«حزب الله» يغيّر استراتيجيته من «الدفاع» إلى التهديد بالهجوم على إسرائيل

تحذيرات من حرب على خلفية النزاع الحدودي وأزمة استخراج الغاز

جنديان إسرائيليان قرب مستوطنة شتولا الإسرائيلية الحدودية مع لبنان (أ.ف.ب)
جنديان إسرائيليان قرب مستوطنة شتولا الإسرائيلية الحدودية مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يغيّر استراتيجيته من «الدفاع» إلى التهديد بالهجوم على إسرائيل

جنديان إسرائيليان قرب مستوطنة شتولا الإسرائيلية الحدودية مع لبنان (أ.ف.ب)
جنديان إسرائيليان قرب مستوطنة شتولا الإسرائيلية الحدودية مع لبنان (أ.ف.ب)

نقل ملف النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل، استراتيجية «حزب الله» من «الالتزام بالدفاع» إلى «التهديد بالهجوم»، حيث حذر الأمين العام للحزب حسن نصر الله من نشوب حرب اعتبر أنها قد تُخضع إسرائيل في حال مُنع لبنان من استخراج النفط والغاز من مياهه.
ولطالما اقتصرت الخطابات الرسمية لقياديي الحزب البارزين على التهديد بالرد إذا شنت إسرائيل حرباً على لبنان، لكنها المرة الأولى، منذ عشر سنوات على الأقل، يعلن فيها الحزب عن استعداده للمبادرة إلى حرب مع إسرائيل، في «مؤشر بالغ الخطورة» على تغيير في قواعد الاشتباك، واستراتيجية المواجهة المعلن عنها، كما قالت مصادر معارضة للحزب، معتبرة أن الأمر ينطوي على «مصادرة لقرار السلم والحرب بمعزل عن موقف الدولة اللبنانية».
وكان نصر الله قال في كلمة متلفزة مساء الأربعاء: «إن لم تعطونا حقوقنا التي تطالب بها الدولة، ولم تسمحوا للشركات أن تستخرج (...) الله يعلم ما يمكن أن نفعل بالمنطقة»، معتبراً أن «التهديد بالحرب بل حتى الذهاب إلى الحرب أشرف بكثير» من مسار الانهيار الذي يفاقم معاناة اللبنانيين. وأضاف «رسالة المسيرات هي بداية متواضعة عما يمكن أن نذهب إليه إذا وصلت الأمور إلى الخواتيم السلبية»، مضيفاً «سجلوا المعادلة الجديدة: كاريش وما بعد كاريش وما بعد بعد كاريش». وتابع: «إذا توصلتم إلى معادلة أن لبنان ممنوع أن يستنقذ حاله بحقه الطبيعي من الغاز والنفط، فلن يستطيع أحد أن يستخرج غازاً ونفطاً، ولن يستطيع أحد أن يبيع غازاً ونفطاً وأياً تكن العواقب».
وتتباين التقديرات بين من يعتبر أن تهديد نصر الله «مرتبط حصراً بملف ترسيم الحدود اللبنانية»، وبين من اعتبره «متصلاً بالقرار الإيراني والمفاوضات الجارية، وتطورات المنطقة». ورأى الباحث في ملف الحركات الإسلامية قاسم قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن نصر الله «ذهب إلى التصعيد في الموقف من أجل تعزيز الموقف اللبناني في المفاوضات، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام إمكانية التصعيد الميداني في حال لم يتم التوصل إلى حلول». وأعرب عن اعتقاده بأن التصعيد «ليس له علاقة بالملف النووي، بل هو مرتبط بملف الترسيم حصراً». وأكد قصير، وهو خبير في ملف «حزب الله»، أن الحزب، في خطاب نصر الله الأخير، «بدل استراتيجيته من الدفاع إلى الهجوم».
غير أن هذه القراءة، يعارضها المحلل السياسي اللبناني طوني أبي نجم الذي يرى أن «دور نصر الله ووظيفته، أنه ضمن الأذرع الأساسية للحرس الثوري الإيراني»، مضيفاً أن وضعية الحرس في المنطقة اليوم، إضافة إلى زيارات الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إيران، وبالتوازي مع مناورات إسرائيلية على أكثر من صعيد، «كل هذه التطورات دفعت بنصر الله للقول إن لبنان يبقى ساحة».
ويقارن أبي نجم، في حديث لـ«الشرق الأوسط» بين ظروف معركة 12 (يوليو) تموز 2006 والظروف اليوم، عاداً أنها «متشابهة». ويوضح: «في عام 2006، بادر الحزب إلى عملية عسكرية من خارج السياق الداخلي والإقليمي، وخلافاً لوعود نصر الله في طاولة الحوار التي كانت معقودة قبل ثلاثة أشهر في البرلمان»، مضيفاً أن الحرب السابقة «جاءت بتوقيت إيراني، حيث طُلِبَ منه تحريك الساحة بموازاة مفاوضات الملف النووي، ونفذ عملية عسكرية جرّت البلاد إلى حرب، وصرفت أنظار العالم عما يجري في مفاوضات الملف النووي».
ويقول أبي نجم إن المعركة السابقة «كانت غطاء لإيران، وعادت عليها بفوائد في مفاوضاتها»، مضيفاً أن الحزب «حول البلد إلى ساحة من ساحات إيران، ولبنان بالنسبة له، غير موجود على الخريطة». وفي معرض ربطه لتصعيد نصر الله، والاجتماعات الإقليمية، لا يستبعد أبي نجم «أن نكون أمام ضربة تستخدم فيها إيران الساحة الأضعف لإيصال رسائلها، حيث يذهبون إلى إشعال المنطقة بعد فشل المحاولات السابقة لخلق مشكل، على خلفية إرسال المسيرات».
وتسارعت منذ بداية الشهر الماضي التطورات المرتبطة بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بعد توقف، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش الذي يعتبر لبنان أنه يقع في منطقة متنازع عليها، تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه. وبينما لم تصل مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بوساطة أميركية إلى أي نتيجة حتى الآن، وأرسل الحزب ثلاث مسيرات حلقت فوق حقل «كاريش» في إسرائيل، وأسقطها الجيش الإسرائيلي.
ولا يفصل سياسيون لبنانيون بين التصعيد، والتطورات المتصلة بالحرب الأوكرانية. ولمح رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط إلى أن لبنان دخل في الحرب الروسية الأوكرانية، في إشارة إلى الصراع على إمدادات الغاز. ويقول أبي نجم إن «إيران تسعى لأن تكون شريكاً في المفاوضات حول النفط، وتسلف روسيا موقفاً في معركتها الكبرى، حيث لن تسمح بالتعويض عن الغاز الروسي من المتوسط إلى أوروبا». وعليه، أمام هذه التعقيدات، «تزداد فرص الحرب يوماً بعد يوم، من الآن وحتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، حين تزداد الحاجة للغاز في أوروبا». ويقول: «قد يذهب نصر الله إلى مغامرة يمكن أن تشعل المنطقة، في ظل وضع اقتصادي عالمي عادة ما لا يخرج من الأزمات إلا بالحروب أو بتسويات كبرى»، علما بأن أوروبا والولايات المتحدة «لا ترغبان بالحرب، لكنهما قد تضطران للذهاب إليها إذا وجدتا أنهما عاجزتان عن استخراج الغاز من المتوسط لتأمين بديل للغاز الروسي».
وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان الوسيط الأميركي لاستئناف المفاوضات أموس هوكشتاين، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق إلى كاريش. إلا أنه لم تظهر أي نتيجة للوساطة وإمكانية استئناف المفاوضات.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

المشرق العربي «حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

كشف مصدر نيابي لبناني محسوب على «محور الممانعة»، عن أن «حزب الله»، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بادر إلى تلطيف موقفه حيال السجال الدائر حول انتخاب رئيس للجمهورية، في محاولة للالتفاف على ردود الفعل المترتبة على تهديد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، المعارضين لانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بوضعهم أمام خيارين: انتخاب فرنجية أو الفراغ.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

