أزمة سريلانكا تفجّر تلاسناً أميركياً ـ صينياً

انقطاع البث المباشر لأداء ويكريميسينغه اليمين الدستورية

الرئيس السريلانكي الجديد خلال مراسم أداء اليمين في البرلمان أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السريلانكي الجديد خلال مراسم أداء اليمين في البرلمان أمس (أ.ف.ب)
TT

أزمة سريلانكا تفجّر تلاسناً أميركياً ـ صينياً

الرئيس السريلانكي الجديد خلال مراسم أداء اليمين في البرلمان أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السريلانكي الجديد خلال مراسم أداء اليمين في البرلمان أمس (أ.ف.ب)

أدّى رانيل ويكريميسينغه اليمين، الخميس، رئيساً لسريلانكا، فيما تسببت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها، في تلاسن بين واشنطن وبكين. وأدى ويكريميسينغه (73 عاماً) الذي انتخبه البرلمان الأربعاء اليمين الدستورية، أمام رئيس المحكمة العليا جاياناثا جاياسوريا، في مجمع البرلمان الخاضع لحراسة مشددة، كما أعلن مكتبه.
وكان من المقرر أن يبث الاحتفال القصير على التلفزيون مباشرة، لكن التغطية قُطعت مع دخول ويكريميسينغه وزوجته مايثري المبنى بعد عرض عسكري، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وقال مسؤول دفاعي للوكالة إن «تحقيقاً فُتح لمعرفة سبب انقطاع البث المفاجئ».
ووقف قائد الشرطة السريلانكية وكبار الضباط العسكريين خلف الرئيس الجديد خلال الاحتفال الذي جرى بحضور رئيس البرلمان ماهيندا أبيواردانا. وأشارت مصادر رسمية إلى أنه من المتوقع أن يشكل الرئيس الجديد حكومة لا يتجاوز عددها 30 وزيراً، لإخراج البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ استقلالها عن بريطانيا.
- أبعاد دولية
يعاني السّكان، البالغ عددهم 22 مليوناً، نقصاً خطراً في المواد الأساسية منذ نهاية العام الماضي، إذ إن البلاد لم تعد تملك عملات أجنبية لتمويل وارداتها الأساسية، من غذاء وأدوية ووقود. وتخلّفت سريلانكا عن سداد دينها الخارجي، البالغ 51 مليار دولار، منتصف أبريل (نيسان)، وتجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف إقرار خطة إنقاذ.
وهناك حصة أكبر من القروض مستحقة لحاملي السندات السيادية الدولية، في حين أن الخبراء الاقتصاديين ألقوا باللوم على التخفيضات الضريبية غير المستدامة التي دفع بها راجابكسا لإعاقة الإيرادات الحكومية.
وقال رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، الأربعاء، إن سريلانكا قامت بـ«رهانات غبية» من خلال الاستدانة من الصين، ليشرح جزئياً الأزمة التي تشهدها الجزيرة، موضحاً أن عليها أن تكون بمثابة تحذير للدول الأخرى التي يغريها مثل هذا التقارب مع بكين. وأوضح بيل بيرنز، خلال منتدى الأمن في أسبن، في ولاية كولورادو: «للصينيين نفوذ كبير، ويمكنهم أن يجعلوا استثماراتهم جذابة للغاية». وردّ الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وينغ وينبن، بأن تعليقات المسؤولين الأميركيين لن تؤثر على علاقات الصين «الودية وذات المنفعة المتبادلة» مع سريلانكا.
- غضب متنامٍ
تفاقم الغضب العام جراء الأزمة، ما دفع بعشرات الآلاف من المتظاهرين إلى اقتحام منزل الرئيس السابق، غوتابايا راجابكسا. الأمر الذي أجبره على التنحي وتمهيد الطريق لانتخاب ويكريميسينغه. ويتوقّع أن يدعو ويكريميسينغه زميله السابق في المدرسة، ووزير الإدارة العامة السابق، دينيش غوناواردينا، لتولي رئاسة الوزراء في حكومة الوحدة. لكنّ مصادر سياسية أفادت أن هناك مرشحين اثنين على الأقل يشاركان في السباق على منصب رئيس الوزراء. ويعرف ويكريميسينغه وغوناواردينا أحدهما الآخر منذ سن الثالثة، ودرسا معاً في «رويل كوليدج» المرموقة في كولومبو. وغوناواردينا هو زعيم نقابي، ويمثّل حزباً قومياً صغيراً متحالفاً مع حزب راجابكسا.
وقال مصدر مقرب من ويكريميسينغه: «سينضم عدد قليل من نواب المعارضة الرئيسية إلى الحكومة»، مضيفاً أنه حريص على أن يضمن ائتلافاً يضمّ مجموعات سياسية مختلفة.
وعن المظاهرات المستمرة، تعهّد ويكريميسينغه باتخاذ موقف متشدد ضد مثيري الشغب الذين يحاولون تعطيل حكومته، لكنه أشار إلى أن هناك فرقاً بين المتظاهرين السلميين و«مثيري الشغب» الذين يلجأون إلى وسائل غير قانونية. وقال: «إذا حاولنا إطاحة الحكومة واحتلال مكتب الرئيس ومكتب رئيس الوزراء، فذلك ليس ديمقراطية وسنتعامل مع المشاركين بحزم». وأضاف: «سنتعامل معهم بحزم بموجب القانون. لن نسمح لأقلية من المحتجين بقمع تطلعات الغالبية الصامتة التي تطالب بتغيير في النظام السياسي».
واتّهم المتظاهرون الذين اقتحموا قصر راجابكسا وأطاحوه في وقت سابق من هذا الشهر، ويكريميسينغه بأنه حليف لعائلة راجابكسا ومدافع عنها. وقال عرفان حسين، وهو مربي دواجن في العاصمة كولومبو: «لسنا في حاجة إلى رانيل، فهو مثل غوتا». وأضاف: «لا أعتقد أنه سيحسن بلادنا. هو لا يفكر إلا في نفسه وليس في الشعب». لكن الرئيس الجديد قال للصحافيين من معبد غنغارامايا: «أنا لست صديقاً لراجابكسا، أنا صديق للشعب».
وعقد ويكريميسينغه أول اجتماع رسمي له مع الضباط العسكريين الكبار وقائد الشرطة في وزارة الدفاع، الخميس، لمناقشة البيئة الأمنية.
وينص الدستور السريلانكي على أن الرئيس هو أيضاً وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة. وكان ويكريميسينغه، بصفته رئيساً بالإنابة، أعلن حالة الطوارئ التي يُمنح الجيش بموجبها سلطات واسعة لتوقيف مشتبه بهم واحتجازهم.


