، مساعي توحيد المؤسسة العسكرية «بإيجاد مرجعية له وهي وضع دستور يحدد أهدافه وعقيدته»، مشيرا إلى أن «أغلب التشكيلات التي بات لها تمثيل رسمي وتتبع وزارة الدفاع أو المجلس الرئاسي قد تبادر بالانضمام له بشكل فردي، إذا ما قدمت لها إغراءات مالية وتعهدات بعدم الملاحقة». واستدرك: «هذا لا يعني السماح لمن أدين بارتكاب جرائم حرب بالانضمام لهذا الكيان العسكري».
أما رئيس وحدة التسلح بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أحمد عليبة، فذهب إلى أن الخطر الحقيقي على محاولة توحيد القيادة على مستوى رئاسة الأركان يكمن في أسماه بـ«فشل الصفقات السياسية الراهنة». وقال: «الميلشيات قادرة دائما على توتير المشهد، ولكن إذا تعثرت أو فشلت (الصفقة السياسية الراهنة) والتي أدت لهذا التقارب العسكري بين الشرق والغرب ستكون ليبيا بصدد العودة لذات الانقسام العسكري وربما بوضعية أسوأ». وقلل من التخوفات حول احتمالية قيام دول إقليمية وغربية سبق ودعمت ميليشيات محلية بعرقلة توحيد المؤسسة العسكرية، وقال «هم وظفوا الميلشيات لحماية مصالحهم خلال فترات الفوضى وبالتالي وجود مؤسسة عسكرية قوية سوف يحقق أهدافهم».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

قيس سعيّد رئيساً لتونس لولاية ثانية بأكثر من 90 % من الأصوات

الرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ب)
TT

قيس سعيّد رئيساً لتونس لولاية ثانية بأكثر من 90 % من الأصوات

الرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ب)

أعلنت هيئة الانتخابات في تونس، اليوم الاثنين، فوزَ قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ عام 2021، بولاية ثانية بعد نيله 90.7 في المائة من الأصوات في انتخابات رئاسية غاب فيها التنافس.

وحسب «رويترز»، اقترع 2.4 مليون شخص لصالح سعيّد، بينما نال منافسه المسجون العياشي زمال 197 ألف صوت (7.35 %)، والنائب السابق زهير المغزاوي 52 ألفاً (1.97 %). وبلغت نسبة المشاركة 28.8 في المائة، وهي الأدنى منذ الثورة التي أطاحت نظام زين العابدين بن علي في 2011.