«ميتا»: الإنترنت تحت هيمنة 4 لغات

مدير أبحاثها للذكاء الصناعي أكد لـ«الشرق الأوسط» العمل على نموذج يدعم 25 مليار ترجمة يومياً

«ميتا»: الإنترنت تحت هيمنة 4 لغات
TT

«ميتا»: الإنترنت تحت هيمنة 4 لغات

«ميتا»: الإنترنت تحت هيمنة 4 لغات

تعمل شركة «ميتا» على تطوير نظام الترجمة عالية الدقة بين اللغات باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي. وكشفت الشركة عن عزمها على رفع عدد اللغات التي يدعمها هذا النظام من 100 إلى 200 لغة، وذلك بهدف مساعدة الأشخاص على التواصل بشكل أفضل في الوقت الحالي وتمكينهم من أن يصبحوا جزءاً من عالم «ميتافيرس» في المستقبل.
وتحدثت «الشرق الأوسط» حصرياً مع أنطوان بورد، مدير عام أبحاث «فيسبوك» للذكاء الصناعي (Facebook AI Research FAIR) لدى «ميتا»، في آفاق تقنيات الذكاء الصناعي في الترجمة الآلية الدقيقة بين هذه اللغات، ومستقبل تفاعل المستخدمين معاً في الإنترنت والعالمين الحقيقي و«ميتافيرس».
وقال أنطوان إن «اللغة تعبر عن ثقافتنا وهويتنا، وتمثل شرياناً يمد العالم بالحياة. ولكن نظراً إلى عدم وجود أدوات ترجمة عالية الجودة لمئات اللغات، فلا يمكن لمليارات الأشخاص اليوم الوصول إلى المحتوى الرقمي أو المشاركة بالكامل في المحادثات والمجتمعات على الإنترنت بلغاتهم المفضلة أو الأصلية. وينطبق ذلك خصوصاً على مئات الملايين من الأشخاص الذين يتحدثون العديد من لغات قارتي أفريقيا وآسيا».
وترى الشركة أن عدداً قليلاً من اللغات يهيمن على محتوى الإنترنت، وهو الإنجليزية والعربية والإسبانية والماندارين؛ «الأمر الذي يعني أن كثيراً من اللغات الأخرى غير موجودة، وبالتالي لن يستطيع متحدثو تلك اللغات قليلة الاستخدام الحفاظ على لغاتهم، وما ينجم عن ذلك من أخطاء في التعبير عن الاحتياجات أو المشاعر (جراء عدم استخدام التعابير غير اللفظية في الترجمة، مثل لغة الجسد، أو حتى نبرة الصوت جراء تغير مشاعر المتحدث) جراء استخدام لغات أخرى وسيطة وترجمة المحتوى إليها يدوياً أو باستخدام أدوات بسيطة».
ومن اللغات التي لا تُستخدم كثيراً والتي يدعمها برنامج «لن نترك لغة (No Language Left Behind NLLB)» الذي يستخدم تقنيات الذكاء الصناعي الجديدة، 55 لغة أفريقية بنتائج عالية الجودة، مثل الكامبا واللاوية. ويستطيع هذا النموذج الواحد توفير ترجمات عالية الجودة للغات يتحدث بها مليارات الأشخاص حول العالم؛ بما فيها اللغات الأفريقية والهندية.
وستدعم التطورات البحثية لهذا البرنامج أكثر من 25 مليار ترجمة تعرض يومياً على آخر أخبار «فيسبوك» و«إنستغرام» والمنصات الأخرى. ويمكن من خلال هذه التقنية زيارة مجموعة ما على «فيسبوك»، مثلاً، وقراءة منشور مكتوب بلغتي الإيجبو أو لوغندا، بكل سهولة وبلغتك الأم بنقرة زر واحدة. كما يمكن أن تساعد الترجمات عالية الدقة لمزيد من اللغات في اكتشاف المحتوى الضار، والمعلومات المضللة، وحماية نزاهة الانتخابات، والحد من حالات الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر على الإنترنت. كما يمكن توسيع نطاق عمل التقنية لتشمل تقنيات «الواقع المعزز (Augmented Reality)» و«تحويل النصوص المكتوبة إلى كلام (Optical Character Recognition OCR)» والترجمة الفورية للمحادثات، إضافة إلى عرض الترجمة الفورية عالية الدقة بين 200 لغة لأي نص أمام المستخدم، وبشكل سلس للغاية، سواء أكان ذلك لأغراض التعليم أم السياحة أم الترفيه... وغيرها.
وتُطبق حالياً تقنيات وضع النماذج والدروس المكتسبة من بحث هذا البرنامج على أنظمة الترجمة التي يستخدمها محررو «ويكيبيديا» لتوفير أدوات الترجمة لملايين الأشخاص والمساعدة على تحسين أنظمة الترجمة. ورأت الشركة أن هناك إصدارات من «ويكيبيديا» بأكثر من 300 لغة، ولكن يحتوي أغلبها على عدد مقالات أقل بكثير من المقالات المتوفرة باللغة الإنجليزية البالغ عددها أكثر من 6 ملايين مقال. ويعدّ هذا التفاوت كبيراً؛ خصوصاً بالنسبة إلى اللغات التي يُتحدث بها بشكل أساسي خارج أوروبا وأميركا الشمالية. وعلى سبيل المثال؛ هناك نحو 3.260 مقال على «ويكيبيديا» بلغة اللينجالا، وهي لغة يتحدث بها 45 مليون شخص في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان. ويمكن مقارنة ذلك بلغة مثل السويدية التي يبلغ عدد المتحدثين بها 10 ملايين ولديها أكثر من 2.5 مليون مقال.
كما يمكن استخدام هذه التقنية في إنشاء أنظمة تضيف ترجمات دقيقة باللغة السواحيلية أو الأورومو إلى أفلام «بوليوود» مثلاً. ومع بدء تشكيل عالم «ميتافيرس»، ستساعد القدرة على بناء تقنيات تعمل جيداً بمئات أو حتى آلاف اللغات على توفير الوصول إلى تجارب جديدة وجذابة في العوالم الافتراضية.
يذكر أن «Meta AI» تقدم أيضاً ما يصل إلى 200 ألف دولار أميركي من المِنح للمؤسسات غير الهادفة للربح لتطبيق هذا النموذج في العالم الحقيقي. ويُتوقع ألا نستطيع التمييز بين الترجمة باستخدام الذكاء الصناعي والبشرية في خلال 10 سنوات.
ويرى أنطوان أنه من أهم فوائد هذا النظام الشمولية بسبب عدم استخدام بعض اللغات بين المستخدمين، إضافة إلى كسر الحواجز لدى الدخول إلى عالم «ميتافيرس» بحيث يمكن لأي مستخدم التفاعل مع الآخرين في هذا العالم الافتراضي بغض النظر عن اللغة المستخدمة.
نص البرنامج مفتوح المصدر وموجود في منصة «GitHub» لمزيد من الشفافية، مع إمكانية استكشاف عرض توضيحي لنموذج «NLLB - 200» باتباع الرابط التالي الذي يعرِض طريقة ترجمة النموذج للقصص من جميع أنحاء العالم: nllb.metademolab.com.


