ترقب الإفراج عن «مساجين العشرية السوداء» في الجزائر

أغلبهم يقضي عقوبة الإعدام والحكومة تعهدت بقانون خاص بهم

جانب من مظاهرة لعائلات مساجين العشرية السوداء (جمعية المساجين السياسيين)
جانب من مظاهرة لعائلات مساجين العشرية السوداء (جمعية المساجين السياسيين)
TT
20

ترقب الإفراج عن «مساجين العشرية السوداء» في الجزائر

جانب من مظاهرة لعائلات مساجين العشرية السوداء (جمعية المساجين السياسيين)
جانب من مظاهرة لعائلات مساجين العشرية السوداء (جمعية المساجين السياسيين)

يترقب ناشطون إسلاميون باهتمام بالغ صدور «القانون الخاص»، الذي تعهَدت به رئاسة الجمهورية عشية الاحتفال بستينية الاستقلال (5 يوليو/تموز)، بشأن الإفراج عن عشرات المساجين الإسلاميين، الذين يقضون عقوبات ثقيلة منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، بتهمة الإرهاب.
وأكد مصطفى غزال، المتحدث باسم «جمعية المساجين السياسيين» لـ«االشرق الأوسط»، أن «أنباء شبه مؤكدة بلغتنا، حول إمكانية إطلاق سراح إخواننا المساجين الذين يقضون أكثر من ربع قرن وراء القضبان، وعلى رأسهم عميد السجناء السياسيين في الجزائر، الدكتور العيد السايح. أملنا أن يكون الأمر كذلك، فقد كنا نسمع دوما هذه الأخبار وهذا منذ سنة 2007، و في كل مناسبة وطنية أو دينية، وما نخشاه هو خيبة الأمل... خيبة أمل عندما يطلقون سراح البعض و يتركون البعض الآخر... أو عندما لا يطلقون سراح أحد».
ويبلغ عدد من يسمون «مساجين العشرية السوداء» 160 حسب عائلاتهم، فيما تقول مصادر من وزارة العدل إنهم لا يتعدون 90. غالبيتهم كانوا ناشطين في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، التي حلَتها السلطات في مايو (أيار) 1992 بعد أن اتهمتها بالإرهاب. وتمت محاكمة هؤلاء النشطاء في محاكم خاصة بالمتهمين بالإرهاب، وصدرت بحق بعضهم أحكام بالإعدام والمؤبد لآخرين. وأوقفت الحكومة تنفيذ الإعدام منذ 1993 بضغط من تنظيمات حقوقية أجنبية، لكن ما زال القضاة ينطقون بها إلى اليوم.
وقال غزال: «إذا أطلقوا سراح مساجين التسعينات، فستكون خطوة نباركها و نشكر فاعليها على الرغم من تأخرها، وهو الطريق الصحيح نحو تهدئة النفوس. وإذا لم يطلق سراحهم، فسنبقى نناضل من أجلهم حتى يغادر آخر سجن منهم الزنزانة، و ترد لهم كرامتهم». أضاف: «لا أحد يعلم متى سيبدأ الإفراج عنهم، ولا متى سيصدر القانون الخاص بهم».
وأفادت رئاسة الجمهورية الأحد الماضي، بأنها بصدد «إعداد قانون خاص، لفائدة المحكوم عليهم نهائيا، وهذا امتداد لقانوني الرحمة والوئام المدني». وأوضحت أن ذلك يأتي في سياق مشاورات أجراها الرئيس تبون مع قادة أحزاب سياسية وتنظيمات المجتمع المدني، الذين طلبوا منه إطلاق «تدابير تهدئة»، أهمها الإفراج عن معتقلي الحراك الذين يفوق عددهم 250.
و«قانون الرحمة» (1995) و«قانون الوئام» (1999)، شملا آلاف المسلحين الإسلاميين. فقد عرضت عليهم السلطات إلغاء الاحكام القضائية ضدهم مقابل التخلي عن الإرهاب. ويرجح أن الحكومة تنوي دمج «مساجين العشرية السوداء»، في هذين النصين لإيجاد صيغة قانونية تتيح خروجهم من السجن.
يشار إلى أن الحكومة سنَت قانونا ثالثا شبيها، عام 2006 سمته «السلم والمصالحة الوطنية»، شمل أفراد «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» (تحوَلت لاحقا إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي)، وكانت من نتائج هذه السياسة، توقف زعيم الجماعة حسان حطاب عن استخدام السلاح، لكن لا يعرف بالتحديد عدد المسلحين الذين استفادوا منه.
ويطرح المهتمون بالقضية عدة أسئلة حول مخارج «القانون الخاص»، فهل سيكون عفوا أم تخفيضا للأحكام النهائية؟، وهل سيكون التخفيض بتحديد العقاب، حيث يجري على إثره إطلاق سراحهم؟
وتثير مسألة الافراج عن المساجين المتهمين بالإرهاب، انقساما حادا في المجتمع وحتى وسط التيارات السياسية. فالديمقراطيون يرفضون المسعى بحجة أن المعنيين «أيديهم ملطخة بالدماء» وأن بقاءهم في السجن بمثابة «وفاء لذكرى عشرات الآلاف من الضحايا»، الذين قتلتهم الجماعات المتطرفة. أما أصحاب الرأي المخالف، فيعتبرون هؤلاء المساجين مناضلين سياسيين وأن الحكومة لم تضبطهم متلبسين بجرم العمليات الإرهابية، في وقت تم محو كل أفعال الاجرام التي اتهم بها المسلحون الذين عادوا إلى الحياة بشكل طبيعي.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تطوّر منظومة إدارة المياه لمواجهة «الشُّح»

