اليمن يطلب ضغطاً دولياً على الحوثيين... وواشنطن تدعوهم لدعم المساعي الأممية

بعد اعتراف غروندبرغ برفض الميليشيات لمقترح فتح الطرق

مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي خلال إلقاء كلمة بلاده أمام مجلس الأمن (سبأ)
مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي خلال إلقاء كلمة بلاده أمام مجلس الأمن (سبأ)
TT

اليمن يطلب ضغطاً دولياً على الحوثيين... وواشنطن تدعوهم لدعم المساعي الأممية

مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي خلال إلقاء كلمة بلاده أمام مجلس الأمن (سبأ)
مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي خلال إلقاء كلمة بلاده أمام مجلس الأمن (سبأ)

عقب إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ التي أوضح خلالها أن الميليشيات الحوثية رفضت مقترحه المعدل في شأن فتح الطرق إلى مدينة تعز المحاصرة، طالبت الحكومة اليمنية عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة بضغط دولي لإلزام الميليشيات بالوفاء بتعهداتها المتعلقة بالهدنة السارية منذ الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
في غضون ذلك، دعت وزارة الخارجية الأميركية (الثلاثاء) الجماعة الحوثية إلى التزام مسار السلام بموجب المساعي الأممية التي يقودها غروندبرغ، بحسب ما جاء في تغريدة على حساب الوزارة باللغة العربية على «تويتر».
وقالت الخارجية الأميركية إنها تدعو الحوثيين «إلى إظهار التزامهم بعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، والرد بالمثل على مبادرات الحكومة اليمنية، من خلال تحسين الوصول إلى تعز».
وتطرق المندوب اليمني في الأمم المتحدة عبد الله السعدي في كلمته أمام مجلس الأمن، إلى التداعيات الإنسانية والاقتصادية الهائلة التي تعيشها بلاده، والتي قال إنه من الصعب قياسها، بسبب استمرار الميليشيات الحوثية في حربها وتصعيدها، الذي تسبب في إنتاج أسوء أزمة إنسانية دفعت الملايين إلى المغادرة والنزوح وإخلاء ديارهم، وأثرت بشكل كبير على سبل عيشهم.
وأوضح السعدي أنه في سياق الحرص على إنهاء الصراع، انخرط مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية في دعم كل الجهود الإقليمية والدولية للوصول إلى سلام شامل ومستدام، مبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها القرار 2216.
وقال المندوب اليمني إن الحكومة في بلاده قدمت كامل الدعم لمساعي وجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، ووافقت على تمديد الهدنة التي تمثل نافذة نحو وقف شامل لإطلاق النار واستئناف مسار الحل السياسي للصراع، ومنع مزيد من سفك الدم، على الرغم من الخروقات والانتهاكات اليومية للهدنة التي ترتكبها الميليشيات الحوثية في مختلف الجبهات، من خلال استحداث المواقع العسكرية والتحشيد وإعادة التموضع والتعبئة العسكرية ونقل المعدات وتهريب الأسلحة، والاستمرار في قصف الأحياء السكنية في تعز ومأرب والحديدة وغيرها من المناطق اليمنية.
وأكد السعدي أن الحكومة اليمنية تعاملت بمرونة وإيجابية مع كل الملفات الإنسانية، وقدمت الكثير من التنازلات بهدف التخفيف من المعاناة الإنسانية التي تستغلها هذه الميليشيات لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، كفتح مطار صنعاء واستئناف الرحلات التجارية، وتمكين دخول سفن المشتقات النفطية بشكل منتظم عبر ميناء الحديدة التي بلغت عائداتها خلال فترة الهدنة أكثر من 90 مليار ريال (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
واتهم المندوب السعدي الميليشيات بأنها تستخدم الإيرادات في حربها ضد اليمنيين والإثراء الشخصي لقياداتها، عوضاً عن دفع رواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرتها وفق ما تم الاتفاق بشأنه مع مكتب المبعوث الخاص، ووفقاً لاتفاق استوكهولم.
وأضاف أن الحكومة اليمنية تؤكد مجدداً التنفيذ الكامل لبنود الهدنة، بما في ذلك رفع الحصار عن تعز كلياً، وفتح الطرق الرئيسة قبل الانتقال لمناقشة أي ملفات أخرى.
واستعرض السعدي جانباً من مراوغات الميليشيات، وقال إنها لم تسمِّ فريقها المفاوض حول ملف تعز لأكثر من 6 أسابيع، ومن ثم رفضت الانخراط في محادثات فتح الطرق الرئيسية، وأصرت على مناقشة طرق فرعية، ومن ثم رفضت مقترحات المبعوث الخاص رغم سفر المبعوث إلى صنعاء في محاولة لإقناع قيادة هذه الميليشيات، واستخلص أن هذا السلوك يوضح عدم جدية الميليشيات وإصرارها على إطالة أمد المشاورات، بغرض التحايل على هذه الهدنة وابتزاز المجتمع الدولي.
وطالب مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي بالتحرك بشكل عاجل، للضغط على الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران لاغتنام فرص السلام والوفاء بالتزاماتها بموجب الهدنة، وفتح الطرق الرئيسية في تعز دون شروط، وقال إن من شأن ذلك إحداث فارق في تخفيف المعاناة الإنسانية لسكان المدينة، فضلاً عن أنه سيكون مؤشراً إلى جدية الميليشيات في القبول بتسوية سياسية؛ حيث إن السلام يتطلب شريكاً حقيقياً ونيات صادقة وعملاً جاداً، وفق تعبيره.
وشدد السفير السعدي على ضرورة أن تبقى قضية الأسرى والمعتقلين ضمن قائمة أولويات واهتمامات الأمم المتحدة والمبعوث الخاص ومجلس الأمن، وأن تستمر الجهود لإطلاق سراحهم، ووضع حد للعراقيل التي تفتعلها الميليشيات الحوثية تجاه هذه المسألة الإنسانية.
وأوضح السعدي أن المنظمات الإنسانية في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية تعاني من استمرار العراقيل والتدخلات التي تحرف مسار المساعدات بعيداً عن مستحقيها؛ مشيراً إلى تقرير فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الذي أورد أن الميليشيات تمنع حصول العائلات اليمنية على المساعدات الإنسانية، ما لم يشارك أطفالها في التجنيد والقتال.
إلى ذلك، اتهم المندوب اليمني الميليشيات الحوثية بأنها تستمر في عملية تجنيد الآلاف من الأطفال واستخدامهم في حربها، في ظل استمرار الهدنة والجهود التي تُبذل لوقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي.
وقال إن المشاهد المسربة من داخل ما تسمى المخيمات الصيفية، تظهر قيادة الميليشيات وهي تستدرج الأطفال دون سن الخامسة عشرة، وتدربهم وتغسل عقولهم بالأفكار المتطرفة وشعارات الموت والعنف والكراهية.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».