دعوات فرنسية لـ«لملمة الجراح» في ذكرى استقلال الجزائر

بعد تصريحات عن «الحنين إلى الاستعمار»

TT

دعوات فرنسية لـ«لملمة الجراح» في ذكرى استقلال الجزائر

فيما أطلقت الجزائر ترتيبات لحفل ضخم في يوليو (تموز) الجاري في الذكرى الستين للاستقلال، ووسط تصريحات في البرلمان الفرنسي حول «الحنين إلى الاستعمار»، دعا رئيس جمعية مهتمة بتحسين العلاقات بين فرنسا والجزائر، إلى «لملمة جراح الماضي» و«التوجه نحو المستقبل لبناء علاقات تعود بالمنفعة للبلدين».
ودعا أرنو مونتبورغ رئيس «جمعية فرنسا - الجزائر»، في بيان وزع على الإعلام لمناسبة ذكرى الاستقلال، إلى «فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين... هذه العلاقات ظلت دائما حاضرة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية». منتقدا «البعض الذي أظهر حنينه للماضي الاستعماري». وكان مونتبورغ يشير إلى تصريحات للبرلماني اليميني جوزيه غونزاليس، يوم 29 يونيو (حزيران) الماضي في افتتاح البرلمان المنبثق عن الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث قال إنه «يحن إلى تلك الفترة التي كانت فيها الجزائر تحت لواء الدولة الفرنسية». وأضاف وهو المولود في مدينة وهران غرب الجزائر: «تركت هناك جزءًا من فرنسا، كما تركت العديد من الأصدقاء». وبحسب النائب الذي ينتمي إلى حزب اليمين المتطرف، فإن «الكثير من الجزائريين يتمنون عودة الاستعمار الفرنسي».
وأكد مونتبورغ، الذي كان وزيرا للاقتصاد في عهد الرئيس السابق فرنسوا ميتران، أن «الماضي المشترك بين البلدين، يثير الكثير من الجدل في الجانبين، مثل إحياء ذكرى 8 مايو (أيار) 1945، التي تعني تحرير فرنسا (من ألمانيا النازية)، أما في الجانب الآخر من بحر المتوسط، فهي مجازر في سطيف وقالمة وخراطة»، وهي مدن في الشرق الجزائري، عرفت قمعا وحشيا عندما خرج الآلاف من أهلها قبل 77 سنة في تظاهرات، يطالبون فرنسا بالوفاء بوعد قطعته على الجزائريين، بأن تمنحهم الاستقلال إذا انخرطوا في جيشها لهزم ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
وخلفت هذه المذابح قناعة لدى الجزائريين، بأن «فرنسا لن تخرج من أرضهم إلا إذا أرغموها على ذلك بالسلاح»، فكانت ثورة التحرير في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، التي استمرت 7 سنوات ودفعت فيها الجزائر مليون ونصف مليون شهيد.
وقال مونتبورغ إنه «يفتخر بأصوله الجزائرية»، كونه ولد بالجزائر، مبرزا أن «الغائب الأكبر في الجدال المستمر حول الاستعمار، هو المستقبل». وأضاف: «إنعاش الجروح والآلام والحداد، لا يزيد إلا في تغذية الأحقاد، من هنا وهناك، ولن يمكن من تجاوزها أبدا». ورافع لصالح «بناء مشروعات مشتركة»، كطريقة حسبه، لـ«تصحيح الأخطاء التاريخية التي ارتكبها الاستعمار».
وأضاف مونتبورغ، الذي كان أعلن في وقت سابق، حضور الاحتفالات التي ستقام غدا الثلاثاء في الجزائر «أن التاريخ يتكفل به المؤرخون، أما المستقبل فتبنيه الشعوب. وكلا البلدين يملك عناصر كثيرة يشتركان فيها. إذ أن للعديد من مواطنينا (الفرنسيين) جذورا في الجزائر، يشكلون بفضلها جسرا بين الضفتين. زيادة على أن استعمال لغة واحدة، كفيل بإحداث روابط استثنائية».
وخلفت كلام البرلماني الثمانيني، سخط إسلاميي «حركة مجتمع السلم» الذين قال رئيسهم عبد الرزاق مقري، إن «عميد النواب الفرنسيين تفوه بالروح الاستعمارية التي يخفيها كثير من المسؤولين الفرنسيين، مصرحا بأنه ترك جزءا من فرنسا في الجزائر التي غادرها سنة 1962».
وتم تأسيس «جمعية فرنسا - الجزائر» عام 1963، بمبادرة من عالم الأتنولوجيا الفرنسي جيرمان تليون وبدعم من الرئيس الراحل الجنرال شارل ديغول. وانتسبت إليها شخصيات سياسية فرنسية مرموقة، في الخمسين سنة الماضية، سعت لترميم العلاقات الثنائية التي كانت دائما متأثرة بـ«آلام الذاكرة»، من أبرزها وزير الدفاع الأسبق جان بيير شوفنمان، الذي كان آخر رئيس لها.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
TT

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأحد، أن بلاده تساورها «شكوك» حيال رغبة الجزائر في التزام إحياء العلاقات الثنائية، معرباً عن مخاوفه بشأن قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف منذ أسابيع.

وقال بارو في مقابلة مع إذاعة «آر تي إل» الخاصة: «لقد وضعنا في 2022 (...) خريطة طريق (...) ونود أن يتم الالتزام بها».

وأضاف: «لكننا نلاحظ مواقف وقرارات من جانب السلطات الجزائرية أثارت لدينا شكوكاً حيال نية الجزائريين التزام خريطة الطريق هذه. لأن الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين».

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)

وأضاف بارو: «مثل رئيس الجمهورية، أعرب عن القلق البالغ إزاء رفض طلب الإفراج الذي تقدم به بوعلام صنصال ومحاموه».

وصنصال (75 عاماً) المعارض للسلطة الجزائرية والمولود من أم جزائرية وأب ذي أصول مغربية، موقوف منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بتهمة «تعريض أمن الدولة للخطر».

وأوضح بارو: «أنا قلق بشأن حالته الصحية و(...) فرنسا متمسكة جداً بحرية التعبير وحرية الرأي، وتعتبر أن الأسباب التي قد دفعت السلطات الجزائرية إلى احتجازه باطلة».

وتناول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الأولى، الأحد الماضي، قضية توقيف الكاتب بالجزائر، واصفاً إياه بـ«المحتال... المبعوث من فرنسا».

وأوقِف مؤلف كتاب «2084: نهاية العالم» في نوفمبر بمطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعدّ «فعلاً إرهابياً أو تخريبياً (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

وأشار الوزير الفرنسي إلى أن بلاده «ترغب في الحفاظ على أفضل العلاقات مع الجزائر (...) لكن هذا ليس هو الحال الآن».

وسحبت الجزائر سفيرها من باريس في يوليو (تموز) الماضي، بعد تبني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للصحراء الغربية المتنازع عليها تحت سيادة المملكة، قبل أن يزور الرباط في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).