شنَّت إسرائيل هجوماً بالصواريخ بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، استهدف مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، في محيط مطار الضبعة العسكري بريف حمص، ما أدَّى إلى تدميره بشكل كامل وتدمير شاحنات أسلحة. جاء هذا الهجوم في سياق حملة إسرائيلية متصاعدة، جواً وبراً، لاستهداف مواقع سورية توجد فيها ميليشيات تابعة لطهران على رأسها «حزب الله». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، إلى أنَّ إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 9 مرات بين 30 مارس (آذار) الماضي و29 (أبريل) نيسان الحالي، 3 منها براً و6 جواً، متسببة في مقتل 9 من الميليشيات وإصابة 15 آخرين بجروح. وذكر أنَّ القتلى 5 ضباط في صفوف «الحرس ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي «حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

«حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

يبدو أن «حزب الله» أعاد النظر بسياسة التصعيد التي انتهجها، الأسبوع الماضي، حين خير القوى السياسية بين مرشحَيْن: رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أو الفراغ؛ إذ أقر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، يوم أمس، بأنه «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع». وقال: «نحن دعمنا مرشحاً للرئاسة، لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم، وقلنا: تعالوا لنتباحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن صواريخ إسرائيلية استهدفت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، مستودعاً للذخيرة يتبع «حزب الله» اللبناني، في منطقة مطار الضبعة العسكري في ريف حمص، ما أدى لتدميره بشكل كامل، وتدمير شاحنات أسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
TT

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل. وهاجم المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة الأميركي منافسته المحتملة كامالا هارس، مشيراً إلى أن تصريحاتها عقب لقائها بنتنياهو، مساء الخميس، في البيت الأبيض، تنم عن عدم احترام، وطالب حركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن «فوراً».

وقال ترمب، في بداية الاجتماع الموسع مع نتنياهو في مقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، إنه لا يعرف كيف يمكن لأي أميركي يهودي أن يصوّت لكامالا هاريس، لأن تصريحاتها تنم عن عدم الاحترام لإسرائيل.

وأشار إلى علاقته الوثيقة بإسرائيل، مؤكداً أنه تمتع كرئيس للولايات المتحدة بعلاقات مع إسرائيل أفضل من أي رئيس أميركي على الإطلاق. وقال: «لقد أيّدت حق إسرائيل في مرتفعات الجولان والقدس، ونقلنا السفارة، وأوقفنا الاتفاق النووي الإيراني، وهو ربما أفضل شيء قمنا به، ولم نمنحهم أموالاً في ظل إدارة ترمب، ولم يكن أحد يشتري نفطهم، والآن أصبحوا دولة غنية، وهذا أمر مؤسف».

ووعد ترمب، إذا فاز في الانتخابات، بإنهاء كل الحروب في منطقة الشرق الأوسط، محذراً من أنه إن لم يفز، فإن الأمر سينتهي إلى حروب كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى صعوبة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وفي إجابته عن أسئلة حول مفاوضات وقف إطلاق النار وإرسال فريق إسرائيلي إلى المفاوضات في العاصمة الإيطالية روما، أوضح أنه يتوقع بعض التحركات التي تأتي بسبب الضغوط العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد «حماس».

وقال: «الموقف صعب للغاية للرهائن، وهم ليسوا في حالة جيدة، ومن الواضح أنهم لا يعاملون بشكل صحيح، ونأمل أن يكونوا بخير، لكن هناك كثيراً من الرهائن، وأنا غير متأكد من صحتهم، وهذا الوضع غير مقبول».

من جهة أخرى، استمع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك الجمعة إلى ما سمّاه دبلوماسيون «رجع صدى تقشر له الأبدان» لنساء فلسطينيات يستغثن في غزة لإنقاذ أطفالهن الذين يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض إذا نجوا من المستويات الرهيبة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في كل أنحاء القطاع.

وكان أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى مساعد الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» مهند هادي، الذي يتولى أيضاً مهمة نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، مكرراً المناشدة من أجل وقف إطلاق النار، وتمكين المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، والإطلاق الفوري وغير المشروط للرهائن، في مطالبات ردّدتها أيضاً نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» لشؤون الدعم العملياتي، أنطونيا دي ميو.