مسامحة النفس عن أخطاء سابقة أداة شفاء قوية

4 عناصر جوهرية لتصحيح الأخطاء

مسامحة النفس عن أخطاء سابقة أداة شفاء قوية
TT

مسامحة النفس عن أخطاء سابقة أداة شفاء قوية

مسامحة النفس عن أخطاء سابقة أداة شفاء قوية

ربما تعاني بعض الأحيان عندما تفكر في الإساءة التي وجّهها إليك شخص ما، لكن ماذا لو كنت أنت الطرف المخطئ؟ كثيراً ما تعاود المرء ذكريات مواقف اعتدى فيها أحدنا على شخص آخر بالتنمر، أو اقترف خطأ في حق زميل له في العمل، أو أنهى علاقة مع صديق أو قريب على نحو لم يراعِ فيها مشاعر الطرف الآخر.

الندم والمسامحة
أوضح ريتشارد كاودن، عالم النفس المتخصص بمجال الشخصية الاجتماعية لدى برنامج ازدهار الإنسان Human Flourishing Program التابع لمعهد هارفارد للعلوم الاجتماعية الكمَية، أن «من الممكن أن يحدث هذا في كثير من الأحيان مع تقدم الناس في العمر وتعرضهم لخسارة شخصية أو انتكاسة. في هذه المواقف، يبدأ المرء في الشعور بالندم». ويضيف: «عندما تعاود مثل هذه الذكريات الظهور، فإنها عادة ما تكون مؤشراً على أنك بحاجة للتعامل مع هذه المشاعر، بدلاً عن كبتها. إذ يمكن لهذه المشاعر التأثير عليك بصور لا تدركها. ويطرح هذا الموقف فرصة لتناول أخطائك الماضية والتحرك قدماً أخيراً نحو مسامحة نفسك». أما التحدي الأكبر الذي يجابه المرء فيما يخص مسامحة النفس، فيكمن في الاعتقاد الخاطئ بأن هذه المسامحة هي نوع من الضعف، مع أنها في الواقع تتطلب قدراً كبيراً من الشجاعة. عن هذا الأمر، قال كاودن: «مسامحة النفس يمكن أن تبلغ ذروتها في تنمية الذات self - growth. لذا، فإنه عندما تعاودنا ذكريات أمور نندم على أننا فعلناها، فإن بمقدورنا التعامل مع هذا الموقف باعتباره فرصة لمعرفة المزيد عن أنفسنا وتنمية ذواتنا على نحو إيجابي». ويمكن أن تنطوي مسامحة النفس على مجموعة من المنافع الصحية، فقد كشفت دراسات أن ثمة ارتباطاً بين مسامحة الذات وتراجع الشعور بالذنب والعار والاكتئاب والقلق وتعاطي المخدرات، بجانب ارتفاع مستوى تقدير الذات والرضا عن الحياة. وأضاف كاودن: «غالباً ما نكون أشد قسوة على أنفسنا عن الآخرين، لكن بمجرد أن تسامح نفسك وتفلت من العقاب الذاتي، يمكنك حينها الشروع في التشافي وتغيير السلوك على نحو إيجابي».

