تحذير أممي من معاناة إضافية بسبب زلزال أفغانستان

صورة قاتمة ومخاوف من ازدياد عدد الضحايا

أفغان يتلقون خبزاً مساعدةً في منطقة تضررت بالزلزال أمس (رويترز)
أفغان يتلقون خبزاً مساعدةً في منطقة تضررت بالزلزال أمس (رويترز)
TT

تحذير أممي من معاناة إضافية بسبب زلزال أفغانستان

أفغان يتلقون خبزاً مساعدةً في منطقة تضررت بالزلزال أمس (رويترز)
أفغان يتلقون خبزاً مساعدةً في منطقة تضررت بالزلزال أمس (رويترز)

حذر مسؤولون أمميون من أن الزلزال المدمر، الذي ضرب أفغانستان هذا الأسبوع، ضاعف حال الطوارئ في بلد يواجه أصلاً أسوأ جفاف منذ 30 عاماً وفقراً مدقعاً يهدد بمجاعة، فضلاً عن الانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان من قبل حكام «طالبان». وفيما أعلنت السلطات الأفغانية أن لا إمدادات طبية كافية لمعالجة مصابي الزلزال، وقعت أمس الجمعة هزة أرضية جديدة أودت بحياة خمسة أشخاص.
وعقد مجلس الأمن جلسة استمع خلالها إلى إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في أفغانستان، رامز الأكبروف، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من كابل، بالإضافة إلى إحاطة ثانية من وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث، الذي رسم صورة قاتمة للصعوبات والمخاطر التي يواجهها 38 مليون إنسان في هذه البلاد.
قبيل ذلك، وقف السفراء دقيقة صمت حداداً على ضحايا كارثة زلزال مقاطعة باكتيكا. ثم تحدث الأكبروف عن أحدث المعلومات المتوافرة لدى بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (أوناما) تفيد بأن ما لا يقل عن 770 شخصاً قتلوا وأكثر من 1400 جرحوا، علماً بأن كثيرين في حالة خطرة، متوقعاً أن يزداد عدد الضحايا خلال الأيام المقبلة.
واعتبر الأكبروف أن ما حصل ليس إلا «تذكيراً مأساوياً آخر بالمخاطر التي لا تعد ولا تحصى وتواجه الشعب الأفغاني في هذا الوقت». وأكد أن حالة حقوق الإنسان في أفغانستان «لا تزال غير مستقرة»، مضيفاً أنه رغم العفو العام والتأكيدات المتكررة من سلطات الأمر الواقع، فإن بعثة أوناما «لا تزال تتلقى ادعاءات موثوقة عن وقوع أعمال قتل وسوء معاملة وانتهاكات أخرى مستهدفة الأفراد المرتبطين بالحكومة الأفغانية السابقة»، فضلاً عن «تلقي مزاعم ذات صدقية في شأن الانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الأمر الواقع ضد الأفراد المتهمين بالانتماء إلى (داعش - فرع خراسان)». وأكد أن سلطات الأمر الواقع فرضت قيوداً متزايدة على ممارسة حقوق الإنسان الأساسية، مثل حرية التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير وقمع المعارضة وتقييد الفضاء المدني في البلاد، مضيفاً أن هذه القيود «لا تزال تستهدف بشكل خاص حقوق وحريات المرأة والفتيات الأفغانيات، مما يحد من مشاركتهن في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية».
وأشار المبعوث الأممي إلى أن الاقتصاد الأفغاني تقلص بنسبة تراوح بين 30 و40 في المائة منذ أغسطس (آب) الماضي، متوقعاً أن تصل البطالة إلى 40 في المائة هذا العام، ارتفاعاً من 13 في المائة في عام 2021، علماً بأن بعض التوقعات تشير إلى أن معدلات الفقر يمكن أن ترتفع إلى 97 في المائة بحلول نهاية عام 2022، والأكثر إثارة للقلق أن 82 في المائة من الأسر غارقة الآن في الديون. ونبه إلى أن أفغانستان تعاني حالياً من جفاف هو الثاني في سنوات متتالية. وعبر عن «اعتقاد راسخ» بأن «المشاركة والحوار هما السبيل الوحيد للمضي من أجل مصلحة الأفغان وكذلك من أجل الأمن الإقليمي والدولي».
وقال غريفيث إنه بينما تصل المنظمات الإنسانية إلى أعداد قياسية من الناس في كل أنحاء البلاد، فإن هذه الاستجابة «معقدة وصعبة». وأكد أن «التحولات الدراماتيكية في المشهد السياسي والاقتصادي لأفغانستان» منذ استيلاء «طالبان» على السلطة في أغسطس الماضي، حين كانت القوات الأميركية وتلك التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في المراحل الأخيرة من انسحابها الفوضوي من أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب «جلبت معاناة إنسانية بلا هوادة لشعب البلاد». وقال إن «أسوأ موجة جفاف في أفغانستان منذ ما يقرب من 30 عاماً أثرت على ثلاثة أرباع مقاطعاته، ما يعني أنه من المتوقع أن يكون إنتاج المحاصيل أقل من متوسط هذا المحصول». ولفت إلى أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، يعيشون في فقر، أي أكثر من ضعف العدد خلال عام 2011، بما في ذلك 6.6 ملايين في مستويات «الطوارئ»، موضحاً أن «هذا هو أعلى رقم في أي بلد في العالم معرض لخطر ظروف شبيهة بالمجاعة».
وأشار غريفيث إلى ثلاثة معوقات تصعب الاستجابة الإنسانية، أولها «النظام المصرفي الرسمي الذي يستمر في منع التحويلات بسبب المبالغة في عملية درء المخاطر، ما يؤثر على قنوات الدفع ويتسبب في حدوث أعطال في سلاسل التوريد». أما العائق الثاني فيتعلق بالانخراط بين المنظمات الإنسانية وسلطات الأمر الواقع، موضحاً أن «السلطات الوطنية والمحلية تسعى بشكل متزايد إلى لعب دور في اختيار المستفيدين وتوجيه المساعدة إلى الأشخاص على قوائم أولوياتها». والعائق الثالث هو نقص التمويل.
وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إرسال أطنان من الإمدادات وعاملين ذوي خبرة لدعم جهود الإغاثة. وقالت المتحدثة باسمها، «أربعة عقود من الصراع وعدم الاستقرار في أفغانستان تركت الملايين على شفا الجوع والمجاعة».
فيما حذرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة من أن الكارثة قد تؤدي إلى تفاقم تفشي مرض الكوليرا، المنتشر بالفعل في أنحاء أفغانستان.
وكانت السلطات الأفغانية أنهت عمليات البحث عن ناجين في المناطق الجبلية النائية جنوب شرقي البلاد، التي ضربها زلزال. فيما أعلنت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، أن هزة ارتدادية بقوة 4.3 درجة وقعت أمس وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص.
ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم وزارة الكوارث محمد نسيم حقاني، قوله إن نحو ألفي شخص أصيبوا ودُمر عشرة آلاف منزل جزئياً أو كلياً في الزلزال. أضاف: «لا تملك وزارة الصحة أدوية كافية، نحن بحاجة لمساعدات طبية وغيرها من الضروريات لأن الكارثة كبيرة».


