الغرب يرضخ لشروط روسيا في المساعدات إلى سوريا

مجلس الأمن يمدد آلية إرسالها عبر «باب الهوى» 6 أشهر فقط

أطفال في مخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 9 يوليو الجاري (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 9 يوليو الجاري (أ.ف.ب)
TT

الغرب يرضخ لشروط روسيا في المساعدات إلى سوريا

أطفال في مخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 9 يوليو الجاري (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم للنازحين السوريين في معرة مصرين بمحافظة إدلب يوم 9 يوليو الجاري (أ.ف.ب)

رضخت الدول الغربية الرئيسية في مجلس الأمن، الثلاثاء، لمطلب روسيا الاكتفاء بالتمديد 6 أشهر فقط لآلية تمرير المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود مع تركيا، متجنبة بذلك انقطاع هذه المعونات الحيوية من الأمم المتحدة لأكثر من 4 ملايين من السوريين في مناطق شمال غربي البلاد، لا تخضع لسيطرة الحكومة في دمشق.
وصوّت مجلس الأمن القرار الذي أُعطي الرقم 2642 بغالبية 12 صوتاً وامتناع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عن التصويت، لإعادة السماح بتسليم المساعدات الإنسانية من خلال معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية لمدة 6 أشهر إضافية، تنتهي في 10 يناير (كانون الثاني) 2023، على أن يحصل تمديد إضافي لمدة 6 أشهر أيضاً بموجب قرار منفصل من المجلس. ويعكس النص الذي قدمته آيرلندا والنرويج انتصاراً دبلوماسياً واضحاً لروسيا، إذ جرى التوافق عليه على مضض، وبعد مفاوضات مضنية حول كثير من العناصر التي أوردتها روسيا في مسودة لم تعتمد الأسبوع الماضي، بعدما كانت موسكو وضعت خطوطاً حمراء واضحة حدّت من مساحة المرونة في المفاوضات. ويشجع القرار الجديد على عقد اجتماعات كل شهرين لمراجعة ومتابعة التنفيذ، مع بذل جهود لتكثيف المبادرات المتعلقة بالكهرباء، في إطار استعادة الوصول إلى الخدمات الأساسية.
ولطالما كانت المفاوضات بشأن آلية المساعدة عبر الحدود صعبة للغاية، إذ أجاز مجلس الأمن في البداية هذه الآلية عبر القرار 2165 في يوليو (تموز) 2014، حين وافق على 4 معابر حدودية. وفي يناير 2020، جدد المجلس لمعبرين فقط بموجب القرار 2504، ومنذ القرار 2533 في يوليو 2020 حين سمح بنقطة عبور واحدة هي باب الهوى. ويدعم معظم أعضاء المجلس آلية المساعدة عبر الحدود كأداة إنسانية أساسية لتوصيل المساعدات إلى سوريا. ويفضل كثير من الأعضاء، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، دعم رؤية زيادة عدد المعابر. لكن الصين وروسيا عبّرتا مراراً عن مخاوفهما من تلاعب الجماعات الإرهابية بالمساعدات العابرة للحدود. وأعلنتا أنهما تفضلان المساعدة المعززة عبر الجبهات من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية إلى المناطق الخارجة عن سيطرتها. وفي الأسابيع الأخيرة، جادلت روسيا أنه يمكن تنظيم إيصال المساعدات بالتنسيق مع الحكومة السورية إلى كل أنحاء البلاد. غير أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شدد على أهمية إبقاء المساعدة الإنسانية عبر الحدود، مطالباً بتجديد القرار 2585 لمدة عام كامل، على مرحلتين تتألف كل منها من 6 أشهر.
وعلى هذا الأساس، قدمت حاملتا القلم للشؤون الإنسانية المتعلقة بسوريا في مجلس الأمن، آيرلندا والنرويج، مشروع قرار في 27 يونيو (حزيران) يدعو إلى التجديد لمعبر باب الهوى لمدة 12 شهراً. وطالبت روسيا أولاً بلغة معززة حول جهود الإنعاش المبكر، على أن تكون مدة التفويض 6 أشهر فقط. وبعد رفض الدول الغربية هذه الاقتراحات، قدّمت روسيا مشروع قرار مضاد يدعو إلى تشكيل مجموعة عمل خاصة، تضم أعضاء المجلس المعنيين والجهات المانحة الرئيسية والأطراف الإقليمية المهتمة وممثلي الوكالات الإنسانية الدولية العاملة في سوريا، بغية متابعة تنفيذ القرار، بالإضافة إلى متابعة الجهود الجارية «لضمان إيصال المساعدات عبر الجبهات بشكل كامل وآمن ومن دون عوائق إلى كل أنحاء سوريا»، مع الحضّ على زيادة الجهود الدولية لتوسيع مشروعات الإنعاش المبكر.
وأخفقت المفاوضات اللاحقة، على رغم أن آيرلندا والنرويج دمجتا بعض عناصر المسودة الروسية في النص المدعوم غربياً. وبعد إرجاء التصويت أكثر من مرة في محاولة لإيجاد أرضية توافقية مشتركة، استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع آيرلندا - النرويج، الذي حصل على 13 صوتاً، فيما امتنعت الصين عن التصويت. وفي المقابل، حصل المشروع الروسي على صوتين مؤيدين (الصين وروسيا)، مقابل 3 أصوات ضده (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) وامتنع 10 دول عن التصويت.
وعلى الإثر، اقترحت الإمارات العربية المتحدة والبرازيل وكينيا تجديد الولاية لمدة 9 أشهر كحل وسط محتمل. لكن روسيا رفضت العرض. وقررت الدول العشر غير الدائمة العضوية تقديم نص آيرلندي - نرويجي معدل يوافق على المدة التي اقترحتها روسيا، وهي 6 أشهر فقط، علماً أن التفويض لتمرير المساعدات عبر الحدود كان انتهى الأحد الماضي.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.