ما الأولوية الروسية في سوريا اليوم؟

صورة جوية لمطار دمشق تظهر إصلاحات للأضرار التي تسببت بها الغارة الاسرائلية (أ.ف.ب)
صورة جوية لمطار دمشق تظهر إصلاحات للأضرار التي تسببت بها الغارة الاسرائلية (أ.ف.ب)
TT

ما الأولوية الروسية في سوريا اليوم؟

صورة جوية لمطار دمشق تظهر إصلاحات للأضرار التي تسببت بها الغارة الاسرائلية (أ.ف.ب)
صورة جوية لمطار دمشق تظهر إصلاحات للأضرار التي تسببت بها الغارة الاسرائلية (أ.ف.ب)

أثار الإعلان قبل أيام، عن عزم موسكو توسيع قائمة المطارات الروسية التي سيتم ربطها بالمطارات السورية، تساؤلات حول دلالات الخطوة في ظل تداعيات الحصار الغربي المفروض على روسيا، والتوقعات المرتبطة بتفاقم الموقف بين موسكو وواشنطن على الأرض السورية، فضلاً عن المشكلة الأبرز في هذا الصدد، المتعلقة بتصاعد عمليات الاستهداف الإسرائيلي للمطارات السورية، خصوصاً مطار دمشق الذي كان خرج عن الخدمة لأسابيع الشهر الماضي بعد تعرضه لهجوم إسرائيلي واسع دمر جزءاً من مدرجاته.
ونقلت مصادر روسية أنه من المنتظر البدء بفتح خط للنقل الجوي بين داغستان وسوريا منتصف الشهر يوليو (تموز) الحالي.
وقالت الممثلية التجارية الروسية في سوريا إن «توسيع شبكات الربط الجوي بين روسيا وسوريا جاء تلبية للحاجة التي فرضها تطور العلاقات الشاملة بين روسيا الاتحادية وسوريا في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية، وازدياد حجم التبادل التجاري بين الدولتين بحدود 3 - 5 أضعاف في عام 2021 عن سابقه».
وأفادت شبكة «سبوتنيك» الحكومية بأن تشغيل الرحلات الجوية سيتم وفقاً لبرنامج مبدئي يتضمن من رحلة إلى رحلتين أسبوعياً، على متن طائرات من طراز (ياك 42) التابعة لشركة الطيران الروسية «كوسموس». ونقلت عن الممثل التجاري لروسيا الاتحادية في دمشق جورج أساتريان قوله إن الخط الجوي الجديد سيسهم في إطلاق عدد من البرامج السياحية الجديدة بين الدولتين، وتفعيل زيارات الحج الدينية إلى سوريا، مبيناً أن الخطط الموضوعة تنطوي على برامج زمنية لتوسيع قائمة المطارات الروسية التي سيتم ربطها عن طريق الرحلات الجوية المباشرة مع سوريا.
ومع البرامج السياحية، قالت مصادر روسية لـ«الشرق الأوسط» إن هدف تعزيز مجالات تبادل البضائع وحركة رجال الأعمال بين سوريا والأقاليم الروسية يشكل أولوية حالياً، في إطار البحث الروسي الدائم عن بدائل مناسبة بعد إغلاق أوروبا وجزء كبير من بلدان العالم أجواءها أمام حركة الطيران الروسي. وأصاب هذا التطور قطاع السياحة الخارجية في روسيا بنوع من الشلل، فضلاً عن تأثيراته على حركة البضائع.
في هذا الإطار، كانت الخارجية الروسية أصدرت رزمة من التعليمات الإرشادية للروس حددت فيها البلدان «الآمنة» للمواطنين الروس، التي ضمت عدداً من البلدان «الصديقة» في أوروبا والشرق الأوسط والقارة الآسيوية.
لكن اسم سوريا لم يرد على تلك اللائحة، مما أثار تكهنات عندما تم الإعلان قبل نحو أسبوعين، عن «خطة واسعة النطاق لإطلاق برامج للتبادل السياحي روسيا وسوريا».
وكان السفير السوري في موسكو رياض حداد أشار الشهر الماضي إلى هذه النقطة عندما قال إن روسيا وسوريا تعملان بنشاط على تنظيم التدفق السياحي بين البلدين في إطار التعاون الاقتصادي الثنائي.
وفي إشارة إلى الدول الغربية المدرجة على لائحة «البلدان غير الصديقة»، قال السفير إن الشعب السوري «مستعد لاستقبال الأصدقاء الروس بأذرع مفتوحة، كون العلاقات الممتازة بين بلدينا لا تقتصر على المستوى السياسي».
ولا شك أن توسيع شبكة الربط الجوي بين المطارات الروسية والسورية يلعب دوراً أساسياً في تنشيط المسار السياحي وعمليات النقل التجاري. خصوصاً في إطار تسيير الرحلات من الأقاليم الروسية المختلفة مباشرة وليس عبر المرور بموسكو، مثلما هي الحال مع تركيا مثلاً التي تعد شريكاً سياحياً وتجارياً مهماً لروسيا.
ومع الخطط الطموحة لروسيا في هذا الشأن، فإن آراء الخبراء عززت هذا التوجه وفقاً لجورجي ليونتييف، خبير السياحة في الشرق الأوسط، والذي عمل سابقاً في مكاتب السياحة في عمان والأردن، ويتعاون حالياً، مع إحدى الشركات السورية المضيفة، وهو قال إن «التدفق السياحي إلى سوريا موجود وهو يتعافى تدريجياً منذ عدة سنوات، مع انقطاع دام نحو عام و4 أشهر خلال الوباء. الآن يأتي السياح من أوروبا الغربية والدول المجاورة بنشاط كبير إلى سوريا».
تشير معطيات شبكات روسية متخصصة في المجال السياحي إلى وجود بنى تحتية جاهزة لذلك، ومع الخطوط الجوية الحكومية السورية تقوم شركة أجنحة الشام الخاصة بتسيير رحلات إلى روسيا، وثمة إقبال لا بأس به على الرحلات الجوية عبر بيروت، مما يعني أن فتح خطوط ربط جديدة مع الأقاليم الروسية سوف يعزز أكثر هذا المسار.
يروج خبراء السياحة الروس لمقولة أن «جميع المعالم السياحية الرئيسية في سوريا باتت مفتوحة للسياح، بما في ذلك حتى تدمر، حيث تم بالفعل إنشاء حياة سلمية. وحلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد، قلعة الحصن، الأديرة المسيحية الشهيرة، وكذلك مدينة بصرى القديمة في جنوب البلاد».
في الوقت ذاته، يبرز التأكيد على أن مستوى الأمن في البلاد قد ارتفع بشكل كبير، مقارنة بعام 2019. وأنه تم تقليص القيود وتقليل عدد حواجز الطرق بشكل كبير. والأهم من ذلك أن الدعاية السياحية لا تهمل عنصر التحفيز والتسويق في إطار البحث عن المغامرين الساعين إلى زيارة البلد الذي أحرقته الحروب و«أنقذته روسيا».
لكن هذه الإشارات تواجهها مشكلات جدية. ومع التركيز على فكرة السياحة إلى «بلد صديق» كبديل عن «الغرب المعادي» لا يمكن لشركات الترويج تجاهل أن السياحة المستقلة في البلاد محظورة بالفعل. إذ لا تستطيع أفواج السياح المنتظرين التنقل بين المدن من دون أن تكون مصحوبة بمرشدين مدربين وبدعم أمني.
لذلك يقول خبراء إنه في الوقت الحالي، هناك حاجة إلى دعم مستمر من الشركات المضيفة المحلية التي تعتمدها الدولة. وحالياً وفقاً لتقديرات مجلات روسية متخصصة هناك نحو ثماني منظمات من هذا القبيل في سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال هناك نقص خطير في المرشدين في سوريا، وخاصة الناطقين بالروسية.
كما أن روسيا تواجه مهمة صعبة أخرى تتمثل في تطوير قاعدة فندقية وخدمية في سوريا التي أصابت الحرب بناها الفندقية بضرر كبير.
وقال أحد الخبراء إن «سوريا لديها فنادق عالية الجودة وذات مستوى جيد، ولكن جميعها مطلوبة بشدة، وببساطة لن يكون هناك ما يكفي منها للسياحة الجماعية. بالنسبة للغالبية المتبقية من المنشآت الفندقية، فإن السياح الروس لن يكونوا راضين عن مستواها وجودتها. ولا يتعلق الأمر بالخدمة فقط. على سبيل المثال، نادراً ما يتوفر الإنترنت على مدار 24 ساعة في أي مكان، ولا تزال الكهرباء مقطوعة في بعض الأماكن».
المثير أن كل «المشكلات» التي يتحدث عنها الخبراء الروس لا تتعرض للوضع الأمني إلا بشكل محدود، ولا يتحدث كثيرون عن عمليات قصف البنى التحتية بما فيها المطارات.
وبالعكس من ذلك، يتم إبراز القدرات الاستثمارية الكبرى في المجال السياحي. وتم التركيز أخيراً، على أكثر من مشروع ضخم تقوم الحكومة الروسية أو قطاع رجال الأعمال والإسهام فيه بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأخيراً، تم الإعلان عن أن شركة «سينارا إنت» الروسية وقعت عقداً استثمارياً لبناء مجمع سياحي في منطقة «جول جمال» على شواطئ مدينة اللاذقية، شمال غربي سوريا.
وينص العقد على استثمار الموقع السياحي المهم لبناء مجمع ضخم بكلفة بلغت 5 مليارات ليرة سورية، أي نحو (28 مليون دولار). وينتظر أن يضم المنتجع الذي يشكل باكورة هذا التوجه الاستثماري الروسي في قطاع السياحة 350 غرفة مع عدد كبير من الشاليهات إضافة إلى مسابح صيفية وشتوية ومطاعم وأنشطة سياحية تسهم بتنشيط السياحة في اللاذقية صيفاً وشتاء، على أن تقوم شركة روسية متخصصة بإدارة المنتجع.
ومع انطلاق نشاطها في سوريا، قالت «سينارا إنت» إنها تسعى لتدشين مرحلة جديدة تضع سوريا على قائمة الوجهات الرئيسية التي يمكن للسياح الروس اختيارها.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.