ترجيحات يمنية: تمديد الهدنة أقصى المتوقع من زيارة بايدن المرتقبة

TT

ترجيحات يمنية: تمديد الهدنة أقصى المتوقع من زيارة بايدن المرتقبة

يرى محللون يمنيون أن الملف اليمني سيكون مطروحاً بقوة على الطاولة خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية، نهاية الأسبوع الحالي، في إطار الجهود الحثيثة لإنهاء النزاع المستمر منذ نحو ثماني سنوات.
ورغم أن الحرب في اليمن أصحبت قضية محورية في السياسة الخارجية الأميركية – بحسب المحللين– إلا أنهم يعتقدون أن أقصى ما قد ينجزه بايدن خلال الزيارة هو تمديد الهدنة الأممية الهشة التي أعلنت في مطلع أبريل (نيسان) الماضي لفترة أطول.
وتقود الأمم المتحدة عبر مبعوثها السويدي هانس غروندبرغ جهوداً لتثبيت الهدنة ومن ثم جمع الأطراف المتحاربة على طاولة واحدة خلال الأشهر القادمة، لوقف واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية على مستوى العالم.
وكان البيت الأبيض أعلن أن الرئيس بايدن سيعمل خلال زيارته على تمديد الهدنة في اليمن. وعينت الإدارة الأميركية مبعوثاً خاصاً لليمن هو الدبلوماسي المخضرم تيم ليندركينغ في فبراير (شباط) 2021.
ووفقاً لمصطفى نعمان وكيل وزارة الخارجية اليمني الأسبق، فإن «الملف اليمني سيكون مطروحاً مع ملفات أخرى شائكة، فالحرب في اليمن أصبحت قضية محورية في السياسة الخارجية الأميركية تجاه المنطقة كما كانت بنداً في الحملة الانتخابية للرئيس بايدن».
ويرى الدبلوماسي اليمني في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» أن «الحل الذي أصبحت المنطقة والعالم مقتنعون به هو أن هذه الحرب يجب أن تتوقف وفوراً». وتابع «من هنا فاستمرار الهدنة أصبح أمراً منطقياً والمؤمل هو تمديدها لفترات أطول وهو ما أتوقعه وأتمناه»، متابعا: «على الأطراف اليمنية أن تعي حقيقة، وهي أن العالم ضجر من حربهم ولم يعد يهتم بها إلا من باب الشفقة والعطف على تدهور الأحوال الإنسانية».
من جانبه، يتفق عبد الله إسماعيل وهو كاتب ومحلل يمني أن الملف اليمني حظي باهتمام واضح من الإدارة الأميركية الحالية، مشيراً إلى أن هذا الاهتمام هو «محاولة للعب على نغمة إنهاء الحرب كنوع من التسويق الانتخابي، ورغبة إدارة بايدن في استئناف التوظيف لكل الوسائل للعودة للاتفاق النووي».
هذان العاملان – بحسب إسماعيل – جعلت «مواقف الإدارة الأميركية رخوة ومشجعة أحيانا لجماعة الحوثي الإرهابية، ومنها العودة عن تصنيف الجماعة إرهابية». يضيف إسماعيل: «الملف اليمني سيكون حاضراً، لكنني أتوقع أن يستخدمه بايدن ورقة مساومة». ويرى أن «أي حلول يتبناها الغرب بما فيه الولايات المتحدة لن تحقق السلام المنطقي والمطلوب في اليمن، لأنها تنطلق من منطلقات لا تعكس حقيقة الأزمة ولا تبحث في جذورها».
ولم يستبعد الكاتب إسماعيل أن تؤدي زيارة بايدن إلى «المزيد من الضغوط لاستمرار الهدنة الهشة لشهرين إضافيين، لكن لا أعتقد أنها ستفضي إلى حل دائم». وتابع «على المجلس الرئاسي والحكومة تنفيذ الاستحقاق اليمني الأهم والناجز في استعادة مؤسسات الدولة وعودة السلام إلى اليمن».
بدوره، يعتقد حسين الصوفي رئيس مركز البلاد للدراسات ومقره مأرب أن مزاجا دوليا يعمل على إدارة الحرب في اليمن. وقال في حديث مع «الشرق الأوسط» إن «مسؤولية الحكومة تقدير اللحظة الراهنة من منطلقات يمنية صرفة وبالضرورة فأمن اليمن مرتبط عضوياً وجغرافياً ونسيجياً بالخليج والمنطقة دون تقديم التنازلات وتضييع الوقت».
وكان المبعوث الأميركي لليمن في حوار مع «الشرق الأوسط» يونيو (حزيران) الماضي: «نحن متحمسون جداً؛ لأن الرئيس بايدن سيتوجه إلى السعودية. أعتقد أنه انعكاس لحقيقة أن هناك قدراً كبيراً من الأهمية المعلقة على العلاقات الأميركية ـ السعودية أولاً وقبل كل شيء. لكن من دون أدنى شك؛ أعتقد أن التقدم الذي يشهده اليمن يسهل مثل هذه الزيارة في هذا الوقت بالذات... وإذا قرأت الإعلان العام للزيارة فستلاحظ أن اليمن يحتل موقعاً بارزاً في جميع التصريحات المرتبطة. لذا؛ أعتقد أنها ستكون مناقشات بناءة للغاية حول اليمن خلال هذه الزيارة».
وأضاف ليندركينغ «أعتقد أن الرئيس مسرور جداً لرؤية أن هناك هدنة في اليمن تعود بفوائد ملموسة على الشعب اليمني. وأن الدبلوماسية الأميركية دعمت بقوة العملية التي تقودها الأمم المتحدة»، متابعا: «بالطبع نحن نقدر الخطوات التي اتخذتها الحكومة السعودية والحكومة اليمنية لدعم الهدنة وتنفيذ بنودها. وسيود الرئيس أن يعرب عن تقديره لذلك. وبالمثل مع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لإظهار دعمها هذا الأمر. وأعتقد أن هذا التجمع سيكون مهماً للغاية؛ لملفات متعددة».
وقضت الهدنة الأخيرة بفتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات التجارية، إلى جانب دخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة على ساحل البحر الأحمر، وهو ما تم تنفيذه.
كما نصت الهدنة على فتح طرق ومعابر تعز والمناطق الأخرى، وهو الأمر الذي تعرقله الجماعة الحوثية حتى الآن بحسب تصريحات المسؤولين في الحكومة اليمنية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».