في حين أنه من المتوقع أن يوقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمراً تنفيذياً يسمّي الإنجليزية لغة رسمية للولايات المتحدة، يشعر الناشطون بالقلق إزاء ما قد يعنيه ذلك بالنسبة لغير الناطقين باللغة الإنجليزية عندما يتعلق الأمر بالهجرة وحقوق الناخبين وقضايا أخرى، بحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
الأمر التنفيذي، الذي أُعلن عنه يوم الجمعة، سيسمح للوكالات الحكومية والمنظمات التي تتلقى تمويلاً فيدرالياً باختيار ما إذا كانت ستستمر في تقديم الوثائق والخدمات بلغات أخرى غير الإنجليزية. وتلغي هذه الخطوة تفويضاً من الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون الذي ألزم الحكومة والمنظمات التي تلقت تمويلاً فيدرالياً بتقديم المساعدة اللغوية لغير الناطقين باللغة الإنجليزية.
تعيين الإنجليزية لغة وطنية «يعزز الوحدة، ويؤسس للكفاءة في العمليات الحكومية، ويخلق مساراً للمشاركة المدنية»، وفقاً للبيت الأبيض. لكن بعض الناشطين والمنظمات يعتقدون أن هذه الخطوة ليست سوى طريقة أخرى للرئيس لتأجيج الانقسام والخوف.
«هذه ليست مجرد لفتة مسيئة تضع إبهامها في عين ملايين المواطنين الأميركيين الذين يتحدثون لغات أخرى، بل إنها ستلحق الضرر بشكل مباشر أيضاً بأولئك الذين اعتمدوا سابقاً على المساعدة اللغوية للحصول على معلومات حيوية»، قالت فانيسا كارديناس، المديرة التنفيذية لـ«صوت أميركا» America’s Voice، وهي مجموعة مناصرة لإصلاح الهجرة.
ماذا يعني أن يكون لديك لغة رسمية؟
وفقاً للمعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، فإن اللغة الرسمية هي ما تستخدمه الحكومة لإجراء الأعمال الرسمية اليومية. وجود لغة رسمية واحدة أو أكثر يمكن أن يساعد في تحديد شخصية الأمة والهوية الثقافية لأولئك الذين يعيشون فيها.
بحسب المعهد، إعطاء الأولوية للغة واحدة قد يضع بعض الأشخاص في موقع السلطة ويستبعد آخرين لا يتم الاعتراف بلغتهم.
تعتقد مجموعة «يو إس إنغليش» U.S. English، وهي مجموعة تدافع عن جعل اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية في الولايات المتحدة، أن وجود لغة رسمية يوفر وسيلة مشتركة للتواصل، ويشجع المهاجرين على تعلم اللغة الإنجليزية لاستخدام الخدمات الحكومية و«يحدد سياسة لغوية منطقية مطلوبة بشدة».
وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي، يتم التحدّث بأكثر من 350 لغة في الولايات المتحدة. اللغات الأكثر انتشاراً بخلاف الإنجليزية هي الإسبانية والصينية والتاغالوغية (يتحدّث بها قسم من سكان الفلبين) والفيتنامية والعربية.
يتحدث الأشخاص في الولايات المتحدة أيضاً لغات أميركا الشمالية الأصلية مثل نافاجو ويوبيك وداكوتا وأباتشي وكيريس وشيروكي، من بين لغات أخرى.
التأثيرات المحتملة
قالت أنابيل ميندوزا، مديرة الاتصالات في «متحدون نحلم» United We Dream، وهي منظمة غير ربحية للدفاع عن المهاجرين، إن تقييد لغة الاتصال الفيدرالية سيجعل من الصعب على الأشخاص أن يصبحوا مواطنين إذا حُرموا من القدرة على التحدث بلغتهم الأم طوال العملية. حالياً، يمكن للأشخاص الذين يستوفون متطلبات عمرية وإقامة معينة الحصول على إعفاء لأداء اختبار الجنسية والمقابلة بلغتهم الأم.
قالت ميندوزا: «يحاول ترمب إرسال رسالة مفادها أنه إذا لم تكن أبيض وغنياً وتتحدث الإنجليزية، فأنت لا تنتمي إلى هنا. اسمحوا لي أن أكون واضحة: المهاجرون هنا للبقاء. بغض النظر عن مدى صعوبة محاولات ترمب، فإنه لا يستطيع محونا».
أعلنت الكتلة اللاتينية في الكونغرس، يوم الجمعة، أن النائب عن نيويورك أدريانو إسبايلات، رئيس الكتلة، سيقدم نيابة عن الديمقراطيين، الرد الرسمي باللغة الإسبانية على خطاب ترمب القادم أمام الكونغرس.
قال جورج كاريلو، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي ﻟ«مجلس البناء اللاتيني»، إن الأمر يبدو وكأنه خطوة إلى الوراء في بلد دافع عن تنوعه. كما أنه قلق بشأن كيفية تأثير تقييد الاتصالات الحكومية على الأقاليم الأميركية مثل بورتوريكو حيث اللغة السائدة هي الإسبانية.
قال كاريلو: «إن هذا الأمر التنفيذي، على الرغم من أنه صيغ لتعزيز الوحدة، يخاطر بتفكيك الدعم الحاسم مثل برامج تعليم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية والموارد المتعددة اللغات التي تساعد المهاجرين على التكيف والمساهمة. تخيل أن الأسر تتنقل في أنظمة الرعاية الصحية أو القانونية من دون مواد بلغة يفهمونها، إنه حاجز وليس جسراً».
كما أعربت منظمة «آبيا فوت» APIAVote، وهي منظمة غير ربحية غير حزبية تركز على تسجيل الناخبين الأميركيين الآسيويين وسكان جزر المحيط الهادئ، عن قلقها من أن هذا قد يعني حواجز أمام ملايين الناخبين، مثل المواطنين المجنسين أو المقيمين المسنين الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية.