تفاجئنا كارين سلامة في كل مرة تقدم فيها شخصية المرأة الشريرة، بفضل أدائها المحترف. كارين الإعلامية القريبة من قلوب المشاهدين والممثلة التلقائية التي يهوى الناس متابعة أعمالها، تطل اليوم في «التحدي» و«بيروت 303». وفي المسلسلين تجسد شخصية امرأة تميل إلى الشر؛ لا بل في دور «نيكول» في الأول نراها عضو مافيا خطيرة يمكنها أن تتحكم بمصائر الناس.
فهل هي تقصد أن تدور الشخصيات التي تلعبها ضمن محور الشر؟ ترد: «لا أبداً. إنها مجرد صدفة، ولا أعلم إذا كان المنتجون والمخرجون يجدونني بارعة في هذا النوع».
لا يزعجها أنها امرأة شريرة على الشاشة الصغيرة؛ «لأن ذلك هو عكس شخصيتي الحقيقية وضد طبيعتي. فأنا أميل أكثر إلى السلام واللطافة، ولكن أعتقد أن في داخل كل منا طبيعتين: الشر والخير. وأستمتع وأنا أقدم شخصية لا تشبهني، فيولد عندي نوع من التحدي الذي يحفزني على تقديم الأفضل. فأبحث في ثنايا الدور عن قدراتي المخبأة وأخرجها إلى النور».
في مسلسل «بيروت 303» تطل كارين في دور ذي مساحة صغيرة لتكون بمثابة «ضيفة شرف» على هذا العمل، وهو من بطولة عابد فهد وسلافة معمار وإخراج إيلي السمعان. وضمن شخصية «كارمن» التي تجسدها ينكشف المستور وتفك الألغاز. حبها الكبير لبطل العمل «عزيز فرج» (عابد فهد) يدفعها إلى التضحية بحياتها من أجله... «لست الوحيدة التي ستكون ضحية الوقوع في حبه. سترون في الحلقات الأخيرة مصيراً قاسياً لمن أغرموا بعزيز ولاقوا نهاية غير سعيدة».
وعن تجربتها التمثيلية مع عابد فهد تقول: «لقد اجتمعنا معاً في مشهد واحد، وكان كافياً لأستشف حرفيته العالية وحضوره الأخاذ. عندما تقفين أمام نجوم بهذا المستوى يختلف الأمر. بداية أصبت بما نسميه بـ(تراك)؛ أي رهبة حضور عابد فهد. ولكن ولأني معتادة على الكاميرا؛ لأني مقدمة برامج تلفزيونية، استطعت أن أتجاوز الأمر بسرعة. هناك كيمياء يحدثها عابد فهد بينه وبين الممثلين معه، فتولد هذا الشعور بالراحة. كان أستاذاً أراقبه، وأغب منه الدروس، وأنتظر ردود فعله على أدائي بفرح».
أما عن مشاركتها بسام كوسى الحلقات الـ60 لمسلسل «التحدي»، وهو الجزء الثاني من مسلسل «سر»، فتقول: «في دور (نيكول) يختلف الأمر؛ لأن هذه الشخصية محورية في العمل. أستطيع القول إن هذه التجربة هي من الأروع التي خضتها في مشواري التمثيلي. كل شيء كان فيها مختلفاً؛ بدءاً من التعاون مع مخرج سوري ممتاز هو مروان بركات، مروراً بالمنتجين نهلة زيدان وسامح مجدي، والكاتب مؤيد النابلسي، وصولاً إلى التعاون مع بسام كوسا».
وتصف مروان بركات بـ«صانع النجوم» الذي يتمتع بنظرة درامية لا تشبه غيرها عربياً... «إنه من المخرجين أصحاب التجارب الطويلة في الدراما السورية والعربية، يملك عيناً ثاقبة ورؤية مسبقة للأمور. ما أقصده هنا هو إمكاناته على توقع كمية القدرات التي يتمتع بها الممثل». كما تثني على إدارة الإخراج لدى إيلي السمعان في «بيروت 303»... «كان التعامل معه متعة، سيما أنه يتنبه لكل شاردة وواردة، وينبه الممثل لعدم المبالغة في ردود فعله».
تتابع سلامة حديثها عن «التحدي»: «كنت أقصد موقع التصوير لهذا المسلسل وأنا أتمتع بحماس كبير. من الضروري جداً أن يشعر الممثل بهذه الأحاسيس؛ إذ تزيده طاقة». وهل خِفتِ من الوقوف أمام بسام كوسا؟ «لا شك في أني بداية خِفتُ، ولكني اكتشفت فيما بعد أنه شخص مكتف (شبعان) من الشهرة، لا بل هو متواضع جداً، ومثقف بشكل لافت، لا يشبه نجوم اليوم، فهو عائد من حيث هم ذاهبون، وعنده كمية كبيرة من النضوج والوعي والفهم». وماذا تعلمت من بسام كوسا؟ ترد: «تعلمت منه الكثير؛ سيما أننا كنا نخوض معاً أحاديث جانبية كثيرة، ونحن في انتظار موعد تصوير مشاهدنا. وأهم ما زودني به هو هذا التواضع الذي يجتاحه، وأنه مهما كبر الإنسان واشتهر في هذه الدنيا؛ فالأمر سيان. لقد تعلمت من خلاله أن سماء الدراما مليئة بالنجوم، ولكن عدداً لا يستهان به منهم سخفاء».