مقالات ذات صلة

بعد تسببها بعطل معلوماتي عالمي... ماذا نعرف عن «كراود سترايك»؟

تكنولوجيا شعار شركة «كراود سترايك» (أ.ف.ب)

بعد تسببها بعطل معلوماتي عالمي... ماذا نعرف عن «كراود سترايك»؟

استيقظ الملايين من الأشخاص حول العالم، في وقت مبكر من صباح أمس (الجمعة)، ليجدوا القنوات الإخبارية التلفزيونية صامتة، وبعض القطارات والمواقع الإلكترونية معطلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا ركاب يتحققون من شاشات المغادرة والوصول مع تأخر الرحلات الجوية بسبب انقطاع التكنولوجيا العالمية في مطار أميركي (أ.ب)

انحسار العطل الرقمي العالمي... والتركيز ينصب على المخاطر

تعود الخدمات المقدمة في مختلف المجالات، من شركات طيران إلى قطاعات الرعاية الصحية والشحن والشؤون المالية، إلى العمل منذ أمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا ركاب يتجمعون في صالة مغادرة الرحلات الدولية بمطار في روما وسط انقطاع الإنترنت (أ.ب)

لماذا انقطع الإنترنت حول العالم؟ كل ما تحتاج إلى معرفته

أدى انقطاع كبير في الإنترنت، اليوم (الجمعة)، إلى تعطيل أجهزة الكومبيوتر التي تعمل بنظام التشغيل «ويندوز» في جميع أنحاء العالم.

شمال افريقيا جانب من امتحانات «الثانوية» في مصر (وزارة التعليم المصرية)

«التعليم المصرية» تُكثف الإجراءات ضد مُسربي الامتحانات في «الثانوية»

تكثف وزارة التربية والتعليم في مصر من إجراءاتها لمواجهة وقائع تسريب أسئلة امتحانات «الثانوية العامة»، والتصدي لحالات «الغش الإلكترونية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق حملة في بداية العطلة الصيفية المدرسية لإبعاد المحتويات المضرة عن عيون الصغار في الصين (رويترز)

الصين تعزز القيود لحماية الأطفال من المحتويات الإلكترونية «الخطرة»

أعلنت الصين إطلاق حملة إلكترونية ضد تطبيقات مشاركة الفيديو وشبكات التواصل الاجتماعي التي توزع محتوى خطراً للأطفال.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«أولمبياد باريس - جمباز»: بايلز تخطف الأضواء في التصفيات

سيمون بايلز خطفت الأضواء في تصفيات الجمباز (أ.ب)
سيمون بايلز خطفت الأضواء في تصفيات الجمباز (أ.ب)
TT

«أولمبياد باريس - جمباز»: بايلز تخطف الأضواء في التصفيات

سيمون بايلز خطفت الأضواء في تصفيات الجمباز (أ.ب)
سيمون بايلز خطفت الأضواء في تصفيات الجمباز (أ.ب)

خطفت الأميركية سيمون بايلز الأضواء حتى في التصفيات الخاصة بمسابقة الجمباز في أولمبياد باريس 2024، وأدت بشكل رائع رغم القلق الناجم عن تعرضها لإصابة في ربلة ساقها اليسرى، بينما كانت الجزائرية كايليا نمور على الموعد، لا سيما في اختصاصها المفضل العارضتين مختلفتي الارتفاع.

وصلت بايلز إلى باريس باحثة عن ترسيخ إرثها بوصفها أعظم لاعبة جمباز على الإطلاق، وأيقونة أولمبية تتخطّى رياضتها في كلٍّ من الانتصار والهزيمة.

تألّقت «الدينامو الصغيرة» في دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو 2016، بإحراز ميداليات ذهبية في المسابقة الكاملة، حصان القفز،الحركات الأرضية، ومسابقة الفرق.

وصلت إلى أولمبياد طوكيو الذي تأجّل بسبب جائحة «كوفيد - 19»، واضعةً النجومية والتاريخ نصب عينيها، لكنها انسحبت من معظم المسابقات بعد معاناتها من صدمة ذهنية مربكة و«مرعبة» يُطلق عليها لاعبو الجمباز اسم «تويستيز» (الالتواءات).

عادت بايلز التي أشاد بها كثيرون بوصفها رائدة في مجال الصحّة الذهنية، وانتقدها البعض بوصفها مُنسحبة، من توقّفٍ دام عامين، عن عمر يُناهز 27 عاماً، بحالة جيّدة أو حتى أفضل من أي وقت مضى.

