النظام السوري يسعى للاستيلاء على أملاك شرق دمشق

عبر مخطط تنظيمي هدفه «إحداث تغيير جذري في التركيبة السكانية»

النظام السوري يسعى للاستيلاء على أملاك شرق دمشق
TT

النظام السوري يسعى للاستيلاء على أملاك شرق دمشق

النظام السوري يسعى للاستيلاء على أملاك شرق دمشق

قال خبراء معارضون ومصادر أهلية سورية، إن المخطط التنظيمي الجديد الذي أصدرته محافظة دمشق لست مناطق عقارية شرق العاصمة السورية، أبرزها جوبر التي كانت معقلاً رئيساً لفصائل المعارضة المسلحة، سيؤدي في حال تنفيذه إلى «الاستيلاء» على أملاك أغلبية الأهالي الأصليين، بحجة أنهم غير مقيمين، وبالتالي «إحداث تغيير جذري في التركيبة السكانية» لتلك المناطق.
وأعلنت محافظة دمشق، الثلاثاء الماضي، «صدور المخطط التنظيمي التفصيلي رقم 106 لتعديل الصفة العمرانية للمناطق العقارية (جوبر، وقابون، ومسجد أقصاب، وعربين، وزملكا، وعين ترما) من منطقة (B) حماية و(C) زراعية داخلية و(j) توسع سكني إلى (i) مناطق قيد التنظيم وفق الحدود المبينة على المصور ومنهاج الوجائب ونظام البناء الملحقين به لمنطقة جوبر».
وذكرت وكالة «سانا» الرسمية أن مدير التنظيم والتخطيط العمراني في المحافظة حسن طرابلسي بيّن أنه تم الإعلان عن المخطط في بهو مبنى المحافظة، ويمكن لأصحاب العلاقة الاطلاع عليه وتقديم الاعتراضات لمدة ثلاثين يوماً.
وأشار طرابلسي إلى أن طلبات الاعتراضات ستحال إلى اللجنة الإقليمية لدراستها ومعالجة الاعتراضات المحقة، وفقاً لأحكام المرسوم 5 لعام 1982 وتعديلاته.
ويقع حي جوبر في شمال شرقي دمشق، وتحده أحياء باب توما والقصاع والتجارة غرباً، والقابون شمالاً، وزملكا شرقاً، وعين ترما جنوباً، ويعد بوابة الغوطة الشرقية إلى مدينة دمشق.
ويتبع حيا جوبر والقابون إدارياً لمحافظة دمشق، في حين تتبع كل من زملكا وعين ترما وعربين الواقعة شمال شرقي زملكا لمحافظة ريف دمشق في منطقة الغوطة الشرقية.
ومع بدايات الحرب في سوريا المستمرة منذ أكثر من أحد عشر عاماً، سيطرت فصائل المعارضة المسلحة على مدن وبلدات الغوطة الشرقية وحيي جوبر والقابون، وباتت تلك المناطق تعتبر معقلاً رئيساً لها، وشهدت معارك طاحنة بينها وبين الجيش النظامي وحلفائه إلى أن استعاد الأخير السيطرة عليها من خلال اتفاقات تسوية في عام 2018، تم بموجبها تهجير مقاتلي المعارضة وعوائلهم إلى الشمال السوري، بينما بقيت قلة قليلة من الأهالي في تلك المناطق.
ورصدت «الشرق الأوسط» خلال جولة سابقة لها، نسبة دمار هائلة في حي جوبر والمناطق المحيطة به بسبب عمليات القصف الجوي والمدفعي، التي تعرضت لها الأبنية السكنية والبنى التحتية والمؤسسات الخدمية، بينما كان الحي خالياً تماماً من السكان.
وبيّن طرابلسي، في تصريح لإذاعة «شام إف إم» المحلية، أن الإعلان عن المخطط التنظيمي جاء بعدما أنهت محافظة دمشق ضمن خطة إعادة الإعمار دراسة منطقة جوبر ومحيطها التي كانت شبه مدمرة، بسبب أحداث الحرب الأخيرة، بمساحة تقدر بـ304 هكتارات.
وأشار إلى أنه تمت المصادقة من قبل وزارة الإسكان على برنامج التخطيط ويمكن للمواطنين الاطلاع عليه في بهو محافظة دمشق حتى يتسنى لهم تقديم الاعتراضات خلال شهر.
وذكر أن منطقة جوبر كانت بلدة قديمة، وكان جزء منها زراعياً وآخر يتضمن مخالفات، والآن أصبحت منطقة تنظيمية سكنية تحتوي على جميع أنواع الخدمات.
وأوضح طرابلسي أن «المناطق التي ستدخل في التنظيم موجودة ضمن المناطق العقارية لدمشق، وتم الاتفاق على اعتبار (الجسر) المتحلق الجنوبي الفاصل بين الحدود الإدارية لمحافظتي دمشق وريف دمشق».
وأكد أنه «لا يوجد سكن بديل لقاطني تلك المناطق، فالمنطقة شبه خالية من السكان ويطبق عليها القانون رقم (23)، ولكن يحصل السكان على أسهم بدلاً من ملكياتهم». وذكر أنه سيتم تشكيل لجان قضائية لتحديد قيمة الأملاك، ونحتاج إلى 6 أشهر تقريباً لصدور المرسوم التنظيمي لتلك المناطق.
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، يؤكد أحد الأهالي الأصليين الذين كانوا في حي جوبر، وهو من القليلين الذين نزحوا إلى مناطق سيطرة الحكومة وبقوا فيها، أن «أغلب من بقوا هنا من أهالي الحي فقدوا أثناء القصف وعملية النزوح وثائق ملكيتهم، التي تطالب بها الحكومة لإثبات ملكيتهم للعقارات، كما أن الدوائر الحكومية التي كانت تحتفظ بنسخ من هذه الوثائق وأبرزها في مدينة دوما، جرى تدميرها مع الوثائق التي كانت فيها، وبالتالي سنحرم من أملاكنا لأنه ليس لدينا ما يثبت ملكيتنا لها».
خبراء معارضون يعملون في مجال تجارة العقارات يوضحون، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المخطط التنظيمي الجديد في حال وجد طريقه إلى التنفيذ، وهو ما سيحصل على الأرجح بعد تصديقه من وزارة الأشغال العامة والإسكان ومن ثم إصدار مرسوم تنظيمي به، سيتم تنفيذه وفق أحكام القانون رقم «23» لعام 2015.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.