«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

برلمانية تطالب بمنع عرض المسلسل لـ«إساءته لقيم وتقاليد المجتمع»

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».


مقالات ذات صلة

البطولة النسائية رهان متجدد في دراما رمضان بمصر

يوميات الشرق الفنانة المصرية غادة عبد الرازق (حسابها بـ«فيسبوك»)

البطولة النسائية رهان متجدد في دراما رمضان بمصر

يراهن عدد من الفنانات المصريات على أدوار «البطولة النسائية» خلال موسم الدراما الرمضاني المقبل 2025، حيث يشهد نحو 11 مسلسلاً من المقرر عرضها في الموسم الجديد.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق مسرحها محاكاة لغربة طوعية عاشتها في حياتها (صور زينة دكاش)

زينة دكاش لـ«الشرق الأوسط»: مسرحية «اللي شبكنا يخلّصنا» تختصر بعض حياتي      

أمضت زينة دكاش نحو 14 عاماً مع المساجين في لبنان تعالج أوجاعهم وآلامهم النفسية بالدراما، وكذلك أسهمت في تعديل بعض القوانين المُجحفة بحقّهم.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنان محمد هنيدي (حسابه في «فيسبوك»)

دراما مصرية تتخطَّى أزمات اعتذارات مؤلّفين ومُخرجين

تجاوزت مسلسلات مصرية أزمة الاعتذارات التي تعرَّضت لها مؤخراً، وتنوّعت بين اعتذار مؤلّف أو مخرج، وجرت الاستعانة سريعاً بالبديل لاستكمال المشروع الفنّي.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان المصري فكري صادق قدَّم عشرات الأدوار المؤثّرة (فيسبوك)

الموت يُغيّب الممثل المصري فكري صادق

غيَّب الموت الفنان المصري فكري صادق عن 79 عاماً، تاركاً عشرات الأعمال الفنّية في السينما والمسرح والتلفزيون منذ السبعينات حتى الألفية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قصي خولي وديمة قندلفت في مسلسل «القدر» (إنستغرام)

«القدر»... مسلسل جديد يقتحم عالم الأمهات البديلة

جذب المسلسل العربي «القدر» الاهتمام عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن استطاع أن يقتحم عالم الأمهات البديلة، ويظهر حجم المشكلات والأزمات التي يتسبب فيها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«ذاكرة المكان»... معرض فني يغوص في أعماق القاهرة التاريخية

البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)
البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«ذاكرة المكان»... معرض فني يغوص في أعماق القاهرة التاريخية

البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)
البورتريه والتفاصيل الشعبية ضمن المعرض (الشرق الأوسط)

يغوص الفنان التشكيلي المصري محمد الناصر في أعماق القاهرة التاريخية، ويتوغل إلى قلب الريف المصري، ويستدعي التفاصيل اليومية والبسيطة الكامنة في الشوارع والحواري والأحياء الشعبية لينسج منها لوحات معرضه «ذاكرة المكان» الذي يستضيفه «غاليري ضي» في الزمالك (غرب القاهرة) حتى نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي.

اختار الفنان لمعرضه اسم «ذاكرة المكان» ليكون معبّراً عن الأماكن التي تجول فيها وتشبّع بها وانتهى به الأمر إلى رصدها في أعماله بحسه الفني وأسلوبه الخاص.

يقول الفنان محمد الناصر لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض يتضمن لوحات حديثة رسمتها مؤخراً، تتجاور مع مجموعة لوحات تمثل تجارب سابقة في نوع من التواصل والتعبير عن التطوير التقني والفني في مشواري».

