جولة السيسي الخليجية... أهداف إقليمية ومصالح ثنائية

(تحليل إخباري)

السُلطان هيثم بن طارق مستقبلاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مسقط أول من أمس (الشرق الأوسط)
السُلطان هيثم بن طارق مستقبلاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مسقط أول من أمس (الشرق الأوسط)
TT

جولة السيسي الخليجية... أهداف إقليمية ومصالح ثنائية

السُلطان هيثم بن طارق مستقبلاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مسقط أول من أمس (الشرق الأوسط)
السُلطان هيثم بن طارق مستقبلاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مسقط أول من أمس (الشرق الأوسط)

تسعى القاهرة إلى بلورة موقف عربي متناغم، يتضمن الحد الأدنى من الخطوط العريضة المشتركة، في مواجهة تنافس عالمي بين روسيا والغرب، تصاعد لحد بعيد مع اشتعال الحرب الأوكرانية، تاركاً خلفه أثاراً سلبية، أثرت على وجه الخصوص على إمدادات المنطقة من الطاقة والغذاء، فضلا عن التحديات الأمنية، وجمود الملف النووي الإيراني.
وبحسب مراقبين ومسؤولين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجولة الخليجية التي بدأها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تأتي في سياق تشاور عربي مكثف يجري منذ أسابيع يستهدف، تعزيز العمل العربي المشترك، وتنسيق المواقف والرؤى حول المستجدات الإقليمية والعالمية، للتصدي للتحديات الراهنة.
وبدأ السيسي أمس زيارة إلى مملكة البحرين، قادماً من سلطنة عمان، والتي بحث خلالها تعزيز أوجه التعاون الثنائي، خاصة العلاقات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، وتم توقيع 6 مذكرات تفاهم واتفاقيتين و3 برامج تنفيذية ورسائل تعاون في عدد من المجالات.
وتنشط المساعي الدبلوماسية بين دول الخليج والقاهرة، التي زارها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في العشرين من يونيو (حزيران) الحالي، سبقها لقاء ثلاثي جمع الرئيس السيسي والملك حمد بن عيسى والملك عبد الله الثاني ملك الأردن، فيما استقبل السيسي، الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، في القاهرة، الأسبوع الماضي.
وقبل يومين تلقى أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، رسالة خطية من الرئيس المصري، قالت وكالة الأنباء الكويتية، إن الرسالة «تتعلق بتوطيد وتعزيز العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين».
ويعد التشاور العربي المكثف في الوقت الراهن، كما يرى السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، «وضعا طبيعيا في ظل أخطار عالمية تهدد أمن المنطقة على أكثر من صعيد، وفي ظل تنافس روسي – غربي نشط، يستهدف جذب التحالفات العالمية، مع وجود طرف ثالث كامن، بانتظار الفرصة للانقضاض، وهو العملاق الصيني، ومن ثم أصبح ضروريا أن تعمل مصر – مع شركائها، على بلورة خطوط عريضة للمصالح المشتركة بين دول المنطقة، بهدف التوافق عليها، مستبعدا الوصول إلى رؤية شاملة موحدة لوجود تباينات في المواقف السياسية بين كل دولة وأخرى».
وأوضح الدبلوماسي المصري لـ«الشرق الأوسط»، أن اللقاءات تستهدف «التمهيد لقمة الرئيس الأميركي جو بايدن»، والمقرر عقدها في المملكة السعودية منتصف يوليو (تموز) المقبل، مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والتي سوف تناقش على وجه الخصوص الملف النووي الإيراني، وأزمتي الطاقة والغذاء.
وقلل العرابي، من الحديث عن فكرة «ناتو شرق أوسطي» تحدث عنها مسؤولون عرب مؤخراً، مشيرا إلى أنها «طرح غير مفيد في هذه المرحلة التي تتعدد فيها الاستقطابات، وأنه لا يلقى على ما يبدو قبولاً كبيراً بين عدد من دول المنطقة ومن بينها مصر»، مضيفا أن «الاسم نفسه غير متقبل»، كما أن وجود إسرائيل عضوا في مثل هذا الطرح سيحدث تحفظات لدى بعض الدول العربية.
ويقدم الدبلوماسي المصري، طرحا بديلا وعمليا، ربما يكون أكثر توافقا، وهو «وضع إجراءات أمنية موحدة، بموجب اتفاقيات مشتركة تدعم أمن المنطقة، وتحقق المصالح المتبادلة بين دول الشرق الأوسط».
وتأتي جولة السيسي في سلطنة عمان والبحرين، ضمن مساعي مصر لتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية مع جميع الدول العربية، خاصة دول الخليج، في إطار شبكة من المصالح المتبادلة، على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاستثمارية، فهي ليست فقط للتنسيق الأمني والسياسي، بل تناقش أبعاد العلاقات الاقتصادية والتجارية، كما تشير الدكتورة سماء سليمان وكيل لجنة الشؤون الخارجية والعربية والأفريقية بمجلس الشيوخ المصري.
وقالت سليمان لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي وصل إلى درجة كبيرة من التناغم، خاصة مع إتمام المصالحة مع قطر، وعودة المشاورات مع تركيا»، مشددة على أن الأوضاع الدولية والإقليمية تفرض على جميع دول المنطقة هذا التعاون المستمر.
وتكمن أهمية الزيارة، في توقيتها، الذي يستبق زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة، من حيث «صياغة موقف عربي أمام الأجندة الأميركية المقترحة»، كما أشارت البرلمانية المصرية، التي اعتبرت الزيارة كذلك «رسالة تطمينية لدول الخليج، بأن أمن الخليج من أمن مصر القومي».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


«قوات الدعم السريع» تستهدف محطة كهرباء في شمال السودان

سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)
سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)
TT

«قوات الدعم السريع» تستهدف محطة كهرباء في شمال السودان

سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)
سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)

استهدفت مسيرات انتحارية تابعة لـ«قوات الدعم السريع» محطة كهرباء مدينة دنقلا في شمال السودان، ما أدى إلى إشعال حريق في المحطة وقطع التيار الكهربائي وخدمات المياه في المدينة والبلدات والقرى المحيطة بها.