مسؤولون بوزارة الري المصرية خلال متابعة بعض مشروعات المياه (الري المصرية)
مسؤولون بوزارة الري المصرية خلال متابعة بعض مشروعات المياه (الري المصرية)
TT
20

مصر تطوّر منظومة إدارة المياه لمواجهة «الشُّح»

مسؤولون بوزارة الري المصرية خلال متابعة بعض مشروعات المياه (الري المصرية)
مسؤولون بوزارة الري المصرية خلال متابعة بعض مشروعات المياه (الري المصرية)

تواصل مصر تطوير منظومة إدارة المياه لمواجهة «الشُّح» الذي تعاني منه البلاد، عبر عدّة طرق، من بينها استخدام نموذج رياضي إلكتروني بديل عن «المناسيب التقليدية» يعتمد على الذكاء الاصطناعي.

وأكد وزير الري والموارد المائية المصري، الدكتور هاني سويلم، الأحد، أن استخدام النموذج الرياضي يعد «خطوة مهمة في عملية تطوير منظومة توزيع المياه، وبدء إجراءات التحول من استخدام (المناسيب) لاستخدام التصرفات في إدارة وتوزيع المياه، بالإضافة إلى أهمية النموذج في متابعة تقييم العناصر الخاصة بنوعية المياه بالترع والمصارف».

وقال سويلم، خلال اجتماع لمتابعة إجراءات تحديث النموذج الرياضي الجديد مع الخبراء والمسؤولين بوزارته إن «تطوير النموذج يشتمل على مراقبة وتقييم جودة ونوعية المياه على امتداد المجاري المائية ويخدم مستهدفات التوسع في معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي التي تعد أحد أهم محاور الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية».

وتعاني مصر من «عجز مائي» بنحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، حيث «تبلغ حصتها من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، في حين يتجاوز استهلاكها الحالي 85 مليار متر مكعب، ويتم تعويض الفارق من المياه الجوفية، ومشروعات تحلية مياه البحر، وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي»، وفق «الري المصرية».

وتزداد المخاوف المصرية من مخاطر «الشُّح المائي» على خلفية استمرار أزمة «سد النهضة» الذي أقامته إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، بداعي توليد الكهرباء، بينما تخشى دولتا المصب (مصر والسودان) من تأثر حصتيهما من مياه نهر النيل بسبب «السد».

خبراء مياه من محافظات مختلفة خلال مناقشة النموذج الجديد مع وزير الري المصري (الري المصرية)
خبراء مياه من محافظات مختلفة خلال مناقشة النموذج الجديد مع وزير الري المصري (الري المصرية)

أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، شرح طبيعة النموذج الجديد وتأثيره على إدارة منظومة المياه بمصر، مؤكداً أن «النموذج الجديد سوف يسهم بشكل كبير في تحسين جودة منظومة إدارة المياه، والحفاظ على كمية المياه، وتقليل الهدر عبر حوكمة استخدامها بشكل علمي».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إن «النموذج الرياضي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو نظام إلكتروني يقوم بقراءة كل البيانات المتعلقة بالمياه وإرسالها إلى وحدة مركزية لتحليلها، حيث تجري قراءة منسوب المياه وجودتها وجميع التفاصيل المتعلقة بها».

وينفَّذ النموذج الجديد بالتنسيق بين برنامج «البحوث التطبيقية بين مصر وهولندا»، حيث استبق إطلاق البرنامج تدريب 12 مهندساً مصرياً على استخدام النموذج.

واستعرض وزير الري المصري خلال الاجتماع، الأحد، ما تضمنه البرنامج من تقييم للوضع الحالي لمنظومة الموارد المائية من حيث التصرفات ونوعية المياه، والأنشطة المتعلقة بالميزان المائي، واستخدامات الأراضي الزراعية، والتركيب المحصولي، واحتياجات مياه الشرب والصناعة وغيرها، وتقييم تأثير الاستراتيجيات المستقبلية على إدارة وتوزيع المياه وعلى نوعية المياه، من خلال البيانات التي قام النموذج برصدها.

عودة إلى شراقي الذي أكد أن «النموذج الجديد ليس فقط أكثر دقة من نظام (المناسيب)؛ بل إنه يعمل بشكل دائم ولحظي، حيث يرسل بياناته إلى الوحدة المركزية كل لحظة ومن دون عقبة أيام الإجازات والعطلات عندما كان يتم استخدام النظام اليدوي المعتمد على العنصر البشري».

وحسب شراقي فإن «النظام الإلكتروني الجديد لا يكتفي فقط برصد البيانات وتحليلها؛ بل يتخذ القرارات بشكل فوري، فعندما يرصد مثلاً انخفاضاً في منسوب المياه بمصرف أو بحيرة يقوم تلقائياً باتخاذ قرار بفتح المياه إلى أن تصل للمنسوب الطبيعي ثم يغلقها».

ووجَّه وزير الري المصري بأن يتم تطوير النموذج ليصبح نموذجاً تطبيقياً عملياً يُمكن استخدامه بسهولة في إدارة المياه من خلال الإدارة المركزية لتوزيع المياه، بالإضافة إلى استخدامه أداةً لتخطيط إدارة الموارد المائية من خلال قطاع التخطيط بالوزارة، كما وجه بمواصلة «تدقيق البيانات التي يجري استخدامها في النموذج، وإمداده بمزيد من البيانات المتوفرة لدى جهات الوزارة المختلفة، لتحسين وتدقيق النتائج الصادرة عن النموذج».