مقالات ذات صلة

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

العالم غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، أن الوضع في أفغانستان هو أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم، مؤكداً أن المنظمة الدولية ستبقى في أفغانستان لتقديم المساعدة لملايين الأفغان الذين في أمّس الحاجة إليها رغم القيود التي تفرضها «طالبان» على عمل النساء في المنظمة الدولية، محذراً في الوقت نفسه من أن التمويل ينضب. وكان غوتيريش بدأ أمس يوماً ثانياً من المحادثات مع مبعوثين دوليين حول كيفية التعامل مع سلطات «طالبان» التي حذّرت من استبعادها عن اجتماع قد يأتي بـ«نتائج عكسيّة». ودعا غوتيريش إلى المحادثات التي تستمرّ يومين، في وقت تجري الأمم المتحدة عملية مراجعة لأدائها في أفغانستان م

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم «طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

«طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

رفضت حركة «طالبان»، الأحد، تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي زعم أن جماعات مسلحة في أفغانستان تهدد الأمن الإقليمي. وقال شويغو خلال اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون يوم الجمعة في نيودلهي: «تشكل الجماعات المسلحة من أفغانستان تهديداً كبيراً لأمن دول آسيا الوسطى». وذكر ذبيح الله مجاهد كبير المتحدثين باسم «طالبان» في بيان أن بعض الهجمات الأخيرة في أفغانستان نفذها مواطنون من دول أخرى في المنطقة». وجاء في البيان: «من المهم أن تفي الحكومات المعنية بمسؤولياتها». ومنذ عودة «طالبان» إلى السلطة، نفذت هجمات صاروخية عدة من الأراضي الأفغانية استهدفت طاجيكستان وأوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

قبل أن تتغير بلادها وحياتها بصورة مفاجئة في عام 2021، كانت مهناز أكبري قائدة بارزة في «الوحدة التكتيكية النسائية» بالجيش الوطني الأفغاني، وهي فرقة نسائية رافقت قوات العمليات الخاصة النخبوية الأميركية في أثناء تنفيذها مهام جبلية جريئة، ومطاردة مقاتلي «داعش»، وتحرير الأسرى من سجون «طالبان». نفذت أكبري (37 عاماً) وجنودها تلك المهام رغم مخاطر شخصية هائلة؛ فقد أصيبت امرأة برصاصة في عنقها، وعانت من كسر في الجمجمة. فيما قُتلت أخرى قبل وقت قصير من سقوط كابل.

العالم أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من عشرين امرأة لفترة وجيزة في كابل، أمس، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وسارت نحو 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، وردّدن «الاعتراف بـ(طالبان) انتهاك لحقوق المرأة!»، و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!».

«الشرق الأوسط» (كابل)
العالم مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من 20 امرأة لفترة وجيزة في كابل، السبت، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة. وسارت حوالي 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، ورددن «الاعتراف بطالبان انتهاك لحقوق المرأة!» و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!». وتنظم الأمم المتحدة اجتماعاً دولياً حول أفغانستان يومَي 1 و2 مايو (أيار) في الدوحة من أجل «توضيح التوقّعات» في عدد من الملفات. وأشارت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، خلال اجتماع في جامعة برينستون 17 أبريل (نيسان)، إلى احتمال إجراء مناقشات واتخاذ «خطوات صغيرة» نحو «اعتراف مبدئي» محتمل بـ«طالبان» عب

«الشرق الأوسط» (كابل)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.