باولو بينيرو: آلية أممية عن المفقودين في سوريا... وتجاهُل «الهول» فضيحة

رئيس لجنة التحقيق في المنظمة الدولية قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الجيوش الخمسة لا تحترم قواعد الحرب

باولو بينيرو (الأمم المتحدة)
باولو بينيرو (الأمم المتحدة)
TT

باولو بينيرو: آلية أممية عن المفقودين في سوريا... وتجاهُل «الهول» فضيحة

باولو بينيرو (الأمم المتحدة)
باولو بينيرو (الأمم المتحدة)

(حوار سياسي)
أكد رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سوريا باولو بينيرو، دعمه الكامل تأسيس آلية أممية مستقلة لكشف مصير المفقودين في سوريا، قائلاً: «ما نقترح القيام به يندرج في السياق الإنساني، ويجب عدم الخلط بين المساءلة الجنائية أو مسار العدالة أو المسؤولية وبين البحث عن المختفين والمفقودين... لأنه إذا تم الخلط بين المسارين لن نتوصل إلى هدفنا الأساسي وهو أن نتمكن من الحصول على معلومات نقدمها إلى أسر المختفين والمفقودين».
وكانت بينيرو يتحدث إلى «الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي أمس، قبل أيام من تقديم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، توصياته لتشكيل آلية أممية للبحث عن مصير المفقودين في سوريا بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية العام الماضي.
وسئل عن تقديره لعدد المفقودين في سوريا وما إذا كان يوافق على أنهم بحدود 100 ألف، فأجاب: «كما تعرف، نحن لا نعمل مع الإحصاءات. نحن نكتب تقارير عمّا حصل. لم أقرأ التقارير الأممية الأخيرة عن الإحصاءات. لكن المفوضية الأممية تعتقد أن الوضع قريب من الرقم الذي أُعلن»، أي مائة ألف.
وعدّ العفو الذي أصدره الرئيس بشار الأسد عن متهمين بجرائم «إرهاب» قبل أسابيع، «مثيراً للاهتمام»، قائلاً: «إنها المرة الأولى التي يشمل فيها عفو عام الجرائم التي تعدّها (الحكومة) مرتكَبة من إرهابيين. نعمل عن قرب لجمع المعلومات لتقديم تقدير دقيق عن الذين شملهم العفو. لدينا أسئلة كثيرة حول عدد الجرائم التي شملت وعدد الأشخاص المشمولين. ونطلع على المعلومات التي شاركتها الحكومة السورية مع الأمم المتحدة لأنه ليس لدينا اتصال مباشر مع النظام، الحكومة السورية. نحن ندرس ونحلل جميع المعلومات الواصلة إلى الأمم المتحدة».
وحذر بينيرو من منعكسات عدم تمديد مجلس الأمن الدولي قرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، محذراً من أنه «إذا لم توافق روسيا على تمديد القرار، ستكون هناك كارثة». كما وجه انتقادات لاذعة لعدم قيام دول أجنبية بإعادة مواطنيها من مخيم الهول شمال شرقي سوريا.
وهنا نص الحديث الذي أُجري مع بينيرو خلال وجوده في جنيف أمس:
> قدمتَ توصيات عدّة إلى السيد أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بخصوص إنشاء آلية جديدة. ماذا تنتظر من غوتيريش خلال الأيام القليلة المقبلة بهذا الصدد؟
- دعني بدايةً أذكر لماذا نحن حريصون على تقديم هذه التوصية، لأن انطباعي أننا تأخرنا كثيراً في التطرق لهذه المسألة. في حروب عدة ونزاعات لتغيير الأنظمة، وأعطي أميركا الجنوبية كمثال، التطرق إلى مسألة اختفاء الأشخاص بدأ في مراحل مبكرة (بالمقارنة مع سوريا). أهم ما يجب التأكيد عليه هو أن ما نقترح القيام به يندرج في السياق الإنساني، ويجب عدم الخلط بين المساءلة الجنائية، أو مسار العدالة أو المسؤولية، وبين البحث عن المختفين والمفقودين. أعتقد أن من المهم جداً التفريق بين المسارين، لأنه إذا تم الخلط بينهما لن