العمارة الإسلامية حاضرة في أعمال الفنان محمد الناصر (الشرق الأوسط)

تتضمن لوحات المعرض طابعين أساسيين؛ الصورة الشخصية «البورتريه» والمنظر الطبيعي «اللاند سكيب»، إما بشكل فردي لكلٍ منهما أو بدمج أحدهما مع الآخر وفق ما يوضح الفنان: «لدي زاويتان في لوحاتي، البورتريه والمنظر الطبيعي، كل منهما بطل بلا منازع، وأحياناً أدمج الاثنين، فحين أرسم بورتريه في شارع شعبي لا بدّ أن تكون الخلفية معبرة عن بيئة المكان، وحين أرسم بورتريه لوجه إسكندراني مثلاً، يكون البحر في الخلفية، أو ما يعبر عن البيئة الساحلية، وكذلك البورتريه للوجوه الصعيدية أختار خلفية مناسبة تُعبّر عن بيئة البورتريه».

البورتريه من الأعمال المميزة في مسيرة الفنان (الشرق الأوسط)

لا تخلو لوحات المعرض من فلسفة خاصة تتجلّى في الألوان والمنظور والموضوعات المتنوعة التي يتناولها الفنان، بيد أن السِّمات الأساسية المميزة لأعماله تظلّ الوجوه الشخصية في بيئات مختلفة، والعمارة الإسلامية في القاهرة التاريخية بدهاليزها المليئة بالتفاصيل.

يسعى الناصر لاقتناص نقاط القوة من المكان أو البورتريه، ويقول: «هناك بورتريه يجذب الفنان لرسمه، وبورتريهات عادية، وأحياناً تمثّل الأماكن بالنسبة لي وجوهاً، فهي تُعبّر عن مرحلة تاريخية معينة، وأرى أن كل وجه له فلسفة، وقد كانت دراستي في الماجستير والدكتوراه عن البورتريه. فالماجستير كان عن مكونات الصورة الشخصية في المدرسة التعبيرية، والدكتوراه كانت الصورة الشخصية وأبعادها الاجتماعية والنفسية في التصوير المصري القديم والحديث، من أول بورتريهات الفيوم التي أُعدّها بدايات الرسم والتلوين الاحترافي للوجوه وحتى اليوم».

الأفراح والاحتفالات الشعبية في أعمال الفنان (الشرق الأوسط)

وقد انعكس الفن المصري القديم في أعمال الفنان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ربما تظهر الروح المصرية القديمة في الألوان والتكوين والعناصر المستخدمة في اللوحات، وفق قوله.

وتُعدّ القاهرة التاريخية مكوّناً رئيسياً وعاملاً مشتركاً في كثير من لوحات الفنان، في معرضه الفردي الأحدث الذي يُعد رقم 15 في مسيرته الفنية، بخلاف عشرات المعارض الجماعية التي شارك فيها منذ مرحلة الثمانينات وحتى الآن. ويعِدّ الناقد الفني الراحل عز الدين نجيب، في كلمة تضمنها كتالوغ المعرض، الفنان محمد الناصر ممن راهنوا على الاختلاف وعلى التمسك بالروح المصرية الأصيلة في مقابل توجه أبناء جيله بالثمانينات والتسعينات للتجريب والتغريب.

البيئة الصعيدية استلهم منها الفنان كثيراً من أعماله (الشرق الأوسط)

«تُمثّل العمارة الإسلامية شغفاً بالنسبة لي، ويعود هذا الشغف لزياراتي المتكررة للقاهرة التاريخية مع الفنان حسني البناني، والتجول في شوارعها وأزقتها المختلفة من الجمالية إلى باب الشعرية، حتى أتشرب بروح المكان، وأعود بعد ذلك لرسمه بكل تفاصيله».

وبالنسبة للطقوس الشعبية في الموالد والأفراح والباعة الجائلين، التي تظهر في أكثر من عمل، عدّ الفنان هذه الطقوس رمزاً للأصالة والعمق والقِدَم وتاريخ البلد الممتد عبر السنين.

يُقدم الفنان محمد الناصر أعماله دون التفكير في جمهور معين، فهو يتمنى أن تصل للجميع، لذلك لا يكترث كثيراً ولا يتقيّد بمدرسة معينة وإن كانت المدرسة التعبيرية هي الغالبة على أعماله.