ارتفاع الأسعار يلتهم حوالات السوريين من الخارج

ركود يخيم على الأسواق في مناطق النظام مع اقتراب عيد الأضحى

محل لبيع التوابل في سوق بمدينة دمشق القديمة يوم 6 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
محل لبيع التوابل في سوق بمدينة دمشق القديمة يوم 6 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع الأسعار يلتهم حوالات السوريين من الخارج

محل لبيع التوابل في سوق بمدينة دمشق القديمة يوم 6 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
محل لبيع التوابل في سوق بمدينة دمشق القديمة يوم 6 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك تشهد الأسواق السورية حالة ركود كبيرة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، جراء تواصل ارتفاع الأسعار إلى حد التهام الحوالات المتدفقة من الخارج. ففي جولة على أسواق في دمشق وحمص وحماة الخاضعة لسيطرة النظام، لاحظت «الشرق الأوسط» أن عمليات الشراء تقتصر على الضروريات، فيما قدرت «جمعية حماية المستهلك» في دمشق وريفها نسبة التراجع في حركة الأسواق في الأسبوع الأخير قبل عيد الأضحى مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بما بين 50 و60 في المائة، وذلك «نتيجة غلاء أسعار المواد، وصعوبة وصول أهالي الريف إلى المدينة نتيجة أزمة المواصلات الحالية»، وفق ما قال نائب رئيس الجمعية، ماهر الأزعط، في تصريح لصحيفة «الوطن» المحلية.
وتعاني سوريا منذ مارس (آذار) الماضي أزمة محروقات خانقة نجمت عنها أزمة نقل أدت إلى ارتفاع أجور النقل وتكاليف الإنتاج، على شكل موجات تصاعدية. واستمرت الأزمة رغم الوعود الحكومية بانفراج أزمة الوقود بعد تفعيل خط الائتمان الإيراني ووصول 3 ناقلات نفط من إيران إلى سوريا خلال الأيام الأخيرة.
وسجلت أسعار الخبز والمعجنات واللحوم والغذائيات والمأكولات والمشروبات المقدمة في المطاعم ارتفاعات بداية الشهر الحالي بنسب تجاوزت 20 في المائة، مقابل تراجع الإقبال على شراء تلك المواد بنسبة 40 في المائة قياساً بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب تقديرات رسمية.
وجاء ذلك مع موجة حر لاهبة في ظل أزمة مياه وكهرباء دائمة، ساهمت في شل الحركة نهاراً، لتعود وتنشط نسبياً في ساعات المساء مع انخفاض درجات الحرارة، دون أن ينعكس ذلك بشكل ملموس على حركة البيع والشراء، في أسبوع وقفة العيد.
في «سوق الشيخ محيي الدين» الشعبية بدمشق بدا صاحب محل ألبسة مكتئباً فاقداً الأمل في تحسن الإقبال على الشراء. قال لـ«الشرق الأوسط»: «الناس في هذه الأيام بحاجة إلى جرعة ماء باردة ورغيف خبز يؤكل أكثر من حاجتها للملابس والحلويات... في العيد الماضي كانت حوالة بقيمة ما بين 100 و200 دولار من الخارج قادرة على أن تجلب العيد لأسرة متوسطة الحال، وأن تسهم في تحريك السوق. لكن ارتفاع معدل التضخم هذا العام التهم الحوالات، خصوصاً في ظل أزمة الكهرباء والبنزين والمحروقات. لم تعد الحوالات من الخارج كافية الآن لتغطية تكاليف الضروريات».
وتفيد تقديرات بأن الأسرة المؤلفة مما بين 4 و5 أشخاص تحتاج إلى نحو مليوني ليرة (الدولار الأميركي يعادل 3950 ليرة سورية) حداً أدنى لتغطية نفقات العيد؛ فمتوسط أسعار الأحذية يتراوح بين 90 و150 ألف ليرة، وقطعة الملابس بين 30 ألفاً و200 ألف، والحلويات تبدأ من 60 ألف ليرة للكيلو الواحد وتصل إلى أكثر من 150 ألفاً بحسب جودة المواد المصنوعة منها.
يقول عدنان، وهو رب أسرة مؤلفة من 7 أفراد، إنه دفع 300 ألف ليرة ثمن طحين وسمن وسكر لصنع كعك العيد في البيت، ولم يعد قادراً على شراء قطعة ملابس جديدة لكل ولد من أولاده؛ إذ إن مساعدة الـ150 يورو التي وصلت إليه من شقيقه المغترب «تبخرت بمجرد أن تسلمتها!».
ويقدر متوسط حوالات السوريين من الخارج إلى الداخل وعبر القنوات الرسمية للتحويل بـ10 ملايين دولار يومياً؛ أي نحو 300 مليون دولار شهرياً، تتضاعف في عيدي الفطر والأضحى وموعد فتح المدارس وتخزين المؤن آخر فصل الصيف. ويستفيد منها أكثر من نصف السوريين في الداخل.
وفي تقرير له، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن سوء الأوضاع المعيشية المستمر في مناطق سيطرة النظام تسبب في تنامي العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية، مثل الهجرة الجماعية؛ خصوصاً لفئة الشباب، وبيع العقارات، إلى جانب انجرار كثير من العاطلين عن العمل إلى تحصيل المال وكسبه بطرق غير قانونية، مثل السرقات والخطف والابتزاز وتجارة المخدرات... وغيرها، في ظل تغافل المؤسسات الحكومية عن الواقع المعيشي وأوضاع المدنيين، مشيراً إلى تصاعد وتيرة بيع العقارات بسبب تردي الأوضاع المعيشية وحاجة السكان لتكاليف المعيشة اليومية. كما يهدف بعضهم من خلال بيع عقاراتهم إلى تأمين تكلفة السفر خارج سوريا بحثاً عن واقع معيشي أفضل، وهروباً من غلاء الأسعار.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.