سوريا تنعى العمادي... منقذها من «مجاعة الثمانينات»

وزير الاقتصاد السابق ظل يبكي وفاة حافظ الأسد

صورة متداولة لوزير الاقتصاد السوري السابق الراحل محمد العمادي
صورة متداولة لوزير الاقتصاد السوري السابق الراحل محمد العمادي
TT

سوريا تنعى العمادي... منقذها من «مجاعة الثمانينات»

صورة متداولة لوزير الاقتصاد السوري السابق الراحل محمد العمادي
صورة متداولة لوزير الاقتصاد السوري السابق الراحل محمد العمادي

نعت الأوساط الاقتصادية والعلمية في دمشق، أمس (الأربعاء)، وزير الاقتصاد الأسبق محمد العمادي. وقالت رئاسة «هيئة التخطيط والتعاون الدولي والعاملون»، في بيان، إن «الدكتور العمادي وزير الدولة لشؤون التخطيط الأسبق (2-4-1971 - 23-12-1972) وافته المنية يوم الأربعاء 29-6-2022».
وفي نعيه العمادي، قال محافظ دمشق السابق، زهير تغلبي، إنه «كان أستاذاً لأجيال من الاقتصاديين ومعلماً للعديد ممن عملوا معه في هيئة تخطيط الدولة وأنا منهم».
من جانبها، قالت الجامعة العربية الدولية، إنها فقدت رئيس مجلس أمنائها السابق، الذي أطلقت اسمه على أحد مدرجاتها العام الماضي.
محمد العمادي المولود في دمشق 1933 حاصل على إِجازة في كلية الحقوق، وماجستير ودكتوراه من جامعة نيويورك، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية دور النعيم للأيتام، ونائب رئيس جمعية العلوم الاقتصادية، والمدير العام ورئيس مجلس الإدارة للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماع. ورئيس مجلس الإدارة للصندوق العربي للإنماء الاجتماعي في الكويت سابقاً.
رئيس لمجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية سابقاً، وهو عضو المجلس الأعلى للعلوم، عضو المجلس الأعلى للجامعات ورئيس اتحاد الاقتصاديين العرب، عضو اللجنة العليا للخبراء لمنظمة «اليونيدو». ورئيس مجلس محافظين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الاجتماع السنوي في الفلبين، ورئيس الفريق الفني للأمن الغذائي العربي، الرئيس المناوب للجنة المساعدات التنموية ممثلاً المانحين العرب. ورئيس الصندوق العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، ورئيس مجموعة /24/ الخاصة بالدول النامية في صندوق النقد الدولي سابقاً، كما ترأس اجتماعات عديدة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية والمجلس الاقتصادي الاجتماعي العربي ومجلس محافظي المؤسسات المالية العربية.
وعرف العمادي، أُستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق والمحاضر في مركز التدريب الإحصائي وفي معهد التخطيط سابقاً، بعلاقته القوية والوثيقة مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وهي العلاقة التي مكّنته من تسلم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ورئاسة هيئة تخطيط الدولة لأكثر من 15 عاماً. وتحفظ الذاكرة السورية صورة العمادي في مجلس الشعب السوري وهو ينهار بالبكاء لدى إذاعة نبأ وفاة الرئيس حافظ الأسد عام 2000، كما لم يتوقف العمادي عن بكائه حافظ الأسد لاحقاً كلما ذكره، وقال أكثر من مرة «إن الأسد كان يحبه كثيراً، لدرجة أن جميع الوشايات التي كانت تصل إليه من قِبل المسؤولين الآخرين، كان يرد عليها باطمئنان: أنا أثق بمحمد».
هذه «الثقة» مكّنت العمادي من لعب دور بالغ الصعوبة في إدارة الاقتصاد السوري منذ بداية عهد الأسد الأب عام 1972 ولغاية رحيله عام 2000، تخللها فترة انقطاع من العام 1979 وحتى العام 1985، كان خلالها في دولة الكويت، حيث استدعاه حافظ الأسد ليتولى وزارة الاقتصاد، في فترة تعتبر الأحلك خلال حكم الأسد الأب عقب أحداث الثمانينات الدموية وتبدد الاحتياطي النقدي السوري وخسارة الدعم العربي بسبب جنوح الأسد نحو إيران في حربها ضد العراق.
ويذكر العمادي في لقاءات صحافية، أنه عندما تولى وزارة الاقتصاد عام 1985، فوجئ بعدم وجود احتياطي نقدي من العملات الأجنبية في المصرف المركزي، وعلى الفور اتخذ قرار وقف عمليات الاستيراد، مركزاً الأولوية على استيراد المواد اللازمة لإنتاج الخبز فقط. وخلال عام تم توفير نحو 30 مليون دولار فقط. ومع نهاية عام 1989 نجحت خطته التقشفية الصعبة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، من القمح والخضراوات والفواكه، وأصبحت سوريا حينها ولأول مرة، دولة غير مستوردة للقمح.
خلال تسلمه وزارة الاقتصاد 1986، حاول العمادي فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص، بالإضافة إلى إنشاء سوق للأرواق المالية، وفتح المجال للمصارف الخاصة للعمل على الأراضي السورية، والاستفادة من التحصيلات الضريبية من خلالها، إلا أنه اصطدم بتمنع النظام وجرى إصدار قانون رقم 10 للاستثمار في العام 1991، الذي كبله بمجموعة شروط وتعقيدات جعلت نتائجه خجولة مع اتجاه الاقتصاد نحو الركود.
بعد وفاة الأسد الأب طلب العمادي إعفاءه من منصب وزير الاقتصاد، لكنه قبل لاحقاً عام 2008 الإشراف على تنفيذ المشاريع التي سبق وقدمها ولاقت رفضاً كمشروع إنشاء سوق للأوراق المالية، وإطلاق المصارف الخاصة، وتعديل قانون الاستثمار.
وبحسب مصادر اقتصادية دمشقية متقاطعة، يحسب للعمادي بقاؤه نظيف الكف خلال مسيرته الطويلة رغم تجذر الفساد في الاقتصاد السوري. كما ينسب له الفضل الأكبر في إنقاذ سوريا من المجاعة فترة الثمانينات من القرن الماضي. وهي المجاعة التي عادت لتهددها بعد عشر سنوات من الحرب وتغول الفساد.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.