عناصر المسامحة
ثمة 4 أجزاء لعملية مسامحة الذات؛ الشعور بالمسؤولية والندم وإعادة التوجيه والتجديد (كلها تبدأ بحرف الراء اللاتيني - ومن هنا تسمى 4R). وفيما يلي بعض الطرق للتعامل مع كل جزء.
* الشعور بالمسؤولية responsibility. غالباً ما تكون مواجهة ما قمت به الجزء الأكثر صعوبة في مسامحة الذات. عن ذلك، قال كاودن: «من غير المريح الاعتراف بأنك اقترفت خطأً، ومن الطبيعي أن يحمي المرء تقديره لذاته من خلال رفض ما حدث أو اختلاق الأعذار لسلوكه».
- ما يمكنك فعله؛ اكتب رسالة باستخدام القلم والورق أو لوحة مفاتيح الكومبيوتر، حدد الخطوط العريضة لأخطائك واعترف بمخاوفك. عن ذلك، شرح كاودن: «لست مضطراً لإرسال الرسالة إلى الشخص المعني، وإنما مجرد التعبير عن نفسك وكتابة ما يدور في خلدك يمكن أن يساعدك في معالجة مشاعرك حول سلوكك السابق».
* الندم remorse. بمجرد أن تتحمل المسؤولية عن ماضيك، قد تواجه مشاعر سلبية، مثل الشعور بالخزي والذنب. وأوضح كاودن أن «هذا أمر طبيعي، لذا لا تحاول كبت هذه المشاعر».
- ما يمكنك فعله؛ تحدث عن الأمر، وتذكر دوماً أنك لست وحدك، وأن الآخرين يعانون من مشكلات مماثلة. وشرح كاودن أنه «من الممكن أن تساعدك مشاركة هذه المشاعر مع صديق تثق به على التعامل معها واكتساب نظرة ثاقبة، وغالباً ما يمكنك رد الجميل».
* إعادة التوجهات reorientation. يتمثل أهم أجزاء مسامحة الذات في التعويض عما مضى amends (إذا كان ذلك ممكناً) ومحاولة ما بوسعك حتى لا تكرر الخطأ.
- ما يمكنك فعله؛ اعتذر. عليك تقديم اعتذار إذا تطلب الأمر (أو أرسل تلك الرسالة، إذا كان ذلك أسهل). استخدم تعبيرات عن الأسف مثل «أتمنى لو أن بمقدوري العودة بالزمن» أو «أتمنى لو كنت أكثر عقلانية». ويتمثل نهج آخر في أن تسأل الشخص الذي أخطأت بحقه ما يمكنك القيام به للتعويض. إذا لم تتمكن من التواصل مع هذا الشخص، فقم بإجراء محادثة وهمية معه أو معها أو شارك اعتذارك مع شخص، أنتما الاثنان على معرفة به. عن هذا، قال كاودن: «يمكن أن يساعدك هذا التمرين على الالتزام بعدم الانخراط في نفس السلوك في المستقبل».
* التجديد renewal. تمثل هذه مرحلة الشفاء الذاتي، ذلك أنك تتخلى عن الخطأ الذي ارتكبته وتمضي قدماً في الدروس التي تعلمتها.
- ما يمكنك فعله؛ تواصل مع جانبك الروحي. إذا كنت تتبع ممارسة دينية أو روحية، أو فكرت في الأمر، أو كنت تتطلع إلى العودة إلى ممارسة ما، فهذه فرصة لاستكشاف مسامحة الذات من خلال الصلاة أو التأمل. وفي هذا الصدد، شرح كاودن: «ييسر هذا غالباً التفكير الداخلي، الذي يمكن أن يساعدك على إدراك أن الجميع يسقطون في أخطاء، وأنك لا تزال قابلاً للإصلاح».
المؤكد أن التسامح مع الذات ليس بالأمر الهين، وربما يستغرق وقتاً وجهداً إضافيين، لكنه يستحق ذلك، حسبما أضاف كاودن. وقال: «يمكن لهذا الأمر أن يحررك من أخطائك الماضية، ويعينك على العيش بشكل كامل في الحاضر. قد تتفاجأ بمدى تحسن شعورك إذا تمكنت من مسامحة نفسك».

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»
ـ خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)

هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

يختلف متابعون حول مدى صحة استخدام الملاعق الخشبية في الطهي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يسعى العلماء إلى إعادة تعريف كيفية إدارة الحالات المزمنة مثل السكري مما يوفر أملاً لملايين الأشخاص حول العالم (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنواع الفرعية لمرض السكري

يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا مفيدة للأفراد في المناطق النائية أو ذات التحديات الاقتصادية.

نسيم رمضان (لندن)
صحتك العيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية

العيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية

قال موقع «ساينس أليرت» إن دراسة حديثة خلصت إلى أن الفحوصات التي تُجرى للعيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
TT

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)

حددت دراسة عالمية 300 عامل خطر جيني غير معروفة سابقاً للاكتئاب لأنها شملت عينة سكانية واسعة جداً، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 3.8 في المائة من سكان العالم من الاكتئاب، مما يؤثر على نحو 280 مليون شخص. وفي حين أن مجموعة من العوامل بما في ذلك الأحداث السلبية في الحياة، وسوء الصحة الجسدية والإجهاد يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، إلّا أن أسباب الاكتئاب تشتمل أيضاً على عنصر وراثي.