يستفز كارين سلامة بعض الممثلين الذي لا يجيدون مهنتهم ومع ذلك هم باقون على الشاشة. وكذلك تنفر من هؤلاء الذين يفاخرون بأنفسهم ويرفعون رؤوسهم كأن أنوفهم معلقة بالسماء. أما أكثر ما يلفتها، فهو طريقة تصوير بعض الأعمال الدرامية بأسلوب ضعيف... «لم يعد من المسموح به أن نقوم بهذه الأخطاء».
أما من أكثر الأعمال الدرامية التي شدتها مؤخراً؛ فهو مسلسل «بطلوع الروح». وتقول: «أنا مدمنة على مشاهدة المسلسلات. أحب الاطلاع عليها. وبالنسبة إلي؛ فإن مسلسل (بطلوع الروح) كان عملاً مختلفاً وممتازاً. ومنة شلبي قدمت أحد أجمل أدوارها، والأمر نفسه لإلهام شاهين (وحشة الشاشة المصرية). فالعمل ككل كان متكاملاً بفريقه وقصته وإخراجه وإنتاجه».
من يتابع كارين سلامة على مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ أنها ناشطة عليها؛ فهي تنتقد وتضع النقاط على الحروف في موضوعات سياسية واجتماعية وبيئية وصحية... وغيرها. كما أنها من ناحية ثانية تشارك في الأعمال الإنسانية وتعمل على جمع تبرعات لطفل مريض بالسرطان أو لأم محتاجة دواء أو لعائلة فقيرة تلزمها المساعدة. فهل هي تحاول من خلال نشاطها هذا الحفاظ على موقعها إعلاميةً وممثلةً، أم إنها تجد بوسائل التواصل وسيلة للفضفضة؟ ترد: «يجتمع الاثنان؛ لأنها بمثابة مساحة حرة أعبر فيها عن رأي. بداية لم أكن أعرف كيف أتعامل مع هذه الوسائل. ومن ثم في فترة الحجر أقبلت عليها بشكل جيد، فكانت الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الناس. كما أني من خلالها أحافظ على موقعي، ليس من باب الشهرة؛ بل لأنها سمحت لي بالمشاركة في أعمال إنسانية. وانطلاقاً من هذا الباب، لا أريد أن أفقد موقعي؛ لأن هناك من يسمعني ويتابعني ويشارك في هذه الأعمال. ولكن ما يلفتني هو عدم اكتراث الأغنياء وأصحاب الثروات للأعمال الخيرة، فيحجمون عن هذا الأمر تحت كليشيه: (إننا نساعد كثيراً). وفي المقابل؛ تتصل بي نجمات فن معروفات ومشهورات وزميلات وزملاء في الإعلام لتقديم المساعدة بشكل فعال، ويطالبونني في المقابل بعدم ذكر أسمائهم. وفي أحدث حالة لطفل مريض سرطان تبرعت نجمة كبيرة بمبلغ لا يستهان به، وكذلك فعلت زميلات في الإعلام وشخص معروف على الساحة الدرامية. هو طريق صعب ومتعب، ولكن تكمن متعته في المساعدة والنتيجة الإيجابية التي تحققينها من خلاله».
نعود إلى الحديث عن الفن وأسألها عما إذا كانت اليوم قد اكتفت من لعب أدوار صغيرة؟ ترد: «نعم لقد اكتفيت، ولن أقوم بذلك بعد الآن، فأنا بحاجة لأدوار أكبر تبرز طاقاتي. لا أعني بذلك أنني أطمح إلى البطولة المطلقة، ولكن حان الوقت كي أظهر طاقاتي التمثيلية». ومن ناحية عملها الإعلامي؛ فهي حالياً تطل عبر قناة «أوروبت» ضمن برنامج «شرفتونا». فَعَمّ تبحث في هذه المهنة بعد مشوارها الطويل فيها؟ «الإعلام مهنتي الأساسية، وأعدّها جزءاً من حياتي، أو بالأحرى فرداً من أفراد عائلتي؛ لا أستطيع الابتعاد عنه. فهي تسكن فيّ؛ والعكس بالعكس صحيح. الإعلام ملعبي؛ أتنشقه تماماً كما أتنفس وآكل وأشرب».