مساعٍ خارجية لكسر الجمود السياسي في ليبيا

براغ تؤكد دعمها جهود استكمال الاستحقاق المُرتقب

عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات في ليبيا (يمين) ملتقياً السفير التشيكي لدى البلاد يان فيسيتال في طرابلس (المفوضية)
عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات في ليبيا (يمين) ملتقياً السفير التشيكي لدى البلاد يان فيسيتال في طرابلس (المفوضية)
TT

مساعٍ خارجية لكسر الجمود السياسي في ليبيا

عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات في ليبيا (يمين) ملتقياً السفير التشيكي لدى البلاد يان فيسيتال في طرابلس (المفوضية)
عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات في ليبيا (يمين) ملتقياً السفير التشيكي لدى البلاد يان فيسيتال في طرابلس (المفوضية)

دفع التقدم المُحرز على الصعيد العسكري في ليبيا كثيراً من الأطراف الإقليمية والخارجية لتجديد مساعيها بغية حلحلة الأزمة السياسية المُتكلسة، وتقريب وجهات النظر حول ضرورة إجراء انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب الآجال، لإنقاذ البلاد من الفوضى.
وأمام حالة من «القلق» الأميركي حيال ما وُصف بـ«الجمود السياسي» في ليبيا، جاء الدور الألماني، الذي يجسده السفير ميخائيل أونماخت، ليؤكد أن «الحفاظ على إنجازات محادثات (القاهرة) و(جنيف)؛ ومواصلة البحث عن اتفاق بشأن القضايا العالقة في (المسار الدستوري) أمر حاسم للانتخابات والاستقرار السياسي في ليبيا».
ويرى سياسيون ليبيون أن تعقّد الأزمة السياسية يرجع إلى «تمسك كل فصيل بما يراه مناسباً له ولجماعته»، لكنها «فتحت المجال أمام إذابة جليد الخصومة التقليدية بين جبهتي شرق وغرب ليبيا».
ولمّح السياسيون إلى التقارب بين عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، والمشير خلفية حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، من جهة، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وتركيا من جهة أخرى، ورأوا أن ذلك قد يصب في صالح حلحلة القضية الليبية.
وذهب فيصل الشريف المحلل السياسي الليبي، إلى أن ما وصفها بـ«الصفقة» التي أُبرمت بين حفتر والدبيبة، «حققت مكاسب سياسية للأخير في مواجهة خصومه».
وتحدث رئيس مجلس النواب عن حالة من التقارب مع تركيا، كاشفاً في تصريحات إعلامية لفضائية «المسار» الليبية، مساء أول من أمس، عن زيارته أنقرة قريباً (دون تحديد موعدها)، كما لفت إلى لقاء قريب سيجمع وفداً من مجلس النواب التركي مع فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» المكلفة من البرلمان.
وفي السياق ذاته، عبّر السفير الألماني، الذي التقى في طرابلس العاصمة خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، وعبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي، مساء أول من أمس، عن سعادته لمواصلة الجهود التي قد تُفضي إلى تقارب بشأن خلافات «المسار الدستوري» بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، كما رحّب «بجهود المجلس الرئاسي للتوصل إلى تسوية بين جميع الأطراف السياسية».
وتُبدي ألمانيا اهتماماً بالقضية الليبية لجهة الوصول إلى استقرار سياسي وإجراء الانتخابات «في أسرع وقت ممكن»، وهو ما عكسته المباحثات التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في برلين منتصف الأسبوع الجاري، مع المستشار الألماني أولاف شولتس، وفقاً للمتحدث الرئاسي.
وتمحورت المحادثات حول الأزمة الليبية في ظل «توافق على تضافر الجهود المشتركة سعياً لتسوية الأوضاع هناك على نحو شامل ومتكامل، وبما يسهم في الحد من التدخلات الخارجية، ويحافظ على موارد ومؤسسات الدولة الليبية».
وكان مؤتمر «برلين 1» الذي استضافته ألمانيا في 18 و19 يناير (كانون الثاني) عام 2020 قد انتهى إلى ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار وعدم التدخل الخارجي في ليبيا، مع تأكيد أنه «لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية».
وجاء «برلين 2»، الذي استضافته ألمانيا أيضاً في 24 يونيو (حزيران) 2021، ليؤكد ضرورة خروج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من أنحاء ليبيا، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث لأسباب عدة.
وفي إطار الدعم الدولي للمسار الديمقراطي في ليبيا، التقى عماد السائح، رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مع السفير التشيكي لدى ليبيا يان فيسيتال، بديوان مجلس بالعاصمة.
وقالت المفوضية إن اللقاء استهدف «الوقوف على مستوى جاهزية المفوضية لتنفيذ العمليات الانتخابية القادمة»، مشيرةً إلى أنه تناول أيضاً ما يمكن تقديمه من دعم وخبرات من خلال الدعم الفني والاستشاري المقدم من بعثة الاتحاد الأوروبي عبر مشروع (بيبول) الذي تشرف على تنفيذه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
ونقلت المفوضية أن فيسيتال أكد دعم حكومة بلاده لجهود استكمال الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة، وقال: «أشاد بمستوى جاهزيتها، بعدما اطّلع على جهود مراحل العملية الانتخابية التي تم إنجازها».
وسبق لريتشارد نورلاند، مبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، أن ابدى «قلقه» بشأن الجمود السياسي في ليبيا، مرحّباً بدعوة المجلس الرئاسي لوجود تسوية، لكنه حث «القادة السياسيين الليبيين عبر الطيف السياسي وداعميهم الأجانب على اغتنام الفرصة لاستعادة ثقة مواطنيهم في مستقبل البلاد»، ورأى أن الحوار والتسوية هي التي تحدّد معالم الطريق للانتخابات والاستقرار السياسي.
وإلى جانب الجهود المبذولة على الصعيد الخارجي، أكد ماريو دراغي رئيس الوزراء الإيطالي، الذي التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، منتصف الأسبوع الجاري، أن بلديهما «يعملان على إحلال السلام في منطقة البحر المتوسط»، ورأى أنهما قادران على «تقديم مساهمة حاسمة في استقرار ليبيا».
وبينما لا تزال الخلافات حول «المسار الدستوري» اللازم لإجراء الانتخابات قائمة دون التوصل إلى توافق بين مجلسي النواب والأعلى لـ«الدولة» بشأن كثير من النقاط الخلافية، عقد الأخير جلسة مساء أول من أمس، في مقر المجلس بالعاصمة لمناقشة مخرجات «المسار الدستوري» بين المجلسين الذي ترعاه البعثة الأممية. لكنه علّق جلسته إلى الاثنين المقبل، للتصويت على النقاط المهمة في مشروع الوثيقة الدستورية.
وأحرزت ليبيا تقدماً عسكرياً نسبياً على صعيد البحث في خطوات توحيد المؤسسة العسكرية، في ظل لقاء رئيس أركان «الجيش الوطني» الفريق عبد الرازق الناظوري، والفريق محمد الحداد، رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» في العاصمة منتصف الأسبوع.