نتوصل إلى هدفنا الأساسي وهو أن نتمكن من الحصول على معلومات نقدمها إلى أسر المختفين والمفقودين، لأنني أعتقد أن الحافز الأساسي للعمل هو أن الأسر تريد معرفة مصير أبنائها. والسبب الذي دفعنا إلى هذه الآلية هو أن هناك الكثير من المعلومات عن أشخاص معتقلين أو محتجزين، وهناك تفاصيل ضرورية كثيرة عن اختفائهم، لأنه لسنوات عدة، عملت لجان أسر المختفين والمفقودين على تجميع المعلومات، ورأينا أن المعلومات التي تم جمعها يجب أن تحتويها هيئة تابعة للأمم المتحدة. ومن المهم أن يتم العمل بالتنسيق مع الأسر ومع الهيئات المختلفة التي لديها بيانات، ومع مراكز الأبحاث التي جمعت معلومات كثيرة ضرورية. أعتقد أن الأهم وجود اللجنة الدولية الصليب الأحمر، التي لديها خبرة في هذه المسألة تعود إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، حول المفقودين واحتجاز الأطفال. وأنا لا أعمل وحيداً، فلديّ دعم «الهيئة العليا لحقوق الإنسان» واللجنة المعنية بحالات الاختفاء. وبالطبع، أتوجه بالشكر إلى الجمعية العامة التي أصدرت القرار لإعداد هذا التقرير.
> متى سيصدر التقرير؟
- نتوقع أن يصدر التقرير خلال الأيام القليلة المقبلة، ولكن لا تاريخ محدداً. لقد عمل زملائي في مكتبنا في بيروت بجدّ، ومن المهم أنهم تمكنوا من ترتيب لقاءات مع مندوبي دول أخرى أعضاء في الأمم المتحدة، وإحدى هذه الدول كانت مفيدة جداً بما لديها من خبرة في هذه المسألة. إحدى الدول الأعضاء، من الجنوب، تواصلت معنا وساندتنا جداً في عملنا.
> للإيضاح، هل تساند اللجنة الدولية للصليب الأحمر التوصيات كما تساند آلية العمل الجديدة؟
- ليس بصفة رسمية، ولكنهم منفتحون للتعاون مع آلية العمل. فكما تعلم، اللجنة الدولية للصليب الأحمر تتّبع إجراءات خاصة تتعلق بالاستقلالية والسرية، بحيث لا يمكنهم المشاركة المباشرة في عملنا، ولكن المهم أنهم منفتحون لمساندتنا ومشاركتنا المعلومات والخبرات.
> الآلية الجديدة ستكون إنسانية بحتة وغير سياسية، ما يعني أنها لن تتعاطى بالمساءلة وتحقيق العدالة؟
- هذا هو ما توصلنا إليه بعد ما خبرته في ظروف مماثلة في الأرجنتين، وحتى في بلدي البرازيل، ودول أخرى مثل البيرو. الوصفة لتحقيق بعض النجاح هي التفريق. نحن لا ندعو إلى التخلي عن المساءلة الجنائية، ولكن هذه تتولاها دوائر أخرى، لأن ذلك مسار مختلف. خلال السنوات الأربع الأخيرة في عملي في هذا التوجه، طلبت بوضوح من عدد من الدول الأعضاء عدم الخلط بين المسارين، لأن من المهم في لحظة معينة أن تتعاون السلطات السورية مع هذه الآلية. الأسر السورية تأمل في مرحلة ما أن تتمكن السلطات السورية من التعاون، كما حصل مع أنظمة ودول أخرى. ولا أجد سبباً لعدم حصول ذلك في سوريا. هذا ما نأمله.
> هل المسألة تعتمد على موافقة - تعاون الحكومة السورية؟
- لا، أبداً. نحن بدأنا في إعداد آلية العمل، وهذه لا تحتاج إلى موافقة الحكومة السورية، ولكن مع مباشرتنا عملنا آمل أن نتوصل إلى إجراء نوع من الحوار مع السلطات، لأن لديهم معلومات. في بداية النزاع وضعت الحكومة السورية آلية عمل ودوائر، ولكننا لا نعرف ما الذي تم إنجازه. مبادرتنا مستقلة تماماً عن الحكومة السورية، وهذا ضروري جداً للأسر ليتأكدوا من أننا مستقلون تماماً عن السلطات السورية.
> تحتاجون إلى تعاون السلطات السورية، فهل سيخضع ذلك إلى قيود قد تحول دون وصولكم إلى بعض المعلومات الأساسية؟ فأنتم تحتاجون إلى الحصول على معلومات محددة، وإلى تصاريح رسمية لدخول السجون...