مقالات ذات صلة

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات سفرهم خارج البلاد التي تعاني من إفلاس (إ.ب.أ)

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان الأربعاء إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعياً إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد في ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا أنني لست هنا لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه لدى وصوله لإلقاء كلمة أمام البرلمان في كولومبو (أ.ف.ب)

رئيس سريلانكا يتوقع البقاء في حالة إفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعيًا إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا انني لست هناك لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». وأضاف «إذا واصلنا خطة (الإصلاحات) يمكننا الخروج من الإفلاس بحلول 2026». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
العالم الرئيس السريلانكي رانيل ويكريمسينغه خلال العرض العسكري (أ.ب)

الرئيس السريلانكي يدعو إلى التفكير في «الأخطاء» الماضية

بينما تمر البلاد بأزمة كبيرة، دعا الرئيس السريلانكي، رانيل ويكريمسينغه، خلال عرض عسكري بمناسبة مرور 75 عاماً على استقلال البلاد، إلى التفكير في «الأخطاء والإخفاقات» الماضية. ومنذ انتهاء الاستعمار البريطاني في 1948، قضت الدولة الجزيرة جزءاً كبيراً من تاريخها في حرب مع نفسها.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد صورة أرشيفية تظهر مسار قاطرات تنقل مواد تعدينية من مدينة الجبيل السعودية (غيتي)  -   نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي

سريلانكا تتطلع للاستفادة من تجربة التعدين السعودية

شدد المهندس نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي على آفاق التعاون بين كولمبو والرياض بمختلف المجالات، وقطاع التعدين على وجه التحديد، متطلعا إلى تعزيز التعاون مع السعودية بقطاع التعدين، والاستفادة من تجارب المملكة في تطوير الصناعة المعدنية وقوانين وأنظمة المعادن، والمواكبة، والنهوض بإمكانات بلاده المعدنية. ودعا نصير السعوديين للاستثمار بالقطاع في بلاده، وإقامة مشاريعهم الاستكشافية والقيمة المضافة للإنتاج التعديني في البلدين، مشيرا إلى أن بلاده بدأت حقبة جديدة في التنمية الاقتصادية والنمو، وفي طريقها لتجاوز التحديات التي أفرزت انهيارا اقتصاديا وضائقة مالية. وشدد نصير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على ا

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
العالم عناصر من جيش سريلانكا (أرشيفية - إ.ب.أ)

سريلانكا تخفض جيشها بنحو الثلث لخفض الإنفاق

قال وزير الدفاع السريلانكي، اليوم الجمعة، إن بلاده ستخفض قوام جيشها بما يصل إلى الثلث، إلى 135 ألفاً بحلول العام المقبل، وإلى 100 ألف بحلول عام 2030، فيما تحاول البلاد، التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ أكثر من سبعة عقود، خفض الإنفاق. وقال بريميتا باندارا تيناكون في بيان: «الإنفاق العسكري هو في الأساس نفقات تتحملها الدولة، التي تحفز بشكل غير مباشر وتفتح مجالات للنمو الاقتصادي عن طريق ضمان الأمن القومي وأمن السكان».

«الشرق الأوسط» (كولومبو)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».