إردوغان: مرحلة ما بعد «قمة طهران» ستشهد تفعيل «مسار آستانة»

رئيسي وإردوغان في القصر الرئاسي بطهران أمس (الرئاسة الإيرانية - د.ب.أ)
رئيسي وإردوغان في القصر الرئاسي بطهران أمس (الرئاسة الإيرانية - د.ب.أ)
TT

إردوغان: مرحلة ما بعد «قمة طهران» ستشهد تفعيل «مسار آستانة»

رئيسي وإردوغان في القصر الرئاسي بطهران أمس (الرئاسة الإيرانية - د.ب.أ)
رئيسي وإردوغان في القصر الرئاسي بطهران أمس (الرئاسة الإيرانية - د.ب.أ)

بينما تبادل الجيشان التركي والسوري إرسال التعزيزات العسكرية إلى إدلب وحلب أمس، مع تصاعد الحديث عن عملية عسكرية تركية تستهدف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في منبج وتل رفعت، وبالتزامن مع القمة الثلاثية الإيرانية - التركية - الروسية في طهران أمس (الثلاثاء)، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تمسك بلاده بوحدة الأراضي السورية، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة تقييم «مسار آستانة» وتفعيله مجدداً بالتعاون مع إيران وروسيا.
وشدد إردوغان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، عقب ترؤسهما الاجتماع السابع لمجلس التعاون رفيع المستوى بين تركيا وإيران في طهران، قبل انعقاد القمة الثلاثية للدول الضامنة لمسار آستانة مع نظيريه الروسي والإيراني، على تمسك تركيا بوحدة الأراضي السورية، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تفعيل مسار آستانة للحل السياسي في سوريا الذي سيعاد تقييمه مع نظيريه الإيراني والروسي، بحسب ما نقلت وكالة «الأناضول» التركية.
وقال: «إننا نولي أهمية كبيرة لمحاربة الإرهاب، تماماً مثل إيران، فالتنظيمات الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني ومنظمة (بيجاك) المنبثقة عنه التي تعمل ضد إيران، ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، تمثل بلاء كبيراً على تركيا وإيران على حد سواء. لذلك، فالتضامن في مكافحة الجماعات الإرهابية أمر مهم بالنسبة إلينا».
بدوره، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إنه أكد لإردوغان، خلال لقائهما، التمسك بوحدة الأراضي السورية، مضيفاً أن «العلاقات الجدية بين تركيا وإيران بإمكانها أن تؤدي إلى تعاون أوسع على المستوى الإقليمي والدولي، لأن البلدين قويان ويمكنهما لعب دور في أمن المنطقة... أعتقد أن المحادثات والقضايا التي سيتم التطرق إليها تصب في هذا الاتجاه». وتابع الرئيس الإيراني أن «الإرهاب ربما يحمل أسماء مختلفة، لكن الإرهاب الذي يهدد الإنسان وأمن الحدود تجب محاربته... الغرب يتعامل مع الإرهاب بازدواجية، بينما نحن نرفض النظرة الازدواجية وندين ونحارب الإرهاب تحت أي اسم كان».
ويهدد إردوغان منذ مايو (أيار) الماضي، بشن عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يشكل مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية، قوامها الرئيسي، تنطلق من الحدود التركية وتمتد إلى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب شمال البلاد. وعلى الرغم من تأكيد إيران أنها تقدر المخاوف الأمنية لتركيا النابعة من وجود القوات الكردية على حدودها الجنوبية، فإنها ترفض قيام تركيا بأي عملية عسكرية في شمال سوريا.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا) أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أكد لإردوغان خلال لقاء معه سبق اجتماع مجلس التعاون التركي - الإيراني والقمة الثلاثية حول سوريا، أن «الحفاظ على وحدة أراضي سوريا أمر مهم للغاية، وأن أي هجوم عسكري في شمالها سيضر بتركيا وسوريا ولن يعود بالنفع أو يخدم إلا الإرهابيين فقط». وشدد خامنئي على «ضرورة حل الأزمة عبر المفاوضات والحوار بمشاركة إيران وروسيا»، مضيفاً: «تجب مواجهة الإرهاب، لكن الهجوم العسكري في سوريا سيفيد الإرهابيين، رغم أن الإرهابيين لا يقتصرون على مجموعة معينة فقط».
وتابع: «نعتبر أمن تركيا وحدودها من أمننا وأنتم يجب أن تعتبروا أن سوريا من أمنكم، وينبغي حل القضية السورية من خلال المفاوضات، ويجب على إيران وتركيا وسوريا وروسيا إنهاء هذه القضية بالحوار».
بدوره، أشار الرئيس التركي إلى أن وحدات حماية الشعب الكردية، التي وصفها بأنها منظمة إرهابية، تحصل على دعم مسلح كبير من دول غربية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، لا سيما أميركا، وأكد أن موقف تركيا واضح تجاه التمسك بوحدة الأراضي السورية. وقال: «نحن نتوقع من حكومة دمشق أن تشرع في العملية السياسية؛ والقضية السورية مدرجة بشكل خاص على جدول مفاوضات آستانة ونأمل في التوصل إلى نتائج جيدة بشأنها».
وقبل ساعات من انعقاد قمة طهران الثلاثية، صعد الجيشان التركي والسوري من إرسال التعزيزات العسكرية إلى شمال سوريا، ووصل رتل تركي إلى بلدة كنصفرة جنوب إدلب، أمس، بعد دخوله من معبر كفرلوسين الحدودي، وتوزعت الأسلحة الثقيلة والآليات التي كان يحملها على نقاط التماس التي تشرف على تجمعات قوات النظام السوري في كفرنبل وحزارين وبسقلا.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.