درس فريق دولي من الباحثين، بقيادة جامعة إدنبرة وكلية كينغز لندن البريطانيتين، بيانات جينية مجهولة الهوية من أكثر من 5 ملايين شخص في 29 دولة، واحد من كل أربعة من البيانات من أصول غير أوروبية، وهي دراسة أكثر شمولية من البحث السابق عن تأثير عامل الوراثة للاكتئاب والذي ركّز في المقام الأول على السكان البيض الأكثر ثراءً، وأهمل معظم أنحاء العالم.

من خلال تضمين عينة أكثر تنوعاً في الدراسة، تمكن الباحثون من تحديد عوامل خطر جديدة مسببة للاكتئاب. ووجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة «سيل» Cell (خلية) وهي مجلة علمية محكمة مختصة بمجال علوم الحياة، 700 اختلاف في الشفرة الجينية للأفراد مرتبطة بتطور الاكتئاب، ولم يكن ما يقرب من نصف هذه الاختلافات الجينية مرتبطة بحالة الاكتئاب من قبل.

هذه التغيرات الصغيرة في الحمض النووي كانت مرتبطة بالخلايا العصبية في مناطق متعددة من الدماغ، بما في ذلك المناطق التي تتحكم في العاطفة.

وتم تحديد 100 من الاختلافات الجينية غير المعروفة سابقاً على وجه التحديد مرتبطة بالأشخاص من أصل أفريقي وشرق آسيوي وإسباني وجنوب آسيوي الذين تم تضمينهم في الدراسة.

وبينما احتمال تأثير كل عامل خطر وراثي منفرد على الاكتئاب صغير جداً، فإن التأثير التراكمي للأفراد الذين لديهم متغيرات متعددة في الحمض النووي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وفقاً للدراسة.

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً (رويترز)

فهم أوسع لمسببات الاكتئاب

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة، بغض النظر عن العرق، وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً، مما يساعد على تقليل التفاوتات الصحية.

حسبت الدراسة 308 جينات مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب. ثم فحص الباحثون أكثر من 1600دواء لمعرفة ما إذا كان لهذه الأدوية تأثير على تلك الجينات. وبالإضافة إلى مضادات الاكتئاب، حددت الدراسة أن عقار بريغابالين المستخدم في علاج الألم المزمن، ومودافينيل المستخدم في علاج الخدار، كان لهما أيضاً تأثير على هذه الجينات، وبالتالي يمكن استخدامهما لعلاج الاكتئاب.

وقال المؤلفون إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات والتجارب السريرية لاستكشاف إمكانات هذه الأدوية في علاج مرضى الاكتئاب.

وأوضح البروفيسور أندرو ماكنتوش، أحد المؤلفين الرئيسين للدراسة ومن مركز علوم الدماغ السريرية بجامعة إدنبرة «هناك فجوات هائلة في فهمنا للاكتئاب السريري تحد من الفرص لتحسين النتائج بالنسبة للمتضررين. إن الدراسات الأكبر والأكثر تمثيلاً على مستوى العالم ضرورية لتوفير الرؤى اللازمة لتطوير علاجات جديدة وأفضل، ومنع المرض لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة».

وتعليقاً على النتائج، قال الدكتور ديفيد كريباز كاي، رئيس قسم الأبحاث والتعلم التطبيقي في مؤسسة الصحة العقلية، إن المجموعة الجينية المتنوعة للدراسة كانت «خطوة مهمة إلى الأمام» ولكن لا ينبغي استخدام عوامل الخطر الجينية دليلاً نهائياً للعلاج.

وأضاف: «بينما يمكن أن تساعد الأبحاث مثل هذه في تشكيل التدابير لأولئك المعرضين لخطر وراثي أعلى، يجب أن تركز الوقاية من الاكتئاب على معالجة القضايا الأوسع في المجتمع والتي تؤثر على الصحة العقلية إلى حد أكبر بكثير، مثل تجارب الفقر أو العنصرية».

وقالت الدكتورة جانا دي فيليرز، المتحدثة باسم الكلية الملكية للأطباء النفسيين البريطانية: «نرحب بهذا البحث في المتغيرات الجينية التي يمكن أن تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وتنوع الدراسة من حيث التمثيل العالمي يجعله جديراً بالملاحظة بشكل خاص. من خلال تحسين فهمنا لعوامل الخطر الجينية وأسباب المرض العقلي، قد نتمكن من تطوير طرق علاج أفضل».

وتابعت «سنواصل دعم الجهود الجارية للوقاية من المرض العقلي وتحسين النتائج لأولئك المتضررين من الاكتئاب».