دراغي يطالب البرلمان الإيطالي بتفويض واسع

حمّل الشعبويين مسؤولية الأزمة التي تعيشها البلاد

دراغي يخاطب مجلس الشيوخ الإيطالي في روما أمس (رويترز)
دراغي يخاطب مجلس الشيوخ الإيطالي في روما أمس (رويترز)
TT

دراغي يطالب البرلمان الإيطالي بتفويض واسع

دراغي يخاطب مجلس الشيوخ الإيطالي في روما أمس (رويترز)
دراغي يخاطب مجلس الشيوخ الإيطالي في روما أمس (رويترز)

قاطعت ثلاثة أحزاب منضوية في ائتلاف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، أمس (الأربعاء)، تصويت الثقة بحكومته، بعدما فشلت مفاوضات هدفت لإيجاد أرضية مشتركة بين كافة الأطراف. وأكد حزب «فورزا إيطاليا» (يمين وسط) و«الرابطة» (يسار متشدد) و«حركة خمس نجوم» الشعبوية لمجلس الشيوخ نيتهم عدم التصويت، ما يعني وأد مساعي دراغي لحل أزمة سياسية يتوقع الآن بأن تؤدي إلى استقالته وإجراء انتخابات مبكرة. وكان دراغي قد طالب البرلمان بتفويض واسع لاستمراره في منصبه وإنهاء الأزمة الحكومية التي فجرها إعلانه الاستقالة الأربعاء الماضي، والتي رفضها رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا.
وبعد خمسة أيام من الإثارة التي غذتها الضغوط المحلية والدولية الواسعة التي تعرض لها دراغي للعودة عن استقالته، والصمت المطبق الذي لزمه، ذهب الرئيس شبه المستقيل إلى البرلمان وأدلى بخطبة عرض فيها الإنجازات الكبرى التي حققتها حكومته منذ مطالع العام الماضي، والأسباب التي حدت به إلى اعتبار أن الشروط اللازمة لبقائه لم تعد متوفرة، مشدداً على ضرورة استعادة الثقة للاستمرار في منصبه حتى نهاية الولاية التشريعية. ثم ترك الباب مفتوحاً أمام العودة، وعزا ذلك بشكل أساسي إلى الدعم العارم الذي لقيه في الساعات الأخيرة بقوله: «أنا هنا، لأن الإيطاليين يطلبون مني ذلك». وختم دراغي خطابه مشترطاً لعودته الدعم الواضح من الأحزاب السياسية التي ألقى الكرة في ملعبها، من غير أن يغيب عن باله توجيه بعض السهام إلى القوى الشعبوية التي لمح إلى مسؤوليتها عن الأزمة، وأنه لا يأمن شرها.
وكان رئيس الوزراء الإيطالي عرض التحديات الكبرى التي ما زالت تواجه حكومته، وأبدى استعداده لمواصلة العمل إذا تعهدت الأحزاب السياسية التوقيع على خريطة طريق تكون بمثابة برنامج عمل للحكومة، ليشدد بعد ذلك على أن «إيطاليا ليست بحاجة لثقة صورية تتلاشى أمام أي تدبير أو إجراء غير مريح تتخذه الحكومة، وأنها بحاجة إلى ميثاق ثقة جديد، صادق وواضح»، خاتماً خطابه بسؤال موجه إلى الأحزاب السياسية كرره ثلاث مرات «هل أنتم على استعداد لإعادة بناء هذا الميثاق؟» قبل أن يسألهم مجدداً «هل أنتم جاهزون لبذل الجهد الذي بذلتموه في الأشهر الأولى من عهد الحكومة؟».
وأوضح دراغي، أن شروط بقائه على رأس الحكومة تنحصر في حصوله على أكبر دعم ممكن، مع الضمانات اللازمة، لتنفيذ الإصلاحات الأساسية من أجل الحصول على مساعدات صندوق الإنعاش الأوروبي التي تزيد على 230 مليار يورو، وأيضاً لمواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا الذي يعترض عليه جناح كبير في حركة النجوم الخمس وحزب الرابطة، في حين يؤيده «إخوان إيطاليا» الحزب الوحيد في المعارضة.
وفاجأ دراغي الجميع بلهجة خطابه القاسية، هو الذي اعتاد على التصريحات الهادئة والمعتدلة، والانتقادات الشديدة التي استهدفت حزب الرابطة الذي بدا عليه الانزعاج واضحاً عندما رفض التصفيق في نهاية الخطاب، وأشار إلى من كان بقربه بعدم التصفيق. وكان أوضح أن الشرعية الديمقراطية الوحيدة التي يمكن أن يستند إليها رئيس وزراء مثله لم يخرج من صناديق الاقتراع، هو أوسع دعم ممكن من البرلمان، خصوصاً عندما يكون عليه أن يتخذ قرارات تؤثر على حياة المواطنين. وقال إن «السبيل الوحيد لمواصلة الطريق، هو إعادة ترميم هذا الميثاق من البداية، بجرأة، وترفع عن المصالح الحزبية الضيقة، وصدقية».
وبعد أن امتدح دراغي الأحزاب السياسية على أدائها في المرحلة الأولى، حيث تمكنت الحكومة من تحقيقات إنجازات كبيرة، انتقد سلوكها في الفترة الأخيرة عندما بدأت تبدي مصالحها وحسابات الانتخابية على المصلحة الوطنية العليا، ووجه سهاماً مباشرة إلى زعيم النجوم الخمس والرئيس السابق للحكومة جوزيبي كونتي، وقال إن «عدم التصويت في البرلمان على قرار حكومي هو موقف واضح، ولا يمكن تجاهله، ولا التقليل من شأنه، خاصة أنه جاء بعد سلسلة التهديدات والإنذارات».
ولأن الإثارة حتى اللحظات الأخيرة هي من الصفات المتأصلة في الحياة السياسية الإيطالية، انسحب زعيم الرابطة من مجلس الشيوخ فور انتهاء دراغي من إلقاء خطابه ليعقد اجتماعاً مع أركان حزبه، قبل أن ينتقل إلى منزل سيلفيو برلوسكوني الذي قطع إجازته من سردينيا وعاد إلى روما، ليعلن بعد خروجه أن الخيار بين اثنين: إما تشكيل حكومة جديدة من غير مشاركة حركة النجوم الخمس، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».