حراك عسكري مكثف في شمال سوريا

تصاعد المواجهات بين تركيا و«قسد» قبل عمليتها المحتملة

حراك عسكري مكثف في شمال سوريا
TT

حراك عسكري مكثف في شمال سوريا

حراك عسكري مكثف في شمال سوريا

شهدت مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وقوات النظام في شمال وشرق سوريا حراكاً عسكرياً مكثفاً وتعزيزات من جميع الأطراف الفاعلة على الأرض، وسط تصعيد حاد للمواجهات بين القوات التركية والفصائل الموالية لها و«قسد» في حلب وعين عيسى في محافظة الرقة. ونفذت القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، قصفاً على مناطق نفوذ قوات مجلس منبج العسكري، التابعة لـ«قسد»، في ريف حلب الشمالي الشرقي، بعد منتصف ليل الأربعاء/ الخميس، وطال القصف مناطق في قريتي الجات والهوشرية بريف منبج. ودفع الجيش التركي برتل عسكري جديد مؤلف من آليات ثقيلة وشاحنات محملة بالأسلحة والذخائر، اتجهت نحو النقاط التركية في منطقة درع الفرات في ريف حلب، وهو الرتل التركي العاشر الذي يدخل المنطقة منذ مطلع يوليو (تموز) الحالي وسط تصاعد الحديث عن قرب عملية عسكرية تركية تستهدف مواقع «قسد» في منبج وتل رفعت لاستكمال الحزام الأمني وإقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية على حدود تركيا الجنوبية. كما قصفت القوات التركية بالمدفعية الثقيلة، الخميس، أطراف قرى الوحشية وكفر قارص وأم الحوش وحربل بريف حلب الشمالي، ضمن مناطق انتشار «قسد» وقوات النظام السوري، وسبق ذلك قصف متبادل بين قوات «قسد» والنظام والقوات التركية، على محور قرى مريمين مرعناز صوغوناكه في ناحية شيراوا بريف عفرين شمالي حلب، حيث تتمركز القوات التركية والفصائل الموالية لها في المنطقة المعروفة بـ«غصن الزيتون». ووقعت استهدافات متبادلة بالقذائف الصاروخية والرشاشات الثقيلة، بين القوات التركية والفصائل الموالية لها وقوات «قسد» من جانب آخر، على محاور التماس بمنطقة عين عيسى ضمن القطاع الشمالي من ريف الرقة. وعبّر مسؤولون أميركيون عن مخاوفهم من شن تركيا عملية عسكرية شمال سوريا، مجددين التحذير من أن مثل هذه الخطوة ستعرض القوات الأميركية في المنطقة للخطر وستكون لها عواقب وخيمة على القتال ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.

وقالت نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي، دانا سترول، في منتدى عقد في واشنطن ليل الأربعاء: «إننا نعارض بشدة أي عملية تركية في شمال سوريا وقد أوضحنا اعتراضنا لتركيا... سيستغل (داعش) هذه العملية». ولفتت سترول ومسؤولون أميركيون آخرون إلى أن مخاوفهم تتعزز بسبب تزايد المعلومات الاستخبارية التي تشير إلى أن «داعش» عازم على إطلاق عمليات لتحرير 10 آلاف مقاتل محتجزين في سجون مؤقتة في شمال شرقي سوريا حال انطلاق العملية التركية، وانشغال «قسد» بها، حيث لن يكون هناك قوات للحراسة. وأكدت سترول، أن الولايات المتحدة تعترف بمخاوف تركيا المشروعة بشأن نشاط حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق وتعهدت بأن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) ستواصل العمل مع تركيا لمواجهة هذا النشاط. من جانبه، اعتبر القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية تيموثي بيتس، أن زيادة النشاط العسكري في سوريا لن يؤدي إلا إلى زيادة عدم الاستقرار وتقديم الفرص لـ«داعش». في الوقت ذاته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الخميس، بوصول 5 عربات أميركية من نوع «همر»، إلى منطقة الفرقة 17 التابعة لقوات النظام سابقاً في محيط الرقة، لاستطلاع الموقع وإنشاء قاعدة عسكرية للتحالف الدولي للحرب على «داعش» هناك. ورفعت القوات الأميركية علم بلادها في الموقع، وسط معلومات عن وصول مزيد من القوات إلى المنطقة. وكان النظام السوري دفع بتعزيزات عسكرية إلى ريف الرقة الشمالي، الأربعاء، حيث شوهدت حافلات تقل عناصر من قوات النظام تدخل ناحية عين عيسى شمال الرقة، وانتشر الجنود في المعسكرات والنقاط التابعة لقوات النظام هناك. وكانت تلك التعزيزات هي الثانية خلال أقل من 48 ساعة. وبدأت قوات النظام بتحصين مواقعها بالكتل الإسمنتية ورفع سواتر ترابية في حول نقاطها داخل اللواء 93. بالتزامن مع استمرار التهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضد «قسد». وفي الأثناء، انتشرت قوات روسية داخل مطار صرين في ريف عين العرب (كوباني)، شرق حلب. واستحدثت القوات الروسية نقاطاً عسكرية جديدة داخل المطار، ورفعت العلم الروسي أعلاها، في إطار توسيع انتشار القوات الروسية في المنطقة، بالتزامن مع استقدام الميليشيات الإيرانية لتعزيزات عسكرية في ريف حلب الشمالي، ورفع الأعلام الإيرانية مقابل مناطق نفوذ القوات التركية في منطقة «غصن الزيتون».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.