جيمس وود يوجه نقداً لاذعاً للروايات المعاصرة

رأى أنها مكتظة بقصص غير إنسانية وغير مقنعة

جيمس وود  -  دون ديليلو  -  ديفيد فوستر والاس  -  زادي سميث
جيمس وود - دون ديليلو - ديفيد فوستر والاس - زادي سميث
TT

جيمس وود يوجه نقداً لاذعاً للروايات المعاصرة

جيمس وود  -  دون ديليلو  -  ديفيد فوستر والاس  -  زادي سميث
جيمس وود - دون ديليلو - ديفيد فوستر والاس - زادي سميث

لم أقرأ لسنوات عديدة نقداً لاذعاً، وفي الوقت نفسه عميقاً ومعبراً عن حساسية نقدية عالية، كالنقد الذي وجهه الناقد الإنجليزي جيمس وود إلى رواية زادي سميث «أسنان بيضاء»، في مراجعته للرواية التي نشرت في مجلة «ذا نيو رِببلِكْ» الأميركية في 24 يوليو (تموز) 2000.
تبدأ المراجعة بداية طريفة، فكأن ما يفترض أنه مراجعة لـ«أسنان بيضاء» سرعان ما يتكشّف، وفي الجمل القليلة الأولى، عن أن «وود» كان ينتظر الفرصة ليوجه نقده اللاذع إلى روايات أخرى أيضاً، إذ استهل مراجعته بذكر أن جنساً روائياً جديداً في سيرورة التشكل، هو «الرواية الكبيرة الطموحة»، التي يقول إنه بالإمكان تسمية أب لها وهو الروائي الإنجليزي تشارلز ديكنز. تتضمن قائمة الروايات التي ذكرها «وود»: «الأرض تحت قدميها» لسلمان رشدي، و«ميْسون وديكسون» لتوماس بينتشون، و«العالم السفلي» لدون ديليلو و«دعابة لا تنتهي» لديفيد فوستر والاس بالإضافة إلى «أسنان بيضاء».
يصف «وود» الرواية الكبيرة المعاصرة بأنها «آلة ذات حركة دائمة يبدو أنها اُضْطُرّت إلى السرعة مُحْرَجَة. تبدو أنها تُريد إلغاء السكون، كما لو أنها خَجِلة من الصمت - أي، مجرم يركضُ في ماراثون لا نهاية له. تنمو القصص والقصص الفرعية في كل صفحة، حيث تتباهى هذه الروايات باستمرار باحتقانها الفاتن. إن السعي وراء الحيوية، وبأي ثمن، لا يمكن فَصْلُهُ عن ثقافة القص الدائم هذه. بالفعل إن الحيوية هي سرد القصص بالنسبة لهذه الكتب».
إن مآخذ وملاحظات «وود» النقدية اللاذعة على هذه الروايات من المحتمل أن يشاركه فيها نقاد آخرون؛ ومن الممكن تقبلها وإن يكن على مضض. لكن ما يميز مراجعَتَه هو تلك النبرة واللغة الازدرائية التهكمية اللتين كتبت بهما، حتى ليبدو الأمرُ وكأنه كان ينتظر الفرصة لـ«يشن» نقده على أولئك الروائيين، فجاءته الفرصة على طبق التكليف بكتابة مراجعة لـ«أسنان بيضاء». رأي قد يدعمه عودته إلى نفس الروائيين والروايات نفسها وتكرار ما طرحه من آراء في المراجعة وبقدر كبير من التفصيل في كتاباتٍ لاحقة.
يفاجئ «وود» المشهد الأدبي بتسمية هذا الجنس الروائي الجديد الآخذ بالتشكل، أو الرواية الكبيرة المعاصرة، «الواقعية الهِسْتيرية»: «هذه ليست الواقعية السحرية. إنها الواقعية الهِسْتيرية. لقد أصبح الحكي نوعاً من النحو في هذه الروايات: إنها الطريقة التي تَبْنِي بها نفسها وتنطلق». ويضيف موضحاً أن أعراف الواقعية لا تتعرض للإلغاء، بل على النقيض من ذلك، إنها تُنهك وتُجهد.
اللافت للنظر أن «وود» يضيف واقعية جديدة ويستمر، لا يلوي على شيء، في إطلاق ملاحظاته النقدية، دون التفكير في أهمية التوقف لطرح تعريف لما سمّاه الواقعية الهِسْتيرية، فكأنما يريد من القارئ أن يستنتج ويستدل على خصائصها مما يقوله عن تلك الروايات، منوهاً بأن اعتراضاته عليها لا تتعلق بعنصر الاحتمالية، ولكن بالأخلاقية. ويؤكد أنه لا ينبغي اعتبار هذا الأسلوب في الكتابة خطأ بسبب افتقاره إلى الواقع، وهو ما يعده تهمة جاهزة للواقعية الفاشلة، ولكن بسبب أن الأسلوب نفسه يتهرب من الواقع بينما هو يستعير من الواقعية ذاتها. إن الوضع فوضى، على حد قوله، وليس تغطية.
