استقرت جموع الحجاج على صعيد عرفات الطاهر، بعد توجههم إليه صباح هذا اليوم الجمعة التاسع من شهر ذي الحجة؛ ليؤدوا ركن الحج الأعظم، ويشهدوا الوقفة الكبرى في مشهد إيماني مفعم بالخشوع والسكينة، داعين الله أن يمّن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
وأدى الحجاج الذين توافدوا منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، بعد استماعهم إلى خطبة عرفة التي ألقاها الشيخ الدكتور محمد العيسى، حث فيها على تقوى الله وامثال أوامره لنيل الفوز والنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة، واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والمسارعة في الخير، ومن ذلك الحرص على امتثال قيم الإسلام التي صاغت سلوك المسلم فهذبته خير تهذيب.
وأضاف أن حسن الخلق في "الوصف العام" قيمة مشتركة بين الناس كافة، يقدّرها المسلم وغيره؛ إذ هي سلوك رشيد في القول والعمل، مبيناً أن المسلم "براسخ قيمه" لا يلتفت لجاهل ولا لمغرض ولا لعائق، كما يعلم أن منازلة أولئك تسهم في إعلاء ذكرهم، ونجاح مشروعهم، وهو ما يسعدون به، بل إن الكثير منهم يعول عليه، غير أن مخاطر التدليس يتم كشفها، مثلما يتم التصدي للإساءة البينة، وكل ذلك يساق بحكمة الإسلام.
وأكد العيسى أن من قيم الإسلام البعد عن كل ما يؤدي إلى التنافر والبغضاء والفرقة وأن يسود تعاملاتنا التواد والتراحم، مبيناً أن هذه القيم محسوبة في طليعة معاني الاعتصام بحبل الله، كما تمثل الوحدة والأخوة والتعاون السياج الآمن في حفظ كيان الأمة وتماسكه، وحسن التعامل مع الآخرين، متابعاً بالقول: الإسلام روح جامعة، يشمل بخيره الإنسانية جمعاء. وسما التشريع الإسلامي بإنسانيته التي لا تزدوج معاييرها، ولا تتبدل مبادئها فأحب الخير للجميع وألف قلوبهم.
وواصل: من تلك القيم انتشر نور الإسلام، فبلغ العالمين في أرجاء المعمورة، حيث تتابع على تبليغ هذا الخير رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فأثمر هذا الهدي الرشيد أتباعاً مهديين، سلكوا جادة الإسلام، كما كان لأهل العلم الراسخين أثر مبارك في الاضطلاع بمسؤولية البيان، ومن ذلك التصدي للمفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام.
وشهدت الحركة المرورية لانتقال ضيوف الرحمن من منى إلى عرفات انسيابية ومرونة، واتسمت عملية التصعيد باليسر، حيث هيأت الحكومة إمكانات وترتيبات متميزة لينعم الحجاج بالأمن والأمان والراحة والاطمئنان.
وأكدت وزارة الحج والعمرة أنها لن تسمح ولن تتهاون في أي تقصير يمسّ خدمة الحاجّ، وأعلنت أن الفرق التفتيشية والميدانية التابعة للوزارة تقوم بجولات مستمرة لتقييم ومتابعة جودة الخدمات المقدمة لهم، والتعامل مع البلاغات المقدمة من دون استثناء.
وفي خطوة هي الأولى، برزت في موسم حج هذا العام مبادرة توفير مرافق لـ«ضيف الرحمن»، عبر تيسير جميع الأمور المتعلقة بالحاج، والمساعدة في تأمين احتياجاته على مدار الساعة. وينضم هذا البرنامج الذي يساعد خصوصاً المسنين إلى منظومة الخدمات المتكاملة المقدمة للحجاج لتمكينهم من أداء النسك.