وقال إعلام «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش ومقرها مدينة دنقلا، في بيان صحافي، إن «قوات الدعم السريع» استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت مدنية، للتغطية على ما أسمته «هزائمها المتتالية في كل المحاور»، وذلك في إشارة لتقدم الجيش في مدينة بحري، إحدى المدن الثلاث للعاصمة الكبرى الخرطوم. وأوضح بيان الجيش المقتضب أن المضادات الأرضية تصدت لعدد من مسيرات «قوات الدعم السريع» الانتحارية.

وقال شاهد من دنقلا لـ«الشرق الأوسط» إن بعض المسيرات نجحت في إصابة محطة الكهرباء، فيما تناقلت منصات التواصل الاجتماعي صوراً للمحطة والحرائق تشتعل فيها حتى صباح يوم الاثنين. وقال عابدين عوض الله، والي الولاية الشمالية حيث تقع مدينة دنقلا لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» أصبحت تستهدف المنشآت الحيوية خاصة في ولايته، وإن 10 مسيرات انتحارية استهدفت محطة الكهرباء، وأوضح أن «خطة بديلة لتوفير خدمات المياه وانسياب العمل في المخابز والمشاريع الزراعية قد تم بحثها».

ونفذت «قوات الدعم السريع» سلسلة هجمات بالطيران المسيّر خلال الأيام الماضية، استهدفت محطات الكهرباء في بعض المدن، من بينها محطة كهرباء سد مروي، ومحطة كهرباء مدينة مروي بالولاية الشمالية، ومحطة كهرباء الشوك التحويلية في ولاية القضارف شرق البلاد.

وأدى استهداف محطات الكهرباء إلى قطع الخدمة لفترات طويلة عن عدد من مدن وولايات البلاد، بما في ذلك ولاية البحر الأحمر حيث تقع مدينة بورتسودان التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة، إضافة إلى ولايات نهر النيل والشمالية والقضارف وكسلا، في شرق البلاد وشمالها.

معركة مدينة بحري

دخان حريق في مدينة بحري إثر معارك متواصلة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، قال شهود لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش أحرز تقدماً في مدينة بحري، إذ تتقدم قواته نحو وسط المدينة الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» منذ الأيام الأولى للحرب. وأضاف الشهود أن «قوات الدعم السريع» بدأت تنسحب من عدة مواقع كانت تسيطر عليها في المدينة، وأن الجيش المتقدم من جهة الشمال استطاع إكمال سيطرته على ضاحية شمبات، ووصل إلى أطراف حي الصافية.

وتستهدف عمليات الجيش الوصول إلى مقر «سلاح الإشارة» التابع للجيش والمحاصر من قبل «قوات الدعم السريع» منذ الأيام الأولى للحرب التي اشتعلت في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وتقع قيادة «سلاح الإشارة» على الضفة الشرقية للنيل الأزرق في مدينة بحري، وهي تقابل على الضفة الأخرى للنهر مقر القيادة العامة للجيش، المحاصر هو الآخر منذ بداية الحرب. ونفت «قوات الدعم السريع» في بيان صحافي انسحابها من مناطق سيطرتها في مدينة بحري، وقالت إنها تتقدم بقوة نحو أهداف جديدة.

ولا توجد معارك كبيرة في بقية أنحاء العاصمة الكبرى غير تبادل القصف المدفعي بين الطرفين. إذ قصفت «قوات الدعم السريع» مناطق سيطرة الجيش في منطقة كرري بشمال مدينة أم درمان، إحدى المدن الثلاث للعاصمة، بينما قصفت مدفعية الجيش مناطق تجمع «قوات الدعم السريع».

معارك دارفور

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً في مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وفي إقليم دارفور بغرب البلاد، نشرت «قوات الدعم السريع» مقاطع فيديو لأعداد كبيرة من الآليات العسكرية والأسرى، قالت إنها استولت عليها من الحركات المسلحة المتعاونة مع الجيش في صحراء دارفور، موضحة أنها ألحقت بها هزائم كبيرة. ومن جانبه، قال الجيش إن قواته، مسنودة بالطيران الحربي، نفذت عمليات ناجحة في بعض المحاور بولاية شمال دارفور، دمرت خلالها 20 مركبة قتالية بكامل عتادها وطاقمها، وقتلت العشرات من أفراد «قوات الدعم السريع».

وكانت «قوات الدعم السريع» قد ذكرت في بيان سابق أنها ألحقت «هزيمة ساحقة» بالفصائل المسلحة المتعاونة مع الجيش، في محور الصحراء، وتحديداً في مناطق الحلف، ودريشقي، وماو، في شمال دارفور وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وأضافت أنها استولت على 205 عربات قتالية بكامل عتادها وكميات من الأسلحة والذخائر، ودمرت 67 مركبة أخرى، وقتلت المئات من أفراد تلك القوات، وأن قوات الحركات المسلحة الموالية للجيش «قد انهارت تماماً».

من جانبه، قال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، وهو أيضاً قائد «حركة تحرير السودان» المتحالفة مع الجيش، إن قواته كسرت شوكة قوة عسكرية ضاربة تتكون من 546 تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، بقيادة عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي». وأضاف مناوي أن «قوات الدعم السريع» كانت تنوي السيطرة على منطقة الصحراء لفتح طريق الإمداد الذي يربطهم بدول مجاورة.