باحثو «كاوست» يبتكرون نهجاً أكثر دقة للتنبؤ بـ«حركة الاتصالات اللاسلكية»

نظم الذكاء الصناعي تحسن خدمة نقل البيانات بشكل غير مسبوق

باحثو «كاوست» يبتكرون نهجاً أكثر دقة للتنبؤ بـ«حركة الاتصالات اللاسلكية»
TT

باحثو «كاوست» يبتكرون نهجاً أكثر دقة للتنبؤ بـ«حركة الاتصالات اللاسلكية»

باحثو «كاوست» يبتكرون نهجاً أكثر دقة للتنبؤ بـ«حركة الاتصالات اللاسلكية»

في عام 1979 تم نشر الجيل الأول من شبكة الهاتف الجوال في اليابان من قبل شركة «Nippon Telephone and Telegraph (NTT)» الذي كان يستخدم الإشارات التناظرية رغم العيوب العديدة له بسبب محدودية التقنية. ومنذ ذلك التاريخ مرت الشبكات اللاسلكية بتطورات كبيرة؛ حيث انتقلت من الإشارات التناظرية إلى الإشارات الرقمية، وتحولت إلى شبكات ضخمة ذات معدلات نقل بيانات فائقة السرعة، وخدمات تقديم اتصالات فائقة الموثوقية، وارتباط بإنترنت الأشياء.

- الانتباه المزدوج
يعدّ ضبط موارد الشبكة تلقائياً لتحقيق تدفق سريع للبيانات، وتحسين جودة الخدمة، وتخصيص ملائم للموارد من خلال توفير النطاق الترددي المريح والحفاظ في الوقت نفسه على أعلى استخدام لها، بمثابة التحدي الأكبر لشركات الاتصالات، وهو ما يعمل عليه العلماء من خلال التنبؤ الدقيق بأحجام حركة الاتصالات اللاسلكية المستقبلية باستخدام نظم الذكاء الصناعي.
في هذا الاتجاه؛ طور باحثو «كاوست» أخيراً مخططاً على درجة عالية من الدقة للتنبؤ يسمى «الانتباه المزدوج» يستند إلى الذكاء الصناعي، ويعمل على تقليل حجم بيانات التنبؤ التي يلزم نقلها عبر الشبكة إلى أدنى حد.
وفي الوقت الذي تنتشر فيه تقنية الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية في جميع أنحاء العالم، يتطلع الباحثون إلى ما يمكن أن تقدمه تقنية الجيل السادس، ومن بين الأفكار الناشئة في هذا المجال؛ استخدام الذكاء الصناعي لتنسيق موارد الاتصال من خلال التعلم من أنماط استخدام الشبكة القديمة التي تراكمت عبر الزمن في الشبكات.
اليوم، وبعد 3 أعوام من إطلاق الجيل الخامس للاتصالات، أصبحنا نعيش عصر السرعة الفائقة في نقل البيانات مقارنة بالجيل السابق، كما بتنا نشهد بدايات دعم الجيل الخامس لتقنيات غير مسبوقة؛ مثل «إنترنت الأشياء» الذي يدمج مزيجاً غير متجانس من الأجهزة اللاسلكية. ولن يؤدي هذا التحول إلى تحقيق نمو هائل في حركة الاتصالات اللاسلكية فحسب؛ بل سيرافق ذلك وجود خدمات ذات احتياجات مختلفة تماماً، إضافة إلى أنماط حركة مرور ديناميكية على الدوام، ومتطلبات جديدة لقدرة الشبكة. فالهواتف الذكية المستقبلية سوف توفر قدراً متزايداً من المعلومات الضرورية والوصول إلى الخدمات المطلوبة للحياة اليومية.
ولنا أن نتخيل أن معدلات نقل البيانات لشبكة الجيل السادس ستزيد بأكثر من 100 مرة لتصل إلى «واحد تيرابايت» في الثانية أو أكثر مقارنة مع شبكة الجيل الخامس، كما أن زمن الاستجابة للجيل السادس سيكون أقل من 100 ميكروثانية (0.1 ميلي متر في الثانية)، وهو عُشر زمن الاستجابة لشبكات الجيل الخامس.

- الشبكات اللامركزية
لكن المشكلة الرئيسية تكمن في أن عملية نقل بيانات الاستخدام من العُقَد إلى قاعدة بيانات مركزية - حيث يمكن للذكاء الصناعي أن يقوم بعمله السحري - ينتج عنها عرض نطاق ترددي كبير يحد من فرص الاستفادة من الفوائد المحتملة الكثيرة. ولكن الدكتور تشوانتينغ تشانغ وزملاءه في «كاوست»: الدكتور شبينغ دانغ، والدكتور باسم شهادة، والبروفسور محمد سليم العلويني، تمكنوا من تجاوز هذه العقبة عن طريق بسط اللامركزية على نموذج التنبؤ.
ويمكن القول إن الشبكات اللامركزية أصبحت أكثر جاذبية، خصوصاً مع زيادة قوة المعالجة للأجهزة الفردية الموزعة عبر الشبكات؛ حيث تعمل كل عقدة داخل الشبكة بوصفها سلطة منفصلة تتمتع بسلطة صنع القرار المستقلة فيما يتعلق بكيفية تفاعلها مع الأنظمة الأخرى، مما يعني أنه حال تعطل أحد المكونات أو اختراقه، فستظل بقية الشبكة تعمل ولن تتأثر بأعطال أحد المكونات.

- الذكاء الصناعي
ووفق الدكتور تشانغ؛ فإن التنبؤ بحجم تدفق البيانات اللاسلكي يمكن أن يلعب دوراً مركزياً في إدارة الشبكة بوصفه أساساً لأنظمة الاتصالات الذكية؛ إذ يتوقع العلماء أن الذكاء الصناعي سيكون المحرك الرئيسي وراء حركة التنبؤات القوية للشبكات ووظائف تحليل البيانات في المستقبل.
ويضيف: «تتمكن تقنيات الذكاء الصناعي، مثل الشبكات العصبية العميقة (مجموعة فرعية من التعلم الآلي وتقع في قلب خوارزميات التعلم العميق. اسمها وهيكلها مستوحى من طريقة عمل الدماغ البشري)، من تصميم نموذج دقيق للارتباطات المكانية والزمانية، التي تتسم بكونها معقدة وغير خطية، في حركة الاتصالات اللاسلكية. ونظراً إلى أن المحطات الأساسية المختلفة يمكن أن تكون لها أنماط مختلفة جداً بالنسبة لحركة الاتصالات، فبالتالي تصبح عملية تطوير نموذج تنبؤي يعمل بشكل جيد على جميع المحطات الأساسية مرة واحدة، أمراً بالغ الصعوبة».
يأخذ مخطط «الانتباه المزدوج» الذي طوره فريق تشانغ، شكلاً هرمياً، ويجمع بين نموذج عالمي مركزي ونماذج محلية في كل محطة أساسية. ويزن المخطط تأثير النماذج المحلية وفقاً لموقع الشبكة، ومن ثم يرسل كمية محدودة فقط من المعلومات من المحطات الأساسية في كل تحديث. وينتج عن ذلك نموذج تنبؤ هجين منخفض التكلفة يوفر تنبؤاً عالي الجودة بالتغير المكاني والزماني في استخدام الشبكة بمرور الوقت.

- التعلم الموحد
كما يتيح الإطار الذي طوره الباحثون المسمى «فيدا (FedDA)»، ويعني «مخطط الانتباه المزدوج» القائم على منهجية التعلم الموحد أو التشاركي، إمكانية تجميع المحطات الأساسية بناءً على تحديد الموقع الجغرافي، وذلك بهدف الحصول على مزيد من الكفاءات والتحسينات في دقة التنبؤ.
وباستخدام مجموعتي بيانات؛ أوضح الباحثون أن إطار «فيدا» يقدم أداءً تنبؤياً أفضل بشكل مستمر - من الطرق الأخرى - للرسائل النصية القصيرة، والمكالمات، وتدفق البيانات عبر الإنترنت.
يقول تشانغ: «من خلال تطبيق هذه الطريقة، أصبح لدينا تنبؤ لامركزي لحركة المرور اللاسلكية، كما قمنا بتحسين نموذج عالمي مزدوج الانتباه من خلال الاهتمام بكل من المعرفة الحالية للخادم المركزي ومعلومات العملاء المحليين». ويردف: «يمكن بعد ذلك نشر نموذج عالمي محدث في كل محطة أساسية؛ للتنبؤ بأنماط الحركة الجديدة والتكيف معها».
يذكر أن «الشرق الأوسط» كانت قد نشرت موضوعاً حول حماية سرية البيانات في عصر الذكاء الصناعي منتصف العام الماضي باستخدام تقنية «التعلم الموحد» أو «التشاركي» (Federated Learning) التي تعدّ من منهجيات الذكاء الصناعي الواعدة في الحفاظ على السرية، والتي اشترك في وضعها وتطويرها البروفسور بيتر ريتشتاريك، أستاذ علوم الكومبيوتر في «كاوست» مع باحثي «غوغل» التي أطلقت هذا المفهوم في عام 2017. (انظر: صفحة «علوم» - 10 مايو (أيار) 2021 - رقم العدد 15504).
و«التعلم الموحد» من تقنيات التعلم الآلي، وفيه يتم تدريب خوارزميات التعلم الآلي على بيانات محلية موجودة في الأجهزة الطرفية، ومن دون إرسال هذه البيانات إلى المخدم (الجهاز الخادم) أو تبادلها بين الأجهزة المختلفة. بمعنى أن «التعلم الموحد» يقدم آلية تعمل على توزيع تدريب النماذج عبر أجهزة المستخدمين وتظل البيانات على أجهزتهم بدلاً من إرسالها إلى الخوادم السحابية، فتتيح الاستفادة من تقنيات التعلم الآلي إنما من دون جمع بيانات المستخدمين.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق روبوت دردشة يشجع مراهقاً على قتل والديه (رويترز)

بسبب تحديدهما وقتاً لاستخدام الشاشة... «تشات بوت» يشجع مراهقاً على قتل والديه

رفعت دعوى قضائية في محكمة في تكساس بعدما أخبر روبوت محادثة (تشات بوت) شاباً يبلغ من العمر 17 عاماً، بأن قتل والديه كان «استجابة معقولة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين: روسيا تتعاون مع دول «بريكس» لتكوين تحالف في الذكاء الاصطناعي

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأربعاء)، إن روسيا ستطور الذكاء الاصطناعي مع شركائها في مجموعة «بريكس» ودول أخرى.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
يوميات الشرق الألعاب الإلكترونية تشكل جزءاً كبيراً من حياة كثير من المراهقين (جامعة فلندرز)

دعوى على «الذكاء الاصطناعي» تكشف مخاطر جديدة

تقدمت والدة شاب يبلغ من العمر 17 عاماً بدعوى قضائية ضد تطبيق «Character.ai»، متهمة الشركة بتعريض ابنها لتأثيرات مدمرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يمشي أمام شعار «إنفيديا» في قمة الذكاء الاصطناعي للشركة بمومباي 24 أكتوبر 2024 (رويترز)

«إنفيديا» تخضع لتحقيق صيني بسبب مكافحة الاحتكار

أعلنت الصين، يوم الاثنين، بدء تحقيق ضد شركة «إنفيديا» بشأن انتهاكات مشتبه بها لقانون مكافحة الاحتكار في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»