الأسطورة التي رفعت في 2023 رصيدها من الميداليات الذهبية العالمية والأولمبية إلى 37، قدمت أداءً رائعاً، الأحد، في التصفيات تحت أنظار جمهور متحمس ونجوم مثل الممثلين توم كروز وجيسيكا شاستاين والمغنيتين ليدي غاغا وأريانا غراندي، في مسابقة حصان القفز حيث جمعت 15300 نقطة.

كما تألقت الفائزة 6 مرات بلقب المسابقة العامة في بطولات العالم في إنجاز قياسي، في الحركات الأرضية رغم الإصابة التي تعرض لها في الإحماء، وجمعت 14600 نقطة.

ورغم إصابة بايلز، كانت مدربتها الفرنسية سيسيل لاندي مطمئنة بالقول: «الأمر على ما يرام. مستمرون»، كاشفة أن إصابة صغيرة تعرضت لها النجمة الأميركية قبل قرابة أسبوعين قد تفاقمت لكن شيئاً لن يمنعها من مواصلة المشوار الباريسي.

وقالت رداً على إمكانية الانسحاب: «لم يخطر ذلك على بالها قط، كلا، كلا»، مبدياً ثقتها بأن بايلز ستكون جاهزة لخوض نهائي المسابقة الكاملة للفرق، الثلاثاء، والمسابقات الفردية التي تليها.

وفي المسابقة التي تعد فيها أضعف من الفئات الأخرى، أي العارضتين مختلفتي الارتفاع، تواجه بايلز خطر عدم التأهل إلى النهائي المقرر في الرابع من أغسطس (آب) بعدما جمعت 14433 نقطة في المركز الثامن الأخير المؤهل إلى النهائي، بينما تألقت نمور، وضمنت تأهلها بجمعها 15600 نقطة.

وجمعت الجزائرية البالغة 17 عاماً التي تلعب على «أرضها»، حيث ولدت وترعرعت وتدربت قبل أن تقرر الدفاع عن ألوان بلدها الأم بداية من 2022، 55966 في المسابقة الكاملة للفردي لتتأهل أيضاً إلى النهائي (حققت 14000 في حصان القفز و15600 في العارضتين مختلفتي الارتفاع و13200 في عارضة التوازن و13166 في الحركات الأرضية).

حققت الجزائرية التي دخلت التاريخ في مونديال أنتويرب 2023 بعدما باتت أول أفريقية تحرز ذهبية في الجمباز، وذلك في مسابقتها المفضلة العارضتين مختلفتي الارتفاع، كل ذلك «تحت الرادار» في ظل الضجة التي أحدثتها بايلز، المتأهلة أيضاً إلى نهائي عارضة التوازن بعدما حلت ثانية بـ14733 نقطة خلف الصينية ياكين جو (14866).

وقالت نمور عن أدائها في مسابقتها المفضلة: «كان ذلك جيداً، لكن من الممكن أن يكون أفضل. كان هناك كثير من الضغط لأنها كانت مسابقتي الفردية الأولى، أول ألعاب أولمبية بالنسبة لي، وبدأت بمسابقة العارضتين التي تشكل هدفي (لإحراز الذهبية أو ميدالية)».

وتابعت: «لكني سعيدة. كل شيء سار على ما يرام حقاً. يبقى هناك أسبوع قبل النهائي، وما زال هناك مجال للتحسن».

ولم تكن تتوقع أن تحظى بهذا التشجيع من قبل الفرنسيين، لا سيما بعدما نقلت ولاءها للجزائر على خلفية اختلاف مع الاتحاد الفرنسي للعبة، وفق ما أفادت به قائلة «لم أتوقع ذلك. من الواضح أن هناك شعوراً بالتوتر لكن بالمجمل أنا سعيدة بالأداء».