توتر أمني مفاجئ وتحشيدات للميليشيات في طرابلس

«النواب» الليبي يدعو إلى التحقيق في أزمة الكهرباء... والدبيبة يلوم «بيتكوين»

الدراسة على ضوء الشموع نتيجة انقطاع الكهرباء في طرابلس في 30 يونيو الماضي (رويترز)
الدراسة على ضوء الشموع نتيجة انقطاع الكهرباء في طرابلس في 30 يونيو الماضي (رويترز)
TT

توتر أمني مفاجئ وتحشيدات للميليشيات في طرابلس

الدراسة على ضوء الشموع نتيجة انقطاع الكهرباء في طرابلس في 30 يونيو الماضي (رويترز)
الدراسة على ضوء الشموع نتيجة انقطاع الكهرباء في طرابلس في 30 يونيو الماضي (رويترز)

عاد التوتر الأمني إلى العاصمة الليبية طرابلس إثر تحشيدات مفاجئة للميليشيات المسلحة، فيما طالب عقيلة صالح رئيس مجلس النواب رسمياً بفتح تحقيق عاجل في أسباب استمرار انقطاع الكهرباء، تزامناً مع إلقاء إعلان فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار الجديدة عن تشكيل لجنة لوضع حلول عاجلة لإنهاء أزمتي الكهرباء والوقود، فيما ألقى غريمه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة باللوم على ما وصفه بمصانع تعدين عملة البيتكوين، وفي التأثير السلبي على قدرات الشبكة الكهربائية للبلاد.
ودعا صالح، وفقاً لبيان وزعه مجلس النواب، رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في البرلمان ورئيس الرقابة الإدارية والنائب العام، إلى معرفة أسباب انقطاع التيار الكهربائي على المواطنين لساعات طويلة، والتحقيق في أسباب النقص الحاد في توفر الوقود الأمر الذي ترتب عليه زيادة معاناتهم.
وحض صالح هذه الجهات على تحمل المسؤولية وإحالة المسؤولين عن ذلك للقضاء لمحاسبتهم وإعلان نتائج التحقيقات للشعب.
ودخل باشاغا رئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب على الخط، وأصدر أمس بعد ساعات من بيان صالح، قراراً بتشكيل لجنة برئاسة نائبه علي القطراني وعضوية وزير الكهرباء ومسؤولين من وزارة الداخلية وشركتي البريقة والخليج للنفط وجهاز الطارق للاستثمار، للبحث والتقصي بشأن أزمتي الكهرباء والوقود. وتضمن القرار، وفق بيان وزعته حكومة باشاغا، قيام اللجنة بـ«التواصل المباشر مع الجهات ذات العلاقة والتنسيق معها لوضع الحلول العاجلة لإنهاء الأزمة وتلافيها بما يضمن عدم تدني مستوى الخدمات للمواطنين مستقبلاً»، مع تقديم تقارير يومياً إلى باشاغا بنتائج أعمالها.
في المقابل، توعد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة بمواجهة أي احتجاجات شعبية ضدها، وقال في كلمة ألقاها خلال زيارته إلى مسقط رأسه بمدينة مصراتة في غرب البلاد بمناسبة عيد الأضحى، إن «الدولة تحمي من يريد أن يعبر عن رأيه بطريقة سلمية أما إحراق الممتلكات فهو مرفوض»، لافتاً إلى أن الأجهزة الأمنية مهمتها حماية المجتمع وممتلكاته و«سنتصدى لمن يريد العبث».
وأضاف أن «حرية التعبير متاحة لكل الليبيين دون قيود وهذا أمر طبيعي وصحي، لكن الديمقراطية لها قيودها وقوانينها وقواعدها».
ووعد الدبيبة بحل أزمة الكهرباء التي تسببت في اندلاع احتجاجات بالبلاد، وقال إن حكومته خصصت 3 مليارات دولار لصيانة محطات توليد الكهرباء القائمة حالياً والمحطات القديمة التي لم تشهد صيانة منذ 40 عاماً و«أنجزنا صيانة المحطات بنسبة 70 في المائة». وتابع: «سمعت أن هناك مصانع (لوغريتمات) في ليبيا تنتج عملة بيتكوين، وتستهلك كمية كبيرة جداً من الكهرباء، وليبيا تعتبر الرقم 1 أو 2 على مستوى تصنيع هذه العملة»، معرباً عن اعتقاده بأن المعلومة التي وصلته «صحيحة بنسبة 80 إلى 90 في المائة».
واعتذر الدبيبة مجدداً عما وصفه بالخطأ في الحسبة بشأن طرح الأحمال، وقال: «لا بد من الاعتذار لهذا الشعب، وحاولت والله غالب»، مشيراً إلى أن شركة الكهرباء تعاني من الترهل والتضخم الوظيفي.
وتعاني معظم المدن الليبية من انقطاع يومي للكهرباء، خاصة في فترة الذروة الشتوية والصيفية، حيث يتخطى العجز في توليد الطاقة الكهربائية 2000 ميغاوات يومياً، بينما لا يتجاوز الإنتاج الحالي للكهرباء 5.5 ألف ميغاوات يومياً.
كما يعاني قطاع الكهرباء منذ سنوات من مشكلات تتعلق بالصيانة وآثار الحرب والفساد، وفي الفترة الأخيرة من حصار لمنشآت نفطية وقطع إمدادات الوقود عن بعض محطات توليد الكهرباء، فضلا عن سرقة أسلاك التوصيل المصنوعة من النحاس غالي الثمن من قبل عصابات مسلحة بشكل شبه يومي.
إلى ذلك، تشهد العاصمة طرابلس توتراً أمنياً منذ مساء أول من أمس، على خلفية تحركات مفاجئة للميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الدبيبة، بعد ساعات من إعلان باشاغا اعتزامه دخول المدينة خلال الأيام المقبلة.
وقالت مصادر في حكومة الدبيبة إنها تسابق الزمن في إطار سعيها منع نشوب أي اشتباكات جديدة، بينما تحدثت وسائل إعلام محلية عن تكليف أيوب أبو راس، آمر الحرس الرئاسي، مساعديه بحل خلاف نشب بشكل مفاجئ بين قادة الميليشيات المسلحة، إثر سيطرة ميليشيات كتيبة رحبة الدروع بقيادة بشير خلف المكنى بالبقرة، على معسكر النعام بعين زارة جنوب العاصمة والتابع لهيثم التاجوري، آمر ميليشيا ما يعرف بـ«اللواء 777». ولفتت إلى تكليف محمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة بالمنطقة الغربية، لميليشيات البقرة بالسيطرة على هذا المعسكر، ما دفع التاجوري إلى حشد قواته في المنطقة، قبل سحبها منها.
ورصد سكان محليون سماع إطلاق نار متقطع مساء أول من أمس، بينما أظهرت لقطات مصورة تحرك آليات عسكرية من الميليشيات التي تتنازع فيما بينها باستمرار على مناطق النفوذ والسيطرة.
بدوره، قال محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي إنه تلقى برقية تهنئة بمناسبة عيد الأضحى من الرئيس التونسي قيس سعيد، تمنى فيها دوام الاستقرار والنماء لليبيا وشعبها، مجدداً حرصه على العمل سوياً لتعزيز أواصر الأخوة بين البلدين.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».