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

إردوغان للبرهان: تركيا يمكنها حل الخلافات بين السودان والإمارات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في أنقرة (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في أنقرة (إ.ب.أ)
TT

إردوغان للبرهان: تركيا يمكنها حل الخلافات بين السودان والإمارات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في أنقرة (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في أنقرة (إ.ب.أ)

قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، في مكالمة هاتفية، اليوم الجمعة، أن أنقرة مستعدة للتوسط في حل النزاعات بين السودان والإمارات.

وقالت الرئاسة التركية، في بيان نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، إن إردوغان ناقش مع البرهان في المكالمة الهاتفية العلاقات التركية السودانية، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والعالمية. واقترح إردوغان أن تتدخل أنقرة لحل النزاعات بين السودان والإمارات، كما توسطت في نزاع بين الصومال وإثيوبيا، وفقاً لما قالته الرئاسة التركية دون الخوض في التفاصيل.

ووفقاً للرئاسة، أكد إردوغان للبرهان أيضاً على المبادئ الأساسية لتركيا، وهي حماية سيادة السودان ووحدة أراضيه، ومنع تحول البلاد إلى ساحة للتدخل الأجنبي. وذكر بيان لمجلس السيادة الانتقالي: «أبدى الرئيس إردوغان استعداد بلاده للتوسط بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة لإحلال الأمن والسلام في السودان».

وأضاف أن البرهان رحّب «بأي دور تركي يسهم في وقف الحرب التي تسببت فيها ميليشيا (الدعم السريع) المتمردة»، داعياً إلى تعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات.