متسلّحاً بدعم مجدد من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وحاملاً سلاح التحريض على الأحزاب العربية، أطلق رئيس المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الرصاصة الأولى في المعركة الانتخابية أمس (الخميس) على أمل العودة إلى رئاسة الحكومة في نهاية السنة.
عودة نتنياهو تعتبر كابوساً لأوساط واسعة في الحلبة السياسية الإسرائيلية، خصوصاً في أحزاب الوسط الليبرالي واليسار وبين صفوف العرب وحتى في أوساط اليمين الليبرالي. فهو يقود معركته كمقاتل في الكوماندوس: يحمل سكينه بين أسنانه، ومدرّع بكل أسلحة الفتك على جسده، وفي عينيه شغف شرس للانتقام. يضع لنفسه هدفاً لتقويض سلطة القضاء الذي يحاكمه بثلاث لوائح اتهام بالفساد الخطير ويريد وقف وإلغاء هذه المحاكمة بأي شكل حتى لا يدخل إلى السجن. كما يريد الانتقام من المؤسسة العسكرية وأحزاب الجنرالات التي ترى فيه «خطراً على المصالح الاستراتيجية العليا للدولة العبرية» ويرمي إلى مواصلة تحطيم المؤسسة الإعلامية، التي يعتبرها حاملة للصواريخ الموجهة ضده.
واستطلاعات الرأي التي تنشرها وسائل الإعلام بشكل يومي، تشجعه في معركته. جميعها تشير إلى أنه ما زال الشخصية السياسية الأبرز والأكثر شعبية، وترفع رصيده من المقاعد البرلمانية من 30 إلى 35 – 36 مقعدا. وتبين أنه يستطيع تجميع 58 مقعداً ويقترب من الأكثرية المطلوبة (61 مقعداً) حتى يشكل حكومة يمينية صرف تحت قيادته. ولا ينقصه سوى جهد إضافي قليل حتى يحقق الهدف. ومع أنه فشل في هذه المهمة خلال أربع معارك انتخابات، كان خلالها يشغل منصب رئيس الحكومة، فإنه يؤمن بأنه هذه المرة سينجح. وهو ما زال يتمتع بدعم رفاقه في حزب «الليكود»، ودعم حلفائه في الأحزاب الدينية وأحزاب اليمين المتطرف. رغم أن هؤلاء الحلفاء باتوا في وضع محرج وصار واضحاً أنهم خسروا الحكم حتى الآن بسبب وجوده على رأس مرشحيهم لرئاسة الحكومة.
إلا أن نتنياهو يواجه عقبات غير قليلة. فإذا كان ترمب يسانده، فإن النصف الآخر من الحلبة السياسية في واشنطن تنظر إليه مثلما تنظر إلى ترمب بنفور ورفض. والرئيس جو بايدن، الذي يمثل هذا النصف، يحضر إلى إسرائيل بعد أقل من أسبوعين ليناصر حكومتها التي تضم كل خصوم نتنياهو. والعداء للمؤسسة العسكرية بات مخيفاً في إسرائيل، خصوصاً وهي تعيش أجواء توتر متصاعد مع إيران تحتاج فيه إلى تعاون وثيق مع الإدارة الأميركية ومع الجيش الأميركي. وبالإضافة إلى بيني غانتس، وزير الدفاع ورئيس حزب الجنرالات «كحول لفان»، هناك مجموعة من الجنرالات يستعدون للانضمام إلى المعركة الانتخابية في إطار أحزاب خصوم نتنياهو، وفي مقدمهم رئيس أركان الجيش السبق غادي آيزنكوت. والعداء للعرب يمكنه أن يرتد إلى نحر نتنياهو ويؤدي إلى استفزاز الناخبين وخروجهم للتصويت بكميات، كما حصل في سنة 2015 عندما اتحدت الأحزاب العربية وحصلت مجتمعة على 15 مقعداً.
لذلك، فإن نتنياهو لا يتحرك في ساحة خالية. وإذا كان يبني حساباته على غياب شخصيات كاريزمية مثله تنافسه، فإن خصومه باتوا أكثر قوة وقدرة على مواجهته. نفتالي بنيت، الذي فشل في الحفاظ على حزبه وبالتالي فشل في الحفاظ على حكومته، وأقر بهذا الفشل عندما انسحب وأعلن الاعتزال، قال إنه سيدعم شريكه، رئيس الحكومة الجديد يائير لبيد. لكنهما يعرفان كم هو نتنياهو قوي وخطير، ولذلك يدرسان إدارة المعركة سوية مع دفعة من كبار المستشارين الاستراتيجيين من البلاد والخارج.
والأمر الأول الذي يضعه لبيد نصب عينيه هو أن يقنع الجمهور بأنه يصلح رئيسا للحكومة. وبأنه يغذّي هذا المنصب بقيم وعادات جديدة، مثل: التواضع ونظافة اليد والامتناع عن زيادة المصاريف الشخصية والتحالف المتين مع واشنطن والبرهنة على أنه أكثر حزماً من نتنياهو في القضايا الاستراتيجية والعسكرية مع إيران وأذرعها وربما مع الفلسطينيين، الذين يقول إنه سيزيد من «كمية الجزر أكثر من كمية العصي» معهم وسيعمّق التعاون الإقليمي مع العرب. وهو ينكب على وضع خطط اقتصادية تعزز الازدهار وتواصل النمو والانخفاض في البطالة.
والأهم من ذلك، يدرس لبيد إحداث تغييرات في تركيبة الأحزاب الحالية. فحيثما يوجد حزب يعاني من خطر السقوط والاختفاء وعدم عبور نسبة الحسم من معسكره، يطرح إمكانية إقامة تحالف بينه وبين حزب آخر، مثل حزبي العمل وميرتس وحزبي «كحول لفان» و«تكفا حدشاه» (بقيادة غدعون ساعر) أو حتى القائمتين العربيتين، المشتركة مع «الإسلامية الموحدة».
من هنا، فإن المعركة ما زالت في بدايتها وقد تشهد تغييرات وتبديلات ذات أثر كبير على صورة المشهد. وهذا يعني أنه من السابق لأوانه الخروج باستنتاجات حول اتجاهات الخريطة السياسية الإسرائيلية.
دعم ترمب ومهاجمة العرب سلاح نتنياهو في الانتخابات الجديدة
(تحليل إخباري)
دعم ترمب ومهاجمة العرب سلاح نتنياهو في الانتخابات الجديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة