صدقت التسريبات وألغت المحكمة العليا الأميركية حق الإجهاض، المعروف بـ«رو ضد وايد»، الذي أقرته المحكمة نفسها في عام 1973، وصوّت 6 قضاة محافظين من أصل 9 في المحكمة لإلغاء حق الإجهاض فيدرالياً، وهم قضاة معينون من رؤساء جمهوريين: كلارينس توماس ونيل غورساتش وبرت كفناه وإيمي كوني بارت، وكبير القضاة جون روبرتس، إضافة إلى القاضي صامويل أليتو الذي كتب في «رأي المحكمة» أن «الإجهاض مسألة أخلاقية عميقة. والدستور لا يمنع سكان كل ولاية من التحكم به أو منعه».
يعني هذا القرار أن المحكمة العليا قضت بإلغاء حق الإجهاض كحق فيدرالي، لتترك لكل ولاية سلطة اتخاذ قرار متعلق بهذا الشأن على صعيد الولاية.
وأصدر القضاة الليبراليون الـ3 في الحكمة بياناً شاجباً يقول: «نتيجة قرار اليوم أكيدة: تقليص حقوق النساء ووضعهن كمواطنين يتمتعون بالحرية والعدالة». وتظهر نتيجة التصويت في المحكمة الانقسامات العميقة فيها، التي تعكس بدورها الانقسامات في الشارع الأميركي. فالقضاة الثلاثة من أصل 9 الذين عينوا من رؤساء ديمقراطيين، ستيفن باير وسونيا سوتومايور وألينا كايغن، يدعمون حق الإجهاض، في حين أن القضاة المحافظين صوتوا لصالح إلغائها.
انتقادات ديمقراطية وترحيب جمهوري
بطبيعة الحال، ولد القرار المثير للجدل موجة من الانتقادات العنيفة من قبل الديمقراطيين، ووابلاً من الترحيب والتهليل من قبل الجمهوريين. فقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، إن «المحكمة العليا التي يسيطر عليها الجمهوريون حققت هدف الحزب القاتم والمتشدد بانتزاع حق المرأة باتخاذ قرارات متعلقة بصحتها التناسلية... بسبب دونالد ترمب وميتش مكونيل والحزب الجمهوري والأغلبية التي يتمتع بها في المحكمة، أصبحت النساء الأميركيات اليوم تتمتعن بحقوق أقل من أمهاتهن». أما زعيم الجمهوريين في الشيوخ ميتش مكونيل، فقد أشاد بقرار المحكمة ووصفه بالشجاع والصحيح، معتبراً أنه «فوز تاريخي للدستور وللضعفاء في مجتمعنا».
كان الكونغرس سعى إلى إقرار قوانين للتصدي لقرار المحكمة العليا قبيل إصداره، بعد انتشار تسريبات هي الأولى من نوعها أظهرت أن القضاة سيصوتون لصالح الإلغاء، لكن جهود الديمقراطيين اصطدمت بحائط مسدود وفشل الكونغرس في إقرار أي قانون في هذا الملف. إلا أن هذا لن يمنع الحزب الديمقراطي من تسليط الضوء على القضية في الانتخابات التشريعية النصفية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومما لا شك فيه أن قضية الإجهاض ستحتل الصدارة في الانتخابات النصفية، إذ سيسعى الديمقراطيون إلى استعمالها للدفع بالناخبين إلى صناديق الاقتراع.
وهذا ما لوح به الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد صدور التسريبات بشأن القرار، إذ قال في بيان حينها، «إذا ألغت المحكمة القرار، فإن حماية حق المرأة في الاختيار سيقع على كاهل المسؤولين المنتخبين. وسوف تقع مسؤولية انتخاب مسؤولين داعمين لحق الاختيار على الناخبين. أما على صعيد الحكومة الفيدرالية، فسنكون بحاجة إلى مشرعين داعمين لحق الاختيار كي يقروا قانوناً يفرض هذا الحق. وسوف أعمل على إقرار هذا والتوقيع عليه ليصبح ساري المفعول».
متظاهرون خارج المحكمة
مباشرة بعد صدور قرار المحكمة تهافت المحتجون إلى محيطها، حيث نشرت شرطة المحكمة سياجاً أمنياً. وحمل بعض المحتجين لافتات معارضة للقرار فيما حمل بعضهم الآخر لافتات داعمة له في مشهد عكس الانقسامات العميقة في البلاد.
كانت استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن أغلبية الأميركيين يعارضون إلغاء قرار المحكمة (رو ضد وايد)، إذ أشار استطلاع لشبكة «سي إن إن»، مطلع هذا العام، إلى أن 69 في المائة من الأميركيين يعارضون الإلغاء مقابل 30 في المائة من الداعمين فقط.