- هذا صحيح، ومن الضروري الأخذ في عين الاعتبار أن هناك أطرافاً عدة فاعلة حالياً في سوريا، أذكر منها «يونيسيف»، فهي هيئة إنسانية تعمل مع السكان السوريين. بالتالي، عملنا لن يكون خارجاً عن المألوف، بل بالتوازي مع النقاش السياسي المتعلق بمستقبل النظام السياسي في سوريا. هناك حاجات إنسانية يجب تلبيتها.
نحن محظوظون في أنه تم تأمين نصف الاحتياجات المادية، وهذه مشكلة أخرى تواجهنا، وهناك من يقوم بعمل غير معلن داخل سوريا مهم جداً لصالح السكان السوريين.
> مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قال إن أكثر من 300 ألف مدني قُتلوا في الصراع السوري. ما عدد المفقودين حسب معلوماتك؟
- كما تعرف، نحن لا نتعامل مع الإحصاءات. نحن نكتب تقارير عما حصل. لم أقرأ التقارير الأخيرة عن الإحصاءات. لكن المفوضية الأممية تعتقد أن الوضع قريب من الرقم الذي أُعلن.
> قيل سابقاً إن هناك 100 ألف مفقود وسجين؟
- هناك تقديرات بهذا النحو. لا بد من القول أيضاً إن العائلات لديها الكثير من المعلومات حول عدد المفقودين. الأمر الضروري هو أن يركز عمل المفوضية العليا لتأكيد المعلومات والأرقام، بالتعاون مع جمعيات تخص الضحايا. لم أقرأ التقارير الأخيرة للأمم المتحدة.
> ما تعليقك على العفو الذي أصدره الرئيس بشار الأسد بإطلاق سراح سجناء؟
- يجب القول إنه كان مثيراً للاهتمام، لأنها المرة الأولى التي يشمل فيها عفو عام من الحكومة الجرائم التي تعدها مرتكَبة من إرهابيين. نعمل عن قرب لجمع المعلومات لتقديم تقدير دقيق عن الذين شملهم العفو. لدينا أسئلة كثيرة حول عدد الجرائم التي شُملت وعدد الأشخاص المشمولين. ونطّلع على المعلومات التي شاركتها الحكومة السورية مع الأمم المتحدة، لأنه ليس لدينا اتصال مباشر مع النظام. نحن ندرس ونحلل جميع المعلومات الواصلة إلى الأمم المتحدة.
آمل أن هذا العفو العام سيكون قادراً على إراحة الكثير من المعتقلين. أي عفو هو جيد للعائلات. لا بد أن ندرس الأمر كي نصل إلى خلاصات.
> ما عدد الأشخاص الذين شملهم العفو حسب معلوماتك؟
- لا أعرف.
> هل شاركت الحكومة السورية معلومات مع «الصليب الأحمر» والأمم المتحدة؟
- ليس لديّ أي معلومات. أعرف أنه قبل الحرب الأوكرانية، كانت أكبر عمليات لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في العالم في سوريا. لكن ليس لديّ أي معلومات حول التعاون مع الحكومة.
> بالنسبة إلى الآلية الجديدة، من أين سيكون التمويل؟ ما توصياتك؟ ثانياً، ما مدة عمل الآلية؟
- يجب القول إنه ليست لديّ كرة سحرية لتوقع المستقبل. لكن، إذا أخذت تجربة بلدي (البرازيل)، فإنها محبطة جداً. بالنسبة إلى التمويل، فإن الأمر يعود إلى الأمين العام للأمم المتحدة. نحن نقترح أن يكون التمويل من الموازنة العادية للأمم المتحدة، كي تكون هناك استقلالية للآلية. نشيد بأي دعم سيقدَّم. ولا شك في أن الحاجة ترتبط بتطور المسار السياسي. الأمر الضروري هو أن يحصل بعض التقدم في المفاوضات السياسية، وهو أمر لا نرى أنه يحصل أبداً. لا بد من القول إن إطلاق الآلية حالياً أمر ضروري. من الضروري القيام بأمر ملموس لصالح الضحايا المفقودين الذين يعيشون حالة من اليأس. ضروري أن يروا نافذة لتحسين الوضع داخل سوريا، وآمل أيضاً بآلية تختص بالمحاسبة، وخصوصاً عمل «الآلية الدولية المستقلة للتحقيق». لكن، لا بد من الفصل بين الأمرين.
> هل انخرطتَ بالتوصيات؟
- نعم، قدمتُ توصيات. لكن هناك مسارات مختلفة: المسار السياسي الذي يقوم به صديقنا المبعوث الأممي غير بيدرسن، المنخرط بمناقشات حول الدستور، والمسار الإنساني، حيث إن مجلس الأمن سيناقش تمديد قرار المساعدات عبر الحدود. والمسار الثالث، مسارنا، يخص عملنا. نحن لا نعد تحقيقات جُرمية لانتهاكات حقوق الإنسان. هذه آلية مستقلة تماماً عن المسارين السياسي والإنساني.
> بالنسبة إلى قرار المساعدات عبر الحدود، ماذا تتوقع أن يحصل في 10 من الشهر المقبل؟ ماذا سيحصل إذا لم توافق روسيا على تمديد القرار؟
- إذا لم توافق روسيا على تمديد القرار، ستكون هناك كارثة. نحاول التواصل معهم (الروس) بألّا يفكروا بذلك (عدم التمديد) لأنه يعني إنكاراً لحاجات الشعب السوري داخل سوريا، في وقت يعاني الكثيرون رغم وجود معبر واحد للمساعدات. نأمل في أن مجلس الأمن سيحافظ على تدفق المساعدات عبر هذا المعبر. هذا توقع الحد الأدني، أي أن يمدد القرار. عدم التمديد هو تجاهل كامل للحاجات الضرورية للشعب السوري، حيث إن 90 في المائة من الشعب تحت خط الفقر. آمل ألا تستخدم أي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن حق النقض (فيتو) ضد القرار.
قلت وأكرر أمام مجلس حقوق الإنسان: يجب أن يكون الجميع واعين، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمن، لهذا الأمر. نقول هذا عبر اتصالاتنا.
> روسيا ليست عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؟
- نعم، هذا القرار اتُّخذ سابقاً. ليس لديَّ ما أقوله عن هذا الأمر.
> بالنسبة إلى مخيم الهول في شمال شرقي سوريا، هناك 60 ألف شخص، بينهم 40 ألف طفل. ما رسالتك للدول التي لديها أطفال وعائلات في المخيم ولا تعيدهم إلى أراضيها؟
- دعني أركز على موضوع الأطفال. كانوا أطفالاً وباتوا الآن فتياناً. مرت أكثر من ثلاث سنوات، وهم في المخيم دون أي إمكانية للتعليم. قلت وأقول ذلك، هذه فضيحة غير مقبولة. كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أقرت اتفاقات تحافظ على حقوق الأطفال. بعض الدول لديها مواطنون في المخيم. مصالح الأطفال لا تؤخذ في الاعتبار في السجون أو المخيمات. أنا سعيد لأن بعض الدول الأوروبية وغير الأوروبية أعادت بعض رعاياها، مع ملاحظة تفريق أطفال عن أمهاتهم. البعض في مخيم الهول تحت سيطرة «داعش». الأطفال يخضعون لآيديولوجية «داعش». إنهم يصوّبون النيران على أقدامهم بعدم إعادتهم إلى بلادهم. نكرر هذه الرسالة في كل مكان... تعبت من تكرار الرسالة. تَحقق بعض النجاح، لكن ليس كافياً.
إنه أمر عاجل وضروري وملحّ. شاهدنا الهجوم على سجن الصناعة (في الحسكة). قُتل مئات بينهم أطفال. هذا قد يحصل ثانية. آمل ألا يحصل.
> البعض يعد مخيم الهول قنبلة موقوتة قابلة للانفجار...
- إنها تنفجر. انفجرت في مستقبل الأطفال. هذه فضيحة. يجب القول إنه ليس هناك انسجام، فبعض الدول تطالب بالمحاسبة في النزاع السوري... لكن لماذا لا تطبق المنطق نفسه إذا كان المعتقلون هم في مخيم الهول؟ نكرر هذا في كل مكان. أيضاً، لا بد من الإشارة إلى حصول عمليات إطلاق لعراقيين. ولا بد من الإشارة إلى أن بعض الأطفال (الأجانب) مسجونون مع كبار. هذا لا يحصل في سجون هذه الدول (الأجنبية).
> حصلت صفقات مقايضة بين الحكومة السورية ومعارضين لتبادل سجناء برعاية روسية - تركية. ما رأيك باتفاقات كهذه بعيداً من انخراط الأمم المتحدة؟
- أعتقد أن أي مبادرة من دول مختلفة أمر مرحَّب به. أعرف أن الأرقام ليست كبيرة، لكنها مهمة لأهالي الضحايا.
> كيف أثّر الصراع السوري في المعايير الدولية الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان؟
- ما نقوم به أننا نحاول تطبيق معايير. بعض الدول استخدمت الفيتو لإحالة الملف إلى محكمة الجنايات الدولية. الأمر اللافت أنه ليس هناك طرف منخرط في الصراع السوري يحترم قوانين الحرب. الجيوش الخمسة الحاضرة في سوريا (أميركا، روسيا، إسرائيل، تركيا، إيران) لا تتصرف كما يجب. إننا نعد ورقة جديدة تتعلق بتطبيق القانون الدولي في سوريا. الأمر اللافت هو الإفلات من العقوبات للحكومة السورية والقوى الأخرى المنخرطة في النزاع. نكرر دعواتنا للدول الأعضاء بأن لديها مسؤولية إزاء حقوق الإنسان والجرائم المرتكَبة من الأطراف (السورية) التي تدعمها.
إنه أمر ضروري يخص المستقبل. نقوم بتوثيق ما يحصل في سوريا لأننا لسنا منحازين لأي طرف. الأمر المهم هو أننا لسنا مرتبطين بأي طرف. الطرف الوحيد الذي ننحاز إليه هم عائلات الضحايا. أنا معجب بما قاله المبعوث الأممي الأسبق الأخضر الإبراهيمي: «ليس هناك أي طرف لديه مصلحة باحترام مصالح الشعب السوري». أتفق معه في أن مصالح الشعب السوري لا تؤخذ بالاعتبار من أي طرف في الصراع بعد مرور أكثر من 11 سنة.
> هل ترى أي تشابه بين الانتهاكات في سوريا وأوكرانيا؟
- فيما يتعلق بما يحصل في الصراع الأوكراني، فهو مشابه لما حصل في سوريا: حماية المدنيين غير متحققة. القيمة الأساسية للصراع هي حماية المدنيين. صديقي الراحل سيرجو تحدث عن العراق. كان يدين استهداف المدنيين. الشيء الآخر المقلق هو أن بعض الدول الأعضاء في أوروبا كانت كريمة جداً في التعامل مع موضوع اللاجئين الأوكرانيين. لا ألومهم على ذلك. بالعكس، تقديم الدعم للاجئين الأوكرانيين ضروري. لكن ما أغضبني أن الدعم نفسه لم يقدَّم للاجئين السوريين، بل تعرضوا لإساءة بالمعاملة عندما حاولوا الدخول إلى أوروبا. هذا غير مقبول. اللاجئون السوريون يستحقون نفس الحقوق التي يحصل عليها اللاجئون الأوكرانيون. قلت هذا أمام الدول الأعضاء: اللاجئون الأوكرانيون بحاجة للحصول على دعمكم، لكني آمل أن يحصل السوريون على المعاملة ذاتها التي يحصل عليها الأوكرانيون. أمر غير مقبول أن بعض اللاجئين لأنهم ليسوا بيضاً ولا عيونهم زرقاء، لا يحصلون على نفس المعاملة.
هناك نقطة أخرى هي أن الأزمة الاقتصادية في لبنان، والآن الحرب في أوكرانيا، تؤثر أن على السوريين. آمل أن يتوقف الصراع لأنه يؤثر على الجميع، بما في ذلك التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والسكن والمعاناة.


مقالات ذات صلة

غوتيريش: نرى بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا

المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يحضر مؤتمراً صحافياً في بريتوريا، جنوب أفريقيا، 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

غوتيريش: نرى بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأربعاء)، خلال زيارة إلى جنوب أفريقيا، أن هناك بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
المشرق العربي عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

ندَّدت تركيا بالتوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وشدّدت على دعمها سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، في حين اتخذت إجراءات لتسريع عودة السوريين

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان ينتقد الصمت الدولي إزاء انتهاك إسرائيل حقوق الإنسان في فلسطين

انتقد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، صمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.