ويشير «وود»، أيضاً، إلى أن تلك الروايات أكثر اهتماماً بتقديم أعداد كبيرة من القصص المترابطة من اهتمامها بتطوير الشخصيات. إن القصص، حسب قوله ينتجها البشر، ولكن الروايات المعاصرة، كما يرى، مكتظة بالقصص غير الإنسانية. وهي بالإضافة إلى ذلك غير مقنعة. إنها ليست من نوع القصص الذي لا يمكن أن يحدث أبداً، ولكنها من النوع الذي يقدم شخصيات لا تستطيع تحمل القصص التي تحدث لها. فهي ليست قصصاً يتحدى فيها الناس قوانين الفيزياء، على حد قوله، ولكنها قصص تتحدى قوانين الإقناع. ومرد إخفاقها في الإقناع إلى وفرتها وترابطها، مضيفاً: «يبدو أن ترابط هذه القصص هو الشيء الذي يفضله «مؤلفوها كثيراً ويقترحونه كقيمة مطلقة. شبكة لا متناهية هي كل ما يحتاجون إليه لتحقيق المعنى».
ويشير «وود» إلى أن القارئ يشعر بأن الشخصيات في هذه الروايات لا تعيش، لأنها ليست على قيد الحياة حقاً، وليست بشرية بالكامل، فكل ما يهم الروائيين ويهتمون به هو أن تظهر في حالة ترابط، هذا هو المبدأ الذي يجري التأكيد والإصرار عليه، مما قد يدفع القارئ إلى التفكير، حسب الناقد، في أن الإصرار على ترابط الشخصيات هو بسبب أنها لا توجد بالفعل. «إن الحياة لا تعاش أبداً بمثل هذه الكثافة الحادة من الترابط»، مؤكداً أن الشخصيات في «أسنان بيضاء» وغيرها من الروايات الكبيرة المعاصرة «تتمتع بحيوية زائفة… توشك أن تنجح في إخف اء حقيقة أنها بلا حياة؛ الحيوية تتدلى منها كمجوهرات».
ما يلفت النظر حقاً أنه رغم قسوة النقد الذي وجهه جيمس وود إلى رواياتهم، لم يكترث مؤلفو الروايات التي سماها «واقعية هستيرية» بالرد عليه سوى زادي سميت فقط - حسب علمي -، التي أعتقد أنها ما كانت سترد لو لم يعد «وود» إلى الموضوع نفسه في مقالة نشرت في «ذا غارديان» بعد عام تقريباً من نشر مقالته الأولى، في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).
جاء رد زادي سميث هادئاً ولطيفاً ومتفقاً مع رأي «وود»، واصفة مصطلح «الواقعية الهِسْتيرية» بالدقة: «إنه مصطلح دقيق على نحو مؤلم لنوع النثر الهوسي المتضخم الذي يوجد في روايات مثل روايتي (أسنان بيضاء) وبعض الروايات الأخرى التي كان لطيفاً بما يكفي لذكرها. أي رواية تستهدف الهستيريا سيتم تخطيها الآن بسهولة - كانت هذه هي وجهة نظر (وود)، وأنا أؤيده في ذلك». لكنها تضيف في موضع آخر من مقالتها أنه مهما تكن نقاط الضعف عند الكتاب الذين تطرق إليهم «وود»، فإنها لا تعتقد أنه يتطلع إلى وجود مشهد أدبي يخلو من رواياتهم.
كانت مقالة سميث لطيفة ولبقة بشكل يتناقض مع مراجعة «وود» لروايتها، هكذا أعتقد، وهو ما أتطلع - وغيري ربما - إلى أن يسود في العلاقة بين الناقد والمؤلف، حتى وإن جاء النقد متسماً بما قد يراه البعض حدة وقسوة ما دام أنه لا يخرج عن النص، ولم يكن مجرد إسقاط عليه وتحميله ما لا يحتمل من التأويل، أو استعراضاً خالياً من أي قيمة معرفية.

- ناقد وأكاديمي سعودي


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».