تستعد منطقة السقيلبية بريف حماة وسط سوريا لافتتاح كنيسة (آيا صوفيا) الرمزية المصغرة الأحد المقبل، الموافق 22 يوليو (تموز) والذي يطابق اليوم الذي أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في عام 2020 إقامة صلاة الجمعة في كاتدرائية (آيا صوفيا) التاريخية، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1934 حين صدر قرار حكومي بتحويل مبنى كاتدرائية (آيا صوفيا) من مسجد إلى متحف للتراث الإنساني.
وقد مثّل قرار إردوغان استفزازاً لجهات دولية عدة، إذ جاء في مرحلة تتأجج فيها الصراعات الدينية في منطقة الشرق الأوسط، ورأت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية أن القرار كان «متسرعاً وذا دوافع سياسية».
ورداً على ذلك دعمت القوات الروسية الموجودة في سوريا، إنشاء كنيسة مصغرة تحاكي كنيسة (آيا صوفيا) في منطقة السقيلبية ذات الغالبية المسيحية، التي اقترحها قائد ميليشيا الدفاع الوطني الرديفة لقوات النظام السوري نايل العبد لله، متبرعاً بقطعة أرض من ممتلكاته لبناء الكنيسة، وأهداها إلى أرواح ضحايا الحرب في السقيلبية وسهل الغاب من المدنيين والعسكريين. وتمتلك كاتدرائية (آيا صوفيا) في إسطنبول وتعني «الحكمة الإلهية» باللغة اليونانية، خصوصية تاريخية وروحية كبيرة لدى المسيحيين الشرقيين الأرثوذكس، لا سيما في روسيا، كأول وأضخم الكنائس في العالم التي استمرت مركزاً للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية لأكثر من 900 عام، كما لعبت دوراً مهماً في اعتناق روسيا للديانة المسيحية الأرثوذكسية عام 980م، عند اعتناق الأمير فلاديمير المسيحية وفق المذهب الأرثوذكسي متأثراً برسل له زاروا «آية صوفيا»، وجعلها الدين الرسمي لروسيا.
ويحظى قائد الدفاع الوطني في السقيلبية، نايل العبد الله، وهو من أمراء الحرب المحليين الذين برزوا في السنوات الأخيرة، بعلاقات وطيدة مع القوات الروسية العاملة في سوريا، تمثلت بتبادله الزيارات مع الضباط الروس في قاعدة حميميم ومشاركته في المناسبات الرسمية التي تقيمها القاعدة وتكريمه من وزارة الدفاع الروسية وتقليده وسام «الشجاعة والإقدام في محاربة الإرهاب في سوريا» عام 2018، ومن ثم دعوته عام 2019 إلى المشاركة في المؤتمر المسيحي العالمي بموسكو، لتمثيل سهل الغاب في المؤتمر، رغم غياب التمثيل الرسمي. وأيضاً تقليده وسام «الإخلاص لروسيا» من الدرجة الثانية من قائد مجموع القوات «السهلية» في السقيلبية، العماد ديمتري غلوشينكوف عام 2021، لتنفيذ العبد الله «مهام خاصة ناجحة ومساهمة شخصية في تعزيز الصداقة القتالية، ومكافحة الإرهاب في سوريا» حسبما جاء في رسالة التكريم. وفي سابقة كنسية، نصب في باحة كنيسة «آيا صوفيا» الرمزية المنتظر افتتاحها الأحد المقبل، تمثالاً لرجل عسكري متأهب بالعتاد الكامل، بالإضافة إلى صورة ضخمة على جدار الكنيسة الخارجي للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد، وإلى جانبهما البطريرك يوحنا العاشر يازجي رفعت. وفيما اعتبر رفع صورة لرموز سلطوية زمنية أمراً واقعاً لا أحد يجرؤ على انتقاده رغم تناقضه مع السلطة الدينية الروحية، فإن هناك من عبّر همساً عن تناقض الرمز العسكري المسلح مع التعاليم الكنسية الداعية إلى السلام، إذ عادةً ما يتم تزيين باحات الكنائس بتماثيل لشخصيات كنسية ودينية تمثل سلطة روحية لدى المسيحيين. وقالت مصادر في مدينة السقيلبية إن «الانتقادات التي تم التعبير عنها همساً بين أبناء الرعية، تم الرد عليها بأن هذا النصب لتخليد ذكرى شهداء المنطقة الذين قُتلوا في سبيل الدفاع عنها».
يُذكر أن كاتدرائية «آيا صوفيا» التي بُنيت عام 532م، في عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول، ظلت أضخم كاتدرائية مسيحية في العالم حتى بناء كاتدرائية إشبيلية عام 1520، وبعد سقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيين عام 1453 حُولت الكنيسة إلى مسجد حتى عام 1931، عندما منع مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة ورئيس الجمهورية آنذاك، إقامة الشعائر الدينية في المسجد عام 1931 قبل صدور مرسوم حكومي عام 1934 بتحويله إلى متحف للتراث الإنساني.
رموز عسكرية وسياسية تتصدر كنيسة تحاكي «آيا صوفيا»
تُفتتح في السقيلبية بريف حماة الأسبوع القادم
رموز عسكرية وسياسية تتصدر كنيسة تحاكي «آيا صوفيا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة