لم تكن صباح محمود (40 عاماً) تتخيل أنها ستضطر لتغيير وجهة التنزه واللهو الأسبوعية لها ولأطفالها الثلاثة، بين يوم وليلة، وبقرار «لا تجد له مبررا»، فرغم موجة الغلاء التي تشهدها البلاد مؤخراً، في أعقاب تغير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار (الدولار بـ18.93 جنيه)، وفي ظل الأزمات الاقتصادية العالمية الناتجة عن تداعيات «كوفيد - 19»، والأزمة الروسية - الأوكرانية، ظلت وجبات «ماكدونالدز» واحدة من «أحب الوجبات لأطفالها»، وكان التوجه للمطعم ظهر كل يوم جمعة «إحدى الوجهات الرئيسية لها»، لكن الأمر تغير الآن، مع قرار سلسلة المطاعم العالمية «زيادة سعر وجباتها في مصر بنسبة تقترب من 50%».
تعود ذكريات صباح، التي تعمل موظفة بإحدى شركات القطاع الخاص، مع وجبات «ماكدونالدز» إلى أيام إعلانات «منيو الفكة»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدنا على وجبات (ماكدونالدز) نتيجة الإعلانات والعروض الكثيرة، التي كانت تقدمها سلسلة المطاعم العالمية، وأشهرها إعلانات منيو الفكة، الذي كان يتيح شطائر بأسعار لا تتجاوز خمسة جنيهات، ومع الوقت زادت الأسعار، واستطعنا التكيف معها»، لكنها تضيف أن «الزيادة الأخيرة غير مبررة، فالأسعار ارتفعت بنسبة النصف تقريباً، لتصبح الوجبة الأسبوعية لخمسة أفراد (هي وزوجها وأولادها الثلاثة)، نحو 750 جنيهاً، بدلاً من 500 جنيه في السابق».
دخلت «ماكدونالدز» إلى السوق المصرية عام 1994 عبر تأسيس أول فرعين لها في منطقتي الميرغني، والمهندسين، بمحافظة القاهرة، ومع الوقت انتشرت فروع سلسلة المطاعم الأميركية الشهيرة، التي تأسست عام 1955، في جميع المحافظات المصرية، معتمدةً سياسة «العروض التسويقية» التي تخاطب شرائح الشعب المختلفة بأسعار مخفضة.
وأثارت الزيادة السعرية الأخيرة حالة من الغضب والاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تداولوا صوراً لإعلانات «ماكدونالدز» القديمة، مصحوبة بعبارات ساخرة من قبيل «أيام منيو الفكة»، و«العثور على حفريات أثرية متبقية من أسعار ماكدونالدز»، وغيرها.
بدوره يطالب الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل، المصريين بـ«الامتناع» عن شراء وجبات «ماكدونالدز»، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «أي زيادة في السعر يجب أن تكون مرتبطة بالعرض والطلب، وهناك الكثير من المطاعم التي تقدم وجبات شبيهة، فلو قلل المصريين من شراء وجبات (ماكدونالدز) بالأسعار الجديدة، ستضطر الشركة إلى عمل عروض أو تخفيضات لاستعادة زبائنها».
لكن سلسلة المطاعم الأميركية تبرر الزيادة السعرية بما يسمى «مؤشر بيغ ماك الاقتصادي»، الذي ابتكرته مجلة «إيكونوميست» البريطانية عام 1986 لقياس القوة الشرائية في مختلف دول العالم، اعتماداً على سعر وجبة «بيغ ماك» المنتشرة في مختلف دول العالم، ووفقاً لهذا المؤشر فإن سعر وجبة «بيغ ماك» في مصر حالياً والبالغ 88 جنيهاً، أي ما يعادل 4.65 دولار أميركي، يظل أقل من نظيره في الولايات المتحدة الأميركية، والتي يصل فيها سعر نفس الوجبة إلى 5.9 دولار.
ويحسب المؤشر عدد الوجبات التي يستطيع المواطن شراءها بالحد الأدنى للأجور في كل دولة، حيث يستطيع الحد الأدنى للأجور في مصر (2700 جنيه) شراء 30.7 وجبة شهرياً، مقابل 164.6 وجبة شهرياً يمكن شراؤها بالحد الأدنى للأجور في أميركا (986 دولاراً).
ويرفض نافع «مؤشر بيغ ماك» كوسيلة لقياس القوى الشرائية، ويقول إن «الإفراط في استخدام هذه المؤشرات أوهم المطاعم والشركات بقدرتها على تقييم أسعار العملات»، مضيفاً أن «تقييم القوة الشرائية يتم قياسه بأسعار سلة من السلع، وليس عبر سعر سلعة واحدة، ولو استجبنا لزيادة أسعار (ماكدونالدز) الحالية فنحن نمنح الشركة الفرصة لتقييم سعر العملة المصرية، والتحكم فيها»، مشيراً إلى أن «المؤشر الأدق لقياس قيمة العملة المصرية هو ما أعلنه بنك أميركا في فبراير (شباط) 2022، ويقول إن الدولار تتراوح قيمته ما بين 20.5 و23 جنيهاً».
ردود متباينة بعد رفع «ماكدونالدز» أسعارها في مصر بنسبة 50 %
ردود متباينة بعد رفع «ماكدونالدز» أسعارها في مصر بنسبة 50 %
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة