رهانات الفائدة تدمي أسواق النفط

موسكو تحذر مجدداً من «مساعي السقف»... وفرنسا تدعو للتخلي عن «سلاح الطاقة»

تراجعت أسواق النفط بحدة أمس مع تزايد رهانات رفع الفائدة الأميركية (رويترز)
تراجعت أسواق النفط بحدة أمس مع تزايد رهانات رفع الفائدة الأميركية (رويترز)
TT

رهانات الفائدة تدمي أسواق النفط

تراجعت أسواق النفط بحدة أمس مع تزايد رهانات رفع الفائدة الأميركية (رويترز)
تراجعت أسواق النفط بحدة أمس مع تزايد رهانات رفع الفائدة الأميركية (رويترز)

تراجعت أسعار النفط بحدة في الأسواق الخميس مع مضاعفة المستثمرين الرهان على رفع البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة، وهو ما من شأنه أن يسيطر على التضخم ويحد من الطلب على النفط.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت لشهر سبتمبر (أيلول) 4.52 دولار أو 4.54 بالمائة إلى 95.05 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش، بعدما زادت تسعة سنتات الأربعاء. وجرى تداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم أغسطس (آب) مقابل 91.06 دولار للبرميل بانخفاض 5.24 دولار أو 5.44 بالمائة، بعد زيادة 46 سنتا في الجلسة السابقة.
ويكثف مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) كفاحه لتضخم بلغ أعلى مستوى في 40 عاما برفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس على نحو غير متوقع هذا الشهر، بعد تقرير تضخم غير مبشر أظهر أن ضغوط الأسعار تتسارع.
كما رفع بنك كندا الأربعاء سعر الفائدة الأساسي 100 نقطة أساس بهدف السيطرة على التضخم، لتفاجئ كندا الأسواق وتصبح البلد الأول في مجموعة السبع الذي يرفع سعر الفائدة بهذا القدر الكبير خلال هذه الدورة الاقتصادية.
وذكرت وكالة بلومبرغ يوم الأربعاء نقلا عن مسودة توقعات أن المفوضية الأوروبية تتوقع مستويات تضخم مرتفعة على نحو قياسي، وخفضت توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي لعامي 2022 و2023 بسبب الحرب في أوكرانيا وتراجع الطلب بسبب ارتفاع الأسعار ومخاطر نقص الطاقة في الشتاء. في الوقت نفسه يزور الرئيس الأمريكي جو بايدن السعودية الجمعة، حيث سيحضر قمة للحلفاء في الخليج وسيدعوهم إلى ضخ المزيد من النفط. ووسط الخسائر السوقية الحادة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا يوم الخميس إن محاولات دول مجموعة السبع تحديد سقف لسعر النفط الروسي قد تؤدي في الواقع إلى ارتفاع الأسعار. وأضافت في إفادة أسبوعية «هذه الخطط مناهضة لقواعد السوق ومحفوفة بالمخاطر».
وفي غضون ذلك، أعلن إيمانويل ماكرون الخميس أن روسيا تستخدم الغاز «سلاح حرب» وعلينا الاستعداد «للتخلي عنه» وأن تستعد أوروبا لانقطاع كامل إمدادات الغاز الروسي.
وأكد الرئيس الفرنسي خلال مقابلة تلفزيونية أن «روسيا تستخدم الطاقة كما تستخدم الغذاء كسلاح حرب... يجب أن نستعد اليوم لسيناريو يتعين علينا فيه الاستغناء عن الغاز الروسي كليا».
وأضاف لقناة «تي إف-1» بأن «روسيا بدأت في قطع إمدادات الغاز» عن طريق إغلاق خط الأنابيب «نورد ستريم-1»، في إشارة إلى قطع روسيا الإمدادات بغرض الصيانة كما قالت. واعتبر بأنها «رسالة واضحة جدا: ستستخدم الغاز كسلاح حرب».
وتحصل فرنسا وفق التقديرات على أقل من 20 بالمائة من إجمالي واردتها من الغاز من روسيا. وحذر ماكرون من أن الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية يعني أن «الصيف وبداية الخريف سيكونان صعبين جدا على الأرجح».
وحتى في حال طال أمد النزاع في أوكرانيا فإن فرنسا ستستمر في مساعدة كييف في الدفاع عن نفسها في مواجهة موسكو، مع إبقاء العقوبات على روسيا. وقال «نريد إيقاف هذه الحرب من دون أن نخوض الحرب».
وأوضح ماكرون أن فرنسا عززت إمدادات الغاز من النرويج وقطر والجزائر والولايات المتحدة، كما تعزز احتياطي الغاز الذي سوف «يقترب من 100 بالمائة بحلول الخريف».
ومشيرا إلى أن استخدام فرنسا للطاقة «تضاءل قليلاً» مقارنة بالعام السابق، دعا ماكرون السلطات والمستهلكين والقطاع إلى الاقتصاد في استهلاك الطاقة والقضاء على مصادر هدرها». وأكد على «ضرورة اعتماد منطق الانضباط الجماعي».
وستكون الحكومة بمثابة نموذج للجهات الفاعلة في القطاع الخاص «من خلال الحرص على أن نستهلك طاقة أقل». وقال إن «الانضباط هذا يتطلب تضامنا من مواطنينا»، وإن الاقتصاد في الطاقة جيد «للمناخ وأيضًا لاستقلالنا في مجال الطاقة». كما أكد ماكرون أن فرنسا ستزيد الاستثمار في قطاع الطاقة النووية الذي يؤمن حاليًا حوالي 70 بالمائة من احتياجات الكهرباء في البلاد. وقال إن «الطاقة النووية حل مستدام لفرنسا والدول الأخرى على حد سواء».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.